الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومعناها الدلالة على انتهاء الغاية نحو: سهرت الليلة حتى السحر. والأصل دخول الغاية في حكم ما قبلها إلا إذا وجد قرينة. بخلاف (إلى) فإن الغاية لا تدخل معها كقوله تعالى: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (1) إلا بقرينة كقوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (2) أي: مع المرافق بدليل السنة. (3)
5-
واو القسم وتاء القسم.
والواو لا تختص بظاهر معين نحو: والله لأفعلن الخير أو: والرازق أو والذي نفسي بيده ونحو ذلك. ولا يجوز القسم إلا بالله تعالى أو صفة من صفاته، وأما التاء فلا يجر بها إلا لفظ الجلالة كقوله تعالى:{وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} (4) .
الإضافة
قوله: (أَوْ بِإضَافَةٍ إِلَى اسْم عَلَى مَعْنَى الَّلام كَغُلامِ زَيْدٍ، أَوْ مِنْ كَخَاتِمِ حَدِيدٍ، أَوْ فِي كـ {مَكْرُ اللَّيْلِ} (5) وَتُسَمَّى مَعْنَويَّةً لأنَّهَا لِلتَعْرِيفِ، أَوِ التَّخْصِيص، أَوْ بَإضَافَةِ الوَصْفِ إِلَى مَعْمُولِهِ كَـ (بَالِغَ الكَعْبَةِ. وَمَعْمُورِ الدَّارِ. وَحَسَنِ الوَجْهِ) . وَتُسَمَّى لَفْظِيَّةً لأنَّهَا لِمُجَرَّدِ التَّخْفِيفِ) .
لما فرغ من ذكر المجرور بالحرف ذكر المجرور بالإضافة.
وقوله: (أو بإضافة اسم) معطوف على قوله (بحرف) أي: يخفض الاسم بالحرف، أو بسبب إضافة اسم إليه، لأن العامل في المضاف إليه هو المضاف - على الأصح - لاتصال الضمير المضاف إليه به. والضمير لا يتصل ِإلا بعامله نحو: كتابك جديد، لا الإضافة نفسها، كما هو ظاهر عبارة المصنف رحمه الله (6) .
والإضافة نوعان:
(1) سورة البقرة، آية:187.
(2)
سورة المائدة، آية:6.
(3)
إعراب القرآن للعكبري (1/421) . وانظر: حديث رقم (246) في صحيح مسلم.
(4)
سورة الأنبياء، آية:57.
(5)
سورة سبأ، آية:33.
(6)
المضاف عامل لفظي. والإضافة عامل معنوي. وتقدم ذلك في أول الكتاب.
النوع الأول: إضافة معنوية. وهي ما أفادت المضاف تعريفاً أو تخصيصًا، ولا يكون المضاف فيها وصفًا مضافًا إلى معموله.
مثال ذلك: كتابُ خالدٍ جديدٌ. فكلمة (كتاب) إذا أخذت وحدها دلت على كتاب غير معين؛ لأنه (نكرة) فإذا قلت: كتابُ خالدٍ
…
بالإضافة فقد عينته وعَرَّفته.
وإذا قلت: أسمعُ بكاءً، من غير إضافة، كان لفظ البكاء عاماً يشمل بكاء الطفل وبكاء المرأة وبكاء الرجل
…
، فإذا أضفته إلى نكرة وقلت: أسمع بكاءَ طفلٍ، فقد خصصته وضيقت عمومه.
وسميت الإضافة في المثالين (معنوية)، لأنها أفادت المضاف أمرًا معنويًا هو التعريف في المثال الأول؛ لأن المضاف إليه معرفة. أو التخصيص في المثال الثاني؛ لأن المضاف إليه نكرة (1) وهذه الإضافة ثلاثة أقسام:
(1) هناك أسماء مسموعة عن العرب ملازمة للتنكير لا تفيدها الإضافة تعريفًا ولا تخصيصاً. مثل (غير) تقول: جاءني رجل غيرك. فتصف بها النكرة مع إضافتهما للضمير. إلا إذا وقعت بين ضدين. لا قسيم لهما مثل: العلم غير الجهل، فإنها تتعرف إن كان ما أضيف إليه معرفة. ومنه قوله تعالى:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} فوقعت (غير) صفة للموصول وهو معرفة. وقد وقعت بين متضادين لأن المنعم عليه والمغضوب عليه متضادان. أو يقال الاسم الموصول لم يقصد به قصد قوم بأعيانهم فهو قريب من النكرة. ومن الألفاظ التي لا تقبل التعريف: (حسب) نحو: هذا خالد حسبك من رجل. بالنصب على حال من (خالد) والحال لا يكون إلا نكرة. ومنها: مثل نحو: مررت برجل مثلك، ومنها ناهيك. بمعنى: حسبك وكافيك = = نحو: ناهيك بألفية ابن مالك والمعنى: ألفية ابن مالك ناهيك عن طلب غيرها لكفايتها في النحو: فـ (ناهيك) خبر مقدم (بألفية
…
) الباء حرف جر زائد. وألفية: مجرور لفظاً مرفوع محلاً على أنه مبتدأ مؤخر.
1-
أن تكون الإضافة بمعنى (من) البيانية، وذلك إذا كان المضاف إليه جنساً للمضاف، نحو: هذا خاتمُ حديدٍ، أي: خاتم من حديد.
2-
أن تكون الإضافة بمعنى (في) الظرفية. وذلك إذا كان المضاف إليه ظرفًا واقعًا فيه المضاف، مكانيًا نحو: عثمان رضي الله عنه شهيد الدار. أي: شهيد في الدار. أو زمانيًا كقوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} (1) أي مكر في الليل والنهار. (2)
3-
أن تكون الإضافة بمعنى (اللام) وهذا إذا لم يصلح تقدير (من) ولا (في) نحو: هذا غلام زيد أي: غلام لزيد.
النوع الثاني: من نوعي الإضافة: الإضافة اللفظية، وإليها أشار بقوله:(أو بإضافة الوصف) فهو عطف على قوله: (أو بإضافة اسم) أي: يخفض الاسم بإضافة الاسم - كما مر - أو بإضافة الوصف العامل عمل الفعل إلى معموله.
فالإضافة اللفظية: هي التي يكون فيها المضاف وصفًا عاملاً - وهو كل اسم فاعل أو مفعول بمعنى الحال أو الاستقبال. أو صفة مشبهة. ولا تكون إلا للدوام غالبًا.
مثال ذلك: صانعُ المعروفِ مشكورٌ. فـ (صانعُ) مضاف. وهو اسم فاعل للحال أو الاستقبال. وقد أضيف إلى معموله، فإن المضاف إليه هنا مفعول به في المعنى للمضاف وهو (صانع)، ومثل ذلك اسم المفعول نحو: محمودُ الخصالِ ممدوحٌ. والصفة المشبهة نحو: كثيرُ الكلامِ مذمومٌ، ومنه قوله تعالى:{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (3) .
(1) سورة سبأ، آية:33.
(2)
أي: بل مكركم بنا بالليل والنهار هو الذي جعلنا نكفر بالله. قالوه رداً على قولهم لهم (بل كنتم مجرمين) . وأصل المكر: صرف الغير عما يقصده بحيلة فإن تحرى بذلك فعلاً جميلاً فهو ممدوح وإلا فهو مذموم، قاله الراغب في مفرداته (ص471) .
(3)
سورة المائدة، آية:95.
وهذا النوع لا يستفيد فيه المضاف من المضاف إليه تعريفًا ولا تخصيصًا، أما الدليل على أنها لا تفيد المضاف تعريفًا فهو وقوع هذا المضاف نعتًا للنكرة في قوله تعالى:{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (1) ، ولو كان المضاف (بالغَ) اكتسب التعريف من المضاف إليه ما صح وقوعه نعتًا للنكرة (هديًا) ، لأن المعرفة لا تكون نعتًا للنكرة.
وأما الدليل على أنها لا تفيد المضاف تخصيصاً، فلأن تخصيص الصنع بالمعروف في:(صانعُ المعروفِ) ليس بجديد، لحصوله قبل الإضافة في نحو: فلانٌ صانعٌ معروفاً.
وإنما فائدتها - كما قال المصنف رحمه الله: (التخفيف) ومراده التخفيف اللفظي، بحذف التنوين أو النون كما سيأتي، ولهذا سميت الإضافة في هذا النوع لفظية، لأن فائدتها ترجع إلى اللفظ لا إلى المعنى كما في النوع الأول.
قوله: (وَلا تُجَامِعُ الإضَافَةُ تَنْوِينًا، وَلا نُونًا تَالِيةً لِلإعْرَابِ مُطْلَقًا وَلا أَلْ إِلا فِي نَحْوِ: الضَّارِبَا زَيْدٍ، وَالضَّارِبُو زَيْدٍ، والضَّارِبُ الرَّجُلِ وَالضَّارِب رَأسِ الرَّجُلِ، وَبِالرَّجُلِ الضَّارِبِ غُلامِهِ) .
ذكر المصنف الأحكام المترتبة على الإضافة وهي أحكام كثيرة ذكر منها أربعة:
1-
كون المضاف إليه مجرورًا دائمًا، والعامل فيه الجر هو المضاف وهذا تقدم.
2-
وجوب حذف التنوين إن وجد في آخر المضاف قبل إضافته، مثل: ركبت سيارةَ خَليلٍ. فحُذِفَ التنوين من (سيارة) ولو زالت الإضافة لعاد التنوين نحو: ركبت سيارةً جديدةً.
(1) سورة المائدة، آية، 95.
3-
وجوب حذف نون المثنى ونون الجمع المذكر السالم وملحقاتها إن وقع أحدهما مضافًا مختومًا بالنون. وهي النون التي تلي حرف الإعراب نحو: يسير الناس على جانبي الشارع، حاملو (1) العلم محترمون.
فإن كانت النون ليست للتثنية ولا لجمع المذكر السالم وهي النون التي لا تلي الإعراب لم يجز حذفها مثل: المحافظة على الصلاة عنوانُ الاستقامِة، فلا تحذف النون؛ لأن علامة الإعراب وهي الضمة وقعت بعدها لا قبلها.
وقوله: (مطلقًا) أي أن حذف التنوين والنون التالية للإعراب مطلق عن التقييد فلا يستثنى منه شيء، بخلاف ما سيأتي في حذف (ال) من المضاف فإنه يستثنى منه بعض المسائل.
4-
وجوب حذف (ال) من صدر المضاف نحو: الكتاب جديد. فتقول: كتابُ القواعدِ جديدٌ. بحذف (ال) من المضاف، وهذا عام في الإضافة المعنوية واللفظية، ويستثنى من الإضافة اللفظية أربع مسائل. يجوز فيها الجمع بين (ال) والإضافة، وهي:
الأولى: أن يكون المضاف مثنى نحو: الحافظا دروسِهما مكافآن.
الثانية: أن يكون المضاف جمع مذكر سالمًا نحو: المتقنو أعمالِهم رابحون.
الثالثة: أن توجد (ال) في المضاف والمضاف إليه معاً نحو: المنصفُ الناسِ محبوبٌ.
الرابعة: أن يكون المضاف إليه مضافاً لما فيه (ال) نحو: المحبُ فعلِ الخيرِ سعيدٌ.
(1) لا تكتب الألف بعد الواو إلا إذا كانت ضميرًا وهي واو الجماعة نحو: المصلون خرجوا ولم ينتظروا. أما واو الفعل نحو: يدعو. وواو الاسم كالمثال المذكور فلا تكتب بعدهما الألف. وسنذكر ذلك إن شاء الله في آخر الكتاب.