المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وأما عمله الرفع فإنه يرفع الضمير المستتر باتفاق، نحو: العفة - تعجيل الندى بشرح قطر الندى

[عبد الله بن صالح الفوزان]

الفصل: وأما عمله الرفع فإنه يرفع الضمير المستتر باتفاق، نحو: العفة

وأما عمله الرفع فإنه يرفع الضمير المستتر باتفاق، نحو: العفة أكرم من الابتذال، فاسم التفضيل (أكرم) رافع ضميراً مستتراً هو فاعله.

ولا يرفع الظاهر قياساً إلا إذا صح أن يقع في موضعه فعل بمعناه، وهذا مطرد في كل موضع يقع فيه اسم التفضيل بعد نفي أو شبهه كالنهي، ويكون مرفوعه أجنبياً مفضلاً على نفسه باعتبارين.

مثال تقدم النفي: ما رأيت رجلاً أحسنَ في عينه الكحلُ منه في عين زيد.

وهذا المثال يتردد في كتب النحو، وبه عرفت مسألةُ رفعِ اسمِ التفضيلِ الاسمَ الظاهرَ بمسألة الكحل.

ففي المثال يصح وقوع الفعل موقع اسم التفضيل، فيقال: ما رأيت رجلاً يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد. وقد تقدم في المثال نفي بـ (ما) ، ومرفوع اسم التفضيل وهو (الكحل) أجنبي لم يتصل بضمير يعود على الموصوف، وقولنا: مفضلاً على نفسه باعتبارين. أي: أن هذا الأجنبي مفضل على نفسه باعتبارين مختلفين، فالكحل في عين زيد أحسن من الكحل نفسه في عين غيره من الرجال.

فـ (أحسن) اسم تفضيل نعت لـ (رجل) و (الكحل) فاعل لاسم التفضيل مرفوع.

ومثال النهي: لا يكن غيرُك أقربَ إليه الخيرُ منه إليك، فـ (أقرب) خبر (يكن) منصوب و (الخير) فاعل لاسم التفضيل.

وأما الجر فإن اسم التفضيل يجر المفضول إذا كان مضافاً إليه، نكرةً كان، نحو العالم أقدرُ رجلٍ على إزالة مشكلات الناس، أو معرفة نحو: الذي يرى الأسد بكثرة أجرأُ الناس عليه.

‌باب التوابع

‌1- النعت

قوله: (يَتْبَعُ مَا قَبْلَهُ في إِعْرَابِهِ خَمْسَةٌ: النَّعْتُ، وَهُوَ التَّابعُ المُشْتَقُّ أَوِ المُؤَوَّلُ بِهِ المُبَايِنُ لِلَفْظِ مَتْبُوعِهِ، وَفَائِدَتُهُ تَخْصِيصٌ أَوْ تَوْضِيحٌ أَوْ مَدْحٌ أَوْ ذَمٌّ أَوْ تَرَحُّمٌ أَوْ تَوْكِيدٌ) .

ص: 244

التوابع جمع تابع، وهو لفظ متأخر دائماً يتقيد في نوع إعرابه بنوع الإعراب في لفظ معين متقدم عليه. يسمى (المتبوع)، نحو: جاء الرجلُ المهذبُ. رأيت الرجلَ المهذبَ، سلمت على الرجل المهذبِ فلفظ (المهذب) تابع لكلمة (الرجل) في إعرابه رفعًا ونصبًا وجرًا.

والتوابع خمسة وهي: النعت، والتوكيد، وعطف البيان، وعطف النسق، والبدل.

فالأول: النعت، وهو: التابع المشتق أو المؤول به المباينُ للفظ متبوعه.

فقوله: (التابع) هذا جنس يشمل التوابع كلها.

وقوله: (المشتق أو المؤول به) . فيه بيان الأشياء التي ينعت بها فذكر شيئين:

1-

الاسم المشتق. وهو ما دل على معنى وصاحبه كـ (قائم، وكاتب، ومهذب، وحسن، وأفضل) .

2-

المؤول بالمشتق. وهو الاسم الجامد المشبه للمشتق في المعنى، كاسم الإشارة نحو: مررت بزيد هذا. أي: الحاضر. و (ذي) بمعنى صاحب نحو: مررت برجل ذي مال. أي: صاحب مال.

وأسماء النسب نحو: مررت برجل تميمي، أي: منسوب إلى تميم (1) .

وخرج بذلك بقية التوابع، فإنها لا تكون مشتقة ولا مؤولة به، ألا ترى أنك تقول في التوكيد: جاء القوم أجمعون. وفي عطف البيان والبدل: جاء صالح أبو عبد الله، وفي عطف النسق: جاء خالد وهشام. فتجدها توابع جامدة.

وما جاء في بعضها مشتقاً فليس بشرط فيه، فعطف النسق قد يكون بين مشتقين. ولكن ذلك ليس بشرط كما في النعت نحو: أبوك كريم وعالم. وكذا التوكيد اللفظي نحو: جاء خالد الفاضل الفاضل.

وقوله: (المباين للفظ متبوعه) لإخراج التوكيد اللفظي (2) . لأنه عين متبوعه.

وأشهر الأغراض التي يفيدها النعت ما يأتي:

(1) ومن المؤول بالمشتق الجملة الواقعة نعتًا كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} . والمصدر نحو: مررت برجل عدل.

(2)

ويبقى عطف النسق بين مشتقين داخلاً في تعريف المصنف إلا بالتفسير الذي ذكرنا وهو أنه ليس بشرط فيه بخلاف النعت.

ص: 245

1-

التخصيص إن كان المتبوع نكرة، والمراد به: تقليل الاشتراك المعنوي في النكرة، وتضييق عدد ما تشمله، نحو: جاء رجل تاجر.

2-

الإيضاح إن كان المتبوع معرفة، والمراد به: إزالة الاشتراك اللفظي فيها ورفع الاحتمال الذي يتجه إلى معناها: حضر خالد الكاتب.

3-

مجرد المدح نحو: رضي الله عن عمر بن الخطاب الشاملِ عدلُه الرحيمِ قلبُه.

4-

مجرد الذم نحو: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

5-

الترحم- أي إظهار الرحمة والحنان لغيرك - نحو: اللهم ارحم عبدك المسكين.

6-

التوكيد كقوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) } (1) فـ (واحدة) نعت لـ (نفخة) وهو للتوكيد؛ لأن الواحدة تفهم من اسم المرة (نفخة) .

قوله: (وَيَتْبَعُ مَنْعُوتَهُ في وَاحِدٍ مِنْ أَوْجُهِ الإِعْرَابِ، وَمِنَ التَّعْريفِ وَالتَّنْكِيرِ، ثُمَّ إِنْ رَفَعَ ضَمِيراً مُسْتَتِراً تَبِعَ في واحِدٍ مِنَ التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ، وَوَاحِدٍ مِنَ الإِفْرَادِ وَفَرْعَيْهِ، وَإِلَاّ فَهُوَ كَالفِعْلِ، وَالأَحْسَنُ جَاءَنِي رَجُلٌ قُعُودٌ غِلْمَانُهُ ثُمَّ قَاعِدٌ ثُمَّ قَاعِدُونَ) .

النعت نوعان:

1-

حقيقي: وهو ما دل على صفة في اسم قبله، نحو: أقمت في المنزل الفسيح، فـ (الفسيح) نعت حقيقي، لأنه دل على صفة في الاسم الذي قبله، وهو (المنزل) ، لأن المتصف بالفساحة حقيقة هو المنزل، فسمى هذا النعت: نعتاً حقيقيًا.

وعلامته: أن يشتمل النعت على ضمير مستتر يعود على المنعوت.

(1) سورة الحاقة، آية:13.

ص: 246

2-

سببي: وهو ما دل على صفة في اسم له ارتباط بالمتبوع، نحو: أقمت في المنزل الفسيح فناؤه. فـ (الفسيح) نعت، ولكنه ليس للمتبوع (المنزل) إذ ليست الفساحة - هنا - صفة المنزل. وإنما هي صفة لما بعده وهو (فناؤه) غير أنه لما كان للفناء ارتباط بالمنزل. جاز أن نقول عن صفة الفِنَاءِ إنها صفة للمنزل، ومن أجل ذلك يسمى لفظ (الفسيح) في هذا المثال نعتاً غير حقيقي أو نعتًا سببيًا (1) ، فـ (الفسيح) نعت مجرور بالكسرة (فناؤه) فاعل للصفة مرفوع بالضمة، والهاء مضاف إليه.

وعلامته: أن يأتي بعد النعت اسم ظاهر مرفوع بالنعت، مشتمل على ضمير يعود على المنعوت.

وأما مطابقة النعت لمنعوته فقد ذكر المصنف رحمه الله أن النعت بنوعيه يتبع منعوته في رفعه ونصبه وجره. وفي تعريفه وتنكيره.

وأما ما يتعلق بالإفراد وفرعيه والتذكير والتأنيث. فإن كان النعت حقيقياً تبع منعوته في إفراده وتثنيته وجمعه وفي تذكيره وتأنيثه.

وإن كان النعت سببياً فهو بمنزلة الفعل الذي يصح أن يحل محله ويكون بمعناه. فيلزم الإفراد، ويراعي في تذكيره وتأنيثه الاسم الذي بعده.

مثال الحقيقي: هذا منزلٌ واسعٌ، سقيت كلبًا لاهثًا، اقبل النصح من أخٍ مخلصٍ، أكرمت الطالبَ المهذبَ. دخلت مكتبةً واسعةً، هاتان فتاتان عاقلاتان، عاشرت إخوانًا مستقيمين.

مثال السببي: هذا منزل واسعٌ فناؤه، أكرمت الطالبَ المهذبةَ أخلاقُه، عاشرت إخواناً مستقيمةً أخلاقُهم. مررت بالرجلِ الجديدِة سيارتُه.

وقول المصنف رحمه الله: (والأحسن جاءني رجل قعودٌ غلمانهُ ثم قاعد ثم قاعدون) .

(1) السببي هو الضمير العائد على المنعوت لأن السبب لغةً الحبل. والحبل من شأنه أن يربط به فلما كان الضمير يقع للربط أطلق عليه ذلك. وقيل: السبب هو الاسم المتصل بالضمير العائد على المنعوت لاتصاله بالسبب الذي هو الضمير.

ص: 247

معناه: أنه إذا كان السببي - وهو مرفوع النعت - جمع تكسير جاز أن يجمع النعت جمع تكسير، لجريانه مجرى المفرد. فتقول: هؤلاءِ زملاءٌ كرامٌ آباؤهم، وجاءني رجل قعود غلمانه، وجاز أن يفرد النعت فتقول: هؤلاءِ زملاءٌ كريمٌ آباؤهم. وجاءني رجلٌ قاعدٌ غلمانُه بالإفراد.

وظاهر كلام المصنف أن جمعه أرجح من إفراده؛ لأنه قدم الجمع على الإفراد، وقيل إفراده أرجح؛ لأنه حلَّ محل الفعل، والفعل وإذا أسند لجمع أُفرد؛ فتقول: كَرُمَ آباؤهم، وقَعَدَ غلمانه، لا كرموا. وقعدوا، على اللغة المشهورة كما مضى في باب الفاعل.

وهناك وجه ثالث - كما ذكر المصنف - وهو جمعه جمع مذكر سالم، وهذا ضعيف، كما نص عليه المصنف في الشذور. (1)

قوله: (وَيَجُوزُ قَطْعُ الصِّفَةِ المَعْلُوم مَوْصُوفُهَا حَقِيقَةً أَوِ ادِّعَاءً رَفْعًا بِتَقْدِيرِ هُوَ، وَنَصْبًا بِتَقْدِيرِ أَعْنِي أَوْ أَمْدّحُ أَوْ أَذُمُّ أَوْ أَرْحَمُ) .

الأصل أن النعت يتبع منعوته في إعرابه - كما تقدم - ويجوز لداع بلاغي قطع هذا النعت عن التبعية لمنعوته، فلا يتبعه في علامة الإعراب. بل يعطي إعراباً جديدًا، فإن كان المنعوت مرفوعًا وأردنا قطع النعت - لداع بلاغي (2) - قطعناه إلى النصب، نحو: جاء محمدٌ العالمَ، وإن كان المنعوت منصوبًا وأردنا قطع النعت قطعناه إلى الرفع نحو: رأيت محمدًا المسكينُ، وإن كان المنعوت مجروراً جاز قطعه إلى الرفع أو النصب نحو: آمنت بالأنبياءِ الهداةُ، أو الهداةَ.

(1) انظر: شرح شذور الذهب ص 432.

(2)

الغرض من القطع: غرض بلاغي محض وهو التشويق وتوجيه الذهن إلى هذا النعت المقطوع، وأنه ذو أهمية بالغة تستدعي مزيدًا من الانتباه. ولذا جعل في جملة جديدة الغرض منها إنشاء المدح أو الذم أو الترحم إلخ. ولهذا لا يستعمل القطع مع من يجهله لئلا يحكم على المتكلم بأنه أخطاء في حركة الكلمة.

ص: 248