الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يستعمل في المندوب من حروف النداء إلا حرفان: (وا) وهي الغالب عليه والمختصة به.
و (يا) إذا وجد قرينة تدل على أن الأسلوب للندبة كما في بيت جرير المتقدم.
وحكم المندوب حكم المنادى من حيث الإعراب. فيبنى على الضم إن كان مفرداً معرفة نحو: واعمرُ. فـ (وا) حرف نداء وندبة و (عمر) منادى مندوب مبني على الضم في محل نصب. وينصب لفظاً إذا كان مضافاً نحو: وا أميرَ المؤمنين، فـ (أميرَ) منادى مندوب منصوب وعلامة نصبه الفتحة و (المؤمنين) مضاف إليه.
ولك أن تزيد في آخره ألفاً وهو أكثر حالات المندوب فتقول: وا عمرا، فـ (وا) حرف نداء وندبة (عمرا) منادى مندوب مبني على الضم المقدر بسبب الفتح المناسب لألف الندبة. والألف للندبة.
ولك إلحاق (هاء) السكت بعد الألف عند الوقف. فتقول: (واعمراه) وإعرابه كالذي قبله، والهاء للسكت.
وقول المصنف: (والنادب. وازيدا) معطوف على قوله: (ويقول المستغيث) أي: ويقول النادب (وا زيدا) .
المفعول المطلق
قوله: (والمَفْعُولُ المُطْلَقُ، وَهُوَ المَصْدَرُ الفَضْلَةُ المُسَّلَطُ عَلَيْهِ عَامِلٌ مِنْ لَفْظِهِ كـ (ضَرَبْتُ ضَرْباً) ، أَوْ مِنْ مَعْنَاهُ كـ (قَعَدْتُ جُلُوساً) .
لما أنهى المصنف رحمه الله الكلام على المفعول به وما يتعلق به من أحكام المنادى، شرع في النوع الثاني من المفاعيل. وهو المفعول المطلق.
وقوله: (والمفعول المطلق) معطوف على قوله في باب المفعول (المفعول منصوب، وهو خمسة: المفعول به، والمفعول المطلق
…
) .
وهو: المصدر الفضلة المسلط عليه عامل من لفظه أو من معناه، نحو: انتصر الحق انتصارًا (1) فـ (انتصارًا) مفعول مطلق. لأنه مصدر: انتصر ينتصر انتصارًا، وفضلة، أي: يستغنى عنه في الكلام، فليس ركناً في الإسناد. إذ ليس مسندًا ولا مسندًا إليه. وقد نصبه عامل من لفظه وهو:(انتصر) .
(1) المصدر هو الذي يأتي ثالثاً في تصاريف الفعل.
ونحو: قعدت جلوسًا. فـ (جلوساً) مفعول مطلق؛ لأنه مصدر جلس يجلس جلوسًا. وفضلة كما تقدم، وقد نصبه عامل من معناه وهو (قعدت) ، لأن القعود والجلوس متحدان في المعنى دون المادة.
وتعريف المصنف للمفعول المطلق بأنه: المصدر إنما هو باعتبار الغالب، وإلا فقد يكون المفعول المطلق غير المصدر كما سيأتي في الأشياء التي تنوب عن المصدر. (1)
وحكم المفعول المطلق: النصب، ويستفاد هذا من قوله:(الفضلة) لأن الفضلات حكمها النصب، فيخرج نحو: كلامُك كلامٌ حسن، فليس من هذا الباب، لأنه عمدة، وليس بفضلة.
ومعنى (مفعول مطلق) : أي لم يقيد بحرف جر أو غيره كبقية المفاعيل، كالمفعول به، والمفعول معه، وإنما أُطلق عن التقييد، لأنه المفعول الحقيقي لفعل الفاعل، حيث لم يوجد من الفاعل إلا ذلك الحدث، نحو: جلس الضيف جلوسًا. فالضيف قد أوجد الجلوس نفسه وأحدثه بعد أن لم يكن.
بخلاف باقي المفعولات فإنها ليست بمفعول الفاعل، وتسمية كل واحد منها مفعولاً إنما هو باعتبار إلصاق الفعل به، أو وقوعه لأجله، أو فيه، أو معه. فلذلك احتاجت للتقييد.
والمفعول المطلق ثلاثة أقسام:
1-
مؤكد لعامله نحو: أكرمته إكراماً، قال تعالى:{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) } (2) فـ (الواو) حرف قسم وجر، و (الصافات) اسم مقسم به مجرور، (صفاً) مفعول مطلق منصوب باسم الفاعل قبله.
(1) بين المصدر والمفعول المطلق عموم وخصوص من وجه يجتمعان في نحو: تثور البراكين ثورانًا. وينفرد المصدر في نحو: أعجبتني قراءتك؛ لأنه مرفوع والمفعول المطلق لا يكون مرفوعًا. وينفرد المفعول المطلق في نحو: ضربته سوطًا؛ لأنه ليس بمصدر.
(2)
سورة الصافات، آية:1.
2-
مبين لنوع عامله، بأن يدل على هيئة صدور الفعل، نحو: رجع القهقرى (1) ، نظرت للعالم نظر الإعجاب والتقدير، قال تعالى:{فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} (2) . فـ (الصفح) مفعول مطلق منصوب، (الجميل) وصف منصوب.
3-
مبين لعدد عامله، بأن يدل على مرات صدور الفعل نحو: قرأت الكتاب قراءتين.
قوله: (وَقَدْ يَنُوبُ عَنْهُ غَيْرُهُ كـ (ضَرَبْتُهُ سَوْطاً) ، {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (3){فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} (4){وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) } (5) .
يجوز حذف المصدر وإنابة غيره عنه. وحكم هذا النائب: النصب دائماً على أنه مفعول مطلق. وليس بمصدر، إذ مصدر العامل المذكور في الكلام قد حذف.
والضمير في قوله: (وقد ينوب عنه) يعود إلى المصدر لا إلى المفعول المطلق كما هو المتبادر، والأشياء التي تنوب عن المصدر كثيرة منها:
1-
الآلة التي تستخدم لإيجاد معنى ذلك المصدر المحذوف، نحو: ضربته سوطًا، فـ (سوطًا) مفعول مطلق نائب عن المصدر منصوب بالفتحة. والأصل: ضربَ سوطٍ، فحذف المصدر، وأقيمت آلته مقامه.
2-
عدده. نحو: سجد المصلي أربعًا. فـ (أربعًا) مفعول مطلق نائب عن المصدر المحذوف، والأصل: سجوداً أربعاً. ومنه قوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (6) فـ (ثمانين) مفعول مطلق منصوب بالياء؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والأصل: جلدًا ثمانين، فحذف المصدر، وأقيم العدد مقامه.
(1) القهقرى: الرجوع إلى الخلف.
(2)
سورة الحجر، آية:85.
(3)
سورة النور، آية:4.
(4)
سورة النساء، آية:129.
(5)
سورة الحاقة، آية:44.
(6)
سورة النور، آية:4.