الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واعلم أن اسم الزمان أو المكان إن فارق النصب على الظرفية إلى حالة لا تشبهها كأن يقع فاعلاً أو مبتدأ أو خبرًا أو مفعولاً فهو متصرف ولا يسمى ظرفًا في هذه الاستعمالات، كما تقدم، وإن لم يفارق النصب على الظرفية أصلاً، أو فارقها إلى حالة تشبهها، وهي الجر بـ (من) ، فهو ظرف غير متصرف.
فالأول نحو (سحر) إذا أريد به سحر يوم بعينه نحو: أتيتك سحرَ يوم الخميس فـ (سحر) مفعول فيه منصوب. والثاني مثل: عندَ، لدنْ، قبلُ، بعدُ. نحو: جلست عندَك ساعةً. جئتك من لدنْ زيدٍ. (1)
فـ (عند) مفعول فيه منصوب، و (لدن) مفعول فيه مبني على السكون في محل جر.
المفعول معه
قوله: (وَالمَفْعُولُ مَعَهُ، وَهُوَ اسْمٌ فَضْلةٌ بَعْدَ وَاوٍ أُرِيدَ بِهَا التَّنْصِيصُ عَلَى المَعِيَّةِ مَسْبُوقَةٍ بِفعْلٍ أَوْ مَا فِيهِ حُرُوَفُهُ وَمَعْنَاهُ كـ (سِرْتُ وَالنِّيلَ) و (أَنَا سَائِرٌ وَالنِّيلَ)) .
هذا القسم الخامس والأخير من المفعولات. وهو المفعول معه. وهو: اسم فضلة بعد واوٍ بمعنى (مع) ، مسبوقةٍ بفعل أو ما فيه حروفه ومعناه.
(1) لدن: ظرف مبني على السكون في محل نصب على الظرفية في أكثر لغات العرب، يأتي للدلالة على بدء الغاية الزمانية أو المكانية. ولم يرد في القرآن إلا مجرور بـ (من) . فيكون مبنياً على السكون في محل جر، كقوله تعالى {وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} وهو من الأسماء الملازمة للإضافة لمفرد أو جملة. وانظر: الكشف لمكي (2/54) .
نحو: سرت والنيلَ. وِأنا سائر والنيلَ. فـ (النيلَ) مفعول معه منصوب، لأن المقصود سرت مع الطريق الذي يقارن النيل. وهو اسم لدخول (أل) . وفضلة: لأنه يستغنى عنه، فليس ركنًا في الإسناد. إذا هو زائد على المسند والمسند إليه. والواو بمعنى (مع) وقد سُبقت في المثال الأول بفعل، وفي الثاني باسم فاعل، وهو (سائر) ، وفيه معنى الفعل وحروفه (1) .
وخرج بقوله: (اسم) نحو: سرت والشمس طالعة. لأن الواو داخلة على جملة، ونحو: لا تأكل وتتكلمَ، لأن الواو وإن كانت للمعية لكنها داخلة على فعل.
وبقوله: (فضلة) نحو: تشارك خالد وصالح؛ لأن ما بعد الواو عمدة؛ لأن الفعل (تشارك) يقتضي أن يكون فاعله متعددًا. وبقوله: (بمعنى مع) نحو: جاء بكر وخالد قبله.
وبقوله: (مسبوقة بفعل) نحو: كلُّ طالبٍ وكتابُه. فإن الواو بمعنى (مع) لكن لم يتقدم فعل ولا شبهه.
قوله: (وَقَدْ يَجِبُ النَّصْبُ كَقَوْلِكَ: لَاتَنْهَ عَنِ القَبيح وَإِتْيَانَهُ، وَمِنْهُ: (قُمْتُ وَزَيْدًا) و (مَرَرْتُ بِكَ وَزَيْدًا) عَلَى الأَصَحِّ فِيهمَا، وَيَتَرَجَّحُ في نحْوِ قَوْلِكَ: كُنْ أَنْتَ وزَيْدًا كالأخِ. ويَضْعُفُ فِي نَحْوِ: (قَامَ زيْدٌ وعَمْرٌو)) .
للاسم الواقع بعد (الواو) المسبوقة بفعل أو ما في معناه حالات:
الأولى: وجوب نصبه على أنه مفعول معه، وذلك إذا كان العطف ممتنعاً لمانع معنوي، أو صناعي يعود إلى الإعراب.
(1) ذكر ابن هشام في المغني (ص 471) : (أن واو المفعول معه لم تأت في القرآن بيقين) . ومعنى ذلك أنه لم يأت في القرآن آية يتعين فيها النصب على أنه مفعول معه، بل يحتمل ذلك ويحتمل العطف. كقوله تعالى:{فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ} وقوله تعالى: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ} .
فالأول كقولك: لا تنه عن القبيح وإتيانَه، فيجب نصب ما بعد الواو على أنه مفعول معه. أي: لا تنه عن القبيح مع إتيانه. ولا يجوز عطفه، لأن المعنى على العطف: لا تنه عن القبيح ولا تنه عن إتيانه، وهذا تناقض يفسد المراد.
والثاني: كقولك: قمت وزيداً، ومررت بك وزيدًا، فيجب نصب (زيدًا) في المثالين على المعية، ولا يصح العطف؛ أما الأول؛ فلأنه لا يجوز العطف على الضمير المرفوع المتصل إلا بعد التوكيد بضمير منفصل، نحو: قمت أنا وزيدٌ. وأما الثاني؛ فلأنه لا يعطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجار مع المعطوف نحو: مررت بك وبزيد.
ومن النحاة من لا يشترط في المسألتين - مسألتي العطف - شيئًا فعلى هذا يجوز العطف. ولهذا قال ابن هشام رحمه الله: (على الأصح فيهما) . أي على الأصح من القولين.