الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم قال: لتلين طائعاً أو لتلين كارهاً؛ فأمسكت عن الكلام، حتى رأيت غضبه قد انكسر، وسورته قد طفئت، فقلت: يا أمير المؤمنين، أتكلم؟ قال: نعم؛ قلت: إن الله بسبحانه وبحمده قال في كتابه " إنّا عَرضْنَا الأَمانةَ على السمواتِ والأرضِ والجبال إلى منها " فوالله يا أمير المؤمنين ما غضب عليهن إذ أبين، ولا أكرههن إذ كرهن، وما أنا بحقيق أن تغضب علي إذ أبيت، ولا تكرهني إذ كرهت! قال: فضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: يا إبراهيم قد أبيت إلا فقهاً! قد رضينا عنك وأعتبناك.
وإبراهيم هذا شامي تابعي، لمالك عنه حديث واحد في الموطأ وإرساله كما ورد أصح من إسناده.
خالد بن برمك
كان في أول أمره يختلف إلى محمد بن علي، ثم إلى إبراهيم بن محمد الإمام بعده، فلما استخلف أبو العباس السفاح، أدناه محمد بن صول محمولاً، لعلة كانت
لخالد، فبايعه، وأعجبته فصاحته، وظنه من العرب، فقال: ممن الرجل؟ فقال: مولاك يا أمير المؤمنين! قال ممن أنت يرحمك الله؟ قال: من العجم، أنا خالد بن برمك، وإني وأهلي في موالاتكم والجهاد لكما قال الكميت:
ومالي إلاّ آل أحمد شيعةٌ
…
ومالي إلاّ مشعب الحقّ مشعب
فأُعجب به أبو العباس، وأقره على ما كان يتقلده من الغنائم، ثم جعل إليه بعد ذلك ديوان الخراج، وديوان الجند، فكثر حامده وحسن أثره. وما زالت الحال تتراقى به إلى أن صار وزيراً لأبي العباس، بعد أبي سلمة الخلال، فكان يعرض الكتب عليه، ويكاتب عنه، وينظر في أعمال أصحاب الدواوين.
وحكى الجاحظ في رسالته في الوعد والإنجاز قال: وحدثت عن خالد بن برمك وكان كاتباً لأبي العباس أنه كتب في أول ما أُنشئت الكتب إلى العمال: وكتب في سنة الخير يعني أنه خير للإسلام وأهله في إفضاء الخلافة إلى أهلها؛ وكان بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يؤرخ بسنة الحزن، وهي السنة التي قتل فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقيل لخالد: لو تركت هذا التاريخ ورجعت إلى ما عليه الناس! فقال: إني رأيت الناس قد