الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد بن محمد بن المدبر
حكي عنه أنه قال: كنت أكتب لمحمد بن عبد الملك الزيات على الجيش، واحتيج إلى توجيه بعض القواد في أمر مهم، فعملت باستحقاقه ورجاله عملاً مفصلاً، ثم أجملت التفصيل فغلطت فيه، وصككت به، وحمل المال إلى القائد وقبضه وشخص، ثم رجعت إلى العمل فتتبعته فوقعت على الغلط، فاستحييت من محمد بن عبد الملك، فجلست عنه ثلاثة أيام فوجه إلي فاستحضرني، فكتبت إليه أصدقه عن القصة، وأعترف بالخطأ، وأعلمته أن الحياء منعني من الحضور، وأُحكمه على نفسي في العقوبة، فوقع إلي: لا جرم لك فيما لم تتعمد فارجع إلى مكانك وتحرز من وقوع ما كان منك، وقاص الرجل وأصحابه بما قبضوه عند استحقاقهم.
ثم تولى أيام المتوكل الأعمال الجليلة وكان له إدلال: قال له يحيى بن أكثم بحضرة المتوكل: أنت كاتب تتفقه، وتذكر أنك لا تلزم الناس إلا بحجج فقهية، أو كما قال، فمن كتب للنبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أحمد: ليس على الكاتب أن يعلم ذلك
ولا يتعلمه، ولا على الفقيه أيضاً، لأنه ليس مما يحل حلالاً ولا يحرم حراماً، ولا يزيد بصراً في صناعة، وقد روى الناس أن عثمان وعلياً وزيد بن ثابت وحنظلة ومعاوية وغيرهم كتبوا للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن أخبرني من عمل عند النبي صلى الله عليه وسلم عملك فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله؟ يعرض له باللواط، فأفحم يحيى واستغرب المتوكل عليه ضحكاً.
واحتال الفضل بن مروان في تغيير المتوكل عليه حتى عزله عن قهرمة الدار، وادعى الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان عليه مالاً جليلاً تسبب من أجله إلى أخيه إبراهيم حتى نكب؛ وكان أحمد أسن منه وأعلم بالأعمال، إلا أن سعده أقل من سعد إبراهيم، وهما من جلة الكتاب. قال ابن عبد ربه، وسمى جماعة ممن نبه بالكتابة بعد الخمول فيهم أحمد بن محمد بن المدبر: فهؤلاء نبلوا بالكتابة واستحقوا اسمها.
ولأحمد يخاطب أخاه إبراهيم في نكبته وقد أهدى إليه شعره مجموعاً، فقرأه وكتب عليه بخطه: