المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌محمد بن عبد الملك الزيات - إعتاب الكتاب

[ابن الأبار]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌صلى الله على سيدنا ومولانا محمد

- ‌تراجم الكتاب

- ‌مروان بن الحكم

- ‌زياد بن أبي سفيان

- ‌يحيى بن يعمر

- ‌يزيد بن أبي مسلم

- ‌كاتب آخر للحجاج

- ‌الأبرش الكلبي

- ‌سالم مولى هشام بن عبد الملك

- ‌إبراهيم بن أبي عبلة

- ‌خالد بن برمك

- ‌كتاب المنصور

- ‌كاتب الحسن بن زيد

- ‌أمية بن يزيد

- ‌أبو عبيد الله مولى الأشعريين

- ‌كتاب الهادي

- ‌يوسف بن الحجاج الصيقل الكوفي

- ‌أبان بن عبد الحميد اللاحقي

- ‌عبد الله بن سوار بن ميمون

- ‌حجر بن سليمان

- ‌سهل بن هارون

- ‌كلثوم بن عمرو العتابي

- ‌الفضل بن الربيع

- ‌ إسماعيل بن صبيح

- ‌داود القيرواني

- ‌الحسن بن سهل

- ‌أحمد بن أبي خالد

- ‌أحمد بن يوسف

- ‌عمرو بن مسعدة

- ‌علي بن الهيثم

- ‌صالح بن علي

- ‌علي بن عيسي القمي

- ‌كاتب طاهر بن الحسين

- ‌ميمون بن إبراهيم

- ‌أبو بكر بن سليمان الزهري

- ‌الفضل بن مروان

- ‌محمد بن عبد الملك الزيات

- ‌سليمان بن وهب

- ‌إبراهيم بن رياح

- ‌إبراهيم بن العباس الصولى

- ‌محمد بن الفضل الجرجرائي

- ‌عمرو بن بحر الجاحظ

- ‌أحمد بن محمد بن المدبر

- ‌إبراهيم بن محمد بن المدبر أخوه

- ‌أبو الجهم الكاتب

- ‌عبد الله بن محمد بن يزداد

- ‌أحمد بن محمد بن ثوابة

- ‌الحسن بن رجاء

- ‌عيسى بن الفاسي

- ‌عبد الله بن محمد الزجالى

- ‌عبيد الله بن سليمان بن وهب

- ‌علي بن محمد بن الفياض

- ‌علي بن محمد بن الفرات

- ‌القاسم بن عبيد الله

- ‌علي بن عيسى بن الجراح

- ‌أبو جعفر البغدادي

- ‌عيسى بن فطيس

- ‌أحمد بن سعيد بن حزم

- ‌عبد الملك بن إدريس الجزيري

- ‌عيسى بن سعيد القطاع

- ‌خلف بن حسين بن حيان

- ‌أحمد بن علي الجرجرائي أبو القاسم

- ‌محمد بن سعيد التاكرني أبو عامر

- ‌أبو عامر أحمد بن عبد الملك بن شهيد

- ‌أبو القاسم بن المغربي

- ‌أبو الوليد بن زيدون

- ‌محمود بن علي بن أبي الرجال

- ‌أبو المطرف عبد الرحمن بن أحمد بن مثنى

- ‌عبد الملك بن غصن الحجاري

- ‌أبو محمد بن عبد البر

- ‌أبو بكر محمد بن سليمان بن القصيرة

- ‌ابن الوكيل اليابري

- ‌أبو جعفر أحمد بن عطية

- ‌كاتب صلاح الدين يوسف بن أيوب

- ‌أبو عبد الله محمد بن عياش

- ‌أبو عبد الله بن نخيل

- ‌أبو الربيع بن سالم

- ‌خاتمة المؤلف

الفصل: ‌محمد بن عبد الملك الزيات

الفضل عاقلاً داهياً جزلا، يذكر عنه أنه ما ظهر عليه سرور بفرح قط ولا حزن بمصيبة.

وتلاحى هو وأحمد بن المدبر يوماً بين يدي المتوكل قال الصولي: وكان الخلفاء لا ينكرون تنازع الكتاب بين أيديهم وابن المدبر يلي في ذلك الوقت أمر دار المتوكل كله، المطابخ والفرش وغير ذلك، وفي المجلس مرفقة قد جعلت لأمر ولم ترفع، فضرب الفضل بيده على المرفقة ضرباً شديداً، فقام منها غبار كثير، فقال له أحمد: أتغبر بين يدي أمير المؤمنين؟ أما لك أدب! أما خدمت الملوك! فضحك الفضل وقال: من خدمتي للملوك فعلت هذا، ليرى أمير المؤمنين قلة كفايتك في فرشه، وأنك لا تهتم بنفضها، ويعلم كيف يكون فيما يبعد عنه، ولولا خوفي من سوء الأدب حقاً لضربت البساط فيرى ما هو أعظم من هذا! فبهت أحمد، وجعل يعتذر، فما مضت إلا أيام حتى عزل عن الدار.

‌محمد بن عبد الملك الزيات

كتب للمعتصم ووزر له ولأبنه الواثق بعده خلافته كلها وأياماً يسيرة من خلافة المتوكل، وهو أحد من رأس بعلمه وبيانه وبلاغته. ولما استقصر المعتصم

ص: 133

أحمد بن عمار المزاري، وسأله عن الكلأ فلم يعرفه، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون! خليفة أُمي، وكاتب أُمي!! فعرف مكانة ابن الزيات من الأدب، فأمر بإدخاله عليه، وقال له: ما الكلأ؟ فأجابه بما هو مشهور عنه، فاستحسن المعتصم ذلك، وقال لأبن عمار: انظر في الدواوين والأعمال، وهذا يعرض علي الكتب، فلم ير اطراح ابن عمار لقصوره، ولا بخس ابن الزيات حق منظومه ومنثوره.

وحكي أن المعتصم شاور بعض خاصته في محمد بن عبد الملك الزيات، فأشار به، فعزم عليه، ثم ورد فتح بابك على المعتصم، فسر به وأحب أن ينشأ فيه كتاب يبقى ذكره، فأشار ابن أبي دواد عليه بتكليفه ابن الزيات، ففعل ذلك، فكتب فيه كتاباً مشهوراً، أبر فيه على كل نسخة عملت في ذلك الفتح، ثم قلده وزارته، وكان حاقداً عليه قبل إفضاء الخلافة إليه، لقصة ذكرها ابن عبدوس، وهي أن المعتصم أمر محمد بن عبد الملك أن يعطي الواثق عشرة آلاف ألف درهم، يستعين بها على أموره ويصلح بها ما يحتاج إلى إصلاحه، فدافعه بذلك مدافعة متصلة، أحوجت الواثق إلى أن شكاه إلى المعتصم، فأنكر عليه تأخير المال عن

ص: 134

الواثق، فقال: يا أمير المؤمنين، العدل أولى بك وأشبه بعقلك، ولك عدة أولاد، أنت في أمرهم بين خلتين: إما أن تسوي بينهم في العطية فتجحف ببيت المال، وإما أن تخص بعضهم فتحيف على الباقي! فقال له: قد رهنت لساني بشيء، فماذا أصنع فيه؟ قال: تأمر لباقي أولادك بأشياء أُخر من إقطاعات وصلات، وتطلق لهارون صدراً من المال وتدافعه بباقيه، وتتسع أنت قليلاً، وندبر الأمر بعد ذلك بما يراه أمير المؤمنين! قال: فقال له وفقك الله، فما زلت أتعرف الخيرات في رأيك والسداد في مشورتك، وتأدى الخبر إلى هارون، فحلف بعتق عدة من عبيده، وبحبس عدة خيل، وبوقف عدة ضياع، وبصدقة مال جليل، أنه إذا ظفر بمحمد بن عبد الملك قتله، وكتب اليمين بخطه في رقعة وجعلها في درج، وأودعه دايته، فلما توفي المعتصم، وأفضى الأمر إلى الواثق، وكان ذا أناة، كره أن يعاجله فيقول الناس إنه بادر بشفاء غيظه، ثم عزم على الإيقاع به، فتقدم بأن يجمع له من وجوه كتاب الدواوين من يصلح لولاية الدواوين والوزارة، فجمع له عشرة نفر، فأثبت أسماءهم وجلس الواثق ودعا بواحد منهم، وقال له: اكتب في كذا، في أمر رسمه له، فاعتزل وكتب، وعرض الكتاب عليه، فلم يجده صنع شيئاً، ثم دعا بآخر وأمره أن يكتب كتاباً في معنى أمره به، فاعتزل وكتب، وعرض الكتاب عليه، فلم يرضه، حتى امتحن العشرة، فلم يرض

ص: 135

ما كتبه كل واحد منهم، فأقبل على حاجبه فقال: أدخل من الملك مضطر إليه، وهو محمد بن عبد الملك الزيات، فجيء به وهو واجم متغير مضطرب، فلما وقف بين يديه قال: اكتب إلى صاحب خراسان في كذا، فأخرج من كمه قصباً ومن خفه دواةً، وابتدأ فكتب بين يديه، حتى فرغ من الكتاب وأصلحه، وتقدم فناوله إياه، وقد أتى فيه على جميع ما في نفسه، فلما قرأه أُعجب به جداً، وقال له: امضه، فأخرج من الخريطة طيباً فوضعه عليه، وناوله الخاتم، فختمه وأنفذه من حضرته ووقف بين يديه؛ فقال الواثق لخادم بين يديه: امض إلى دايتي وقل لها توجه إلي بالدرج الفلاني، فمضى الخادم، فوافى به، ففتحه وأخرج الرقعة، فدفعها إلى محمد فقرأها وقال: يا أمير المؤمنين، أنا عبد من عبيدك، فإن وفيت بيمينك فأنت محكم، وإن عفوت وصفحت كان أشبه بك! فقال: لا والله، لا يمنعني من الوفاء بيميني إلا النفاسة أن يخلو الملك من مثلك! وأمر بعتق العبيد الذين حلف بعتقهم، وبوقف الضياع وحبس الخيل وصدقة المال.

وكثرت في أيام الواثق نكبات الكتاب، كسليمان بن وهب، وأحمد ابن الخصيب وغيرهما، بسعاية ابن الزيات، فقال إبراهيم بن العباس الصولي في ذلك يخاطبه من أبيات:

ص: 136

إيهٍ أبا جعفرٍ وللدّهر كرّم

اتٌ وعما يريب متّسع

أرسلت ليثاً على فرائسه

وأنت منها فانظر متى تقع

لمّظته قوته وفيك له

إذا تقضّت أقواته شبع

وقد كان أحمد بن أبي دواد حمل الواثق على الإيقاع بابن الزيات، وأمر علي بن الجهم فقال فيه أرجوزة:

هارون يا بن سيد السادات

أما ترى الأُمور مهملات

تشكو إليك عدم الكفاة!

فهم الواثق بالقبض عليه وقال: لقد صدق قائل هذا الشعر، ما بقي لنا كاتب! فطرح نفسه على إسحق بن إبراهيم، وكانا مجتمعين على عداوة ابن أبي دواد، فقال للواثق: أمثل ابن الزيات مع خدمته وكفايته يفعل به هذا، وما جنى عليك ولا خانك، وإنما دلك على خونة أخذت ما اختانوه فهذا ذنبه! وبعد، فلا ينبغي لك أن تعزل أحداً حتى تعد لمكانه جماعة يقومون مقامه، فمن لك بمن يقوم مقامه؟ فمحا ما كان في نفسه عليه ورجع له.

ص: 137