الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكى صاحب كتاب المعرب عن المغرب أن إبراهيم بن الأغلب شاور القواد في الخروج إلى ابن رستم الإباضي، فأشار عليه أكثرهم بالخروج، فشاور داود الكاتب، وقال يا أبا سليمان وهو أول يوم كناه فيه ما تقول؟ فقال له: هؤلاء الجند قد تجنبت عنهم وتحصنت منهم، فما يؤمنك من غدرهم إذا خرجت معهم! وإنما بينك وبينهم خرق المفازة؛ فتبين له الحق، فأقام وبعث ابنه أبا العباس عبد الله والجيوش إلى طرابلس.
وقال محمد بن نافع لداود: إنما أنت صاحب قلم، فمالك ولهذا! فقال له: أنا أقتل بقلمي جلفاً مثلك! ثم كتب ابنه إبراهيم بن داود لمحمد بن إبراهيم ابن الأغلب، وبعده لأبن أخيه أبي إبراهيم أحمد بن محمد بن الأغلب.
الحسن بن سهل
كتب للمأمون، هو وأخوه الفضل قبله، واستوزره بعد سنة ثلاث ومائتين، وقد كان وجهه من خراسان والياً على بغداد والكوفة والبصرة وما
والاهما، ثم أصهر إليه؛ وعدهما ابن عبد ربه في النابهين بالكتابة بعد الخمول كالربيع وابنه الفضل ويحيى بن خالد وابنه جعفر وغيرهم؛ وكانا من البلاغة والسيادة بمكان.
كان الفضل إذا كتب عنه الكاتب فأحسن، شكره على رؤوس الملأ وأبلغ، وإذا أخطأ، وضع الكتاب تحت مصلاه، وسكت إلى أن يخلو به، فيريه الخطأ ويعرفه الصواب. وكان الحسن أيضاً على سنته في إيثار كتابه وإكرامهم، وهو أشار على المأمون بأحمد بن يوسف بعده، فاستوزرهما؛ وأما كلماتهما وتوقيعاتهما فمروية محفوظة. وكتب الحسن إلى المأمون:
ما أحسن العفو من القادر
…
لا سيّما من غير ذي ناصر
إن كان لي ذنبٌ ولا ذنب لي
…
فماله غيرك من غافر
أعوذ بالودّ الذي بيننا
…
أن تفسد الأوّل بالآخر
وحكى ابن عبدوس: أن المأمون شرب يوماً، والحسن معه، فقال له: يا أبا محمد لعلكم تظنون أني قتلت الفضل بن سهل، لا والله ما قتلته! فقال: بلى والله لقد قتلته؛ فقال المأمون: والله ما قتلته! قال الحسن: بلى والله لقد قتلته، ثلاثاً! فقام المأمون من مجلسه فقال: أُفٍ لكم! وانصرف الحسن إلى منزله،