الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يزيد بن أبي مسلم
تقلد للحجاج ديوان الرسائل، وكان غالباً عليه، أثيراً لديه، يعوده في مرضه؛ ويقال إنه كان أخاه من الرضاعة؛ فلما توفي الحجاج في آخر أيام الوليد ابن عبد الملك، ولى مكانه يزيد هذا، فاكتفى وجاوز، حتى قال الوليد: مات الحجاج بن يوسف، فوليت مكانه يزيد بن أبي مسلم، فكنت كمن سقط منه درهم فأصاب ديناراً! وقال ليزيد: قال لك الحجاج: أنت جلدة ما بين عيني، وأنا أقول لك: أنت جلدة وجهي كله! ولما أُدخل في نكبته على سليمان بن عبد الملك، وهو موثق في الحديد، ازدراه، ونبت عينه عنه، وكان دميماً، وقال: ما رأيت كاليوم قط! لعن الله امرأً أجرك رسنه، وحكمك في أمره! فقال: يا أمير المؤمنين، ازدريتني لما رأيتني والأمر عني مدبر، ولو رأيتني والأمر علي مقبل، لأستعظمت مني ما استصغرت، ولأستجللت ما استحقرت! فقال سليمان: صدقت ثكلتك أمك، إجلس! فجلس، فقال له: عزمت عليك يا بن أبي مسلم لتخبرني عن الحجاج، أتراه يهوي في نار جهنم، أم قربها؟ قال: يا أمير المؤمنين، لا تقل هذا في
الحجاج، وقد بذل لكم النصيحة، وأخفر دونكم الذمة، وأمن وليكم، وأخاف عدوكم، وكأني به يوم القيامة على يمين أبيك ويسار أخيك، فاجعله حيث شئت!.
وفي رواية: قال سليمان: أترى الحجاج بلغ قعر جهنم بعد؟ قال: يا أمير المؤمنين، يجيء الحجاج يوم القيامة بين أبيك وأخيك، قابضاً على يمين أبيك وشمال أخيك، فضعه من النار حيث شئت! فقال له سليمان: اغرب إلى لعنة الله! فخرج؛ فالتفت سليمان إلى جلسائه فقال: قاتله الله ما أحسن بديهته وتنزيهه لنفسه ولصاحبه! ولقد أحسن المكافأة لحسن الصنيعة، خلوا عنه؛ فذكر يزيد ابن المهلب لسليمان عفته عن الدينار والدرهم، فهم بأن يستكفيه مهماً من أُموره، فصرفه عن ذلك عمر بن عبد العزيز؛ فلما ولي بعده يزيد بن عبد الملك، استعمله على إفريقية.
ومنحى يزيد بن أبي مسلم مع سليمان بن عبد الملك، نحا بعض الكتاب، وقد دخل على أمير بعد نكبة نالته، فرأى من الأمير بعض الازدراء، فقال له: لا يضعني عندك خمول النبوة وزوال الثروة، فإن السيف العتيق إذا مسه كثير الصدأ، استغنى بقليل الجلاء، حتى يعود حده، ويظهر فرنده،