الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الله بن محمد بن يزداد
كتب أبوه للمأمون ووزر له، وكان هو أيضاً كاتباً، لكن يغلب عليه القصور، ولأبيه الشفوف المعروف خطاً وبياناً، يملأ أن السمع والبصر حسناً وإحساناً.
حكى الصولي قال: جلس المأمون للمظالم، ومحمد بن يزداد بين يديه، فأحب بعض من عنده أن يغض منه، فقال: يا أمير المؤمنين لو أمرت محمداً أن يكتب كتاباً في أمر الزكاة، يقرأ على الناس، فكتب من غير فكرة: أما بعد فإن الله جعل عمود الدين إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، فسن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا شيء في الفضة حتى تبلغ مائتي درهم، فحينئذ يكون فيها خمسة دراهم، وما زاد فبحساب ذلك، وأن لا شيء في الذهب حتى يبلغ عشرين ديناراً، ففيها نصف دينار، ثم إذا بلغ الأربعين ففيها دينار، ثم ما زاد فبحساب ذلك، ولا زكاة على أحد في ماله حتى يحول عليه الحول، فإن ملك بعضه، وكمل ما ذكرناه في وقت كان ابتداء الحول من يوم كمل فيه ما حد، " يُبَيِّنُ اللهُ لَكم أنْ تَضِلوا واللهُ بكل شيء عليم " وكتب ذلك بأحسن
خط، فقال المأمون: يا محمد إنا إن شركناك في اللفظ فقد فارقناك في الخط! فقال: يا أمير المؤمنين إنك أقرب الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتقلد لأمره، فمن هناك جاءت المشابهة. وعن غير الصولي أنه قال له: يا أمير المؤمنين إن من أعظم آيات النبي صلى الله عليه وسلم أنه أدى عن الله رسالته، وحفظ عنه وحيه، وهو أُمي لا يعرف من فنون الخط فناً، ولا يقرأ من سائره حرفاً، فبقي عمود ذلك في أهله فهم يشرفون بالشبه الكريم في نقص الخط كما يشرف غيرهم بزيادته، وإن أمير المؤمنين أخص الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم والوارث موضعه والمتقلد لأمره ونهيه، فعلقت به المشابهة الجليلة، وتناهت إليه الفضيلة! فقال المأمون: يا محمد لقد تركتني لا آسى على الكتابة ولو كنت أُمياً! وسعي بعبد الله إلى المتوكل وقد ولاه عملا، وذكر له انه اختان مائة ألف: فلم يطلبه بها ولم يزل بعد يصرفه؛ وكان بفارس إذ ولي المستعين الخلافة فاستقدمه ابن الخصيب وزيره، فاختاره المستعين لوزارته، وصرف ابن الخصيب فضبط الأموال واشتد على الموالي، ثم خافهم، فهرب إلى بغداد، وولي شجاع ابن القاسم الوزارة، ثم أُعيد إليها عبد الله بن محمد ثانية.