الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة مريم (19) : الآيات 77 الى 84]
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (78) كَلَاّ سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً (80) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81)
كَلَاّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84)
اللغة:
(أَطَّلَعَ) أصله أاطلع حذفت همزة الوصل وبقيت همزة الاستفهام المفتوحة واطلع يتعدى بنفسه وبحرف الجر يقال اطلع الأمر وعليه: علمه ويقال أيضا: اطّلع طلمع العدو بكسر الطاء وسكون اللام عرف باطن أمرهم وقد توهم بعضهم انه لا يتعدى إلا بعلى فأعرب الغيب بنزع الخافض وإنما هو من قولهم اطلع الجبل إذا ارتقى الى أعلاه وطلع الثنية قال جرير:
إني إذا مضر عليّ تحدثت
…
لاقيت مطلع الجبال وعورا
فمطلع اسم مكان من اطّلع المشدّد أصله اطتلع على بناء الافتعال فقلبت التاء طاء وأدغمت فيما قبلها وهو في البيت نصب على الظرفية والوعور جمع وعر أي صعب مفعول لاقيت أو مطلع هو المفعول به
ووعورا حال يقول: إذا تقولت على مضر مالا أرتضيه أو حدثتها نفسها بقتلي تمرست بالصعاب ولا أبالي بها وسيأتي مزيد بحث عن استعمالها في الآية في باب البلاغة.
(وَنَمُدُّ) : مضارع مد الشيء يمده من باب نصر أطاله وبسطه وجذبه ومدّ الحبل فامتدّ وهذا ممدّ الحبل قال ابن مقبل:
وللشمس أسباب كأن شعاعها
…
ممدّ حبال في خباء مطنّب
وتمدّد الأديم وطراف ممدّد وأمد الجيش وضم إليه ألف رجل مددا وللميم مع الدال خاصة التمدد كأن أصل المادة يشمل غيرها من الفروع وهذه من ميزات لغتنا العربية الخالدة ويقال مدحه وامتدحه أطال الثناء عليه، ومدخ فلانا بالخاء المعجمة أمده بالعون خيرا كان أم شرا عمله، وتمدخ تكبر وتطاول ولا يخفى ما في الكبرياء والتطاول من تمدد وانتفاخ، ومدر المكان طاله وامتد اليه ومدر الحوض شد خصاص حجارته بالمدر وهو الطين العلك الذي لا يخالطه رمل وهو سريع الامتداد إذا طينت به الحائط أو سيعته، ومدس الجلد ونحوه دلكه ليمتد، ومدشت عينه: امتد عليها الظلام وارتخى عصبها ومدشت يده نحلت وضؤلت فظهرت للرائي ممتدة لقلة اللحم عليها. والمدش بفتحتين ظلمة تمتد على العين من جوع ورخاوة عصب اليد وتمدل بالمنديل شده على رأسه أو اعتم به وهو قريب من معنى الامتداد، ومدّن المدائن بناها ومصرها وجدد بناءها فامتدت عرضا وطولا والمدينة مجتمع بيوت زادت وامتدت فسميت مدينة ومنها سميت مدينة بيثرب ومدينة السلام أي بغداد والمدائن مدينة قرب بغداد كان فيها إيوان كسرى وسميت بالجمع لكبرها وامتدادها وفيها يقول البحتري سينيته ويشير إليها بقوله:
حضرت رحلي الهموم فوجهت الى أبيض المدائن عنسي
أتسلى عن الهموم وآسى
…
لمحلّ من آل ساسان درس
ومدهه أي مدحه وقد تقدم والمدى الغاية الطويلة الممتدة وأمدى فلانا وماداه أمهله وأمدى الرجل تقدمت به السن وامتدت وتمادى في عيه دام على فعله وامتد في فجوره والمدية بضم الميم الشفرة الكبيرة الممتدة وهذا من غريب أمر لغتنا الشريفة.
(وَنَرِثُهُ) : أي نسلبه منه ونأخذه بأن نخرجه من الدنيا خاليا من ذلك والمراد نزوي عنه ما يقوله من أنه سيناله في الآخرة.
(تَؤُزُّهُمْ) : الأز: الاستفزاز والتهيج وشدة الإزعاج وهذه من أغراب مواد اللغة العربية كلها تدل على هذا المعنى والأز أيضا شدة الصوت ومنه أز المرجل أزا وأزيزا أي غلا واشتد غليانه حتى سمع له صوت وفي الحديث «فكان له أزيز» وفي القاموس: وأزّت القدر تؤز بالضم وتئز بالكسر أزا وأزيزا وأزازا بالفتح اشتد غليانها وأز النار أوقدها وأز الشيء حركه شديدا» وفي اللسان والأساس وغيرهما:
هالني أزيز الرعد وصدّعني أزيز الرحى وهزيزها وأزه على كذا:
أغراه به وحمله عليه بإزعاج وهو يأتز من كذا: يمتعض منه وينزعج وتأزر المجلس هاج بمن فيه جميع ذلك يدل على الحركة والانزعاج، وأزب الماء يأزب بالضم والكسر جرى مسرعا والميزاب مجرى الماء والجمع مآزيب، وأزج البيت بناه طولا وعرضا، وأزحت قدمه زلت، وأزر يأزر بالكسر بالشيء أحاط به والنبات التف وآزره مؤازرة عاونه وبادر الى إغاثته والأزر القوة والظهر يقال شد به أزره أي ظهره والمئزر معروف ويقال شد للأمر مئزره إذا تشمر له وسارع اليه. وأزف