الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به لاستيفاء حدوده، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل بنفسه وابنته فقال:«لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها» .
3-
الحصر بإلا:
ظاهر النظم يوحي بأن الزاني لا ينكح المؤمنة العفيفة وأن الزانية لا ينكحها المؤمن التقي، ولما كان ذلك غير ظاهر الصحة كان لا بد من حمل الاخبار على الأعم الأغلب كما لا يفعل الخير إلا الرجل التقي وقد يفعل الخير من ليس بتقي.
4-
استعار الرمي للشتم بفاحشة الزنا لكونه جناية بالقول كما قال النابغة:
وجرح اللسان كجرح اليد ويسمى الشتم بهذه الفاحشة قذفا، والمراد بالمحصنات النساء، وخصصهن بالذكر لأن قذفهن أشنع والعار فيهن أعظم، ويلحق الرجال بالنساء في هذا الحكم بلا خلاف بين علماء هذه الأمة.
الفوائد:
1-
قوله تعالى «الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا» الآية: إنما عدل الخليل وسيبويه الى هذا الذي نقلناه من الاعراب لوجهين: لفظي ومعنوي أما اللفظي فلأن الكلام أمر وهو يخيل اختيار النصب ومع ذلك فالرفع قراءة العامة فلو جعل الأمر خبرا وبنى المبتدأ عليه لكان خلاف المختار عند الفصحاء فالتجأ الى تقدير الخبر حتى لا يكون المبتدأ مبنيا على الأمر فخلص من مخالفة الاختيار، وقد مثلهما سيبويه في
كتابه بقوله تعالى «مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ» الآية ووجه التمثيل أنه صدر الكلام بقوله «مثل الجنة» ولا يستقيم أن يكون قوله «فيها أنهار» خبره فتعين تقدير خبره محذوفا وأصله فيما نقص عليكم مثل الجنة، ثم لما كان هذا إجمالا لذكر المثل فصل المجمل بقوله «فيها أنهار» الى آخرها فكذلك هاهنا كأنه قال:
وفيما فرض عليكم شأن الزانية والزاني، ثم فصل هذا المجمل بما ذكره من أحكام الجلد، هذا بيان المقتضى عند سيبويه لاختيار الحذف من حيث الصناعة اللفظية وأما من حيث المعنى فهو أن المعنى أتم وأكمل على حذف الخبر لأنه يكون قد ذكر حكم الزانية والزاني مجملا حيث قال: الزانية والزاني، وأراد: وفيما فرض عليكم حكم الزانية والزاني، فلما تشوّف السامع الى تفصيل هذا المجمل ذكر حكمهما مفصلا فهو أوقع في النفس من ذكره أول وهلة.
2-
قوله تعالى «وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» الطائفة الفرقة التي يمكن أن تكون حلقة وأقلها ثلاثة أو أربعة وهي صفه غالبة كأنها الجماعة الحافة حول الشيء، وعن ابن عباس في تفسيرها هي أربعة الى أربعين رجلا من المصدقين بالله وعن الحسن عشرة وعن قتادة ثلاثة فصاعدا وعن عكرمة رجلان فصاعدا وعن مجاهد أقلها رجل فصاعدا، وقيل رجلان وفضل قول ابن عباس لأن الأربعة هي الجماعة التي يثبت بها الحد والتفصيل في كتب الفقه.
3-
أقسام الزناة الأربعة:
أ- الزاني لا يرغب إلا في زانية.
ب- الزانية لا ترغب إلا في زان.
ج- العفيف لا يرغب إلا في عفيفة.
د- العفيفة لا ترغب إلا في عفيف.
وهذه الأقسام الأربعة مختلفة المعاني وحاصرة للقسمة، فنقول اختصرت الآية من هذه الأربعة قسمين واقتصرت على قسمين أحرى من المسكوت عنهما فجاءت مختصرة جامعة، فالقسم الأول صريح في القسم الاول ويفهم الثالث والقسم الثاني صريح في القسم الثاني ويفهم الرابع والقسم الثالث والرابع متلازمان من حيث أن المقتضي لانحصار رغبة العفيف في العفيفة هو اجتماعهما في الصفة وذلك بعينه مقتض لانحصار رغبتها فيه، ثم يقصر التعبير عن وصف الزناة والإعفاء بما لا يقل عن ذكر الزناة وجودا وسلبا فان معنى الأول: الزانية لا ينكحها عفيف ومعنى الثانية: العفيفة لا ينكحها زان، والسر في ذلك أن الكلام في أحكامهم، فذكر الإعفاء لسلب نقائصهم حتى لا يخرج الكلام عما هو المقصود منه ثم بينه في اسناد النكاح في هذين القسمين للذكور دون الإناث بخلاف قوله الزانية والزاني فانه جعل لكل واحد منهما ثم استقلالا وقدم الزانية على الزاني- كما تقدم- والسبب فيه أن الكلام الاول في حكم الزنا والأصل فيه المرأة لما يبدو منها من الإيماض والإطماع والكلام الثاني في نكاح الزناة إذا وقع ذلك على الصحة والأصل في النكاح الذكور وهم المبتدءون بالخطبة فلم يسند إلا لهم لهذا وان كان الغرض من الآية تنفير الأعفاء من الذكور والإناث مناكحة الزناة ذكورا وإناثا زجرا لهم عن الفاحشة ولذلك قرن الزنا والشرك.