الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) إن واسمها والضمير يعود على الله تعالى أي الرحمن والمعنى أن الرحمن كان وعده مأتيا أو انه ضمير الشأن لأنه مقام تعظيم وتفخيم والجملة تعليلية مستأنفة وجملة كان خبر إن واسم كان يعود على الله تعالى أيضا ووعده بدلا من ذلك الضمير بدل اشتمال ومأتيا خبرها ويجوز أن لا يكون فيها ضمير، ووعده اسمها ومأتيا خبرها واختار الجلال وشراحه أن يكون مآتيا مفعول بمعنى فاعل أي آتيا ولم يرتضه الزمخشري فإنه قال:«قيل في مأتيا مفعول بمعنى فاعل والوجه أن الوعد هو الجنة وهم يأتونها» والحقّ مع الزمخشري لأن ما تأتيه فهو يأتيك فلا موجب للتأويل. (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) الجملة حال من جنات عدن ولا نافية ويسمعون فعل مضارع والواو فاعل وفيها متعلقان بمحذوف حال أي حالة كونهم في الجنة ولغوا مفعول به أي مالا طائل تحته من الكلام وهو ما يشقشق به أكثر الناس في مجالسهم من ثلب للآخرين وتدخل في شؤون الناس أو من حديث تافه أشبه بالفضول، وإلا أداة حصر وسلاما بدل من لغوا أو يحمل على الاستثناء المنقطع وسيأتي تفصيل ذلك في باب
البلاغة
ولهم خبر مقدم ورزقهم مبتدأ مؤخر وفيها حال وبكرة ظرف متعلق بمعنى الاستقرار المستكن في الخبر المقدم وعشيا عطف على بكرة. (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا) اسم الاشارة مبتدأ والجنة خبر والتي صفة للجنة وجملة نورث صلة ومن اسم موصول مفعول نورث وجملة كان صلة واسم كان مستتر تقديره هو وجملة تقيا خبر كان.
البلاغة:
1- توكيد المديح بما يشبه الذم وعكسه:
في قوله تعالى «لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً» فن رفيع من
فنون البلاغة وهو توكيد المدح بما يشبه الذم وقد سبقت الاشارة اليه في المائدة ولم نقسمه آنذاك فنقول انه ينقسم الى نوعين:
آ- أن يستثنى من صفة ذم منفية عن الشيء صفة مدح لذلك الشيء بتقدير دخولها في صفة الذم المنفية ومنه قول النابغة الذبياني:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم
…
بهن فلول من قراع الكتائب
فقد جعل الفلول عيبا على سبيل التجوز بتا لنفي العيب بالكلية كأنه يقول: إن كان فلول السيف من القراع عيبا فانهم ذوو عيب معناه إن لم يكن عيبا فليس فيهم عيب البتة لأنه لا شيء سوى هذا فهو بعد هذا التجوز والفرض استثناء متصل.
ب- ان تثبت لشيء صفة مدح وتعقب ذلك بأداة استثناء يليها صفة مدح أخرى لذلك الشيء نحو: أنا أفصح العرب بيد أني من قريش وقال النابغة أيضا:
فتى كملت أوصافه غير أنه
…
جواد فما يبقي على المال باقيا
وأصل الاستثناء في هذا الضرب أن يكون منقطعا لكنه لم يقدّر متصلا بل بقي على حاله من الانقطاع لأنه ليس في هذا الضرب صفة ذم منفية عامة يمكن تقدير دخول صفة المدح فيها فحينئذ لا يستفاد التوكيد فيه إلا من الوجه الثاني من الوجهين المذكورين في الضرب الاول ولهذا كان الضرب الاول أبلغ لإفادته التأكيد من الوجهين.
إذا عرفت هذا فاعلم أن في الآية الكريمة: «لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما» ثلاثة أوجه: