الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا ما ذكره العالم الهندي مولانا محمد علي وهو كاف في الرد على هؤلاء المستشرقين الذين ينظرون الى نبوة محمد نظرة مادية مجردة من الإيحاء الإلهي وما ذلك إلا من قبيل التعصب الديني المبني على عداء سياسي انهم ينكرون أن يكون محمد ذا نبوة صحيحة بينما هم يقرون بهذه النبوة نفسها لجميع أنبياء بني إسرائيل.
خلاصة البحث الجليل الذي كتبه الامام محمد عبده:
والآن آن لنا أن نلخص البحث الممتع الذي كتبه الامام الشيخ محمد عبده وفيه قطعت جهيزة قول كل خطيب:
«لا يخفى على كل من يفهم العربية وقرأ شيئا من القرآن أن قوله تعالى «وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ
…
الآيات» يحكي قدرا قدر للمرسلين كافة لا يعدونه ولا يقفون دونه ويصف شنشنة عرفت فيهم وفي أممهم فلو صح ما قال أولئك المفسرون لكان المعنى أن جميع الأنبياء والمرسلين قد سلط الشيطان عليهم فخلط في الوحي المنزل إليهم ولكنه بعد هذا الخلط ينسخ الله كلام الشيطان ويحكم الله آياته وهذا من أقبح ما يتصور متصور في اختصاص الله تعالى لأنبيائه واختيارهم من خاصة أوليائه فلندع هذا الهذيان ولنعد الى ما نحن بصدده» وبعد أن أفاض الأستاذ الامام في ذكر الله لنبيه أحوال الأنبياء والمرسلين قبله ليبين له سنته فيهم وانه لم يبعث واحد منهم في أمة إلا كان له خصوم يؤذونه بالتأويل والتحريف قال «فعلى هذا المعنى الذي يتفق مع ما لقيه الأنبياء جميعا يجب أن تفسر الآية وذلك يكون على وجهين:
الأول:
أن يكون تمنى بمعنى قرأ والأمنية بمعنى القراءة وهو معنى قد
يصح وقد ورد استعمال اللفظ فيه قال حسان بن ثابت في عثمان رضي الله عنهما:
تمنى كتاب الله أول ليلة
…
وآخره لاقى حمام المقادر
غير أن الإلقاء لا يكون على المعنى الذي ذكروه بل على المعنى المفهوم من قولك: ألقيت في حديث فلان إذا أدخلت فيه ما ربما يحتمله لفظه ولا يكون قد أراده أو نسبت اليه ما لم يقله تعللا بأن ذلك الحديث المذكور يؤدي اليه وذلك من عمل المعاجزين الذين ينصبون أنفسهم لمحاربة الحق، يتبعون الشبهة، ويسعون وراء الريبة، فالإلقاء بهذا المعنى دأبهم ونسبة الإلقاء الى الشيطان لأنه مثير الشبهات بوساوسه مفسد القلوب بدسائسه، وكل ما يصدر من أهل الضلال ينسب اليه ويكون المعنى: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا حدث قومه عن ربه أو تلا وحيا أنزل اليه فيه هدى لهم قام في وجهه مشاغبون يحولون ما يتلوه عليهم عن المراد منه ويتقولون عليه ما لم يقله، وينشرون ذلك بين الناس ليبعدوهم عنه ويعدلوا بهم عن سبيله ثم يحق الله الحق ويبطل الباطل، ولا زال الأنبياء يصبرون على ما كذبوا وأوذوا ويجاهدون في الحق ولا يعتدون بتعجيز المعجزين ولا بهزء المستهزئين الى أن يظهر الحق بالمجاهدة، وينتصر على الباطل بالمجالدة فينسخ الله تلك الشبهة ويجتثها من أصولها ويثبت آياته ويقررها وقد وضع الله هذه السنة في الناس ليتميز الخبيث من الطيب فيفتتن الذين في قلوبهم مرض وهم ضعفاء العقول بتلك الشبه والوساوس فينطلقون وراءها ويفتتن بها القاسية قلوبهم من أهل العناد والمجاحدة فيتخذونها سندا يعتمدون عليه في جدلهم ثم يتمحص الحق عند الذين أوتوا العلم، ويخلص لهم بعد ورود كل شبهة عليه فيعلموا انه الحق من ربك