الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2- مجيء المصدر حالا:
جاءت مصادر تعرب أحوالا بكثرة في النكرات كطلع زيد بغتة وجاء ركضا وقتلته صبرا وهو أن تحبسه حيا ثم يرمى حتى يقتل وذلك كله على كثرته مؤول بالوصف فيؤول بغتة بوصف من باغت لأنها بمعنى مفاجأة أي مباغتا ويؤول ركضا بوصف الفاعل من ركض أي راكضا ويؤول صبرا بوصف المفعول من صبر أي مصبورا محبوسا ومع كثرة وروده قال سيبويه: لا ينقاس مطلقا وقاسه بعضهم بما يمكن الرجوع اليه في المطولات.
ونعود الى بغتة فقد أكد بعضهم أنه يجوز جعلها مفعولا مطلقا وكذلك القول في الأمثلة المتقدمة إذ هي نوع من عاملها فهي كرجع القهقرى.
ويتحصل مما ذكره النحاة أن المصدر المنصوب فيه أقوال ثلاثة:
1-
مذهب سيبويه ان المصدر هو الحال وهو الأصل.
2-
مذهب المبرد والأخفش انه مفعول مطلق غير منصوب بالعامل قبله وانما هو منصوب بالعامل المحذوف من لفظه وذلك المحذوف هو الحال وهو قول جميل كما ترى.
3-
مذهب الكوفيين انه مفعول مطلق منصوب بالعامل قبله وليس في موضع الحال.
ومما يرد في هذا المجال اعراب «أسفا» من قول أبي الطيب:
أبلى الهوى أسفا يوم النوى بدني
…
وفرق الهجر بين الجفن والوسن
روح تردّد في مثل الخلال إذا
…
أطارت الريح عنه الثوب لم يبن
كفى بجسمي نحولا إنني رجل
…
لولا مخاطبتي إياك لم ترني
فالحال هنا غير واردة لأن المعنى يأباها والمفعول لأجله لا يصح لاختلاف الفاعل فلم يبق إلا المفعولية المطلقة والتقدير أسفت أسفا ودل على فعله ما تقدمه لأن إبلاء الهوى بدنه يدل على أسفه كأنه قال أسفت أسفا، وتعسف ابن هشام فحاول أن يبرر نصبه على أنه مفعول لأجله فقال: فمن لم يشترط اتحاد الفاعل فلا إشكال (والقائل بهذا هو ابن خروف) واما من اشترطه فهو على إسقاط لام العلة توسعا كما في قوله «يَبْغُونَها عِوَجاً» (أي يبغون لها عوجا) أو الاتحاد موجود تقديرا إما على أن الفعل المعلل مطاوع أبلى محذوفا أي فبليت أسفا ولا تقدر فبلي بدني لأن الاختلاف حاصل إذ الأسف فعل النفس لا البدن أو لأن الهوى لما حصل بتسببه كأنه قال أبليت بالهوى بدني ولا طائل تحت هذه التأويلات المتعسفة.