الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البلاغة:
في قوله تعالى: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً» عطف المضارع المستقبل على الماضي ولم يقل فأصبحت عطفا على أنزل وذلك لإفادة بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان فانزال الماء مضى وجوده واخضرار الأرض باق لم يمض وهذا كما تقول أنعم على فلان فأروح وأغدو شاكرا له ولو قلت فرحت وغدوت شاكرا له لم يقع ذلك الموقع لأنه يدل على ماض قد كان وانقضى وهذا موضع جدير بالتأمل.
والسؤال الوارد هنا لم لم ينصب فتصبح جوابا للاستفهام؟
والجواب لو نصب لأعطى عكس ما هو الغرض لأن معناه اثبات الاخضرار فينقلب بالنصب الى نفي الاخضرار مثاله أن تقول لصاحبك:
ألم تر أني أنعمت عليك فتشكر إن نصبته فأنت ناف لشكره شاك تفريطه فيه وان رفعته فأنت مثبت للشكر. قال سيبويه: وسألته (يعني الخليل) عن «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً» فقال هذا واجب وهو تنبيه كأنك قلت أتسمع أنزل الله من السماء ماء فكان كذا وكذا» قال ابن خروف في شرح كتاب سيبويه:
«وقوله فقال هذا واجب وقوله فكان كذا يريد أنهما ماضيان وفسر الكلام بأن تسمع ليريك أنه لا يتصل بالاستفهام لضعف حكم الاستفهام فيه» وقال بعض شراح الكتاب: «فتصبح لا يمكن نصبه لأن الكلام واجب ألا ترى أن المعنى أن الله أنزل الماء فالأرض هذه حالها» وقال الفراء «وانما عبر بالمضارع لأن فيه تصويرا للهيئة التي الأرض عليها والحالة التي لابست الأرض والماضي يفيد انقطاع الشيء وهذا كقول جحدر
ابن معونة العكلي يصف حاله مع أشد نازلة في قصة جرت له مع الحجاج بن يوسف:
يسمو بناظرتين تحسب فيهما
…
لما أجالهما شعاع سراج
لما نزلت بحصن أزبر مهضر
…
للقرن أرواح العدا مجاج
فأكر أحمل وهو يقعي باسته
…
فاذا يعود فراجع أدراجي
وعلمت اني إن أبيت نزاله
…
أني من الحجاج لست بناج
فقوله: فأكر تصوير للحالة التي لابسها.
وقال ابن هشام في المغني: «وقيل الفاء في هذه الآية للسببية وفاء السببية لا تستلزم التعقيب بدليل صحة قولك إن يسلم فهو يدخل الجنة ومعلوم ما بينهما من المهلة» .
بحث ممتع للرازي:
وللامام الرازي بحث جيد هنا يمكن تلخيصه بما يلي:
«ذكر هنا من آثار قدرته ستة أشياء:
1-
إنزال الماء الناشئ عنه اخضرار الأرض وفسر الرؤية بالعلم دون الابصار لأن الماء وان كان مرئيا إلا أن كون الله منزلا له من السماء غير مرئي وقال فتصبح الأرض دون أصبحت لإفادته بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان.
2-
قوله: «له ما في السموات وما في الأرض» ومن جملته خلق المطر والنبات نفعا للحيوان مع أن الله لا يحتاج لذلك ولا ينتفع به.