الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدلالة على العيوب أو الألوان وقال الشهاب الخفاجي انه على وزن الوصف من المصائب الخلقية فعدوه من العيوب، ولأبي الحسن الزوزني:
كفى الشيب عيبا ان صاحبه إذا
…
أردت به وصفا له قلت أشيب
وكان قياس الأصل لو قلت شائبا
…
ولكنه في جملة العيب يحسب
فشائب خطأ لم يستعمل.
هذا وفي قوله واشتعل الرأس شيبا فن الإطناب فقد انتقل أولا من شخت الدال على ضعف البدن وشيب الرأس إجمالا الى هذا التفصيل لمزيد التقرير، وثانيا من هذه المرتبة إلى ثالثة أبلغ منها وهي الكناية التي هي أبلغ من التصريح، وثالثا من هذه المرتبة الى رابعة أبلغ في التقرير وهي بناء الكناية على المبتدأ أي قولك: أنا وهنت عظام بدني، ورابعا من هذه المرتبة الى خامسة أبلغ وهي إدخال إن على المبتدأ أعني قولك إني وهنت عظام بدني، وخامسا الى مرتبة سادسة وهي سلوك طريق الإجمال ثم التفصيل أعني إني وهنت العظام من بدني، وسادسا الى مرتبة سابعة وهي ترك توسيط البدن لا دعاء اختصاصها بالبدن بحيث لا يحتاج الى التصريح بالبدن، وسابعا الى مرتبة ثامنة وهي ترك جمع العظم إلى الإفراد لشمول الوهن العظام فردا فردا.
3- التجريد:
وذلك في قوله تعالى «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ
آلِ يَعْقُوبَ»
وقد قدمنا القول فيه مختصرا وسنورده الآن مستوفى:
فنقول ان التجريد هو أن ينتزع المتكلم من أمر ذي صفة أمرا آخر بمثاله له فيها مبالغة لكمالها فيه كأنه بلغ من الاتصاف بتلك الصفة الى حيث يصح أن ينتزع منه موصوف آخر بتلك الصفة وهو أقسام:
أ- أن يكون بمن التجريدية كقولهم لي من فلان صديق حميم ومنه الآية الكريمة ومثله للقاضي الفاضل في وصف السيوف:
تمدا إلى الأعداء منها معاصسا
…
فترجع من ماء الكلي بأساور
ب- أن يكون بالباء التجريدية الداخلة على المنتزع منه نحو قول ابن هانىء:
وضربتم هام الكماة ورعتم
…
بيض الخدور بكل ليث مخدر
وقال أبو تمام:
هتك الظلام أبو الوليد بغرة
…
فتحت لنا باب الرجاء المقفل
بأتم من قمر السماء وإن بدا
…
بدرا وأحسن في العيون وأجمل
وأجل من قس إذا استنطقته
…
رأيا وألطف في الأمور وأجزل
والمراد بأتم من قمر السماء نفس أبي الوليد.
ح- أن يكون بدخول في على المنتزع منه أو مدخول ضميره كقوله تعالى «لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ» أي في جهنم وهي دار الخلد ولكنه انتزع منها دارا أخرى للمبالغة وقال المتنبي:
تمضي المواكب والأبصار شاخصة
…
منها الى الملك الميمون طائر
قد حرن في بشر في تاجه قمر
…
في درعه أسد تدمى أظافره
فإن الأسد هو نفس الممدوح ولكنه انتزع منه أسدا آخر تهويلا لأمره ومبالغة في اتصافه بالشجاعة والصولة.
د- أن يكون بدخول بين كقول ابن النبيه:
يهتز بين وشاحيها قضيب نقا
…
حمائم الحلي في أفنانه صدحت
هـ- ومنها أن يكون بدون توسط شيء كقول قتادة بن سلمة الحنفي:
فلئن بقيت لأرحلن بعزة
…
تحوي الغنائم أو يموت كريم
عني بالكريم نفسه فكأنه انتزع من نفسه كريما مبالغة في كرمه ولذا لم يقل أو أموت، ولأبي تمام:
ولو تراهم وإيانا وموقفنا
…
في موقف البين لاستهلالنا زجل
من حرقة أطلقتها فرقة أسرت
…
قلبا ومن غزل في نحره عذل
وقد طوى الشوق في أحشائنا بقرا
…
عينا طوتهن في أحشائها الكلل
ومراده بالبقر العين الذين أخبر عنهم أولا بقوله ولو تراهم فكأنه انتزع منهم موصوفين بهذه الصفة مبالغة فيها.
ز- ومنها أن ينتزع الإنسان من نفسه شخصا آخر مثله في الصفة التي سيق الكلام لها ثم يخاطبه كقول أبي الطيب:
لا خيل عندك تهديها ولا مال
…
فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
فكأنه انتزع من نفسه شخصا آخر مثله في فقد الخيل والمال ومنه قول الأعشى:
ودّع هريرة إن الركب مرتحل
…
وهل تطيق وداعا أيها الرجل
وقال أبو نواس وأبدع متغزلا:
يا كثير النوح في الدمن
…
لا عليها بل على السكن
سنة العشّاق واحدة
…
فإذا أحببت فاستنن