الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الكهف
مكية كلها، قال القرطبي: في قول جميع المفسرين، وروي عن فرقة: أن أول السورة نزل بالمدينة إلى قوله: {صَعِيدًا جُرُزًا} ، وقيل (1): إلا قوله {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} والقول الأول أصح، وهي مئة وإحدى عشرة آيةً، وكلماتها ألف وخمس مئة وسبع وسبعون كلمةً، وحروفها ستة آلاف وأربع مئة وستون حرفًا.
المناسبة: ومناسبتها لما قبلها من وجوه (2):
1 -
أن سورة الإسراء افتتحت بالتسبيح، وهذه بالتحميد، وهما مقترنان في سائر الكلام، في نحو {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} ، ونحو: سبحان الله وبحمده.
2 -
تشابه ختام السالفة وافتتاح هذه فإن كلًا منهما حمد.
3 -
أنه ذكر في السّابقة قوله: {وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} والخطاب فيها لليهود، وذكر هنا قصة موسى نبي بني إسرائيل مع الخضر عليهما السلام، وهي تدل على كثرة معلومات الله التي لا تحصى، فكانت كالدليل على ما تقدم.
4 -
أنه جاء في السورة السابقة {فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفًا} ثم فصّل ذلك هنا بقوله: {فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} إلى قوله: {وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضًا (100)} .
فضلها: وقد ورد في فضلها أحاديث (3):
(1) البيضاوي.
(2)
المراغي.
(3)
الشوكاني.
منها: ما أخرجه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي وغيرهم عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال» .
وأخرج أحمد، ومسلم، والنسائي، وابن حبان، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف، عصم من فتنة الدجال» .
وأخرج البخاري ومسلم، وغيرهما عن البراء قال: قرأ رجل سورة الكهف، وفي الدار دابة فجعلت تنفر فنظر فإذا ضبابة - أو سحابة - قد غشيته، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:«اقرأ فلان، فإن السكينة نزلت للقرآن» وهذا الذي كان يقرأ هو أسيد بن حضير، كما بينه الطبراني.
وأخرج الترمذي، وصححه عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الكهف، عصم من فتنة الدجال» ، وفي قراءة العشر الآيات من أولها أو من آخرها أحاديث.
وأخرج ابن مردويه، والضياء - في «المختارة» - عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ الكهف يوم الجمعة .. فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة تكون، فإن خرج الدجال عصم منه» .
وأخرج الطبراني في «الأوسط» والحاكم، وصححه، وابن مردويه، والبيهقي، والضياء عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الكهف، كانت له نورًا من مقامه إلى مكة، ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثمّ خرج الدجال .. لم يضره» .
وأخرج الحاكم، وصححه من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة .. أضاء له من النور ما بين الجمعتين» وأخرجه البيهقي أيضًا في «السنن» من هذا الوجه، ومن وجه آخر، وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الكهف في يوم
الجمعة، سطع له نورٌ من تحت قدمه إلى عنان السماء، يضيءُ له يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين».
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بسورة ملأ عظمتها ما بين السماء والأرض، ولكاتبها من الأجر مثل ذلك، ومن قرأها يوم الجمعة غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وزيادة ثلاثة أيام، ومن قرأ الخمس الأواخر منها عند نومه، بعثه الله من أيّ الليل شاء؟» قالوا: بلى يا رسول الله قال: «سورة أصحاب الكهف» .
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مغفل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البيت الذي تقرأ فيه سورة الكهف لا يدخله شيطان تلك الليلة» . وفي الباب أحاديث، وآثار، وفيما أوردناه كفاية مغنية.
الناسخ والمنسوخ فيها: قال أبو عبد الله محمد بن حزم في كتابه «الناسخ والمنسوخ» : وقد أجمع المفسرون على أن لا منسوخ في سورة الكهف، إلا السدي وقتادة فإنهما قالا: فيها آية واحدة، وهي قوله تعالى:{فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ} الآية (29) ناسخها قوله تعالى: {وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ} انتهى.
والله أعلم
* * *
نَزَلَ} وذكر المؤمنين به أهل العلم، وأنه يزيدهم خشوعًا، وأنه تعالى أمر بالحمد له، وأنه لم يتخذ ولدًا: أمره تعالى بحمده على إنزال هذا الكتاب السالم من العوج، القيم على كل الكتب، المنذر من قال اتخذ الله ولدًا، المبشر المؤمنين بالأجر الحسن، ثم استطرد إلى حديث كفار قريش، والتفت من الخطاب في قوله: وكبّره تكبيرا، إلى الغيبة في قوله:{عَلى عَبْدِهِ} لما في {عَبْدِهِ} من الإضافة المقتضية تشريفه، ولم يجىء التركيب: أنزل عليك.
أسباب النزول
سبب نزولها (1): ما أخرجه ابن جرير من طريق ابن إسحاق، عن شيخ من أهل مصر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: بعثت قريش النضر بن الحارث، وعقبة ابن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة، فقالوا لهما: سلاهم عن محمد، وصفا لهم صفته، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى أتيا المدينة، فسألاهم فقالوا: سلوه عن ثلاث، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل، فالرجل متقوّل، فروا فيه رأيكم، سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول، ما كان من أمرهم؟ فإنه كان لهم حديث عجيب، وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبؤه؟ وسلوه عن الروح، ما هي؟ فأقبلا حتى قدما على قريش، فقالا: قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه فقال: أخبركم غدًا بما سألتم عنه، ولم يقل: إن شاء الله .. فانصرفوا فاستلبث الوحي خمسة عشر يومًا، ولا يأتيه جبريل حتى أرجف كفار قريش، وقالوا: إنّ محمّدًا قد تركه رئيه الذي كان يأتيه من الجن، وقال بعضهم: قد عجز عن أكاذيبه، فشقّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا انقضى الأمد، جاءه الوحي بجواب الأسئلة وغيرها، فجاءه جبريل بسورة أهل الكهف، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم، وبيان أمر الفتية، والرجل الطوّاف، وأنزل بعد ذلك {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ
…
} الآية.
(1) لباب النقول والبحر المحيط.