الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاسم منه، وقال أبو عبيدة: الإمر: الداهية العظيمة.
72
- {قالَ} الخضر لموسى: {أَلَمْ أَقُلْ} الاستفهام للتقرير؛ أي: قد قلت لك: {إِنَّكَ} يا موسى {لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} ؛ أي: لا تقدر صبرًا معي فيما ترى مما أفعل، وهو تذكير لما قاله من قبل متضمن للإنكار على عدم الوفاء بوعد
73
- فـ {قالَ} موسى للخضر {لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ} ؛ أي: بنسياني وصيّتك بعدم السؤال عن حكمة الأفعال قبل البيان، فإنه لا مؤاخذة على الناسي فـ {ما} مصدرية، ويحتمل كونها موصولة؛ أي: لا تؤاخذني بالذي نسيته، وهو قول الخضر {فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} وقيل (1): هذا من التورية، وإيهام خلاف المراد، فالمراد بما نسيه شيء آخر غير الوصية؛ لكنه أوهم أنها المنسية، ليتقي بها من الكذب مع التوصل إلى المقصود، وهو بسط عذره في الإنكار، {وَلا تُرْهِقْنِي}؛ أي: لا تكلفني يا خضر، ولا تحملني {مِنْ أَمْرِي عُسْرًا}؛ أي: في أمر صحبتي إياك مشقة وشدة وصعوبةً، وقرأ أبو جعفر {عسرا} بضم السين حيث وقع، والمعنى: قال موسى (2) للخضر: لا تؤاخذني بما غفلت عن التسليم لك، وترك الإنكار عليك، ولا تكلفني مشقّةً، ولا تضيّق عليّ أمري؛ ولا تعسر عليّ متابعتك، بل يسرها بالإغضاء، وترك المناقشة، فإني أريد صحبتك، ولا سبيل لي إليها إلا بذلك.
74
- والفاء في قوله: {فَانْطَلَقا} فصيحة، والانطلاق: الذهاب؛ أي: فقبل الخضر عذر موسى عليه السلام، فخرجا من السفينة، فانطلقا {حَتَّى إِذا لَقِيا غُلامًا} بين قريتين لم يبلغ الحنث يلعب مع عشر صبيان، كان وضيء الوجه اسمه جيشور - بالجيم، أو بالخاء، أو بالحاء - أو حينون، قال السهيلي: فأخذه الخضر من بينهم {فَقَتَلَهُ} عطف (3) على الشرط، بالفاء، أي: فقتله عقيب اللقاء؛ أي: فقتله بذبحه مضطجعًا بالسكين، أو بفتل عنقه، وقيل: معنى قتله أشار بأصابعه الثلاث: الإبهام، والسبابة، والوسطى، وقلع رأسه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثم خرجا من السفينة، فبينما يمشيان على الساحل، إذ أبصر الخضر غلامًا يلعب مع
(1) شهاب.
(2)
المراغي.
(3)
روح البيان.
الغلمان، فأخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله» كذا في «الصحيحين» برواية أبي بن كعب رضي الله عنه.
أي (1): فانطلقا بعد نزولهما من السفينة وسلامتهما من الغرق والعطب يمشيان على الساحل، فأبصر الخضر غلامًا يلعب مع لداته وأترابه، فقتله، ولم يبين القرآن كيف قتله، أحز رأسه، أم ضرب رأسه بالجدار، أم بطريق آخر؟ وعلينا أن لا نهتم بذلك، إذ لو علم الله فيه خيرًا لنا .. لذكره، ولكن بيّنته السنة كما مر آنفًا. {قالَ} موسى للخضر، والجملة جواب الشرط {أَقَتَلْتَ} يا خضر، والاستفهام فيه للتوبيخ المضمن للإنكار {نَفْسًا زَكِيَّةً}؛ أي: طاهرة من الذنوب، لأنها صغيرة لم تبلغ الحنث؛ أي: الإثم والذنب، وهو قول الأكثرين، {بِغَيْرِ نَفْسٍ}؛ أي: بغير قتل نفس محرمة، يعني لم تقتل نفسًا فيقتص منها، وخص (2) هذا من بين مبيحات القتل، كالكفر بعد الإيمان، والزنا بعد الإحصان؛ لأنه أقرب إلى الوقوع، بالنظر إلى حال الغلام، وقرأ ابن عباس (3)، والأعرج، وأبو جعفر، وشيبة، وابن محيصن، وحميد، والزهري، ونافع، واليزيدي، وابن مسلم، وزيد، وابن بكير، عن يعقوب، والتمار، عن رويس عنه، وأبو عبيد، وابن جبير، الأنطاكي وابن كثير، وأبو عمرو {زَاكِيَةً} بالألف، وقرأ زيد بن علي، والحسن، والجحدري، وابن عامر، والكوفيون {زكية} بغير ألف وبتشديد الياء وهي أبلغ من زاكية، لأن فعيلا المحول من فاعل يدل على المبالغة، وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرًا، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانًا، وكفرًا» متفق عليه وهذا لفظ مسلم.
والله {لَقَدْ جِئْتَ} ، وفعلت يا خضر {شَيْئًا نُكْرًا}؛ أي: شيئًا منكرًا، أنكر من الأول؛ لأن ذلك كان خرقًا يمكن تداركه بالسد، وهذا لا سبيل إلى تداركه،
(1) المراغي.
(2)
المراغي.
(3)
البحر المحيط.
وقيل: الآمر: أعظم من المنكر، لأن قتل نفس واحدة، أهون من إغراق أهل السفينة.
والمعنى: أي (1) والله لقد فعلت شيئًا تنكره العقول، وتنفر منه النفوس، وأتى هنا بقوله:{نُكْرًا} وهناك بقوله: {إِمْرًا} لأن قتل الغلام أقبح من خرق السفينة؛ لأن ذلك لم يكن إهلاكًا لنفس، إذ ربما لا يحصل الغرق، وفي هذا إتلاف النفس قطعًا فكان أنكر.
وقرأ الجمهور: {نُكْرًا} بإسكان الكاف، وقرأ نافع، وأبو بكر، وابن ذكوان، وأبو جعفر، وشيبة، وطلحة، ويعقوب، وأبو حاتم، بضم الكاف حيث كان منصوبًا.
قال جماعة من القراء (2): نصف القرآن عند قوله تعالى: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} .
الإعراب
{وَإِذْ} {الواو} استئنافية {إِذْ} ظرف لما مضى من الزمان متعلق بمحذوف تقديره: واذكر يا محمد قصة إذ قال موسى لفتاه، والجملة المحذوفة مستأنفة، {قالَ مُوسى} فعل وفاعل {لِفَتاهُ} متعلق به، والجملة في محل الجر، مضاف إليه، لـ {إِذْ} {لا أَبْرَحُ} إلى آخر الآية، مقول محكي لـ {قالَ} وإن شئت قلت:{لا} نافية {أَبْرَحُ} فعل مضارع ناقص، واسمه ضمير يعود على موسى، والخبر محذوف تقديره: لا أبرح ماشيًا حتى أبلغ، ويحتمل إنها تامة، فلا تستدعي خبرًا، بمعنى لا أزول عما أنا عليه من السير، والطلب، ولا أفارقه، وجملة {لا أَبْرَحُ} في محل النصب مقول {قالَ} {حَتَّى} حتى حرف جرّ
(1) المراغي.
(2)
روح البيان.
وغاية، بمعنى إلى كما قاله أبو البقاء، أو بمعنى لام التعليل، كما قاله غيره {أَبْلُغَ} منصوب بأن مضمرةً وجوبًا بعد حتى بمعنى إلى، وفاعله ضمير يعود على موسى، {مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} مفعول به، {أَوْ} حرف عطف {أَمْضِيَ} معطوف على {أَبْلُغَ} وفاعله ضمير يعود على موسى {حُقُبًا} ظرف زمان متعلق بـ {أَمْضِيَ} ، وجملة {أَبْلُغَ} صلة {أن} المضمرة أن مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بـ {حَتَّى} بمعنى إلى، الجار والمجرور متعلق بـ {أَبْرَحُ} ، والتقدير: لا أبرح ماشيًا إلى بلوغي مجمع البحرين، أو مضيّي حقبًا.
{فَلَمَّا} {الفاء} عاطفة على محذوف، تقديره: فذهبا يمشيان، فلما بلغا الخ {لما} حرف شرط غير جازم، {بَلَغا} فعل وفاعل، والجملة فعل شرط لـ {لما} لا محلّ لها من الإعراب، {مَجْمَعَ} مفعول به، وهو مضاف {بَيْنِهِما} ظرف أضيف إليه على الاتساع، أو بمعنى الوصل؛ أي: مجمع وصلهما {نَسِيا حُوتَهُما} فعل وفاعل ومفعول، والجملة جواب {لما} لا محلّ لها من الإعراب. وجملة {لما} معطوفة على تلك الجملة المحذوفة، {فَاتَّخَذَ} الفاء عاطفة {اتخذ} فعل ماض وفاعله ضمير يعود على الحوت {سَبِيلَهُ} مفعول أول {سَرَبًا} مفعول ثان {فِي الْبَحْرِ} متعلق بمحذوف حال من {سَرَبًا} ، والجملة الفعلية معطوفة على جملة {نسي} .
{فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَبًا (62)} .
{فَلَمَّا} {الفاء} عاطفة {لما} حرف شرط، {جاوَزا} فعل وفاعل {قالَ} فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على موسى {لِفَتاهُ} جار ومجرور متعلق بـ {قالَ} ، وجملة {قالَ} جواب لما، وجملة {لما} معطوفة على محذوف تقديره: فذهبا يمشيان، {فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ
…
} إلخ {آتِنا غَداءَنا} إلى آخر الآية، مقول محكي، وإن شئت قلت:{آتِنا غَداءَنا} فعل ومفعولان، وفاعله ضمير يعود على الفتى، والجملة في محل النصب مقول {قالَ} {لَقَدْ} {اللام} موطئة للقسم {قد} حرف تحقيق {لَقِينا} فعل وفاعل {مِنْ سَفَرِنا} متعلق به،
{هذا} بدل من {سَفَرِنا} أو صفة له {نَصَبًا} مفعول به لـ {لَقِينا} والجملة الفعلية جواب القسم، لا محلّ لها من الإعراب، وجملة القسم في محل النصب مقول {قالَ} .
{قالَ} فعل ماض وفاعله ضمير يعود على الفتى، والجملة مستأنفة {أَرَأَيْتَ} إلى آخر الآية، مقول محكي لـ {قالَ} ، وإن شئت قلت:{أَرَأَيْتَ} فعل وفاعل يتعدى إلى مفعولين، وهو بمعنى أخبرني، ومفعولاه محذوف، والتقدير: رأيت أمرنا ما عاقبته، وفي «البيضاوي» أرأيت ما دهاني؛ أي: أخبرني ما دهاني، ونابني إذ أوينا إلى الصخرة، وجملة {أَرَأَيْتَ} في محل النصب مقول {قالَ} {إِذْ} ظرف لما مضى من الزمان، متعلق بمعمول {أَرَأَيْتَ} المحذوف {أَوَيْنا} فعل وفاعل {إِلَى الصَّخْرَةِ} متعلق به، والجملة الفعلية، في محل الجر مضاف إليه، لـ {إِذْ} الظرفية {فَإِنِّي} {الفاء} تعليلية لتعليل الدهشة التي اعترتهما مما نابهما، {إني} ناصب واسمه {نَسِيتُ} فعل وفاعل ومفعول، {الْحُوتَ}: مفعول به منصوب والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} في محل النصب مقول {قالَ} {وَما أَنْسانِيهُ} {الواو} اعتراضية {ما} نافية {أنساني} فعل ماض والنون للوقاية، والياء ضمير المتكلم مفعول به، و {الهاء} ضمير للمفرد المذكر الغائب في محل النصب مفعول ثان، مبني على الضم، على قراءة حفص، رجوعًا إلى الأصل في حركة بناء هاء الضمير، وإن كان الكسر مناسبًا للياء، المذكورة قبله، كما هو قراءة الجمهور إِلَّا أداة استثناء مفرّغ {الشَّيْطانُ} فاعل {أنساني} ، والجملة الفعلية معترضة لاعتراضها بين المعطوف، والمعطوف عليه، {أَنْ أَذْكُرَهُ} ناصب وفعل ومفعول وفاعله ضمير يعود على الفتى، والجملة الفعلية مع أن المصدرية، في تأويل مصدر منصوب على كونه بدل اشتمال من {الهاء} في {نَسِيتُ} والتقدير: وما أنساني ذكره إلا الشيطان. {وَاتَّخَذَ} {الواو} عاطفة {اتَّخَذَ} فعل ماض وفاعله ضمير يعود على الحوت {سَبِيلَهُ} مفعول أول {فِي الْبَحْرِ} إما متعلق بـ {اتَّخَذَ} أو حال من {عَجَبًا} {عَجَبًا} مفعول ثان، وجملة
{اتَّخَذَ} في محل النصب معطوفة على جملة قوله، {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} على كونها مقول {قالَ} .
{قالَ} فعل ماض وفاعله ضمير يعود على موسى، والجملة الفعلية مستأنفة استئنافًا بيانيًا، {ذلِكَ} مبتدأ {ما} اسم موصول في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة في محل النصب مقول {قالَ} {كُنَّا} فعل ناقص، واسمه {نَبْغِ} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء، المحذوفة، اتباعًا لرسم المصحف العثماني، لأنه فعل معتل بالياء، وفاعله ضمير يعود على موسى، وفتاه وجملة {نَبْغِ} في محل النصب خبر {كان} ، وجملة {كان} صلة لما الموصولة، والعائد محذوف، تقديره: ما كنا نبغيه {فَارْتَدَّا} الفاء عاطفة {ارتدا} فعل وفاعل {عَلى آثارِهِما} متعلق بـ {ارتدا} والجملة معطوفة على جملة {قالَ} {قَصَصًا} مفعول مطلق معنوي لـ {ارتدا} أو مفعول مطلق لمحذوف تقديره: يقصان قصصًا، والجملة المحذوفة حال من فاعل {ارتدا}؛ أي: ارتدا حالة كونهما يقصان قصصًا، {فَوَجَدا} {الفاء} عاطفة {وجدا عبدا} فعل وفاعل ومفعول به، لأن وجد هنا بمعنى: أصاب يتعدى إلى مفعول واحد {مِنْ عِبادِنا} صفة أولى لـ {عَبْدًا} ، وجملة {وجدا} معطوفة على ارتدا {آتَيْناهُ رَحْمَةً} فعل وفاعل ومفعولان {مِنْ عِنْدِنا} صفة لـ {رَحْمَةً} ، وجملة {آتَيْناهُ} في محل النصب صفة ثانية لـ {عَبْدًا} {وَعَلَّمْناهُ} فعل وفاعل ومفعول أول، والجملة معطوفة على جملة {آتَيْناهُ} {مِنْ لَدُنَّا} حال من {عِلْمًا} لأنه صفة نكرةٍ قدمت عليها، {عِلْمًا} مفعول ثانٍ لـ {علمنا} لا مفعول مطلق، ولو كان مفعولًا مطلقًا .. لقال تعليمًا، لأن فعله من باب فعل الرباعي.
{قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)} .
{قالَ} فعل ماض {لَهُ} متعلق به، {مُوسى} فاعل، والجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًا، {هَلْ أَتَّبِعُكَ} مقول محكي، وإن شئت قلت:{هَلْ} حرف
استفهام واستئذان {أَتَّبِعُكَ} فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على موسى، والجملة في محل النصب مقول {قالَ} . {عَلى} حرف جر {أَنْ} حرف نصب {تُعَلِّمَنِ} فعل مضارع منصوب بـ {أَنْ} ، و {النون} للوقاية، و {الياء} مفعول أول، وفاعله ضمير يعود على الخضر، والجملة الفعلية مع أن المصدرية في تأويل مصدر مجرور بـ {عَلى} تقديره: على تعليمك إياي، الجار والمجرور حال من {الكاف} في {هَلْ أَتَّبِعُكَ} ، أي: أتبعك حال كونك معلّمًا لي {مِمَّا} جار ومجرور متعلق بـ {تُعَلِّمَنِ} أو حال من {رُشْدًا} {عُلِّمْتَ} فعل ونائب فاعل، والجملة صلة لـ {ما} الموصولة، والعائد محذوف تقديره: مما علمته {رُشْدًا} ، مفعول ثان لـ {تُعَلِّمَنِ} .
{قالَ} فعل ماض وفاعله ضمير يعود على الخضر، والجملة مستأنفة {إِنَّكَ} ناصب واسمه {لَنْ تَسْتَطِيعَ} ناصب وفعل منصوب، وفاعله ضمير يعود على موسى {مَعِيَ} ظرف ومضاف إليه، حال من فاعل {تَسْتَطِيعَ}؛ أي: حال كونك معي {صَبْرًا} مفعول به، وجملة {تَسْتَطِيعَ} في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} في محل النصب مقول {قالَ} . {وَكَيْفَ} {الواو} عاطفة {كَيْفَ} اسم استفهام للاستفهام الإنكاري التعجبي في محل نصب على التشبيه بالحال، من فاعل {تَصْبِرُ} ، {تَصْبِرُ} فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على موسى، {عَلى ما} جار ومجرور متعلق بـ {تَصْبِرُ} ، والجملة الفعلية في محل النصب معطوفة على جملة {إِنَّكَ} على كونها مقول {قالَ} {لَمْ تُحِطْ} جازم وفعل مجزوم، وفاعله ضمير يعود على موسى {بِهِ} متعلق بـ {تُحِطْ} ، والجملة صلة لـ {ما} الموصولة، والعائد ضمير به {خُبْرًا} مفعول مطلق معنوي لـ {تُحِطْ} لأن معنى {لَمْ تُحِطْ بِهِ} لم تخبر، وأعربها الزمخشري تمييزًا محولًا عن الفاعل، أي: لم يحط به خبرك، وليس ببعيد.
{قالَ} فعل ماض وفاعله ضمير يعود على موسى، والجملة مستأنفة {سَتَجِدُنِي} فعل، ومفعول أول، والنون للوقاية، وفاعله ضمير يعود على موسى، والجملة في محل النصب، مقول {قالَ} ، وجملة {إِنْ شاءَ اللَّهُ} معترضة {صابِرًا} مفعول ثان لـ {تجدني} {وَلا} {الواو} عاطفة {لا} نافية {أَعْصِي} فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على موسى {لَكَ} جار ومجرور حال من {أَمْرًا} {أَمْرًا} مفعول به، وجملة {لا أَعْصِي} في محل النصب معطوفة على {صابِرًا} ، والتقدير: ستجدني صابرًا غير عاص لك، أو معطوفة على قوله:{سَتَجِدُنِي} كونها مقول {قالَ} . {قالَ} فعل ماض وفاعله ضمير يعود على الخضر، والجملة مستأنفة، {فَإِنِ} {الفاء} لتفريع الجملة الشرطية، على ما مر من التزامه للصبر، والطاعة، كما في «روح البيان» {إن} حرف شرط {اتَّبَعْتَنِي} فعل وفاعل ونون وقاية، ومفعول به في محل الجزم، بـ {إن} الشرطية، على كونه فعل شرط لها، {فَلا} {الفاء} رابطة لجواب إن الشرطية، {لا} ناهية جازمة، {تَسْئَلْنِي} فعل مضارع مجزوم بـ {لا} الناهية، وفاعله ضمير يعود على موسى، والنون للوقاية، والياء مفعول به {عَنْ شَيْءٍ} متعلق بـ {تَسْئَلْنِي} ، والجملة في محل الجزم بإن الشرطية، على كونها جوابًا لها، وجملة {إن} الشرطية في محل النصب مقول {قالَ} {حَتَّى} حرف جر وغاية {أُحْدِثَ} فعل مضارع منصوب بـ {أن} مضمرةً بعد حتى، وفاعله ضمير يعود على الخضر؛ {لَكَ} متعلق بـ {أُحْدِثَ} {مِنْهُ} حال من {ذِكْرًا} {ذِكْرًا} مفعول به، ولا بد من تقدير صفة محذوفة بعد شيء؛ أي: عن شيء خفي عليك سره، وغبي أمره، وجملة {أُحْدِثَ} مع أن المضمرة في تأويل مصدر مجرور بـ {حَتَّى} تقديره: إلى إحداثي لك منه {ذِكْرًا} الجار والمجرور متعلق بـ {تَسْئَلْنِي} .
{فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها} .
{فَانْطَلَقا} {الفاء} فاء الفصيحة كما في «روح البيان» ؛ لأنّها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت ما تقاولا، وأردت بيان حالهما بعد ذلك، فأقول لك:{انطلقا} فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول لجواب، إذا
المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة، {حَتَّى} حرف جر وغاية {إِذا} ظرف لما يستقبل من الزمان {رَكِبا} فعل وفاعل {فِي السَّفِينَةِ} متعلق به، والجملة في محل الخفض بإضافة إذا إليها، على كونها فعل شرط لها، والظرف متعلق بالجواب الآتي {خَرَقَها} فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على الخضر، وجملة {إِذا} من فعل شرطها، وجوابها في محل الجر بـ {حَتَّى} بمعنى إلى، والتقدير: فانطلق إلى خرقه السفينة وقت ركوبهما إياها، الجار والمجرور متعلق بـ {انطلقا} .
{قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} .
{قالَ} فعل ماض وفاعله ضمير يعود على موسى، والجملة مستأنفةٌ {أَخَرَقْتَها} إلى آخر الآية مقول محكي، وإن شئت قلت:{أَخَرَقْتَها} {الهمزة} للاستفهام الإنكاري، {خَرَقْتَها} فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب مقول {قالَ} . {لِتُغْرِقَ} {اللام} حرف جر وتعليل {تغرق أهلها} فعل ومفعول منصوب بأن مضمرةً، وفاعله ضمير يعود على الخضر، والجملة في تأويل مصدر مجرور بـ {اللام} تقديره: لغرقك أهلها، الجار والمجرور متعلق بـ {خَرَقْتَها} {لَقَدْ} جئت {اللام} موطئة للقسم، {قد} حرف تحقيق {جِئْتَ شَيْئًا} فعل وفاعل ومفعول {إِمْرًا} صفة لـ {شَيْئًا} ، والجملة الفعلية جواب القسم لا محلّ لها من الإعراب، وجملة القسم في محل النصب مقول {قالَ} .
{قالَ} فعل ماض وفاعله ضمير يعود على الخضر، والجملة مستأنفة {أَلَمْ أَقُلْ
…
} إلى آخر الآية مقول محكي، وإن شئت قلت:{أَلَمْ} الهمزة للاستفهام التقريري {لَمْ أَقُلْ} جازم ومجزوم وفاعله ضمير يعود على الخضر، والجملة في محل النصب مقول {قالَ} . {إِنَّكَ} ناصب واسمه {لَنْ تَسْتَطِيعَ} ناصب ومنصوب وفاعله ضمير يعود على موسى {مَعِيَ} متعلق بمحذوف حال من فاعل {تَسْتَطِيعَ} {صَبْرًا} مفعول به، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إن}
وجملة {إن} في محل النصب مقول {أَقُلْ} {قالَ} فعل ماض وفاعله ضمير يعود على موسى، والجملة مستأنفة {لا} ناهية جازمة {تُؤاخِذْنِي} فعل مضارع مجزوم بـ {لا} الناهية، وفاعله ضمير يعود على الخضر، والنون للوقاية الياء مفعول به، والجملة في محل النصب مقول {قالَ} {بِما} {الباء} حرف جر {ما} مصدرية، أو موصولة أو موصوفة {نَسِيتُ} فعل وفاعل، والجملة صلة {ما} المصدرية، أو الموصولة {ما} مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بالباء، تقديره: بنسياني أو بالذي نسيته، أو بشيء، نسيته، الجار والمجرور متعلق بـ {تُؤاخِذْنِي} {وَلا تُرْهِقْنِي} جازم وفعل مجزوم ونون وقاية ومفعول به، وفاعله ضمير يعود على الخضر، والجملة معطوفة على جملة {لا تُؤاخِذْنِي} {مِنْ أَمْرِي} حال من {عُسْرًا} {عُسْرًا} مفعول به.
{فَانْطَلَقا} {الفاء} فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت ما تقاولا، وأردت بيان ما جرى بينهما بعد ذلك .. فأقول لك:{انطلقا} فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول لجواب {إذا} المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة، {حَتَّى} حرف جر وغاية {إِذا} ظرف لما يستقبل في الزمان {لَقِيا غُلامًا} فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل الخفض بإضافة {إِذا} إليها على كونها فعل شرط لها، والظرف متعلق بالجواب الآتي، {فَقَتَلَهُ} {الفاء} عاطفة {قتله} فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على الخضر، والجملة معطوفة على جملة {لَقِيا} {قالَ} فعل ماض وفاعله ضمير يعود على موسى، والجملة جواب {إِذا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إِذا} في محل جر بـ {حَتَّى} تقديره: فانطلقا إلى قول موسى، وقت لقائهما غلامًا فقتله إياه الجار والمجرور متعلق بـ {انطلقا} {أَقَتَلْتَ نَفْسًا} إلى آخر الآية مقول محكي لـ {قالَ} ، وإن شئت قلت:{أَقَتَلْتَ} {الهمزة} للاستفهام الإنكاري، {قَتَلْتَ} {نَفْسًا} فعل وفاعل ومفعول {زَكِيَّةً} صفة لـ {نَفْسًا} ، والجملة في محل النصب
مقول {قالَ} {بِغَيْرِ نَفْسٍ} جار ومجرور متعلق بـ {قَتَلْتَ} أو في محل نصب على الحال من الفاعل، أو المفعول؛ أي: قتلته ظالمًا، أو مظلومًا {لَقَدْ} {اللام} موطئة للقسم {قد} حرف تحقيق {جِئْتَ شَيْئًا} فعل وفاعل ومفعول {نُكْرًا} صفة {شَيْئًا} والجملة جواب القسم لا محلّ لها من الإعراب.
التصريف ومفردات اللغة
{مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} : اسم مكان من جمع يجمع من باب فَتَح فالقياس في مصدره: ومكانه وزمانه الفتح، وهو ملتقى بحر الروم، وبحر فارس، مما يلي المشرق، وملتقاهما عند البحر المحيط، وقيل: ملتقى البحرين هو بحر الأردن، وبحر القلزم، وقيل: غير ذلك مما هو مذكور في المطوّلات {أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} ؛ أي: زمنًا طويلًا، والحقب ثمانون سنة وقيل: سبعون سنة، وقيل: سنة واحدة. بلغة قريش، ويجمع على أحقاب كعنق، وأعناق، وفي معناه الحقبة بالكسر، وبالضم، وتجمع الأولى: على حقب كقربة، وقرب، والثانية: على حقب كغرفة وغرف ذكره في «الفتوحات» . {سَرَبًا} ؛ أي: مسلكا كالسرب، وهو: النفق، فصار الماء عليه كالقنطرة، وفي معاجم اللغة: السرب: بفتحتين الحفيرة، تحت الأرض، والقناة يدخل منها الماء، ويقال: طريق سرب؛ أي: يتتابع فيه الناس. {غَداءَنا} ، والغداء الطعام الذي يؤكل أولَ النهار، والمراد به هنا الحوت {نَصَبًا}؛ أي: تعبًا وإعياءً {إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ} ؛ أي: التجأنا، والصخرة معروفة، وهي حجر كبير {نبغى}؛ أي: نطلب {فَارْتَدَّا} ؛ أي: رجعا {عَلى آثارِهِما} ؛ أي: على طريقهما الذي جاءا منه {قَصَصًا} ؛ أي: اتباعَا من قولهم أثره إذا تبعه {مِنْ لَدُنَّا} {مِنْ عِنْدِنا} لدن، وهي بمعنى عند، فتكون اسمًا لزمان الحضور ومكانه، كما أن عند كذلك إلا أن لدن تختص بستة أمور:
1 -
أنها ملازمة لمبدأ الغايات الزمانية والمكانية، و {عند} غير ملازمة فمن ثم يتعاقبان في نحو: جئت من عنده من لدنه، وفي الآية الكريمة.
2 -
أن الغالب في لدن استعمالها مجرورة بمن، ونصبها قليل، وجر عند بمن دون جر لدن في الكثرة.
3 -
أنها مبنية على السكون بخلاف عند فإنها معربةٌ دائمًا.
4 -
جواز إضافتها إلى الجمل.
5 -
جواز إفرادها قبل غدوة.
6 -
أنها لا تقع إلّا فضلة بخلاف عند، فإنها قد تقع عمدة، وقال بعضهم: إنّ {عند} في لسان العرب لما ظهر، ولدن، لما بطن، فيكون المراد بالرحمة: ما ظهر من كراماته، وبالعلم الباطن الخفي المعلوم قطعًا بأنّه خاص.
{فِي السَّفِينَةِ} السفينة معروفة، وتجمع على سفن، وعلى سفائن، وتحذف التاء فيقال: سفينة، وسفينٌ، وهو مما بينه وبين مفرده تاء التأنيث، وهو كثير في المخلوق، نادر في المصنوع نحو عمامة وعمام، وقال الشاعر:
متى تأته تأت لُجَّ بحرٍ
…
تقاذف في غواربه السَّفين
ذكره في «البحر المحيط» .
{الرشد} - بضم فسكون وبفتحتين - إصابة الخير والإحاطة بالشيء معرفته معرفة تامة، والخبر المعرفة {ذِكْرًا}؛ أي: بيانًا {إِمْرًا} بكسر الهمزة؛ أي: منكرًا من أمر الأمر إذا أنكر أو من أمر بمعنى كثر {لا تُرْهِقْنِي} ؛ أي: لا تحملني {عُسْرًا} ، والعسر: ضد اليسر، وهو المشقة {زَكِيَّةً}؛ أي: طاهرة من الذنوب، {بِغَيْرِ نَفْسٍ}؛ أي: بغير حق قصاص لك عليها، {نُكْرًا} والنكر: المنكر الذي تنكره العقول، وتنفر منه النفوس.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: إطلاق الفتى على الخادم في قوله: {لِفَتاهُ} لأنه حقيقة في الرجل الشابّ، أو العبد.
ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: {لا أَبْرَحُ} لأن فيه حذف خبر برح الناقصة اعتمادًا على قرينة الحال؛ تقديره: لا أبرح سائرًا.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} لأن مضى حقيقة في نفوذ الأمر، فاستعارهُ للسير والذهاب.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ} لأن الرؤية هنا مستعارة للمعرفة التامة، والمشاهدة الكاملة، فهي استعارة تصريحية تبعية؛ لأنها أجريت في فعل، وقد حذف المشبه، وأقيم المشبه به مقامه، شبهت المعرفة التامة، بالرؤية، فاستعير اسم المشبه به الذي هو الرؤية للمشبه الذي هو المعرفة التامة، ثم اشتق من الرؤية بمعنى المعرفة {أَرَأَيْتَ} بمعنى أعرفت، وشاهدت على طريق الاستعارة، التصريحية التبعية.
ومنها: الاستعارة في قوله: {سَرَبًا} لأنه حقيقة في الحفيرة تحت الأرض، ثمّ استعير لمسلك الحوت في الماء، بجامع النفوذ في كل.
ومنها: الطباق بين {نَسِيتُ} {واذكر} .
ومنها: التنكير للتفخيم في قوله: {فَوَجَدا عَبْدًا} .
ومنها: الإضافة للتشريف في قوله: {مِنْ عِبادِنا} .
ومنها: الاستفهام الإنكاري في قوله: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} ، والتقريري في قوله:{أَلَمْ أَقُلْ} .
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. وإليه المرجع والمآب، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا (1).
(1) وكان الفراغ من تسويد هذا المجلد السادس عشر - ولله الحمد - أوائل ليلة الخميس الليلة الخامسة من شهر صفر من شهور سنة اثنتي عشرة وأربع مئة وألف من سني الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة، وأزكى التحية، ويتلوه المجلد السابع عشر بحول الله تعالى وقوته، وتيسيره نسأل الله تعالى الإعانة لنا على التمام والإكمال، كما أعان على الابتداء والافتتاح، والحمد لله أولًا وآخرًا حمدًا يوافي نعمه ويكافىء مزيده، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
قد تم تصحيحه بيد مؤلفه في تاريخ 13/ 5/ 1416 هـ.
شعر
سُبْحَانَكَ لَا عِلْمِ لَنَا
…
إِلَّا مَا ألْهَمتَنَا إِلْهَامَا
وَإِنِّي إِذَا مَا خَتَمْتُ خَتْمًا
…
أَقُوْلُ اللَّهُمَّ يَا اللَّهُمَّا
لَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا يُوَافِيْ
…
وَلَكَ الشُكْرُ شُكْرًا يُكَافِيْ