الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن فعلتم ذلك أخذكم عذاب أليم؛ أي: إذا لم تتركوا مسها بشيء من السوء أخذكم عذاب أليم، أي: شديد الألم. وقد وصف العذاب في سورة هود بالقريب، وهو يقع بعد ثلاثة أيام من مسهم إياها بالسوء، وكذلك كان، وجاء في سورة القمر:{وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28)} وجاء تفسير هذا في سورة الشعراء: {هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} ؛ أي: إن الماء الذي كانوا يشربون منه قسمة بينهم وبين الناقة؛ إذ كان ماء قليلا، فكانوا يشربونه يوما وتشرب هي يوما، وقد روي عن ابن عباس: أنهم كانوا يستعيضون عن الماء يوم شربها بلبنها.
74
- ثم ذكرهم بنعم الله عليهم، وبوجوب شكرها بعبادته تعالى وحده، فقال:{وَاذْكُرُوا} ؛ أي: وتذكروا يا قومي نعم الله عليكم، وإحسانه إليكم {إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ}؛ أي: جعلكم خلفاء في الأرض عن عاد في الحضارة والعمران والقوة والبأس {وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ} ؛ أي: أنزلكم وأسكنكم منازلهم في الأرض حالة كونكم {تَتَّخِذُونَ} ؛ أي: تعملون وتصنعون {مِنْ سُهُولِها} ؛ أي: من سهول الأرض - جمع سهل - والسهل من الأرض: اللين، وهو غير الجبل؛ أي: تصنعون وتأخذون من سهول الأرض وترابها {قُصُورًا} ؛ أي: مادة قصور كالطين واللبن والآجر، والمعنى: تتخذون من سهولها قصورا زاهية ودورا عالية بما ألهمكم الله من حذق في الصناعة، فجعلكم تضربون اللبن وتحرقونه آجرا - الطوب المحرق - وتستعملون الجص، وتجيدون هندسة البناء ودقة النجارة {وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتًا}؛ أي: تنقبون من الجبال بيوتا؛ إذ علمكم صناعة النحت، وآتاكم القوة والجلد. روي أنهم كانوا يسكنون الجبال في الشتاء لما في البيوت المنحوتة من القوة، فلا تؤثر فيها الأمطار والعواصف، ويسكنون السهول في باقي الفصول للزراعة والعمل. وقال الشوكاني:{وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتًا} ؛ أي: تتخذون في الجبال التي هي صخور بيوتا تسكنون فيها، وقد كانوا لقوتهم وصلابة أبدانهم ينحتون الجبال، فيتخذون فيها كهوفا يسكنون فيها؛ لأن الأبنية والسقوف لطول أعمارهم كانت تفنى قبل فناء أعمارهم. اه.
والخلاصة: تبنون قصورا عالية، وبيوتا رفيعة للصيف بما تعملون من سهول الأرض من الطين واللبن والآجر والجبس، وتنقبون في الجبال بيوتا للشتاء، وذلك لطول أعمارهم، فإن السقوف والأبنية تتهدم قبل انقضاء أعمارهم، فكان عمر واحد منهم ثلاث مئة سنة إلى ألف سنة كقوم هود. قال (1) وهب: كان الرجل يبني البنيان، فتمر عليه مئة سنة، فيخرب، ثم يجدده، فتمر عليه مئة سنة، فيخرب، ثم يجدده، فتمر عليه مئة سنة، فيخرب، فأضجرهم ذلك، فاتخذوا الجبال بيوتا. وسميت القصور قصورا؛ لقصور الفقراء عن تحصيلها وحبسهم عن نيلها. {فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ}؛ أي: تذكروا نعم الله تعالى عليكم بالشكر عليها، فإنكم متنعمون مترفون {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} قال قتادة (2): معناه ولا تسيروا في الأرض مفسدين ومكثرين فيها الفساد، والعثو: أشد الفساد. وقيل:
أراد به عقر الناقة، وقيل: هو على ظاهره، فيدخل فيه النهي عن جميع أنواع الفساد، والمعنى على هذا: ولا تعملوا في الأرض شيئا من أنواع الفساد، والمعنى: وتذكروا هذه النعم العظام، واشكروها له بتوحيده، وإفراده بالعبادة، ولا تتصرفوا فيها تصرف كفران وجحود بفعل ما لا يرضي الله الذي خلقها لكم بالكفر، والعثي في الأرض بالفساد.
وقرأ الحسن (3): {وتنحَتون} - بفتح الحاء - وزاد الزمخشري أنه قرأ: {وتنحاتون} - بإشباع الفتحة -. وقرأ ابن مصرف بالياء من أسفل وكسر الحاء. وقرأ أبو مالك بالياء من أسفل وفتح الحاء، ومن قرأ بالياء فهو التفات، وقرأ الأعمش:{تِعثوا} - بكسر التاء - لقولهم: أنت تعلم وهي لغة.
قصة الناقة
وروي: أن هذه الناقة هي آية مقترحة لقوم صالح لما حذرهم وأنذرهم سألوه آية، فقال: أية آية تريدون؟ قالوا: تخرج معنا إلى عيدنا في يوم معلوم لهم من السنة، فتدعو إلهك، وندعو آلهتنا، فإن استجيب لك اتبعناك، وإن استجيب
(1) البحر المحيط.
(2)
الخازن.
(3)
البحر المحيط.
لنا اتبعتنا. قال صالح: نعم. فخرج معهم، فدعوا أوثانهم وسألوها الإجابة، فلم تجبهم، ثم قال سيدهم - جندع بن عمرو بن جواس، وأشار إلى صخرة منفردة من ناحية الجبل يقال لها: الكاثبة - أخرج لنا من هذه الصخرة ناقة مخترجة جوفاء وبراء عشراء، والمخترجة: ما شاكلت البخت من الإبل، فأخذ صالح عليه السلام مواثيقهم لئن فعلت ذلك لتؤمنن ولتصدقن قالوا: نعم. فصلى ركعتين، ودعا ربه، فتمخضت الصخرة تمخض النتوج بولدها، ثم تحركت، فانصدعت عن ناقة كما وصفوا، لا يعلم ما بين جنبيها إلا الله عظما، وهم ينظرون، ثم نتجت سقبا مثلها في العظم، فآمن به جندع ورهط من قومه، وأراد أشراف ثمود أن يؤمنوا، فنهاهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد، والحباب صاحبا أوثانهم، وريان ابن كاهنهم، وكانوا من أشراف ثمود، وهذه الناقة وسقبها مشهور قصتهما عند جاهلية العرب. قال أبو موسى الأشعري: أتيت أرض ثمود، فذرعت صدر الناقة، فوجدته ستين ذراعا.
الإعراب
{لَقَدْ} {اللام} : موطئة للقسم المحذوف. {قد} : حرف تحقيق {أَرْسَلْنا نُوحًا} : فعل وفاعل ومفعول، والجملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم المحذوف مستأنفة. {إِلى قَوْمِهِ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {أَرْسَلْنا} . فَقالَ: {الفاء} : حرف عطف وتفريع، {قال}: فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {نوح} ، والجملة معطوفة مفرعة على جملة {أَرْسَلْنا} . {يا قَوْمِ} إلى آخر الآية مقول محكي لـ {قال} ، وإن شئت قلت:{يا} : حرف نداء، {قَوْمِ}: منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قال}. {اعْبُدُوا اللَّهَ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب مقول {قال} على كونها جواب النداء. {ما} نافية. {لَكُمْ}: جار ومجرور خبر مقدم. {مِنْ} زائدة. {يَشْكُرُونَ} : مبتدأ مؤخر. {إِلهٍ} : صفة لـ {إِلهٍ} تابع لمحله، والتقدير: ما
إله غير الله كائن لكم، والجملة في محل النصب مقول {قال} على كونها مسوقة لتعليل العبادة، أو للأمر بها كما في «أبي السعود» إِنِّي:{إن} : حرف نصب، و {الياء}: اسمها. {أَخافُ} : فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {نوح}. {عَلَيْكُمْ}: متعلق بـ {أَخافُ} . {عَذابَ يَوْمٍ} : مفعول به ومضاف إليه. {عَظِيمٍ} صفة لـ {الله} ، وجملة {أَخافُ} في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} في محل النصب مقول {قال} معللة للعبادة ببيان الصارف عن تركها إثر تعليلها ببيان الداعي إليها. ذكره «أبو السعود» .
{قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (60)} .
{قالَ الْمَلَأُ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {مِنْ قَوْمِهِ}: جار ومجرور ومضاف إليه حال من {الْمَلَأُ} . {إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} مقول محكي لـ {قالَ} ، وإن شئت قلت:{إِنَّا} : {إن} : حرف نصب. {نا} : ضمير المتكلمين في محل النصب اسمها. {لَنَراكَ} : {اللام} : حرف ابتداء، {نراك}: فعل ومفعول أول، وفاعله ضمير يعود على المتكلمين. {فِي ضَلالٍ}: جار ومجرور في محل النصب على كونه مفعولا ثانيا لـ {رأى} ؛ لأن {رأى} هنا من أفعال القلوب. {مُبِينٍ} : صفة {ضَلالٍ} ، وجملة {رأى}: في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} في محل النصب مقول {قال} .
{قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (61)} .
{قالَ} فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {نوح} ، والجملة مستأنفة. {يا قَوْمِ} إلى قوله:{فَكَذَّبُوهُ} مقول محكي لـ {قالَ} ، وإن شئت قلت:{يا} : حرف نداء. {قَوْمِ} : منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قالَ}. {لَيْسَ}: فعل ماض ناقص. {بِي} : جار ومجرور خبر لـ {لَيْسَ} مقدم على اسمها. {ضَلالَةٌ} : اسمها مؤخر، وجملة {لَيْسَ} في محل النصب مقول على كونها جواب النداء. {وَلكِنِّي}:{الواو} : عاطفة، {لكن}: حرف استدراك، و {النون}: للوقاية، و {الياء}: اسمها. {رَسُولٌ} : خبرها. {مِنْ رَبِ
الْعالَمِينَ}: جار ومجرور صفة لـ {رَسُولٌ} ، وجملة {لكن} في محل النصب مقول {قالَ} على كونها استدراكا على ما قبلها.
{أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (62)} .
{أُبَلِّغُكُمْ} : فعل ومفعول أول. {رِسالاتِ رَبِّي} : مفعول ثان ومضاف إليه، وفاعله ضمير يعود على {نوح}. {وَأَنْصَحُ} فعل مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره آنا يعود على نوح {لَكُمْ}: جار ومجرور متعلق به، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {أُبَلِّغُكُمْ}. {وَأَعْلَمُ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على نوح، والجملة معطوفة على جملة {أُبَلِّغُكُمْ}. {مِنَ اللَّهِ}: جار ومجرور متعلق بـ {أَعْلَمُ} ، أو حال من {ما} الموصولة المذكورة بعده، أو من عائده المحذوف؛ لأن علم هنا بمعنى عرف، فيتعدى إلى مفعول واحد. {ما}: موصولة، أو موصوفة في محل النصب مفعول علم. {لا تَعْلَمُونَ}: فعل وفاعل، والجملة صلة لـ {ما} ، أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: ما لا تعلمونه.
{أَوَ} {الهمزة} : للاستفهام الإنكاري داخلة على محذوف، و {الواو}: عاطفة على ذلك المحذوف، {عَجِبْتُمْ}: فعل وفاعل، والجملة معطوفة على محذوف تقديره: أكذبتم وعجبتم، والجملة المحذوفة مع ما عطف عليها في محل النصب مقول {قالَ}. {أَنْ}: مصدرية. {جاءَكُمْ} : فعل ومفعول في محل النصب بـ {أَنْ} المصدرية. {ذِكْرٌ} : فاعل لـ {جاء} . {مِنْ رَبِّكُمْ} : صفة لـ {ذِكْرٌ} ، أو متعلق بـ {جاء} ، وجملة {جاء} في تأويل مصدر منصوب بـ {عَجِبْتُمْ} تقديره: أو عجبتم مجيء ذكر من ربكم. {عَلى رَجُلٍ} : جار ومجرور إما متعلق بـ {جاء} ؛ لأنه بمعنى نزل، أو حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور قبله؛ أي: ذكر كائن من ربكم حال كونه نازلا على رجل منكم.
{منكم} : جار ومجرور صفة لـ {رَجُلٍ} . {لِيُنْذِرَكُمْ} : {اللام} : حرف جر وتعليل. {ينذركم} : فعل ومفعول منصوب بأن مضمرة جوازا بعد لام كي،
وفاعله ضمير يعود على {رَجُلٍ} ، والجملة في تأويل مصدر مجرور بلام كي، الجار والمجرور متعلق بـ {جاء} ، والتقدير: أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لإنذاره إياكم. {وَلِتَتَّقُوا} : {الواو} : عاطفة. {لِتَتَّقُوا} : فعل وفاعل منصوب بأن مضمرة جوازا بعد لام كي، والجملة في تأويل مصدر مجرور باللام تقديره: ولاتقاءكم عذاب الله، الجار والمجرور معطوف على الجار والمجرور قبله على كونه متعلقا بـ {جاء}. {وَلَعَلَّكُمْ}: ناصب واسمه، وجملة {تُرْحَمُونَ} في محل الرفع خبر {لعل} ، وجملة {لعل} في محل الجر بلام التعليل المقدرة معطوفة على جملة {لِيُنْذِرَكُمْ}؛ لأنها علة ثالثة؛ أي: جاءكم لإنذاركم، ولاتقائكم عذاب الله، ولرجائكم رحمة الله تعالى.
{فَكَذَّبُوهُ} {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت ما قال لهم نوح وما قالوا له، وأردت بيان عاقبة أمره وأمرهم .. فأقول لك:} كذبوه}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {فَأَنْجَيْناهُ}:{الفاء} : عاطفة، {أنجيناه}: فعل وفاعل ومفعول معطوف على {كذبوه} . {وَالَّذِينَ} : اسم موصول في محل النصب معطوف على الضمير في {أنجيناه} . {مَعَهُ} : ظرف ومضاف إليه صلة الموصول. {فِي الْفُلْكِ} : جار ومجرور متعلق بـ {أنجيناه} ، أو متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الظرف قبله. {وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ}: فعل وفاعل ومفعول معطوف على {أنجيناه} . {كَذَّبُوا} : فعل وفاعل صلة الموصول. {بِآياتِنا} : متعلق بـ {كذّبوا} . {إِنَّهُمْ} : {إن} : حرف نصب، و {الهاء}: اسمها. {كانُوا} : فعل ناقص واسمه. {قَوْمًا} : خبرها. {عَمِينَ} : صفة لـ {قَوْمًا} منصوب بالياء، وجملة {كان} في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها أعني: أغرقنا.
{وَإِلى عادٍ} : {الواو} : عاطفة. {إِلى عادٍ} : جار ومجرور معطوف على قوله: {إلى نوح} على كونه متعلقا بـ {أَرْسَلْنا} . {أَخاهُمْ} : مفعول {أَرْسَلْنا} . {هُودًا} : بدل من {أَخاهُمْ} ، أو عطف بيان له. {قالَ}: فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {هود} ، والجملة مستأنفة. {يا قَوْمِ} إلى قوله:{قالَ الْمَلَأُ} محكي لـ {قالَ} ، وإن شئت قلت {يا قَوْمِ}: منادى مضاف، والجملة في محل النصب مقول {قالَ}. {اعْبُدُوا اللَّهَ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب مقول {قالَ}. {ما}: نافية. {لَكُمْ} : خبر مقدم. {مِنْ إِلهٍ} : مبتدأ مؤخر. {غَيْرُهُ} صفة لـ {إِلهٍ} ، والجملة في محل النصب مقول {قالَ}. {أَفَلا}:{الهمزة} : للاستفهام الإنكاري الاستبعادي داخلة على محذوف. {الفاء} : عاطفة على ذلك المحذوف. {لا} : نافية. {تَتَّقُونَ} : فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول {قالَ} ، والتقدير: أتعرضون فلا تتقون الله.
{قالَ الْمَلَأُ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {الَّذِينَ}: صفة لـ {الْمَلَأُ} . {كَفَرُوا} : صلة الموصول. {مِنْ قَوْمِهِ} : جار ومجرور حال من واو {كَفَرُوا} . {إِنَّا لَنَراكَ} إلى آخر الآية مقول محكي لـ {قالَ} ، وإن شئت قلت:{إِنَّا} {إن} : حرف نصب، و {نا}: ضمير المتكلمين اسمها. {لَنَراكَ} : {اللام} : حرف ابتداء، {نراك}: فعل ومفعول أول. {فِي سَفاهَةٍ} : جار ومجرور في محل المفعول الثاني؛ لأن {رأى} هنا قلبية، وفاعله ضمير يعود على المتكلمين، وجملة {رأى} في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} في محل النصب مقول {قالَ}. {وَإِنَّا}: ناصب واسمه. {لَنَظُنُّكَ} : {اللام} : حرف ابتداء. {نظنك} : فعل ومفعول أول، وفاعله ضمير يعود على المتكلمين. {مِنَ الْكاذِبِينَ}: في محل المفعول الثاني، وجملة {نظنك} في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} في محل النصب معطوفة على جملة إن الأولى.
{قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (67)} .
{قالَ} : فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على هود، والجملة مستأنفة. {يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ} إلى قوله:{قالُوا أَجِئْتَنا} : مقول محكي، وإن شئت قلت {يا قَوْمِ}: منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قالَ}. {لَيْسَ}: فعل ناقص. {بِي} : خبر مقدم لـ {لَيْسَ} . {سَفاهَةٌ} : اسم ليس مؤخر، وجملة {لَيْسَ} في محل النصب مقول {قالَ} على كونها جواب النداء. {وَلكِنِّي}: ناصب واسمها. {رَسُولٌ} : خبر {لكن} . {مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} : صفة لـ {رَسُولٌ} ، وجملة {لكن} استدراكية في محل النصب معطوفة على جملة {لَيْسَ} .
{أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (68)} .
{أُبَلِّغُكُمْ} : فعل ومفعول أول، وفاعله ضمير يعود على هود. {رِسالاتِ رَبِّي}: مفعول ثان ومضاف إليه، والجملة الفعلية مستأنفة مسوقة لتقرير رسالته وتفصيل أحكامه، وقيل: صفة أخرى لـ {رَسُولٌ} ، ولكنه راعى الضمير السابق الذي للمتكلم، فقال:{أُبَلِّغُكُمْ} ، ولو راعى الاسم الظاهر بعده لقال: يبلغكم، والاستعمالان جائزان في كل اسم ظاهر سبقه ضمير حاضر من متكلم أو مخاطب، فيجوز لك وجهان: مراعاة الضمير السابق وهو الأكثر، ومراعاة الاسم الظاهر، فتقول: أنا رجل أفعل كذا مراعاة لأنا، وإن شئت قلت: أنا رجل يفعل كذا مراعاة لرجل، ومثله: أنت رجل تفعل ويفعل بالخطاب والغيبة اه «سمين» . {وَأَنَا} : مبتدأ. {لَكُمْ} : متعلق بـ {ناصِحٌ} . {ناصِحٌ} : خبر المبتدأ. {أَمِينٌ} : صفة له، والجملة الاسمية في محل النصب حال من فاعل {أُبَلِّغُكُمْ} .
{أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ} .
{أَوَ} {الهمزة} : للاستفهام الإنكاري داخلة على محذوف. {الواو} : عاطفة على ذلك المحذوف، {عَجِبْتُمْ}: فعل وفاعل، والجملة معطوفة على محذوف تقديره: أكذبتم وعجبتم، والجملة المحذوفة في محل النصب مقول {قالَ}. {أَنْ}: مصدرية. {جاءَكُمْ} : فعل ومفعول في محل النصب بـ {أَنْ} المصدرية. {ذِكْرٌ} : فاعل {جاء} . {مِنْ رَبِّكُمْ} : صفة لـ {ذِكْرٌ} ، وجملة
{جاء} في تأويل مصدر منصوب على كونه مفعول {جاء} تقديره: أو عجبتم مجيء ذكر من ربكم، أو مجرور بمن المحذوفة تقديره: أو عجبتم من مجيء ذكر من ربكم. {عَلى رَجُلٍ} : جار ومجرور متعلق بـ {جاء} . {مِنْكُمْ} : صفة {رَجُلٍ} . {لِيُنْذِرَكُمْ} : {اللام} لام كي، {ينذركم}: فعل ومفعول منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، وفاعله ضمير يعود على {رَجُلٍ} ، والجملة في تأويل مصدر مجرور باللام تقديره: لإنذاره إياكم، الجار والمجرور متعلق بـ {جاء} .
{وَاذْكُرُوا} : فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول {قالَ}. {إِذْ}: ظرف لما مضى من الزمان متعلق بـ {اذْكُرُوا} . {جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ} : فعل ومفعولان، وفاعلة ضمير يعود على الله، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذْ}. {مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ}: جار ومجرور ومضاف إليه صفة لـ {خُلَفاءَ} . {وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً} : فعل ومفعولان، وفاعله ضمير يعود على الله، والجملة الفعلية في محل الجر معطوفة على جملة {جَعَلَكُمْ} على كونها مضافا إليه لـ {إِذْ}. {فَاذْكُرُوا} {الفاء}: عاطفة، {اذكروا}: فعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة {اذكروا} الأول للتأكيد. {آلاءَ اللَّهِ}: مفعول به ومضاف إليه. {لَعَلَّكُمْ} : ناصب واسمه. {تُفْلِحُونَ} : فعل وفاعل، والجملة في محل الرفع خبر {لعل} ، وجملة {لعل} مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.
{قالُوا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {أَجِئْتَنا} إلى آخر الآية مقول محكي لـ {قالُوا} ، وإن شئت قلت:{أَجِئْتَنا} : {الهمزة} : فيه للاستفهام الإنكاري، {جِئْتَنا}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب مقول {قالُوا} ، {لِنَعْبُدَ اللَّهَ} {اللام} لام كي، {نعبد الله}: فعل ومفعول منصوب
بأن مضمرة، وفاعله ضمير المتكلمين. {وَحْدَهُ}: حال من الجلالة، والجملة في تأويل مصدر مجرور بلام التعليل تقديره: أجئتنا لأجل عبادتنا الله وحده، الجار والمجرور متعلق بـ {جاء}. {وَنَذَرَ}: معطوف على {نعبد} منصوب بأن مضمرة. {ما} : موصولة، أو موصوفة في محل النصب مفعول {نَذَرَ}. {كانَ}: زائدة لزيادتها بين الموصول وصلته، أو الموصوف وصفته، أو شأنية. {يَعْبُدُ آباؤُنا}: فعل وفاعل ومضاف إليه، والجملة صلة لـ {ما} ، أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: ما كان يعبده آباؤنا. {فَأْتِنا} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت إنكارنا عليك، وأردت بيان غاية قولنا لك .. فنقول لك أتنا، {أتنا}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {هود} ، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة في محل النصب مقول {قالُوا}. {بِما}: جار ومجرور متعلق بـ {أتنا} . {تَعِدُنا} : فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على هود، والجملة صلة لـ {ما} ، أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: بما تعدناه. {إِنْ} : حرف شرط. {كُنْتَ} : فعل ناقص، واسمه في محل الجزم بـ {إِنْ} الشرطية. {مِنَ الصَّادِقِينَ}: خبر {كان} ، وجواب {إِنْ} الشرطية محذوف دل عليه ما قبله تقديره: إن كنت من الصادقين .. فأتنا بما تعدنا، وجملة {إِنْ} الشرطية في محل النصب مقول {قالُوا} .
{قالَ} : فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {هود} ، والجملة مستأنفة. {قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ} إلى آخر الآية مقول محكي، وإن شئت قلت:{قَدْ} : حرف تحقيق. {وَقَعَ} : فعل ماض. {عَلَيْكُمْ} : متعلق به. {مِنْ رَبِّكُمْ} : جار ومجرور متعلق بـ {وَقَعَ} أيضا، أو حال من {رِجْسٌ وَغَضَبٌ}؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها. {رِجْسٌ}: فاعل {وَقَعَ} . {وَغَضَبٌ} : معطوف عليه، والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قالَ}. {أَتُجادِلُونَنِي}:{الهمزة} : فيه للاستفهام
الإنكاري الاستقباحي. {تُجادِلُونَنِي} : فعل وفاعل ونون وقاية ومفعول به مرفوع بثبات النون، والجملة في محل النصب مقول {قالَ}. {فِي أَسْماءٍ}: جار ومجرور متعلق به. {سَمَّيْتُمُوها} : فعل وفاعل، ومفعول ثان، والمفعول الأول محذوف تقديره: أصناما؛ أي: سميتم الأصنام بها، والجملة في محل الجر صفة أولى لـ {أَسْماءٍ}. {أَنْتُمْ}: تأكيد لضمير الفاعل ليصح العطف عليه. {وَآباؤُكُمْ} : معطوف على ضمير الفاعل. {ما} : نافية. {نَزَّلَ اللَّهُ} : فعل وفاعل. {بِها} : متعلق به، والجملة في محل الجر صفة ثانية لـ {أَسْماءٍ}. {مِنْ}: زائدة. {سُلْطانٍ} : مفعول به لـ {نَزَّلَ} . {فَانْتَظِرُوا} : {الفاء} : حرف عطف وتفريع، {انتظروا}: فعل وفاعل، والجملة في محل النصب معطوفة مفرعة على جملة قوله:{قَدْ وَقَعَ} على كونها مقولا لـ {قالَ} . {إِنِّي} : {إن} : حرف نصب، و {الياء}: اسمها. {مَعَكُمْ} : ظرف ومضاف إليه متعلق بـ {الْمُنْتَظِرِينَ} . {مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} : جار ومجرور خبر {إن} ، وجملة {إن} في محل النصب مقول {قالَ} .
{فَأَنْجَيْناهُ} {الفاء} : فاء الفصيحة كما في «أبي السعود» ؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت ما قالوا لهود وما قال هود لهم، وأردت بيان عاقبة الفريقين .. فأقول لك: أنجيناه، {أنجيناه}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {وَالَّذِينَ}: اسم موصول في محل النصب معطوف على هاء {أنجيناه} . {مَعَهُ} : ظرف ومضاف إليه صلة الموصول. {بِرَحْمَةٍ} : جار ومجرور متعلق بـ {أنجينا} . {مِنَّا} : جار ومجرور صفة لـ {رحمة} . {وَقَطَعْنا} : فعل وفاعل معطوف على {أنجينا} على كونه مقولا لجواب إذا المقدرة. {دابِرَ الَّذِينَ} : مفعول به ومضاف إليه. {كَذَّبُوا} : فعل وفاعل، والجملة صلة الموصول. {بِآياتِنا}: جار ومجرور متعلق بـ {كَذَّبُوا} . {وَما} : {الواو} : عاطفة. {ما} : نافية. {كانُوا} : فعل ناقص واسمه. {مُؤْمِنِينَ} : خبره، وجملة {كانُوا}
معطوفة على جملة {كَذَّبُوا} على كونها صلة الموصول، وهو عطف علة على معلول، أو عطف توكيدا. كما في «الفتوحات» .
{وَإِلى ثَمُودَ} : جار ومجرور معطوف على قوله: {إِلى عادٍ} وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث المعنوي؛ لأنه بمعنى القبيلة، فإن لم يرد به القبيلة، بل أريد به الحي .. صرف لكنه لم يقرأ بالصرف هنا إلا شذوذا، ذكره في «الفتوحات». {أَخاهُمْ}: مفعول أرسلنا. {صالِحًا} بدل منه، أو عطف بيان له. {قالَ}: فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {صالح} ، والجملة مستأنفة، أو حال من {صالِحًا}. {اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ}: إلى قوله: {قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} مقول محكي لـ {قالَ} ، وإن شئت قلت:{يا قَوْمِ} : منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قالَ}. {اعْبُدُوا اللَّهَ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب مقول {قالَ} على كونها جواب النداء. {ما}: نافية. {لَكُمْ} خبر مقدم. {مِنْ إِلهٍ} : مبتدأ مؤخر. {غَيْرُهُ} : صفة لـ {إِلهٍ} ، والجملة في محل النصب مقول {قالَ} على كونها معللة للعبادة. {قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ}: فعل ومفعول وفاعل. {مِنْ رَبِّكُمْ} : صفة لـ {بَيِّنَةٌ} ، والجملة في محل النصب مقول {قالَ} على كونها علة بعد علة. {هذِهِ}: مبتدأ. {ناقَةُ اللَّهِ} : خبر ومضاف إليه، والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قالَ} على كونها مستأنفة مسوقة لبيان البينة، ويصح أن تكون الجملة في محل الرفع بدلا من {بَيِّنَةٌ}. {لَكُمْ}: جار ومجرور خبر ثان لاسم الاشارة، أو حال من {ناقَةُ اللَّهِ} ، أو معمول لمحذوف تقديره: أعني لكم. {آيَةً} : حال من {ناقَةُ اللَّهِ} ، والعامل فيها: إما معنى التنبيه، وإما معنى الإشارة، كأنه قال: أنبهكم عليها، أو أشير إليها في هذه الحال. {فَذَرُوها} {الفاء}: تفريعية لكون ما قبلها علة لما بعدها؛ أي: ذروها لكونها آية من آيات الله، {ذروها}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل
النصب مقول {قالَ} . {تَأْكُلْ} : فعل مضارع مجزوم بالطلب السابق، وفاعله ضمير يعود على الناقة، والجملة في محل النصب مقول {قالَ}. {فِي أَرْضِ اللَّهِ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {تَأْكُلْ} . {وَلا} : {الواو} : عاطفة. {لا} : ناهية جازمة. {تَمَسُّوها} : فعل وفاعل ومفعول مجزوم بـ {لا} الناهية. {بِسُوءٍ} : متعلق به، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {ذروها} على كونها مقولا لـ {قالَ} {فَيَأْخُذَكُمْ}:{الفاء} : عاطفة سببية، {يأخذكم}: فعل ومفعول منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد الفاء السببية الواقعة في جواب النهي. {عَذابٌ} فاعل. {أَلِيمٌ} : صفة له، والجملة الفعلية صلة أن المضمرة، أن مع صلتها في تأويل مصدر معطوف على مصدر متصيد من الجملة التي قبلها من غير سابك لإصلاح المعنى تقديره: لا يكن مسكم إياها بسوء فأخذ عذاب أليم إياكم.
{وَاذْكُرُوا} : فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول {قالَ}. {إِذْ} ظرف لما مضى متعلق بـ {اذْكُرُوا}. {جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ}: فعل ومفعولان، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهَ}. {مِنْ بَعْدِ عادٍ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {جعل} ، أو صفة لـ {خُلَفاءَ}. {وَبَوَّأَكُمْ}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {الله} ، والجملة في محل الجر معطوفة على جملة {جَعَلَكُمْ}. {فِي الْأَرْضِ}: متعلق بـ {بَوَّأَكُمْ} . {تَتَّخِذُونَ} فعل وفاعل، والجملة في محل النصب حال من كاف المخاطبين في {بَوَّأَكُمْ}. {مِنْ سُهُولِها}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {تَتَّخِذُونَ} ، أو حال من {قُصُورًا}؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها. {قُصُورًا}: مفعول به لـ {تَتَّخِذُونَ} على احتمال كون اتخذ متعديا لواحد، ويجوز أن يكون متعديا لاثنين ثانيهما:{مِنْ سُهُولِها} . {وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتًا} : فعل وفاعل ومفعولان، والجملة معطوفة على جملة {تَتَّخِذُونَ} وهذا على تضمين نحت معنى ما يتعدى إلى مفعولين؛ أي: وتتخذون الجبال بيوتا بالنحت، ويجوز أن ينصب {الْجِبالَ}: بنزع الخافض، و {بُيُوتًا}: مفعولا به، ويجوز أن يكون
{الْجِبالَ} : مفعولا به، {بُيُوتًا}: حالا مقدرة منه، ولكن بتأويلها بمشتق؛ أي: مسكونة. {فَاذْكُرُوا} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفتم ما قلت لكم، وأردتم بيان ما هو الأصلح اللازم لكم .. فأقول لكم:{اذكروا آلاء الله} : فعل وفاعل ومفعول ومضاف إليه، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة في محل النصب مقول {قالَ}. {وَلا}:{الواو} : عاطفة. {لا} : ناهية جازمة. {تَعْثَوْا} : فعل وفاعل مجزوم بـ {لا} الناهية. {فِي الْأَرْضِ} : متعلق به. {مُفْسِدِينَ} : حال من واو {تَعْثَوْا} مؤكدة لعاملها؛ لأن العثو بمعنى الفساد.
التصريف ومفردات اللغة
{لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحًا إِلى قَوْمِهِ} في «المصباح» : قوم الرجل: أقرباؤه الذين يجتمعون معه في جد واحد، وقد يقيم الرجل بين الأجانب، فيسميهم قومه مجازا للمجاورة. وفي «التنزيل»:{قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} قيل: كان مقيما بينهم، ولم يكن منهم، وقيل: كانوا قومه. اه.
{عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} واليوم هنا: يوم القيامة. {قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ} وفي «المصباح» أيضا: الملأ - مهموزا -: أشراف القوم سموا بذلك لملأتهم بما يلتمس عندهم من المعروف وجودة الرأي، أو لأنهم يملؤون العيون أبهة والصدور هيبة، والجمع أملاء مثل سبب وأسباب اه. وفي «أبي السعود»: الملأ: الذين يملؤون صدور المحافل بأجسادهم، والقلوب بجلالتهم وهيبتهم، والعيون بجمالهم وأبهتهم اه.
{فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} وفي «المصباح» : ضل الرجل الطريق وضل عنه يضل - من باب ضرب - ضلالا وضلالة إذا زل عنه، فلم يهتد إليه، فهو ضال هذه لغة نجد، وهي الفصحى، وبها جاء القرآن في قوله:{إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي} وفي لغة لأهل العالية من باب تعب، والأصل في الضلال الغيبة، ومنه قيل للحيوان الضائع: ضالة - بالهاء - للمذكر والمؤنث، والجمع الضوال مثل: دابة ودواب اه.
{وَأَنْصَحُ لَكُمْ} يقال (1): نصحته ونصحت له كما يقال شكرته وشكرت له، والنصح: إرادة الخير لغيره كما يريده لنفسه. وقيل: النصح: تحري قول أو فعل فيه صلاح للغير. وقيل: حقيقة النصح تعريف وجه المصلحة مع خلوص النية من شوائب المكر.
والمعنى: أنه قال: أبلغكم جميع تكاليف الله وشرائعه، وأرشدكم إلى الوجه الأصلح والأصوب لكم، وأدعوكم إلى ما دعاني إليه، وأحب لكم ما أحب لنفسي. قال بعضهم: والفرق بين إبلاغ الرسالة وبين النصيحة هو أن تبليغ الرسالة أن يعرفهم جميع أوامر الله ونواهيه، وجميع أنواع التكاليف التي أوجبها عليهم، وأما النصيحة فهي أن يرغبهم في قبول تلك الأوامر والنواهي والعبادات، ويحذرهم عذابه إن عصوه.
{ذِكْرٌ} والذكر: الموعظة. {عَلى رَجُلٍ} ؛ أي: على لسانه {مِنْكُمْ} ؛ أي: من جنسكم {فِي الْفُلْكِ} وفي «المختار» : الفلك السفينة واحد وجمع تذكر وتؤنث قال تعالى: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} فأفرد وذكر، وقال:{وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ} فأنث، ويحتمل الإفراد والجمع، وقال:{حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} فجمع وكأنه يذهب (2) بها إذا كانت واحدة إلى المركب فتذكر، وإلى السفينة فتؤنث. اه.
{عَمِينَ} عن فهم الحق (3) جمع عم صفة مشبهة لكن تصرف فيه بحذف لامه كقاض إذا جمع، فأصله عميين بيائين: الأولى مكسورة، والثانية ساكنة حذفت الأولى تخفيفا على حد قول ابن مالك:
واحذف من المقصور في جمع على
…
حدّ المثنّى ما به تكمّلا
وفي «السمين» ويقال: عم إذا كان أعمى البصير غير عارف بأموره،
(1) الفتوحات.
(2)
أي فكأنه يلاحظ فيها معنى المركب فتذكر، أو معنى السفينة فتؤنث اه مؤلفه.
(3)
الفتوحات.
وأعمى؛ أي: في البصرة وهذا قول الليث. كما قال زهير:
وأعلم علم اليوم والأمس قبله
…
ولكنّني عن علم ما في غد عمي
وقيل: عم وأعمى بمعنى كخضر وأخضر. وقال بعضهم: عم فيه دلالة على ثبوت الصفة واستقرارها كفرح وضيق، ولو أريد الحدوث .. لقيل عام كما يقال: فارح وضائق. وقد قرىء: قوما عامين حكاها الزمخشري. اه.
{أَخاهُمْ هُودًا} الأخ هنا: هو الأخ في النسب، وتقول العرب في أخوة الجنس: يا أخا العرب. {فِي سَفاهَةٍ} والسفاهة: خفة العقل والحمق. {فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ} والآلاء (1): جمع إلي - بكسر الهمزة وسكون اللام - كحمل وأحمال، أو جمع ألي - بضم الهمزة وسكون اللام - كقفل وأقفال، أو جمع إلى - بكسر الهمزة وفتح اللام - كضلع وأضلاع وعنب وأعناب، أو جمع ألى - بفتحهما - كقفا وأقفاء اه «سمين» . والإلى على جميع أوجهها النعمة، وأما إلى الذي هو من حروف الجر .. فلا يجمع؛ لأنها حرف، والحرف لا يجمع.
{لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ} هو (2) مصدر محذوف الزوائد، وأصل هذا المصدر: الإيجاد من قولك: أوجدته إيجادا إذا أفردته، فحذفت الهمزة والألف، وهما الزائدان.
{قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ} والرجس (3): العذاب من الأرجاس الذي هو الاضطراب، والغضب: إرادة الانتقام.
{أَتُجادِلُونَنِي} المجادلة: المماراة والمخاصمة، والسلطان الحجة والدليل، والدابر الآخر، ويراد به الاستئصال؛ أي: أهلكناهم جميعا.
{وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحًا} وأخوة صالح لهم أخوة في النسب كأخوة هود لقومه، كما تقدم في مبحث التفسير، والبينة: المعجزة الظاهرة الدلالة.
وَاذْكُرُوا؛ أي: تذكروا.
(1) الفتوحات.
(2)
العكبري.
(3)
أبو السعود.
{وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ} ؛ أي: أنزلكم فيها، وجعلها مباءة لكم، والمباءة في الأصل أعطان الإبل، والأرض: المراد بها: أرض الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى.
{وَتَنْحِتُونَ} والنّحت: نجر الشيء الصلب اه «أبو السعود» . وفي «القاموس» : نحته ينحته - كيضربه وينصره ويعلمه - براه، ونحت السفر البعير أنضاه، وفلانا صرعه، والنحاتة البراية، والمنحت ما ينحت به اه. والعيث والعثي: الفساد.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التكرار في قوله: {يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ} ، وفي قوله:{أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ} ، وفي قوله:{قالَ الْمَلَأُ} ، وفي قوله:{أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي} ، وفي قوله:{وَاذْكُرُوا} ، وفي قوله:{فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ} ، وفي قوله:{سَفاهَةٍ} .
ومنها: المبالغة (1) بجعل الضلال ظرفا له حيث قالوا: {إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} وزادوا في المبالغة حيث صدروا الجملة بـ {إن} وزادوا في خبرها اللام.
ومنها: التعميم في قوله: {لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ} لأنها أعم من الضلال، وذلك لأن ضلالة دالة على واحدة غير معينة، ونفي فرد غير معين نفي عام. وفيه أيضا المبالغة في الرد عليهم؛ لأنه نفى أن تلتبس به ضلالة واحدة فضلا عن أن يحيط به الضلال، ولو قال: لست ضالا لم يؤد هذا المؤدى.
ومنها: الإضافة في قوله: {يا قَوْمِ} استمالة لقلوبهم إلى الحق.
ومنها: الاستعطاف (2) والتحضيض على تحصيل التقوى في قوله: {أَفَلا تَتَّقُونَ} .
(1) الفتوحات.
(2)
البحر المحيط.
ومنها: الإضافة لتشريف المضاف إليه في قوله: {ناقَةُ اللَّهِ} و {فِي أَرْضِ اللَّهِ} كالإضافة في بيت الله وروح الله.
ومنها: الرجوع في قوله: {لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ} ، وفي قوله:{لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ} : وهو العود إلى الكلام السابق بالنقض والإبطال.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} ، وفي قوله:{فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها} .
ومنها: المجاز العقلي في قوله: {أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ} لأن إسناد المجيء إلى الذكر مجاز.
ومنها: المجاز بالحذف في قوله: {رَجُلٍ مِنْكُمْ} ؛ أي: على لسان رجل منكم.
ومنها: الاستفهام الإنكاري التوبيخي في مواضع كقوله: {أَوَعَجِبْتُمْ} مثلا.
ومنها: الكناية في قوله: {وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا} لأنه كناية لطيفة عن استئصالهم جميعا بالهلاك.
ومنها: التنكير في قوله: {وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ} إفادة للتقليل والتنكير؛ أي: لا تمسوها بأدنى سوء.
ومنها: الإتيان بحرف الترجي في قوله: {وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} للتنبيه (1) على عزة المطلب، وأن التقوى غير موجبة للرحمة، بل هي منوطة بفضل الله تعالى، وأن المتقي ينبغي له أن لا يعتمد على تقواه، ولا يأمن عذاب الله تعالى، كما مر.
ومنها: الطباق في قوله: {تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتًا} بين لفظي الجبال والسهول.
ومنها: الاستعارة في قوله: {وَالَّذِينَ مَعَهُ} لأن المعية (2) مجاز عن
(1) الفتوحات.
(2)
شهاب.
المتابعة، وفي قوله:{وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} لأن (1) المس والأخذ هنا استعارة.
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.
والله سبحانه تعالى أعلم
* * *
(1) البحر المحيط.