الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرام». وإن كانت غير مسكرة فإدخال الضرر على الجسم حرام. وقد نقل ابن بخسيشوع في كتابه: إن ورق القنب يحدث في الجسم سبعين داء، وذكر منها أنه يصفر الجلد، ويسود الأسنان، ويجعل فيها الحفر، ويثقب الكبد ويحميها، ويفسد العقل ويضعف البصر، ويحدث الغم ويذهب الشجاعة، والبنج والسيكران كالورق في الضرر. وأما المرقدات كالزعفران والمازريون .. فالقدر المضر منها حرام. وقال جمهور الأطباء: إذا استعمل من الزعفران كثير .. قتل فرحا، انتهى وفيه بعض تلخيص.
{فَمَنِ اضْطُرَّ} ؛ أي: فمن دفعته ودعته ضرورة الجوع وفقد الحلال إلى أكل شيء من هذه المحرمات حالة كونه {غَيْرَ باغٍ} على مضطر مثله تارك لمواساته {وَلا عادٍ} ؛ أي: متجاوز قدر حاجة في تناوله، وهو القدر الذي يسد الرمق {فَإِنَّ رَبَّكَ} يا محمد {غَفُورٌ} له، فلا يؤاخذه بالأكل من تلك المحرمات {رَحِيمٌ} له حيث رخص له في الأكل من تلك المحرمات.
ولما (1) كان صدر هذه الآية مفتتحا بخطابه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {قُلْ لا أَجِدُ} اختتم الآية بالخطاب له صلى الله عليه وسلم، فقال:{فَإِنَّ رَبَّكَ} ليدل على اعتنائه تعالى بتشريف خطابه افتتاحا واختتاما.
146
- {وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا} ورجعوا عن عبادة العجل خاصة لا على غيرهم من الأولين والآخرين {حَرَّمْنا كُلَّ} حيوان {ذِي ظُفُرٍ} ؛ أي: صاحب ظفر وهو كل ما ليس منفرج الأصابع مشقوفها من البهائم والطير كالإبل والنعام والإوز والبط، كما قاله ابن عباس وابن جبير وقتادة ومجاهد، فهذا (2) رد عليهم في قولهم: لسنا أول من حرمت عليهم، وإنما كانت محرمة على نوح وإبراهيم ومن بعدهما
حتى انتهى الأمر إلينا. وقرأ أبي والحسن والأعرج: {ظُفْر} - بسكون الفاء -، والحسن وأبو السمال - قعنب -:{ظِفْر} بسكونها وكسر الظاء.
(1) البحر المحيط.
(2)
أبو السعود.
{وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما} الخالصة التي تؤخذ بسهولة، وهي ثروبهما جمع ثرب؛ وهو الشحم الرقيق الذي يكون على الكرش والكلى {إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما}؛ أي: إلا الشحم الذي حملته ظهورهما {أَوِ الْحَوايا} أو إلا الشحم الذي حملته المباعر والمصارين وعلقت بها {أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} ؛ أي: أو إلا شحما مختلطا بعظم مثل شحم الألية، فإنه متصل بالعصعص، وهذا إنما يكون في الضأن، فتلخص: إن الذي حرم عليهم من البقر والغنم شحومهما الخالصة، وهي شحوم الكرشي والكلى، وإن ما عدا ذلك حلال لهم.
والحاصل: أنه حرم عليهم لحم كل ذي ظفر وشحمه، وكل شيء منه، ومن البقر والغنم دون غيرهما مما أحل لهم من حيوان البر والبحر حرمنا عليهم شحومهما الزائدة التي تنزع بسهولة لعدم اختلاطهما بعظم ولا لحم، ولم يحرم عليهم منهما ما حملت الظهور أو الحوايا أو ما اختلط بعظم. والسبب (1) في تخصيص البقر والغنم بهذا الحكم أن القرابين عندهم لا تكون إلا منهما، وكان يتخذ من شحمهما الوقود للرب، كما ذكر ذلك في الفصل الثالث من سفر اللاويين من التوراة، في قرابين السلامة من البقر والغنم:(كل الشحم للرب فريضة في أجيالكم في جميع مساكنهم، لا تأكلوا شيئا من الشحم والدم).
{ذلِكَ} التحريم {جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ} ؛ أي: جعلناه عقوبة وجزاء لهم على بغيهم وظلمهم؛ وهو قتلهم الأنبياء وأخذهم الربا وأكلهم أموال الناس بالباطل، وليس ذلك التحريم لخبث ذاته، فكانوا (2) كلما ارتكبوا معصية من هذه المعاصي .. عوقبوا بتحريم شيء مما أحل لهم وهم ينكرون ذلك، ويدعون أنها محرمة على الأمم قبلهم. ولما كان هذا النبأ عن شريعة اليهود من الأنباء التي لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا قومه يعلمون منها شيئا لأميتهم، وكان مظنة تكذيب المشركين له؛ لأنهم لا يؤمنون بالوحي، ومظنة تكذيب اليهود له بأن الله لم يحرم ذلك عقوبة ببغيهم وظلمهم .. أكده فقال:{وَإِنَّا لَصادِقُونَ} ؛ أي: وإنا لصادقون
(1) المراغي.
(2)
أبو السعود.