المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يعملها تكتب له بمثلها حتى يلقى الله تعالى» متفق عليه. وعن - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٩

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: يعملها تكتب له بمثلها حتى يلقى الله تعالى» متفق عليه. وعن

يعملها تكتب له بمثلها حتى يلقى الله تعالى» متفق عليه.

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تبارك وتعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة مثلها أو أغفر، ومن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة بعد أن لا يشرك بي شيئا .. لقيته بمثلها مغفرة» . أخرجه مسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تبارك وتعالى: «وإذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي .. فاكتبوها له حسنة، وإذا أراد أن يعمل حسنة، فلم يعملها .. فاكتبوها له حسنة، فإن عملها .. فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبع مئة» . متفق عليه. هذا لفظ البخاري.

وفي لفظ مسلم عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تبارك وتعالى: إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة .. فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعملها، فإذا عملها ..

فأنا أكتبها له بعشر أمثالها، وإذا تحدث عبدي بأن يعمل سيئة .. فأنا أغفرها له ما لم يعملها، فإذا عملها .. فأنا أكتبها له بمثلها»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قالت الملائكة: رب ذاك عبد يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به، فقال: أرقبوه، فإن عملها .. فاكتبوها له بمثلها، وإن تركها .. فاكتبوها له حسنة، فإنما تركها من جرّاي» (1) زاد الترمذي: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها} .

وقرأ الحسن وابن جبير وعيسى بن عمر والأعمش ويعقوب والقزاز عن عبد الوارث (2): {عشرٌ} - بالتنوين - {أمثالُها} بالرفع على أنه صفة لـ {عشر} .

‌161

- {قُلْ} يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين لك من قومك ومن سائر البشر {إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي} ؛ أي: إن ربي الذي رباني بالوحي هداني وأرشدني بما أوحاه إلي بفضله {إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} وطريق قويم لا عوج فيه ولا انحراف، ولا اشتباه

(1) من جرّاي: خوفا منّي.

(2)

البحر المحيط.

ص: 180

يهدي سالكه إلى سعادة الدنيا والآخرة، وهو الذي يدعوكم إلى طلبه منه حين تناجونه، فتقولون: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ، وعرفني {دِينًا قِيَمًا}؛ أي: دينا صادقا ثابتا قويما مصلحا يستقيم به أمور الناس في معاشهم ومعادهم، وبه يصلحون.

قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (1): {قيّما} بوزن سيد - بفتح القاف وكسر الياء المشددة -: فيعل من قام؛ كسيد من ساد، وهو أبلغ من قائم. وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي {قِيَمًا} - بكسر القاف وتخفيف الياء - وهو مصدر كالصغر والكبر، والحول والشبع وصف به مبالغة؛ أي: دينا ذا قيم؛ أي: صدق، وكان أصله أن يأتي بالواو، فيقول: قوما كما قالوا: عوض وحول، ولكنه شذّ عن القياس.

الزموا {مِلَّةَ إِبْراهِيمَ} ؛ أي: دينه وشريعته وما أوحي به إليه من الحنيفية السمحة حالة كون إبراهيم {حَنِيفًا} ؛ أي: مائلا من الأديان الباطلة إلى الدين المستقيم {وَ} حالة كون إبراهيم أيضا {ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} بالله يا معشر قريش؛ أي إنه منزه من الشرك وما عليه المبطلون وفيه تكذيب لأهل مكة القائلين: إنهم على ملة إبراهيم، وهم يعتقدون أن الملائكة بنات الله، ولليهود الذين يقولون: عزير ابن الله، وللنصارى القائلين: إن عيسى ابن الله، وهذا كقوله:{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا (125)} .

وهذا الدين هو دين الإخلاص لله وحده، وهو الدين الذي بعث به جميع رسله، وقرره في جميع كتبه، وجعله ملة إبراهيم؛ لأنه هو النبي الذي أجمع على الاعتراف بفضله وصحة دينه مشركوا العرب وأهل الكتاب من اليهود والنصارى، وكانت قريش ومن لف لفها من العرب يسمون أنفسهم الحنفاء مدعين أنهم على ملة إبراهيم، وهكذا فعل أهل الكتاب حين ادعوا اتباعه واتباع موسى وعيسى

(1) زاد المسير.

ص: 181