الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الرِّقَاقِ
بَاب أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْفُقَرَاءُ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ النِّسَاءُ
،
وَبَيَانِ الْفِتْنَةِ بِالنِّسَاءِ
[2736]
حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. ح وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، كُلُّهُمْ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ، وَإِذَا أَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ إِلَّا أَصْحَابَ النَّارِ، فَقَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ)).
[خ: 5196]
[2737]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم: ((اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ)).
وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اطَّلَعَ فِي النَّارِ، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، سَمِعَ أَبَا رَجَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
كتاب الرقاق يذكر فيه المؤلف رحمه الله الأحاديث التي ترقق القلوب وتجعلها تستكين وتخضع لله عز وجل، وترغب في الأعمال الصالحة التي تقرب إلى الله.
وفي هذا الحديث: التحذير من هذه المعاصي التي تكون من أسباب دخول النار؛ ككفر النعمة، وكثرة السب واللعن.
فقد اطلع النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل النار فوجد أكثر أهلها النساء، وجاء في الحديث الآخر سبب ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: ((تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ))
(1)
، وهو الزوج.
وفيه: أنه اطلع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجنة فرأى أكثر أهلها الفقراء، ووجد أصحاب الجد محبوسون، وهم الذين لهم حظوظ دنيوية من أهل الغنى والجاه والثروة، وقيل: هم أصحاب الولايات، وهم محبوسون للحساب على ما عندهم من الأموال، وعلى ما تولَّوا من الرياسات والولايات، أما الفقراء فظهورهم خفيفة؛ فلهذا دخلوا الجنة.
وجاء في الحديث الصحيح مرفوعًا: ((يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ الْجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ نِصْفِ يَوْمٍ))
(2)
.
واحتج بهذا الحديث بعض أهل العلم على أن الفقر أفضل من الغنى، وعلى أن الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر، وليس بظاهر؛ بل الغني الشاكر أفضل؛ لأن نفعه متعدٍّ، والفقير الصابر صبره على نفسه.
وفيه: دليل على أن أكثر أهل النار من النساء، وأن أكثر من يدخل الجنة من الفقراء، لكن لا يلزم منه أن يكون الساكنون هم أكثر أهل الجنة، بل أكثر أهل الجنة- أيضًا- النساء؛ لأن الحور العين مع نساء أهل الدنيا، ولكل
(1)
أخرج البخاري (304).
(2)
أخرجه الترمذي (2353)، والبيهقي في الشعب (9897)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 91).
واحد من أهل الجنة زوجتان على الأقل، وليس في الجنة عَزَبٌ، فدل على أن أكثر أهل الجنة النساء، كما أن أكثر أهل النار النساء، أما أكثر الداخلين إلى الجنة ف الفقراء.
[2738]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: كَانَ لِمُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ امْرَأَتَانِ، فَجَاءَ مِنْ عِنْدِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتِ الْأُخْرَى: جِئْتَ مِنْ عِنْدِ فُلَانَةَ؟ فَقَالَ: جِئْتُ مِنْ عِنْدِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَحَدَّثَنَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِي الْجَنَّةِ النِّسَاءُ)).
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا يُحَدِّثُ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ، بِمَعْنَى حَدِيثِ مُعَاذٍ.
قوله: ((إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِي الْجَنَّةِ النِّسَاءُ)) قال مطرف ذلك؛ لأنه غضبان بسبب كثرة المضايقات المتسببة عن الغيرة، فقد أتى من عند إحدى زوجتيه فقالت الأخرى: جئت من عند فلانة، قال: لا، جئت من عند عمران أخبرني أن أقل ساكني الجنة هم النساء.
وهذا يُحمل على أن المراد: أن أقل من يدخل الجنة من نساء أهل الدنيا.
[2739]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ- أَبُو زُرْعَةَ- حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ)).
قوله: ((وَفُجَاءَةِ)): يقال: فُجَاءَة، وفَجْأة.
هذا حديث العظيم فيه أربع دعوات:
الدعوة الأولى: الاستعاذة بالله من زوال النعمة، والنعمة جنس يشمل النعم الدينية والدنيوية.
الدعوة الثانية: الاستعاذة بالله من تحول العافية إلى ضدها، وهي البلاء والفتنة والعذاب والنكبة.
الدعوة الثالثة: الاستعاذة بالله من فُجاءة نقمته.
الدعوة الرابعة: الاستعاذة بالله من كل ما يسخطه.
وهذا دعاء النبي الكريم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكان الأصل أن يأتي به المؤلف في كتاب الدعوات، إلا أن هذه الدعوات من رقة القلب وخضوعه وخشوعه واستكانته لله تعالى.
والحديث من رواية أبي زرعة، وهو من الحفاظ الكبار، من أقران الإمام مسلم، ولم يرو عنه غير هذا الحديث.
[2740]
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ)).
[خ: 5096]
[2741]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى جَمِيعًا عنْ المُعْتَمِرِ، قَالَ ابْنُ مُعَاذٍ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَنَّهُمَا حَدَّثَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِي النَّاسِ فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ)).
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، كُلُّهُمْ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.
في هذا الحديث: شدة فتنة النساء على الرجال؛ وذلك لما جبل الله الرجال عليه من الميل إلى النساء، وكذلك لما جبل الله عليه النساء من الميل إلى الرجال.
وفيه: التحذير من أسباب الفتنة، ومنها: النظر إلى المرأة الأجنبية، والخلوة بها، والسفر بها وهو ليس محرمًا لها.
وكذلك المرأة عليها أن تبتعد عن أسباب الفتنة، من: التبرج والسفور والخلوة بالرجل الأجنبي، والسفر بدون محرم.
[2742]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ؛ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ؛ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ)). وَفِي حَدِيثِ ابْنِ بَشَّارٍ: ((لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)).
في هذا الحديث: التحذير من فتنة الدنيا، وفتنة النساء.
قوله صلى الله عليه وسلم: ((الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ)): قيل: المعنى: شبه الدنيا في طلب كثير من الناس لها ومسارعتهم إليها وإيثارهم إياها على الآخرة بالفاكهة الحلوة الخضرة التي يطلبها الإنسان.
وقيل: معناه: تشبيهها بالشيء الأخضر الذي له نضرة، ثم يزول سريعًا وييبس، كما قال الله تعالى:{إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيمًا تذروه الرياح} .
وقوله: ((وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا))، يعني: جعلكم تخلفون قومًا سبقوكم.
وقوله: ((فينظر كيف تعملون))، يعني: ينظر فيظهر عملكم، وإلا فهو سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء، والمعنى: فينظر نظر ظهور للعمل، فيظهر عمل الصالحات من المؤمنين، وعمل السوء من الكفار والعصاة.
وقوله: ((فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ)): أي: اجعلوا بينكم وبين فتنة الدنيا والنساء وقاية، واحذروا أن تغتروا بهما، فتجمعوا المال بالحلال والحرام، واحذروا الدنيا أن تلهيكم عنْ الآخرة، واحذروا النساء وفتنتهن، لا تتعرضوا لهن وابتعدوا عن أسباب الفتنة بهن.