الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الصِّفَاتِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ
[2865]
حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ- وَاللَّفْظُ لِأَبِي غَسَّانَ، وَابْنِ الْمُثَنَّى- قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ- ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ-: ((أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا: كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ، فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا، وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَمَقَتَهُمْ- عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ- إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا، فَقُلْتُ: رَبِّ- إِذًا- يَثْلَغُوا رَأْسِي، فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً، قَالَ: اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ، وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ، وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ، وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ، وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ، قَالَ: وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ.
قَالَ: وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا، لَا يَبْتَغُونَ أَهْلًا، وَلَا مَالًا، وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ- وَإِنْ دَقَّ- إِلَّا خَانَهُ، وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ))، وَذَكَرَ الْبُخْلَ- أَوِ: الْكَذِبَ- ((وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ)).
وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو غَسَّانَ فِي حَدِيثِهِ: ((وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ)).
وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ
قَتَادَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ:((كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ)).
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتَوَائِيِّ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ ذَاتَ يَوْمٍ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ يَحْيَى: قَالَ شُعْبَةُ: عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنِ الحُسَيْنِ عَنْ مَطَرٍ، حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ- أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ- قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ خَطِيبًا، فَقَالَ:((إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي))، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ، وَزَادَ فِيهِ:((وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ: أَنْ تَوَاضَعُوا؛ حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ))، وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ:((وَهُمْ فِيكُمْ تَبَعًا، لَا يَبْغُونَ أَهْلًا، وَلَا مَالًا))، فَقُلْتُ: فَيَكُونُ ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ ! قَالَ: نَعَمْ- وَاللَّهِ- لَقَدْ أَدْرَكْتُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْعَى عَلَى الْحَيِّ مَا بِهِ إِلَّا وَلِيدَتُهُمْ يَطَؤُهَا.
رواي هذا الحديث هو الصحابي: عياض بن حمار رضي الله عنه، وبعض الناس تغلط وتقرؤه: حماد، والصواب: حمار، وكانت العرب تسمي بأسماء الحيوانات؛ بسبب كثرة ملابستهم لها، فيسمون: حمارًا، وجحشًا، وصقرًا، وبازًا، وكلبًا
…
إلخ.
وهذا حديث عظيم، وهو حديث قدسي من كلام الله عز وجل.
وقوله: ((أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا)): هذا أمر من الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يُعلِّم الناس ما جهلوه مما علمه سبحانه، وهذا من تبليغ الرسالة التي أمره الله بها.
وقوله: ((كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ)): المعنى: كل عبد نحلته مالًا فهو
حلال، والنِّحلة هي: العطية، يعني: كل مال أعطيته عبدي عن طريق البيع أو الشراء أو الحراثة أو الكسب والحرفة فهو حلال.
وقوله: ((كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ)): فالأصل هو الحل إلا ما ورد الشرع بالتحريم، وهذا من الأدلة على أن الأصل في الأشياء الإباحة؛ لقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} .
وقوله: ((وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ، فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ)): فيه: أن الله تعالى خلق عباده حنفاء مسلمين، ففطرهم على دين الإسلام، وهو أنهم يعرفون ربهم ويميلون إلى الحق ويقبلونه، لكن جاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن الفطرة وهي الحنيفية، وهذا كالحديث الآخر:((كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواهُ يُهوِّدَانِهِ، أو يُنَصِّرانِهِ، أو يُمَجِّسانِهِ))
(1)
.
وقوله: ((وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا)): فيه: أنه لا يجوز للإنسان أن يحرم شيئًا أحله الله لعباده.
وفي هذا الحديث: رد على المشركين الذين يحرمون أشياء لم يحرمها الله تعالى، كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي.
وفيه: أن من حرم شيئًا بغير دليل فهو مطيع للشياطين التي حرمت على الناس ما أحل الله لهم، وأمرتهم أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا، ولا سلطان على الشرك.
وقوله: ((مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا)): لا يفهم منه: أنه يجوز الإشراك بالله تعالى إذا كان معه سلطان، وإنما هذا القيد لبيان الواقع، كقوله تعالى:{وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ} ، فلا يفهم منه: أنه يجوز أن يُدعَى مع الله إلهٌ آخرُ عليه برهان، ولكن هذا لبيان الواقع.
وقوله: ((وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلَّا بَقَايَا مِنْ
(1)
أخرجه البخاري (1358)، ومسلم (2658).
أَهْلِ الْكِتَابِ)): فيه: أنه قُبيل بعثة النبي عمَّ الشركُ والفساد الأرض كلَّها؛ ولهذا فإن الله تعالى نظر إلى أهل الأرض فمقتهم؛ لكثرة الشرك فيهم.
والمقت: أشد البغض، فهو تعالى يمقت أهل الكفر وأهل المعاصي.
وفيه: إثبات صفة المقت لله عز وجل، وهي صفة ثابتة له تعالى بالكتاب والسنة، فمن الكتاب: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} ، ومن السنة: هذا الحديث الذي معنا.
وقوله: ((وَقَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ، وَأَبْتَلِيَ بِكَ)): بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم ابتلاءً وامتحانًا ليبتليَهُ في تبليغ الرسالة، وأداء الأمانة، ويبتليَ الناسَ به، هل ينقادون ويستجيبون، أم يردُّون دعوته ويُعرضون؟ ! وقد بلَّغ عليه السلام الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده.
وقوله: ((وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ))، يعني: أن القرآن الكريم لا يغسله الماء من المصاحف؛ لأنه محفوظ في الصدور، فلو تَلفتِ المصاحف- بأي سبب كان- فإن القرآن لا يضيع؛ لأنه محفوظ في الصدور، ولا يُنزع القرآن من الصدور إلا في آخر الزمان.
وقوله: ((تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ)): المعنى: أنه ميسر، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} ، وإذا كان ميسَّرًا للحفظ فإن الإنسان يتلوه حال اليقظة، وقد يتلوه حال النوم؛ لأنه محفوظ وموجود في صدره.
وقوله: ((وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا، فَقُلْتُ: رَبِّ- إِذًا- يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً، قَالَ: اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ، وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ)): يثلغوا رأسي، أي: يشدخوه ويشجوه، كما يشدخ الخبز، أي: يُكسر
(1)
، وقد أمره الله تعالى أن يغزوهم، فهو يفعل السبب، والله تعالى يُمده بالإعانة.
(1)
النهاية، لابن الأثير (1/ 220)، لسان العرب، لابن منظور (8/ 423).
وقوله: ((اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ، وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ))، يعني: أخرجهم من بلادهم كما أخرجوك وأخرجوا المهاجرين من ديارهم وأموالهم، ففيه: الأمر بالجهاد، ولعل هذا كان بعد الهجرة.
وقوله: ((وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ)): فيه: وعد بالخلف، قال الله تعالى:{وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} .
وقوله ((وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ)): فيه: وعد بالإمداد بالملائكة، كما أمده الله بهم يوم بدر، ويوم حنين.
وقوله: ((وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ)): هذا أمر بالجهاد، وكان ذلك بعد هجرته عليه الصلاة والسلام.
وقوله: ((وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ)): المراد: أن هؤلاء من أهل الجنة، لا أن أهل الجنة محصورون في هذه الأصناف الثلاثة، فلا يدخلها غيرهم.
وكل هذه الأوصاف لا بد أن يكون معها الإيمان بالله ورسوله، وإلا فلو كان السلطان العادل كافرًا فإنه لا يدخل الجنة، وكذلك الرجل الرحيم رقيق القلب للمسلمين ولقرابته إذا كان غيرَ مؤمن فلا تنفعه رقة قلبه ورحمته
…
وهكذا، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر مناديًا ينادي في الناس:((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ))
(1)
.
وقوله: ((وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ))، أي: لا عقل له يزبره ويمنعه مما لا ينبغي.
وقيل: الذي لا مال له.
وقيل: الذي ليس عنده ما يعتمده.
(1)
أخرجه أحمد (594)، والترمذي (3092).
وقوله: ((الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا، لَا يَبْتَغُونَ أَهْلًا، وَلَا مَالًا)): هو الرجل الذي لا مال له، لكن لا يطلب أهلًا، ولا مالًا.
وقوله: ((وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ- وَإِنْ دَقَّ- إِلَّا خَانَهُ))، يعني: الخائن الذي لا يظهر له طمع إلا خان وإن دق هذا الطمع، يعني: مع كفره.
وهذا من باب الوعيد الشديد، فإن كان مسلمًا يكون متوعَّدًا بالنار، وإن كان كافرًا فهو مخلد فيها.
وقوله: ((وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ)): هذا الثالث هو المخادع الذي يخادع الناس في أهلهم ومالهم.
وقوله: ((وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ)): الشنظير: فسره في الحديث بالمتفحش، وهو السيء الخلق.
وقوله: ((فَقُلْتُ: فَيَكُونُ ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ ! قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ لَقَدْ أَدْرَكْتُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْعَى عَلَى الْحَيِّ مَا بِهِ إِلَّا وَلِيدَتُهُمْ يَطَؤُهَا)): أبو عبد الله هو مطرف، والسائل له عن هذا قتادة، والمعنى: أن الرجل يرعى على أهل الحي لا لأجل الكسب للأهل والأولاد، وإنما لأجل أن يطأ وليدتهم فقط، والوليدة هي الجارية، وهذا بسبب ضَعَة همته وخستها.