الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ طَلَبِ الْكَافِرِ الْفِدَاءَ بِمِلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا
[2805]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا-: لَوْ كَانَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أَنْ لَا تُشْرِكَ)) أَحْسِبُهُ قَالَ: ((وَلَا أُدْخِلَكَ النَّارَ- فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ)).
[خ: 3334]
حَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ- يَعْنِي: ابْنَ جَعْفَرٍ- حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ، إِلَّا قَوْلَهُ:((وَلَا أُدْخِلَكَ النَّارَ))، فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ.
[2808]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((يُقَالُ لِلْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا، أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ سُئِلْتَ أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ)).
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. ح وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ- يَعْنِي: ابْنَ عَطَاءٍ- كِلَاهُمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:((فَيُقَالُ لَهُ: كَذَبْتَ قَدْ سُئِلْتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ)).
قوله: ((قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا)): المراد بالإرادة هنا: الإرادة الدينية الشرعية، وهي المرادفة للمحبة والرضا، يعني: قد أحببتُ منك ورضيتُ.
ولو كان المرادُ بها هنا: الإرادةَ الكونية لما تخلَّفت؛ لأن الإرادة الكونية
القدرية لا يتخلف مرادها، وهي عامة للمؤمن والكافر.
وأما الإرادة الدينية الشرعية فقد يتخلف مرادها، وهي خاصة بالمؤمن.
قال النووي رحمه الله: ((قوله صلى الله عليه وسلم: ((يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ كَانَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
…
)): الحديث، وفي رواية:((فيقال: قَدْ سُئِلْتَ أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ)): وفي رواية: ((فَيُقَالُ لَهُ: كَذَبْتَ قَدْ سُئِلْتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ)) المراد بـ ((أردتُ)) في الرواية الأولى: طلبت منك وأمرتُكَ، وقد أوضحه في الروايتين الأخيرتين في قوله:((قَدْ سُئِلْتَ أَيْسَرَ)): فيتعين تأويل ((أردتُ)) على ذلك؛ جمعًا بين الروايات؛ لأنه يستحيل عند أهل الحق أن يريد الله تعالى شيئًا فلا يقع. ومذهب أهل الحق: أن الله تعالى مريد لجميع الكائنات خيرها وشرها، ومنها: الإيمان والكفر، وهو سبحانه وتعالى مريد لإيمان المؤمن، ومريد لكفر الكافر، خلافًا للمعتزلة في قولهم: إنه أراد إيمان الكافر، ولم يرد كفره- تعالى الله عن قولهم الباطل))
(1)
.
فقول النووي: ((يستحيل عند أهل الحق أن يريد الله تعالى شيئًا فلا يقع))
(2)
إنما هو على مذهب الأشاعرة الذين ينكرون الإرادة الدينية.
والصواب: أن الإرادة إرادتان: إرادة كونية، وإرادة شرعية.
وفي هذا الحديث: إثبات القول والكلام لله عز وجل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى).
وفيه: جواز قول: يقول الله تبارك وتعالى، أو قال الله تعالى.
وفيه: أن هذا يقال لأهون أهل النار عذابًا، لكن لا ينفعه الفداء ما دام قد مات على الشرك، كما أخبر تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
(1)
شرح مسلم، للنووي (17/ 147).
(2)
شرح مسلم، للنووي (17/ 147).