الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَنَاءِ الدُّنْيَا، وَبَيَانِ الْحَشْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
[2858]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ: سَمِعْتُ مُسْتَوْرِدًا- أَخَا بَنِي فِهْرٍ- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ- وَأَشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ- فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ))، وَفِي حَدِيثِهِمْ جَمِيعًا غَيْرَ يَحْيَى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ عَنِ المُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ- أَخِي بَنِي فِهْرٍ- وَفِي حَدِيثِهِ- أَيْضًا- قَالَ: وَأَشَارَ إِسْمَاعِيلُ بِالْإِبْهَامِ.
في هذا الحديث: بيان نسبة الدنيا- في فنائها وعدم دوامها وسرعة انقضائها- إلى الآخرة- في بقاء نعيمها ودوامها- كنسبة ما يعلق بالإصبع من الماء إلى باقي البحر، فما تكون هذه النسبة؟ ! قطعًا لا تساوي شيئًا، وهذه هي نسبة الدنيا إلى الآخرة.
وفي الحديث الآخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ))
(1)
، وفي لفظ آخر: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَرَأَى شَاةً شَائِلَةً بِرِجْلِهَا، فَقَالَ:((أَتَرَوْنَ هَذِهِ الشَّاةَ هَيِّنَةً عَلَى صَاحِبِهَا؟ ))، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ
(1)
أخرجه الترمذي (2320)، وابن ماجه (4110).
عَلَى صَاحِبِهَا، وَلَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ))
(1)
.
[2859]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا))، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ جَمِيعًا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ ! قَالَ صلى الله عليه وسلم:((يَا عَائِشَةُ: الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ)).
[خ: 6527]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ:((غُرْلًا)).
في هذا الحديث: أنه من شدة الهول والخوف لا ينظر الناس بعضهم إلى بعض، حيث يحشر الناس حفاةً لا نعال لهم، عراةً لا ثياب عليهم، وغرلًا غير مختونين.
والمعنى: أنهم يحشرون كما خلقهم الله ليس معهم شيء، قالت عائشة: يا رسول الله، الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال:((يَا عَائِشَةُ: الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ)): كلٌّ قد شَخَصَ ببصره إلى السماء، ومن شدة الهول لا أحد ينظر إلى أحد، ولا أحد يدري عن أحد، فليس المقام مقام نظر، المقام مقام ذهول وذعر وخوف ووجل، الشمس فوق الرؤوس دنت حرارتها، كل يهمه نفسه، كما قال تعالى:{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيه لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} .
(1)
أخرجه ابن ماجه (4110).
[2860]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، وَهُوَ يَقُولُ:((إِنَّكُمْ مُلَاقُو اللَّهِ مُشَاةً حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا)).
وَلَمْ يَذْكُرْ زُهَيْرٌ فِي حَدِيثِهِ: يَخْطُبُ.
[خ: 6526]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى- قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا بِمَوْعِظَةٍ، فَقَالَ:((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}، أَلَا وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلَائِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام، أَلَا وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ- كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ-: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} قَالَ: فَيُقَالُ لِي: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ))، وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ وَمُعَاذ، فَيُقَالُ:((إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ)).
في هذا الحديث: أن أول من يُكسى يوم القيامة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهذه منقبة لإبراهيم الخليل، ولا يدل ذلك على أنه أفضل من حفيده نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن لنبينا صلى الله عليه وسلم فضائل عامة، والفضيلة الخاصة لا تقابل بالفضائل العامة.
وقوله ((وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ)): فيه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، والمراد بأصحابه هنا: الذين صحبهم من الأعراب، الذين ارتدوا من غطفان وغيرهم، ممن لم يثبت الإيمان في قلوبهم، وهؤلاء لم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم حالهم.
وقوله: ((فَأَقُولُ: كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ)): العبد الصالح المراد به هنا: عيسى عليه السلام.
[2861]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ، رَاغِبِينَ رَاهِبِينً، وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا)).
[خ: 6522]
الحشر الذي جاء هنا: حشر في آخر الدنيا، فمن الناس من يحشر راغبًا، ومنهم من يحشر راهبًا، ومنهم من يحشر راكبًا، وتَحشر بقيَّتَهم النارُ، وهذه النار هي آخر أشراط الساعة الكبار، تَحشر الناسَ إلى المحشر، فتبيت معهم حيث باتوا، يعني: إذا جاء وقت النوم وقفت حتى يبيت الناس، ثم تحشرهم، فإذا جاءت القيلولة قالت معهم، وتمسي معهم حيث أمسوا، وتصبح حيث أصبحوا، ومن تخلف أكلته.
وهناك حشر آخر يوم القيامة، يوم يحشر الناس، ويجمعون للوقوف بين يدي رب العالمين للحساب.
وهناك حشر ثالث ذكر في القرآن، وهو حشر بني النضير الذي قال الله فيه:{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا} .