المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء - توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم - جـ ٨

[عبد العزيز بن عبد الله الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الرِّقَاقِ

- ‌بَاب أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْفُقَرَاءُ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ النِّسَاءُ

- ‌بَابُ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْغَارِ الثَّلَاثَةِ، وَالتَّوَسُّلِ بِصَالِحِ الْأَعْمَالِ

- ‌كِتَابُ التَّوْبَةِ

- ‌بَابٌ فِي الْحَضِّ عَلَى التَّوْبَةِ، وَالْفَرَحِ بِهَا

- ‌بَابُ سُقُوطِ الذُّنُوبِ بِالِاسْتِغْفَارِ تَوْبَةً

- ‌بَابُ فَضْلِ دَوَامِ الذِّكْرِ وَالْفِكْرِ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ، وَالْمُرَاقَبَةِ، وَجَوَازِ تَرْكِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَالِاشْتِغَالِ بِالدُّنْيَا

- ‌بَابٌ فِي سِعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهَا سَبَقَتْ غَضَبَهُ

- ‌بَابُ قَبُولِ التَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَإِنْ تَكَرَّرَتِ الذُّنُوبُ وَالتَّوْبَةُ

- ‌بَابُ غَيْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}

- ‌بَابُ قَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ، وَإِنْ كَثُرَ قَتْلُهُ

- ‌بَابُ حَدِيثِ تَوْبَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ، وَقَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاذِفِ

- ‌بَاب بَرَاءَةِ حَرَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الرِّيبَةِ

- ‌كِتَابُ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَأَحْكَامِهِمْ

- ‌كِتَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ، وَالْجَنَّةِ، وَالنَّارِ

- ‌بَابُ ابْتِدَاءِ الْخَلْقِ، وَخَلْقِ آدَمَ عليه السلام

- ‌بَابٌ فِي الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَصِفَةِ الْأَرْضِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌بَابُ نُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

- ‌بَابُ سُؤَالِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرُّوحِ

- ‌بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}

- ‌بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَأَىهُ اسْتَغْنَى}

- ‌بَابُ الدُّخَانِ

- ‌بَابُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ

- ‌بَابُ لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى مِنَ اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ طَلَبِ الْكَافِرِ الْفِدَاءَ بِمِلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا

- ‌بَابُ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ

- ‌بَابُ صَبْغِ أَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا فِي النَّارِ، وَصَبْغِ أَشَدِّهِمْ بُؤْسًا فِي الْجَنَّةِ

- ‌بَابُ جَزَاءِ الْمُؤْمِنِ بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ

- ‌بَابُ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَالزَّرْعِ، وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَشَجَرِ الْأَرْزِ

- ‌بَابُ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ النَّخْلَةِ

- ‌بَابُ تَحْرِيشِ الشَّيْطَانِ، وَبَعْثِهِ سَرَايَاهُ لِفِتْنَةِ النَّاسِ

- ‌بَابُ لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ بَلْ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَابُ إِكْثَارِ الْأَعْمَالِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ

- ‌بَابُ الِاقْتِصَادِ فِي الْمَوْعِظَةِ

- ‌كِتَابُ الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا

- ‌بَاب إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا

- ‌بَابُ إِحْلَالِ الرِّضْوَانِ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَلَا يَسْخَطُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا

- ‌بَابُ تَرَائِي أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ الْغُرَفِ كَمَا يُرَى الْكَوْكَبُ فِي السَّمَاءِ

- ‌بَابُ فِيمَنْ يَوَدُّ رُؤْيَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ

- ‌بَابٌ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ، وَمَا يَنَالُونَ فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ وَالْجَمَالِ

- ‌بَابٌ أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ

- ‌بَابٌ فِي صِفَاتِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِهَا، وَتَسْبِيحِهِمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا

- ‌بَابٌ فِي دَوَامِ نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وقَوْلِه تَعَالَى:

- ‌بَابٌ فِي صِفَةِ خِيَامِ الْجَنَّةِ وَمَا لِلْمُؤْمِنِينَ فِيهَا مِنَ الْأَهْلِينَ

- ‌بَابٌ مَا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ

- ‌بَابٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَقْوَامٌ أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ

- ‌بَابٌ فِي شِدَّةِ حَرِّ نَارِ جَهَنَّمَ، وَبُعْدِ قَعْرِهَا، وَمَا تَأْخُذُ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ

- ‌بَابٌ النَّارُ يَدْخُلُهَا الْجَبَّارُونَ، وَالْجَنَّةُ يَدْخُلُهَا الضُّعَفَاءُ

- ‌بَابُ فَنَاءِ الدُّنْيَا، وَبَيَانِ الْحَشْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌بَابٌ فِي صِفَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَعَانَنَا اللَّهُ عَلَى أَهْوَالِهَا

- ‌بَابُ الصِّفَاتِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ

- ‌بَابُ عَرْضِ مَقْعَدِ الْمَيِّتِ مِنَ الْجَنَّةِ، أَوِ النَّارِ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ إِثْبَاتِ الْحِسَابِ

- ‌بَابُ الْأَمْرِ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْمَوْتِ

- ‌كِتَابُ الْفِتَنِ، وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ

- ‌بَابُ اقْتِرَابِ الْفِتَنِ، وَفَتْحِ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

- ‌بَابُ الْخَسْفِ بِالْجَيْشِ الَّذِي يَؤُمُّ الْبَيْتَ

- ‌بَابُ نُزُولِ الْفِتَنِ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ

- ‌بَابُ إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا

- ‌بَابُ هَلَاكِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ

- ‌بَابُ إِخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَكُونُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ

- ‌بَابٌ فِي الْفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ

- ‌بَابُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ

- ‌بَابٌ فِي فَتْحِ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَخُرُوجِ الدَّجَّالِ

- ‌بَابُ تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ

- ‌بَابُ إِقْبَالِ الرُّومِ فِي كَثْرَةِ الْقَتْلِ عِنْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ

- ‌بَابُ مَا يَكُونُ مِنْ فُتُوحَاتِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ الدَّجَّالِ

- ‌بَابٌ فِي الْآيَاتِ الَّتِي تَكُونُ قَبْلَ السَّاعَةِ

- ‌بَابُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ

- ‌بَابُ فِي سُكْنَى الْمَدِينَةِ وَعِمَارَتِهَا قَبْلَ السَّاعَةِ

- ‌بَابُ الْفِتْنَةُ مِنَ الْمَشْرِقِ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ

- ‌بَابُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَعْبُدَ دَوْسٌ ذَا الْخَلَصَةِ

- ‌بَابُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ ابْنِ صَيَّادٍ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّجَّالِ وَصِفَتِهِ وَمَا مَعَهُ

- ‌بَابُ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ، وَتَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدَّجَّالِ، وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابٌ فِي خُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَمُكْثِهِ فِي الْأَرْضِ، وَنُزُولِ عِيسَى، وَقَتْلِهِ إِيَّاهُ، وَذَهَابِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْإِيمَانِ، وَبَقَاءِ شِرَارِ النَّاسِ، وَعِبَادَتِهِمُ الْأَوْثَانَ، وَالنَّفْخِ فِي الصُّورِ، وَبَعْثِ مَنْ فِي الْقُبُورِ

- ‌بَابُ قِصَّةِ الْجَسَّاسَةِ

- ‌بَابٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحَادِيثِ الدَّجَّالِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْعِبَادَةِ فِي الْهَرْجِ

- ‌بَابُ قُرْبِ السَّاعَةِ

- ‌بَابُ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ

- ‌كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ

- ‌بَاب لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ

- ‌بَابُ الْإِحْسَانِ إِلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ وَالْيَتِيمِ

- ‌بَابُ فَضْلِ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الْمَسَاكِينِ

- ‌بَابُ مَنْ أَشْرَكَ فِي عَمَلِهِ غَيْرَ اللَّهِ

- ‌بَابُ التَّكَلُّمِ بِالْكَلِمَةِ يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ

- ‌بَابُ عُقُوبَةِ مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَفْعَلُهُ، وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ وَيَفْعَلُهُ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ هَتْكِ الْإِنْسَانِ سِتْرَ نَفْسِهِ

- ‌بَابُ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَكَرَاهَةِ التَّثَاؤُبِ

- ‌بَابٌ فِي أَحَادِيثَ مُتَفَرِّقَةٍ

- ‌بَابٌ فِي الْفَأْرِ، وَأَنَّهُ مَسْخٌ

- ‌بَابُ لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ

- ‌بَابٌ الْمُؤْمِنُ أَمْرُهُ كُلُّهُ خَيْرٌ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ المَدْحِ إِذَا كَانَ فِيهِ إِفْرَاطٌ

- ‌بَابُ مُنَاوَلَةِ الْأَكْبَرِ

- ‌بَابُ التَّثَبُّتِ فِي الْحَدِيثِ، وَحُكْمِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ، وَالسَّاحِرِ وَالرَّاهِبِ وَالْغُلَامِ

- ‌بَابُ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ، وَقِصَّةِ أَبِي الْيَسَرِ

- ‌بَابٌ فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ، وَيُقَالُ لَهُ: حَدِيثُ الرَّحْلِ

- ‌كِتَاب التَّفْسِيرِ

- ‌بَابٌ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}

- ‌بَابٌ فِي قَوْله تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}

- ‌بَابٌ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ}

- ‌بَابٌ فِي قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}

- ‌بَاب فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ، وَالْأَنْفَالِ، وَالْحَشْرِ

- ‌بَابٌ فِي نُزُولِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ

- ‌بَابٌ فِي قَوْله تَعَالَى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}

الفصل: ‌باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء

‌بَابٌ النَّارُ يَدْخُلُهَا الْجَبَّارُونَ، وَالْجَنَّةُ يَدْخُلُهَا الضُّعَفَاءُ

[2846]

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((احْتَجَّتِ النَّارُ وَالْجَنَّةُ، فَقَالَتْ هَذِهِ: يَدْخُلُنِي الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَقَالَتْ هَذِهِ: يَدْخُلُنِي الضُّعَفَاءُ وَالْمَسَاكِينُ، فَقَالَ اللَّهُ عز وجل لِهَذِهِ: أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ- وَرُبَّمَا قَالَ: أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ- وَقَالَ لِهَذِهِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا)).

[خ: 4850]

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((تَحَاجَّتِ النَّارُ وَالْجَنَّةُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: فَمَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَعَجَزُهُمْ؟ ! فَقَالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمْ مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ)).

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْهِلَالِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ- يَعْنِي: مُحَمَّدَ بْنَ حُمَيْدٍ- عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((احْتَجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ))، وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ.

في هذا الحديث: أن أهل الجنة هم الضعفاء والمساكين، وهذا وصف أغلبي؛ لأنهم هم الذين يستجيبون للرسل، وينقادون لشرع الله ودينه؛ لأنه ليس لهم مانع يمنعهم، لا من الأموال، ولا من الجاه، ولا من السلطان، وإلا فإن الجنة يدخلها- أيضًا- الملوك والأغنياء والرؤساء الصالحون،

ص: 189

كداود وسليمان وذي القرنين عليهم السلام من الأنبياء الملوك، وكأبي بكر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم من أغنياء الصحابة، ومَن بعدهم مِن الملوك والرؤساء الصالحين، فهؤلاء وإن كانوا أغنياءَ إلا أنهم آمنوا بالله ورسوله، وأنفقوا مما أعطاهم الله في وجوه الخيرات.

وكذلك النار أهلُها هم الجبارون المتكبرون، وهذا وصف أغلبي- أيضًا- في أهلها؛ لأن الغالب أن الجبارين والمتكبرين والكبراء لا يستجيبون للرسل؛ لأن ما عندهم من الأموال والجاه والسلطان يمنعهم من الانقياد للرسل.

كذلك قد يدخل النار الضعفاء الذين كتب الله عليهم الشقاوة بسبب كبرهم، وعدم قبولهم الحق، وعدم انقيادهم لما جاءت به الرسل.

وفيه: أن الله تعالى وعد الجنة والنار بملئهما، فأما الجنة فلا تمتلئ، بل يبقى فيها فضل، فَيُنشأ الله لها خلقًا ويُدخلهم فيها، وأما النار فلا تمتلئ حتى يضع فيها ربُّ العزة قدمه، فعند ذلك تمتلئ ويُزْوَى بعضها لبعض، وتقول: قط قط، يعني: حسبي حسبي.

وأما ما جاء في بعض الأحاديث: ((وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَنْ يَشَاءُ، فَيُلْقَوْنَ فِيهَا))

(1)

، فقد انقلب على بعض الرواة وأخطأ فيه؛ فالله تعالى لا يعذب أحدًا من غير جرم، وإنما هذا الحديث في الجنة.

وفيه: إثبات القدم لله عز وجل، وأن النار لا تمتلئ حتى يضع فيها ربُّ العزة قدمه، وفي لفظ:((رِجْلَهُ))، والقدم صفة من صفاته تعالى، كما يليق بجلاله وعظمته.

وقد أوَّلها بعضهم بتأويلات باطلة، منهم النووي رحمه الله، حيث قال: ((هذا الحديث من مشاهير أحاديث الصفات، وقد سبق مرات بيان اختلاف

(1)

أخرجه البخاري (7449).

ص: 190

العلماء فيه على مذهبين؛ أحدهما: وهو قول جمهور السلف، وطائفة من المتكلمين: أنه لا يُتَكَلَّم في تأويلها، بل نؤمن أنها حق على ما أراد الله، ولها معنى يليق بها، وظاهرها غير مراد))

(1)

.

قلت: هذا باطل، وليس هذا قول السلف، بل هو قول المفوِّضة، والصحيح: أن ظاهرها مراد، ومعناها معروف.

ثم قال النووي: ((والثاني: وهو قول جمهور المتكلمين: أنها تُتَأَوَّلُ بحسب ما يليق بها، وعلى هذا اختلفوا في تأويل هذا الحديث، فقيل: المراد بالقدم هنا: المتقدم، وهو شائع في اللغة))

(2)

.

قلت: وهذا- أيضًا- قول باطل، وهو قول أهل التحريف والتأويل.

وكلٌّ من القولين يخالف قول السلف وأئمة أهل السنة؛ فمذهبهم إثبات صفة القدم لله عز وجل بما يليق بجلاله وعظمته، فمعناها معلوم، وأما كيفيتها فمجهولة، ويجب الإيمان بها.

(1)

شرح مسلم، للنووي (17/ 182).

(2)

شرح مسلم، للنووي (17/ 182).

ص: 191

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: فَمَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَغِرَّتُهُمْ؟ ! قَالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ: إِنَّمَا أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ تبارك وتعالى رِجْلَهُ، تَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا)).

[2847]

وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((احْتَجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ))، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى قَوْلِهِ:((وَلِكِلَيْكُمَا عَلَيَّ مِلْؤُهَا))، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ مِنَ الزِّيَادَةِ.

[2848]

حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعِزَّةِ تبارك وتعالى قَدَمَهُ، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ)).

[خ: 6661]

وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارِ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمَعْنَى حَدِيثِ شَيْبَانَ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّزِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} ق، فَأَخْبَرَنَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((لَا تَزَالُ

ص: 192

جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا، وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ)).

حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ- يَعْنِي: ابْنَ سَلَمَةَ- أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((يَبْقَى مِنَ الْجَنَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْقَى، ثُمَّ يُنْشِئُ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا خَلْقًا مِمَّا يَشَاءُ)).

في هذه الأحاديث: أن الجنة رحمة، وهي من الرحمة المخلوقة، فالرحمة المضافة إلى الله تعالى نوعان:

إحداهما: مضافة إليه إضافة المفعول إلى فاعله، كقوله في هذا الحديث:((قَالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ: إِنَّمَا أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي)).

الثانية: رحمة هي صفته؛ وصفاته تعالى غير مخلوقة، وإضافتها إليه من إضافة الصفة إلى الموصوف؛ كما قال تعالى- عن نبي الله سليمان عليه السلام:{وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} ، وقال تعالى:{وربك الغفور ذو الرحمة} ، وقال تعالى:{الرحمن الرحيم} .

قوله: ((وَغِرَّتُهُمْ)): قال النووي: ((أي: البُلْهُ الغافلون الذين ليس بهم فتك وحذق في أمور الدنيا، وهو نحو الحديث الآخر: ((أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ))

(1)

. قال القاضي عياض: معناه سواد الناس وعامتهم من أهل الايمان الذين لا يفطنون للشبه فيدخل عليهم الفتنة، أو يُدْخِلهم في البدعة أو غيرها، فهم ثابتو الإيمان وصحيحو العقائد. وهم أكثر المؤمنين، وهم أكثر أهل الجنة، وأما العارفون والعلماء العاملون والصالحون المتعبدون فهم قليلون، وهم أصحاب الدرجات))

(2)

.

(1)

أخرجه البيهقي في الشعب (1303)، وقال: وهذا الحديث بهذا الإسناد منكر.

(2)

شرح مسلم، للنووي (17/ 181).

ص: 193

وفيها: أن (تبارك) من صفات الله تعالى، فالله تعالى هو المتبارك وعبده مبارَك، كما قال تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ، {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} ، {تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ} .

تنبيه: بعض العامة يغلط في هذا، ويقول: تزورنا تُبارِك علينا، أو تبارَكْتَ علينا بمجيئك، وهذا وصف لله تعالى، والصواب أن يقال: زرنا تحصل البركة، أو أنت شخص مبارك، وهذا من بركةٍ جعلها الله فيك، كما قال أُسَيدُ بنُ حضيرٍ رضي الله عنه:((مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ))

(1)

.

قوله: ((وعزتك)) قسم مقرر لذلك، والنار خلق مسخر فلا يقع فيها خلاف مراد الله.

والحلف بصفات الله حلف بالله.

(1)

أخرجه البخاري (334)، ومسلم (367).

ص: 194

[2849]

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ- وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ- قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يُجَاءُ بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ))، زَادَ أَبُو كُرَيْبٍ:((فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ))، وَاتَّفَقَا فِي بَاقِي الْحَدِيثِ، ((فَيُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، وَيَقُولُونَ: نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ، قَالَ: وَيُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ، هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قَالَ: فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، وَيَقُولُونَ: نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ، قَالَ: فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ، قَالَ: ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ)) قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الدُّنْيَا.

[خ: 4730]

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ قِيلَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ))، ثُمَّ ذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:((فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل) وَلَمْ يَقُلْ: ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَذْكُرْ- أَيْضًا-: وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الدُّنْيَا.

[2850]

حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: أَخْبَرَنِي، وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ- وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ- حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((يُدْخِلُ اللَّهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَيُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ، فَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، لَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ، لَا مَوْتَ، كُلٌّ خَالِدٌ فِيمَا هُوَ فِيهِ)).

[خ: 6548]

حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا صَارَ أَهْلُ

ص: 195

الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَصَارَ أَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ أُتِيَ بِالْمَوْتِ، حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، لَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ، لَا مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ)).

قوله: ((فَيَشْرَئِبُّونَ))، يعني: يطَّلعون.

وفي هذا الحديث: أن الله تعالى جعل في أهل الجنة وأهل النار معرفة للموت، وذلك حين يؤتى بالموت على صورة كبش ويُذبح بين الجنة والنار، والذي يُذبح هو الموت وليس ملك الموت، والله تعالى قادر على جعل الموت- وإن كان شيئًا معنويًّا- كبشًا يُذبح بين الجنة والنار، فيزداد أهل الجنة نعيمًا إلى نعيمهم، ويزداد أهل النار حسرة إلى حسرتهم، يقال لأهل الجنة: خلود ولا موت، ولأهل النار خلود ولا موت، فيزداد أهل الجنة نعيمًا إلى نعيمهم، ويزداد أهل النار حسرة إلى حسرتهم.

وفيه: دليل أن أهل الجنة مخلدون فيها لا يحولون عنها أبدًا، وكذلك أهل النار الذين هم أهلها الكفرة مخلدون فيها.

أما العصاة من المؤمنين، فإنهم يعذَّبون في النار، ثم يخرجون منها ويدخلون الجنة.

قوله: ((يَعْقُوبُ- وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ)): هو ابن إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف.

ص: 196

[2851]

حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((ضِرْسُ الْكَافِرِ- أَوْ: نَابُ الْكَافِرِ- مِثْلُ أُحُدٍ، وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ)).

[2852]

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْوَكِيعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ قَالَ: ((مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الْكَافِرِ فِي النَّارِ، مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِلرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ)).

وَلَمْ يَذْكُرِ الْوَكِيعِيُّ: فِي النَّارِ.

[خ: 6551]

في هذا الحديث: أن الكافر تعظم خلقته وجثته يوم القيامة حتى يزداد عذابًا، فضرسُهُ يكون مثل أحد، وغِلَظُ جلده، أي: كثافته، مسيرة ثلاثة أيام، وما بين منكبيه، أي: ما بين كتفيه، يسير الراكبُ مجدُّ السير ثلاثة أيام لا يقطعها، وذلك ليزداد شعوره بالعذاب؛ لأنه كلما اتسع الجلد تعرضت كل ذرة منه للنار- نعوذ بالله.

وفيه: وصف عظمة النار وشدتها، فإنها تغمر الكفار والمنافقين أجمعين.

ص: 197

[2853]

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟ )) قَالُوا: بَلَى، قَالَ صلى الله عليه وسلم:((كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ))، ثُمَّ قَالَ:((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ )) قَالُوا: بَلَى، قَالَ:((كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ)).

[خ: 4918]

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ، غَيْر أَنَّهُ قَالَ:((أَلَا أَدُلُّكُمْ)).

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ جَوَّاظٍ زَنِيمٍ مُتَكَبِّرٍ)).

قوله: ((مُتَضَعِّفٍ)): رويت بفتح العين المشددة، يعني: من يستضعفه الناس ويحتقرونه لفقره وخموله، وإن كان عند الله عظيمًا، وفي هذا تسلية للفقراء الخاملين.

أما رواية: ((مُتَضَعِّفٍ)): بكسر العين المشددة، فالمراد: المتواضع الذي يُظهِر الضعف حتى يألفَه الناس، وإن كان ليس له مكانة في المجتمع ويحقره بعض الناس لكنه له مكانة عند الله فلو أقسم على الله لأبر الله قسمه.

فأهل الجنة هم الضعفاء المتضعفون المؤمنون بالله واليوم الآخر، الذين يستضعفهم الناس ويحتقرونهم لفقرهم وخمولهم، أو المتواضعون الذين يُظهرون الضعف حتى يألفهم الناس.

وأما قوله: ((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ جَوَّاظٍ زَنِيمٍ مُتَكَبِّرٍ)): الجواظ أصح ما قيل فيه أنه: الجَمُوع المنوع، الذي يجمع المال من حلاله ومن حرامه، ثم يمنع الواجب فيه.

ص: 198

والعتل هو: الفاجر الخائن، أو الغليظ الجافي.

والمتكبر هو: الذي يبطر الحق ويرده، ويحتقر الناس ويزدريهم.

والزنيم هو: الدَّعِيُّ بالنسب زورًا.

وهذه الأوصاف المذكورة في الحديث أغلبية في أهل الجنة، وأهل النار، فأهل الجنة يكثر فيهم من كان ضعيفًا متضعفًا، وأهل النار يغلب عليهم من كان عتلًّا جوَّاظًا مستكبرًا.

والعتل الجواظ المستكبر قد يكون كافرًا، فهو من أهل النار قطعًا، وقد يكون من أهل التوحيد والإيمان الذين يرتكبون الكبائر ولا يتوبون، فيكون تحت مشيئة الله.

[2854]

حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنِ العَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ)).

قوله: ((أَشْعَثَ))، أي: غير مُسَرَّح الشعر.

وقوله: ((مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ))، يعني: لا يؤذن له لفقره وخموله.

وأما قوله: ((لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ)): وذلك لكونه مستقيمًا على طاعة الله، ولمكانته عند الله عز وجل، وإن لم يكن من أهل الجاه والمنصب والشرف.

ومن هؤلاء: البراء بن معرور، وأنس بن مالك، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، وقد كان الصحابة إذا حمي القتال قالوا: يا براء، أقسِمْ على ربك، فيقسم على الله فيهزم الكفار

(1)

.

وأما حديث: ((أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللهِ لَا يَغْفِرُ اللهُ لِفُلَانٍ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ

(1)

أخرجه الحاكم (5274)، والبيهقي في الشعب (10001)، وأبونعيم في الحلية (1/ 6).

ص: 199

ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ))

(1)

، فهذا محمول على التألي على الله، والاعتراض عليه عز وجل، والحجر على الله، ففرق بين التألي على الله والتحجر عليه سبحانه، وبين الإقسام على الله من باب حسن الظن به، ونصرة دينه، وإقامة الشريعة وحمايتها.

[2855]

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ النَّاقَةَ، وَذَكَرَ الَّذِي عَقَرَهَا، فَقَالَ:((إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا انْبَعَثَ بِهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ))، ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ فَوَعَظَ فِيهِنَّ، ثُمَّ قَالَ:((إِلَامَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ)). فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: ((جَلْدَ الْأَمَةِ))، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ:((جَلْدَ الْعَبْدِ، وَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ؟ ! ))، ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ، فَقَالَ:((إِلَامَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ؟ ! )).

[خ: 4942]

هذا الرجل المنيع في قومه الذي عقر الناقة يقال له: قدار بن سالف، وقد أهلكه وقومه جميعًا بفعلته، وإن كان هو الذي عقرها وحده؛ لأنهم أقروه عليها، ولم ينكروها عليه.

وفي هذا الحديث: دليل على أن من تواطأ مع شخص على شيء فهو شريك معه في الفعل، ويصيبه ما أصابه من العقوبة.

وقوله: ((إِلَامَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ)): استفهامُ إنكارٍ على من يعامل امرأته معاملة الإماء والعبيد، فالعبد يباع ويُشترى ويُجلد ويؤدَّب والأَمَةُ كذلك، فينبغي للإنسان أن يعامل امرأته معاملة طيبة، ولا يجعلها

(1)

أخرجه مسلم (2621).

ص: 200

مثل العبد والأمة، فالزوجة حرة وعلاقة الزوج بها علاقة عشرة ورحمة ومودة، قال الله تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَ بِالْمَعْرُوفِ} ، فإذا احتاج الزوج إلى الضرب فليكن ضربًا خفيفًا غيرَ مبرِّح؛ حتى لا تتسعَ شقة الخلاف بينه وبين امرأته، ويكون قبل الضرب الوعظ، والهجر، قال تعالى:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} .

وقوله: ((ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ، فَقَالَ: إِلَامَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ؟ ! )): وهذا قد يحصل من الإنسان عند الحركة، قد يبتلى بذلك، فإذا رأى أحد أحدًا قد ابتلي بذلك فلا ينبغي له أن يضحك، بل يتغافل، وكأنه لم يسمع.

[2856]

حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيِّ بْنِ قَمْعَةَ بْنِ خِنْدِفَ أَبَا بَنِي كَعْبٍ هَؤُلَاءِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ)).

[خ: 3521]

حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَحَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: أَخْبَرَنِي، وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ- وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ- حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: إِنَّ الْبَحِيرَةَ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ، فَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَأَمَّا السَّائِبَةُ الَّتِي كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ، فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السُّيُوبَ)).

قوله: ((يَجُرُّ قُصْبَهُ))، يعني: يجر أمعاءه؛ وذلك لأنه أول من سيب السوائب، وأول من جلب الأصنام إلى بلاد العرب، واسمه: عمرو بن لحي بن قمعة.

والسوائب: هي بهيمة الأنعام التي تُسيَّب وتُترك للطواغيت والأصنام.

ص: 201

[2128]

حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا)).

[2857]

حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا زَيْدٌ- يَعْنِي: ابْنَ حُبَابٍ- حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ- مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ- قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يُوشِكُ إِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ أَنْ تَرَى قَوْمًا فِي أَيْدِيهِمْ مِثْلُ أَذْنَابِ الْبَقَرِ، يَغْدُونَ فِي غَضَبِ اللَّهِ وَيَرُوحُونَ فِي سَخَطِ اللَّهِ)).

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ- مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ- قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ أَوْشَكْتَ أَنْ تَرَى قَوْمًا يَغْدُونَ فِي سَخَطِ اللَّهِ، وَيَرُوحُونَ فِي لَعْنَتِهِ، فِي أَيْدِيهِمْ مِثْلُ أَذْنَابِ الْبَقَرِ)).

في هذين الحديثين: الوعيد الشديد على الصنفين التاليين:

الصنف الأول: ((قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ)): قيل: هم الشُّرَطُ الذين أمَّرهم ولاة أمورهم ليضربوا الناس بغير حق.

وقيل: هم الذين يقطعون الطريق، ويأخذون أموال الناس بالباطل، ويضربونهم بغير حق.

والصواب: أنه عام في كل من آذى الناس وضربهم بغير حق.

الصنف الثاني: ((نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ

ص: 202

الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ))، فمعنى ((كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ)): كاسيات من نعم الله، عاريات من شكرها، وقيل: كاسيات من الثياب، عاريات من الستر؛ لأن الثياب ضيقة تبرز مقاطع الجسد، أو لأنها رقيقة تُرى من ورائها البشرة، أو لأنها تكشف بعض جسدها، وقيل: كاسيات من الثياب، عاريات من فعل الخير.

ومعنى ((مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ)): مائلات للفواحش والشر، زائلات عن الحق، مميلات لغيرهن.

وقيل: معنى مائلات: يمشين متبخترات، مميلات لأكتافهن.

وقيل: يمتشطن المشطة الميلاء، وهي مشطة البغايا.

وأما مميلات فتعني: أنهن يمشطن غيرهن بتلك المشطة.

ومعنى ((رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ)): أنهن يعظمن رؤوسهن بالِخرَق واللفائف والعمائم والخُمُر؛ حتى تكون كأن لها رأسًا ثانية، تشبه أسنمة البخت: وهي الإبل التي لها سنامان، وهي إبل تأتي من السودان، وهذا موجود الآن في الممرضات في المستشفيات وغيرها، تعظم رأسها بالخرق كأسنمة البخت المائلة، ويفعل هذا بعض النساء والفتيات في بيوتهن وفي الشوارع.

وقوله: ((يَغْدُونَ فِي غَضَبِ اللَّهِ، وَيَرُوحُونَ فِي سَخَطِ اللَّهِ)): فيه: الوعيد الشديد؛ لأنهم قد ارتكبوا ذنبًا عظيمًا أوجب غضب الله عليهم.

وفيه: إثبات الغضب والسخط لله، وأنهما من صفاته، كما يليق بجلاله وعظمته.

ص: 203