الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ إِخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَكُونُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ
[2891]
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ كَانَ يَقُولُ: قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِكُلِّ فِتْنَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ السَّاعَةِ، وَمَا بِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسَرَّ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ شيئًا لَمْ يُحَدِّثْهُ غَيْرِي، وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ- وَهُوَ يُحَدِّثُ مَجْلِسًا أَنَا فِيهِ عَنِ الفِتَنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَعُدُّ الْفِتَنَ-:((مِنْهُنَّ ثَلَاثٌ لَا يَكَدْنَ يَذَرْنَ شَيْئًا، وَمِنْهُنَّ فِتَنٌ كَرِيَاحِ الصَّيْفِ، مِنْهَا صِغَارٌ، وَمِنْهَا كِبَارٌ)).
قَالَ حُذَيْفَةُ: فَذَهَبَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ كُلُّهُمْ غَيْرِي.
قوله: ((مِنْهُنَّ ثَلَاثٌ لَا يَكَدْنَ يَذَرْنَ شَيْئًا))، أي: لا تترك أحدًا إلا أصابته- ولا حول ولا قوة إلا بالله- ومن ذلك: فتنة المال، وفتنة الربا، فلا يكاد أحد يسلم منهما، ومن سلم من الربا أصابه غباره.
وقوله: ((كَرِيَاحِ الصَّيْفِ))، يعني: تمر مرورًا لا تستقر، ولا تطول مدتها، بل تأتي وتذهب.
وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا، وقَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَامًا مَا تَرَكَ شيئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا حَدَّثَ بِهِ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ، قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ، وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيْءُ قَدْ نَسِيتُهُ، فَأَرَاهُ، فَأَذْكُرُهُ كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ، ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ.
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى قَوْلِهِ:((وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ))، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح، وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، فَمَا مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا قَدْ سَأَلْتُهُ، إِلَّا أَنِّي لَمْ أَسْأَلْهُ مَا يُخْرِجُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ الْمَدِينَةِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
[2892]
وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، قَالَ حَجَّاجٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ، حَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ- يَعْنِي: عَمْرَو بْنَ أَخْطَبَ- قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ، وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا.
في هذا الحديث: بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم قام مقامًا طويلًا، ذكر فيه ما هو كائن
إلى قيام الساعة، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، وذكر حذيفة رضي الله عنه أنه نسي بعض ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا وقع ما ذكره من الفتن تذكَّر كلامه صلى الله عليه وسلم، كما يتذكر الإنسان وجه الإنسان حينما يغيب عنه وينساه، فإذا رآه تذكَّره، فكذلك النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم بأمور كائنة، فنسوا بعضها، فلما وقعت تذكَّروها.
وهذا قول عظيم منه عليه الصلاة والسلام، يوم كامل يخطب الناس، فلما صلى الفجر صعد إلى المنبر، وخطب في الناس حتى حضرت الظهر، ثم نزل فصلى الظهر، ثم صعد المنبر فخطب في الناس حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى العصر، ثم صعد المنبر، فخطب في الناس حتى غربت الشمس، وأخبرهم بما هو كائن.
وهذا الأمر كان بوحي من الله عز وجل لتعليم الناس ما يكون، وهذه الصفة في الموعظة شيء قليل ونادر في أحواله صلى الله عليه وسلم؛ إذ الأغلب في خُطَبه عليه الصلاة والسلام أن تكون قصيرة، كما أرشد الخطباء إلى ذلك بقوله:((إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا))
(1)
، أي: دليل على فقهه.
وفي هذا الحديث: أنه صلى الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب بوضوء واحد، وهذا الفعل لا بأس به؛ فتجديد الوضوء لكل صلاة مستحب، وليس بواجب.
(1)
أخرجه مسلم (869).