الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ سُقُوطِ الذُّنُوبِ بِالِاسْتِغْفَارِ تَوْبَةً
[2748]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ- قَاصِّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ- عَنْ أَبِي صِرْمَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّهُ قَالَ- حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ-: كُنْتُ كَتَمْتُ عَنْكُمْ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((لَوْلَا أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا يُذْنِبُونَ يَغْفِرُ لَهُمْ)).
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عِيَاضٌ- وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيُّ- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ أَبِي صِرْمَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((لَوْ أَنَّكُمْ لَمْ تَكُنْ لَكُمْ ذُنُوبٌ يَغْفِرُهَا اللَّهُ لَكُمْ لَجَاءَ اللَّهُ بِقَوْمٍ لَهُمْ ذُنُوبٌ يَغْفِرُهَا لَهُمْ)).
في هذا الحديث: أنه لا يجوز كتمان العلم.
وفيه: بيان فضل الله تعالى وإحسانه وأنه سبحانه يغفر لعباده، والله سبحانه وتعالى علم أن العباد يذنبون وقدَّر ذلك عليهم؛ لما لله في ذلك من الحكمة، التي منها ظهور آثار أسمائه الحسنى؛ كاسم التواب والرحيم والغفور، فلو لم يكن للعباد ذنوب لما ظهرت للناس آثار هذه الأسماء من أسماء الله الحسنى، ولما وجدت العبوديات المتنوعة كعبودية التوبة-وهي من أحب العبوديات إلى الله- وعبودية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعبودية الولاء والبراء، وعبودية الحب والبغض في الله، وعبودية الجهاد في سبيل الله، إلى غير ذلك من العبوديات المتنوعة.
[2749]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ جَعْفَرٍ الْجَزَرِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ)).
في هذا الحديث: أقسم النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق وإن لم يقسم- ولكن أقسم لتحقيق هذا الأمر، وكان كثيرًا ما يقسم عليه الصلاة والسلام بقوله:((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ)).
وفيه: إثبات اليد لله عز وجل.
وفيه: أن نفوس العباد بيد الله عز وجل، والنفس تطلق على الروح، وتطلق على الروح مع الجسد، وأكثر ما تطلق النفس إذا كانت في الجسد، وإذا كانت وحدها تسمى روحًا.
وفي حديث أبي أيوب رضي الله عنه نصح العلماء وتعلميهم وتربيتهم للناس، مع عدم كتمان العلم، فأبو أيوب رضي الله عنه أنه كتم شيئًا، ثم أخبر به عند موته، كتم قول النبي صلى الله عليه وسلم:((لَوْلَا أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ اللهُ خَلْقًا يُذْنِبُونَ يَغْفِرُ لَهُمْ))، وكتم ذلك لئلَّا يتكل العباد على سعة رحمة الله، وينهمكون في المعاصي، ثم أخبر به عند موته خروجًا من إثم الكتمان، كما فعل معاذ رضي الله عنه لما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بحق الله على عباده، وحق العباد على الله قال: أفلا أبشر الناس؟ قال: ((لا تُبَشِّرْهُمْ، فَيَتَّكِلُوا))
(1)
، ثم أخبر به معاذ رضي الله عنه عند موته تأثمًا.
والذي ينبغي في مثل هذا: أن يخبر العباد بذلك، ويبين لهم الحكمة، وأن الله سبحانه وتعالى قد قدَّر على العباد الذنوب لما لله في ذلك من الحكمة من رجوع العبد إلى الله، وتوبته من الذنوب، وإقراره بربوبية الله، واعترافه بذنبه إلى آخر العبوديات التي سبق ذكرها.
(1)
أخرجه البخاري (2856)، ومسلم (30).