المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الرِّقَاقِ

- ‌بَاب أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْفُقَرَاءُ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ النِّسَاءُ

- ‌بَابُ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْغَارِ الثَّلَاثَةِ، وَالتَّوَسُّلِ بِصَالِحِ الْأَعْمَالِ

- ‌كِتَابُ التَّوْبَةِ

- ‌بَابٌ فِي الْحَضِّ عَلَى التَّوْبَةِ، وَالْفَرَحِ بِهَا

- ‌بَابُ سُقُوطِ الذُّنُوبِ بِالِاسْتِغْفَارِ تَوْبَةً

- ‌بَابُ فَضْلِ دَوَامِ الذِّكْرِ وَالْفِكْرِ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ، وَالْمُرَاقَبَةِ، وَجَوَازِ تَرْكِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَالِاشْتِغَالِ بِالدُّنْيَا

- ‌بَابٌ فِي سِعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهَا سَبَقَتْ غَضَبَهُ

- ‌بَابُ قَبُولِ التَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَإِنْ تَكَرَّرَتِ الذُّنُوبُ وَالتَّوْبَةُ

- ‌بَابُ غَيْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}

- ‌بَابُ قَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ، وَإِنْ كَثُرَ قَتْلُهُ

- ‌بَابُ حَدِيثِ تَوْبَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ، وَقَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاذِفِ

- ‌بَاب بَرَاءَةِ حَرَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الرِّيبَةِ

- ‌كِتَابُ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَأَحْكَامِهِمْ

- ‌كِتَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ، وَالْجَنَّةِ، وَالنَّارِ

- ‌بَابُ ابْتِدَاءِ الْخَلْقِ، وَخَلْقِ آدَمَ عليه السلام

- ‌بَابٌ فِي الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَصِفَةِ الْأَرْضِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌بَابُ نُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

- ‌بَابُ سُؤَالِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرُّوحِ

- ‌بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}

- ‌بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَأَىهُ اسْتَغْنَى}

- ‌بَابُ الدُّخَانِ

- ‌بَابُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ

- ‌بَابُ لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى مِنَ اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ طَلَبِ الْكَافِرِ الْفِدَاءَ بِمِلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا

- ‌بَابُ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ

- ‌بَابُ صَبْغِ أَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا فِي النَّارِ، وَصَبْغِ أَشَدِّهِمْ بُؤْسًا فِي الْجَنَّةِ

- ‌بَابُ جَزَاءِ الْمُؤْمِنِ بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ

- ‌بَابُ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَالزَّرْعِ، وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَشَجَرِ الْأَرْزِ

- ‌بَابُ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ النَّخْلَةِ

- ‌بَابُ تَحْرِيشِ الشَّيْطَانِ، وَبَعْثِهِ سَرَايَاهُ لِفِتْنَةِ النَّاسِ

- ‌بَابُ لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ بَلْ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَابُ إِكْثَارِ الْأَعْمَالِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ

- ‌بَابُ الِاقْتِصَادِ فِي الْمَوْعِظَةِ

- ‌كِتَابُ الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا

- ‌بَاب إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا

- ‌بَابُ إِحْلَالِ الرِّضْوَانِ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَلَا يَسْخَطُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا

- ‌بَابُ تَرَائِي أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ الْغُرَفِ كَمَا يُرَى الْكَوْكَبُ فِي السَّمَاءِ

- ‌بَابُ فِيمَنْ يَوَدُّ رُؤْيَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ

- ‌بَابٌ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ، وَمَا يَنَالُونَ فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ وَالْجَمَالِ

- ‌بَابٌ أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ

- ‌بَابٌ فِي صِفَاتِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِهَا، وَتَسْبِيحِهِمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا

- ‌بَابٌ فِي دَوَامِ نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وقَوْلِه تَعَالَى:

- ‌بَابٌ فِي صِفَةِ خِيَامِ الْجَنَّةِ وَمَا لِلْمُؤْمِنِينَ فِيهَا مِنَ الْأَهْلِينَ

- ‌بَابٌ مَا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ

- ‌بَابٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَقْوَامٌ أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ

- ‌بَابٌ فِي شِدَّةِ حَرِّ نَارِ جَهَنَّمَ، وَبُعْدِ قَعْرِهَا، وَمَا تَأْخُذُ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ

- ‌بَابٌ النَّارُ يَدْخُلُهَا الْجَبَّارُونَ، وَالْجَنَّةُ يَدْخُلُهَا الضُّعَفَاءُ

- ‌بَابُ فَنَاءِ الدُّنْيَا، وَبَيَانِ الْحَشْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌بَابٌ فِي صِفَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَعَانَنَا اللَّهُ عَلَى أَهْوَالِهَا

- ‌بَابُ الصِّفَاتِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ

- ‌بَابُ عَرْضِ مَقْعَدِ الْمَيِّتِ مِنَ الْجَنَّةِ، أَوِ النَّارِ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ إِثْبَاتِ الْحِسَابِ

- ‌بَابُ الْأَمْرِ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْمَوْتِ

- ‌كِتَابُ الْفِتَنِ، وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ

- ‌بَابُ اقْتِرَابِ الْفِتَنِ، وَفَتْحِ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

- ‌بَابُ الْخَسْفِ بِالْجَيْشِ الَّذِي يَؤُمُّ الْبَيْتَ

- ‌بَابُ نُزُولِ الْفِتَنِ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ

- ‌بَابُ إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا

- ‌بَابُ هَلَاكِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ

- ‌بَابُ إِخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَكُونُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ

- ‌بَابٌ فِي الْفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ

- ‌بَابُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ

- ‌بَابٌ فِي فَتْحِ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَخُرُوجِ الدَّجَّالِ

- ‌بَابُ تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ

- ‌بَابُ إِقْبَالِ الرُّومِ فِي كَثْرَةِ الْقَتْلِ عِنْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ

- ‌بَابُ مَا يَكُونُ مِنْ فُتُوحَاتِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ الدَّجَّالِ

- ‌بَابٌ فِي الْآيَاتِ الَّتِي تَكُونُ قَبْلَ السَّاعَةِ

- ‌بَابُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ

- ‌بَابُ فِي سُكْنَى الْمَدِينَةِ وَعِمَارَتِهَا قَبْلَ السَّاعَةِ

- ‌بَابُ الْفِتْنَةُ مِنَ الْمَشْرِقِ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ

- ‌بَابُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَعْبُدَ دَوْسٌ ذَا الْخَلَصَةِ

- ‌بَابُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ ابْنِ صَيَّادٍ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّجَّالِ وَصِفَتِهِ وَمَا مَعَهُ

- ‌بَابُ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ، وَتَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدَّجَّالِ، وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابٌ فِي خُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَمُكْثِهِ فِي الْأَرْضِ، وَنُزُولِ عِيسَى، وَقَتْلِهِ إِيَّاهُ، وَذَهَابِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْإِيمَانِ، وَبَقَاءِ شِرَارِ النَّاسِ، وَعِبَادَتِهِمُ الْأَوْثَانَ، وَالنَّفْخِ فِي الصُّورِ، وَبَعْثِ مَنْ فِي الْقُبُورِ

- ‌بَابُ قِصَّةِ الْجَسَّاسَةِ

- ‌بَابٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحَادِيثِ الدَّجَّالِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْعِبَادَةِ فِي الْهَرْجِ

- ‌بَابُ قُرْبِ السَّاعَةِ

- ‌بَابُ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ

- ‌كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ

- ‌بَاب لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ

- ‌بَابُ الْإِحْسَانِ إِلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ وَالْيَتِيمِ

- ‌بَابُ فَضْلِ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الْمَسَاكِينِ

- ‌بَابُ مَنْ أَشْرَكَ فِي عَمَلِهِ غَيْرَ اللَّهِ

- ‌بَابُ التَّكَلُّمِ بِالْكَلِمَةِ يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ

- ‌بَابُ عُقُوبَةِ مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَفْعَلُهُ، وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ وَيَفْعَلُهُ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ هَتْكِ الْإِنْسَانِ سِتْرَ نَفْسِهِ

- ‌بَابُ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَكَرَاهَةِ التَّثَاؤُبِ

- ‌بَابٌ فِي أَحَادِيثَ مُتَفَرِّقَةٍ

- ‌بَابٌ فِي الْفَأْرِ، وَأَنَّهُ مَسْخٌ

- ‌بَابُ لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ

- ‌بَابٌ الْمُؤْمِنُ أَمْرُهُ كُلُّهُ خَيْرٌ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ المَدْحِ إِذَا كَانَ فِيهِ إِفْرَاطٌ

- ‌بَابُ مُنَاوَلَةِ الْأَكْبَرِ

- ‌بَابُ التَّثَبُّتِ فِي الْحَدِيثِ، وَحُكْمِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ، وَالسَّاحِرِ وَالرَّاهِبِ وَالْغُلَامِ

- ‌بَابُ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ، وَقِصَّةِ أَبِي الْيَسَرِ

- ‌بَابٌ فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ، وَيُقَالُ لَهُ: حَدِيثُ الرَّحْلِ

- ‌كِتَاب التَّفْسِيرِ

- ‌بَابٌ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}

- ‌بَابٌ فِي قَوْله تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}

- ‌بَابٌ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ}

- ‌بَابٌ فِي قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}

- ‌بَاب فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ، وَالْأَنْفَالِ، وَالْحَشْرِ

- ‌بَابٌ فِي نُزُولِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ

- ‌بَابٌ فِي قَوْله تَعَالَى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}

الفصل: ‌باب ذكر ابن صياد

‌بَابُ ذِكْرِ ابْنِ صَيَّادٍ

[2924]

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ- وَاللَّفْظُ لِعُثْمَانَ- قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَرَرْنَا بِصِبْيَانٍ فِيهِمْ ابْنُ صَيَّادٍ، فَفَرَّ الصِّبْيَانُ وَجَلَسَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَكَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((تَرِبَتْ يَدَاكَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ ))، فَقَالَ: لَا، بَلْ تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ذَرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ حَتَّى أَقْتُلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنْ يَكُنِ الَّذِي تُرَى فَلَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ)).

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ- وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ- قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا، وقَالَ الْآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا نَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمَرَّ بِابْنِ صَيَّادٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا))، فَقَالَ: دُخٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ))، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((دَعْهُ، فَإِنْ يَكُنِ الَّذِي تَخَافُ لَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ)).

في هذين الحديثين: ذكر ابن صياد، ويقال له: ابن صائد.

وفيها: أن اسمه صافٍ، وهو دجال من دجاجلة اليهود، إلا أنه لم يبلغ الحلم، وكان قد أشكل أمره على النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر، فلم يدر هل هو الدجال الأكبر، أو ليس هو؟ ! لأن الله تعالى بين له الأوصاف، ولم يبين له عينه، ثم بعد ذلك أخبره الله عز وجل أنه ليس هو الدجال الأكبر، وإنما الدجال

ص: 310

الأكبر يخرج في آخر الزمان.

قوله: ((تَرِبَتْ يَدَاكَ)): هذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم عليه بأن تلصق يده بالتراب من الفقر، وهو من الألفاظ التي تقولها العرب وهم لا يريدون حقيقتها، وقد يراد به الحقيقة، كما في هذا الدعاء على ابن صياد.

وفيهما: أن ابن صياد ادعى النبوة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَا، بَلْ تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ ))؛ ولهذا قال عمر رضي الله عنه: ((ذَرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ حَتَّى أَقْتُلَهُ))؛ لأنه يهودي كافر، ومدَّعٍ للنبوة.

قوله: ((إِنْ يَكُنِ الَّذِي تُرَى فَلَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ)): تُرى بمعنى: تظن، أي: إن كان الذي تظن من أنه الدجال الأكبر فلن تستطيع قتله، كما يدل عليه الحديث الذي بعده:((فَإِنْ يَكُنِ الَّذِي تَخَافُ لَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ))؛ لأنه لا بد أن يمكث المدة التي قدَّرها الله له أن يمكثها في الأرض، كما سيأتي في حديث الدجال، وهي:((أَرْبَعُونَ يَوْمًا؛ يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ))، ولا بد أن تجري على يديه الخوارق، والأمور التي قدَّرها الله عز وجل، وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرف أنه الدجال في أول الأمر، حتى أعلمه الله بعد ذلك أنه ليس هو الدجال الأكبر.

وفيهما: أن ابن صياد ادعى الكهانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا))، فَقَالَ: دُخٌّ، وخبأت، يعني: أضمرت في نفسي، وأخفيت، والدُّخ لغة في الدخان، يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أضمر له هذه الآية: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} ، فعرفها ابن صياد.

وفيهما: أنه لا يجوز للإنسان أن ينفذ الأحكام بنفسه، بل لا بد أن يكون ذلك عن طريق ولاة الأمور؛ ولهذا استأذن عمر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:((دَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ))، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يأذن له في قتله.

مسألة: لِمَ لم يقتل النبي صلى الله عليه وسلم ابن صياد؟

والجواب: اختلف العلماء في ذلك على قولين:

ص: 311

الأول: لأنه يهودي، واليهود بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد.

الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنه صبي، والصبي ليس مكلفًا، ولا تقام عليه الحدود.

والأقرب- والله أعلم-: أن النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر لم يؤذن له في قتله؛ لأنه اشتبه عليه الأمر، فلم يدر هل هو الدجال الأكبر، أو غيره، حتى إن بعض الصحابة رضي الله عنهم كان يحلف أنه هو الدجال الأكبر، وقد حلفوا على ما يظنون، ولا يعتبر هذا من الكذب.

ص: 312

[2925]

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ عَنِ الجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: لَقِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ ))، فَقَالَ هُوَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((آمَنْتُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ، مَا تَرَى؟ )) قَالَ: أَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((تَرَى عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ، وَمَا تَرَى؟ )) قَالَ: أَرَى صَادِقَيْنِ وَكَاذِبًا، أَوْ كَاذِبَيْنِ، وَصَادِقًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((لُبِسَ عَلَيْهِ، دَعُوهُ)).

[2926]

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَا: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَقِيَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَ صَائِدٍ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَابْنُ صَائِدٍ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْجُرَيْرِيِّ.

[2927]

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ صَائِدٍ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ لِي: أَمَا قَدْ لَقِيتُ مِنَ النَّاسِ؛ يَزْعُمُونَ أَنِّي الدَّجَّالُ؟ أَلَسْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّهُ لَا يُولَدُ لَهُ؟ )) قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَقَدْ وُلِدَ لِي، أَوَلَيْسَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ، وَلَا مَكَّةَ؟ ))، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَقَدْ وُلِدْتُ بِالْمَدِينَةِ، وَهَذَا أَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي- فِي آخِرِ قَوْلِهِ-: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ مَوْلِدَهُ، وَمَكَانَهُ وَأَيْنَ هُوَ، قَالَ: فَلَبَسَنِي.

قوله: ((فَلَبَسَنِي))، يعني: التبس عليه الأمر، وخُلط عليه أمره.

في هذه الأحاديث: أن ابن صياد ابتلي، فكان يرى عرشًا على الماء، وهو عرش إبليس، يشبه عرش الرحمن؛ ولهذا قال:((أَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ)).

وفيها: دليل على أن الدجال مولود، وأنه يهودي، وأنه موثق بالحديد،

ص: 313

ولم يؤذن له بالخروج؛ ولهذا قال ابن صياد: ((وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ مَوْلِدَهُ، وَمَكَانَهُ وَأَيْنَ هُوَ))، فيؤخذ من هذا: أنه موجود، وأنه مولود، وأنه موثق بالحديد، وهذا من الأدلة على أن ابن صياد ليس هو الدجال الأكبر.

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَا: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ صَائِدٍ- وَأَخَذَتْنِي مِنْهُ ذَمَامَةٌ-: هَذَا عَذَرْتُ النَّاسَ، مَا لِي وَلَكُمْ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، أَلَمْ يَقُلْ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ يَهُودِيٌّ، وَقَدْ أَسْلَمْتُ، قَالَ: وَلَا يُولَدُ لَهُ، وَقَدْ وُلِدَ لِي، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْهِ مَكَّةَ، وَقَدْ حَجَجْتُ، قَالَ: فَمَا زَالَ حَتَّى كَادَ أَنْ يَأْخُذَ فِيَّ قَوْلُهُ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: أَمَا- وَاللَّهِ- إِنِّي لَأَعْلَمُ الْآنَ حَيْثُ هُوَ، وَأَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، قَالَ: وَقِيلَ لَهُ: أَيَسُرُّكَ أَنَّكَ ذَاكَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: فَقَالَ: لَوْ عُرِضَ عَلَيَّ مَا كَرِهْتُ.

قوله: ((وَأَخَذَتْنِي مِنْهُ ذَمَامَةٌ))، أي: حياء، وإشفاق.

وقوله: ((هَذَا عَذَرْتُ النَّاسَ، مَا لِي وَلَكُمْ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ))، يعني: إذا عذرت الناس فلا أعذركم يا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنكم تعلمون الأحاديث، وتعلمون أوصاف الدجال، وأنها لا تنطبق عليَّ.

وقوله: ((فَمَا زَالَ حَتَّى كَادَ أَنْ يَأْخُذَ فِيَّ قَوْلُهُ)

يعني: حتى كاد يؤثر عليَّ، وأُصَدِّقه في دعواه.

وفي هذا الحديث: دليل على أن الدجال لا يدخل مكة، والمدينة في وقته، وأن الله حرمهما عليه، وجاء هذا صريحًا في حديث:((فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ؛ فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً- أَوْ: وَاحِدًا مِنْهُمَا- اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا يَصُدُّنِي عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا)).

ص: 314

وفيه: دليل على أن ابن صياد كافر؛ لأنه يقول: ((لَوْ عُرِضَ عَلَيَّ مَا كَرِهْتُ))، يعني: أنه لا يكره أنه هو الدجال لو عُرض عليه، أي: لا يكره أن يكون كافرًا، والذي لا يكره الكفر كافر؛ لأنه يكون قد نقض كلمة التوحيد:(لا إله إلا الله).

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، أَخْبَرَنِي الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا أَوْ عُمَّارًا، وَمَعَنَا ابْنُ صَائِدٍ قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ، فَاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ وَحْشَةً شَدِيدَةً؛ مِمَّا يُقَالُ عَلَيْهِ، قَالَ: وَجَاءَ بِمَتَاعِهِ فَوَضَعَهُ مَعَ مَتَاعِي، فَقُلْتُ: إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ، فَلَوْ وَضَعْتَهُ تَحْتَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَفَعَلَ، قَالَ: فَرُفِعَتْ لَنَا غَنَمٌ، فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعُسٍّ، فَقَالَ: اشْرَبْ أَبَا سَعِيدٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ، وَاللَّبَنُ حَارٌّ- مَا بِي إِلَّا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَشْرَبَ عَنْ يَدِهِ، أَوَ قَالَ: آخُذَ عَنْ يَدِهِ- فَقَالَ: أَبَا سَعِيدٍ، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ حَبْلًا، فَأُعَلِّقَهُ بِشَجَرَةٍ، ثُمَّ أَخْتَنِقَ مِمَّا يَقُولُ لِي النَّاسُ، يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَسْتَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((هُوَ كَافِرٌ))؟ وَأَنَا مُسْلِمٌ، أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((هُوَ عَقِيمٌ لَا يُولَدُ لَهُ))؟ وَقَدْ تَرَكْتُ وَلَدِي بِالْمَدِينَةِ، أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلَا مَكَّةَ))؟ وَقَدْ أَقْبَلْتُ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَأَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: حَتَّى كِدْتُ أَنْ أَعْذِرَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا- وَاللَّهِ- إِنِّي لَأَعْرِفُهُ، وَأَعْرِفُ

مَوْلِدَهُ وَأَيْنَ هُوَ الْآنَ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ.

قوله: ((فَرُفِعَتْ لَنَا غَنَمٌ، فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعُسٍّ)): العُسُّ: قدح كبير فيه لبن، والمعنى: أنه حلب الغنم، وجاء بلبنها لأبي سعيد رضي الله عنه، وقال:((اشْرَبْ)

ص: 315

ولكنه اعتذر منه، وقال:((إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ وَاللَّبَنُ حَارٌّ)): فلم يأخذ منه، والسبب في عدم أخذه اللبن هو: أنه يكره أن يأخذ من يده شيء، لا من أجل أن اللبن حار.

[2928]

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ- يَعْنِي: ابْنَ مُفَضَّلٍ- عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ صَائِدٍ-: ((مَا تُرْبَةُ الْجَنَّةِ؟ )) قَالَ: دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، قَالَ:((صَدَقْتَ)).

وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ:((دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ خَالِصٌ)).

قوله: ((دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ)): معناه: أنها في البياض درمكة، وفي الطيب مسك، والدرمك: هو الدقيق الحوَّارَى خالص البياض.

وفي هذا الحديث: دليل على تصديق الكاذب إذا قال صدقًا، ولو كان هو في نفسه كاذبًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صدَّقه.

وفيه: دليل أن الحق يُقبل ممن جاء به، ولو كان كافرًا، أو كاذبًا، فهذا حق جاء به ابن صياد، ومع ذلك صدَّقه النبي صلى الله عليه وسلم في أن الجنة ((دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ))، كما ثبت هذا من قوله صلى الله عليه وسلم.

ومن الأدلة- أيضًا- على قبول الحق ممن جاء به ولو كان كاذبًا أو كافرًا: قبول النبي صلى الله عليه وسلم قول اليهودي لما قال: ((يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يَضَعُ السَّمَاءَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرْضَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ وَالأَنْهَارَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ بِيَدِهِ: أَنَا المَلِكُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91]))

(1)

؛ تصديقًا لقول الحق، وكذلك

(1)

أخرجه البخاري (7451).

ص: 316

صدَّق الشيطان لما أخبر أبا هريرة رضي الله عنه قال: ((إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ))

(1)

.

وفيه: إثباتُ أن الجنة مخلوقة الآن، والردُّ على المعتزلة الذين أنكروا خلقها، وقالوا: إنها لا تُخلق إلا يوم القيامة.

(1)

أخرجه البخاري (3275).

ص: 317

[2929]

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ صَائِدٍ الدَّجَّالُ، فَقُلْتُ: أَتَحْلِفُ بِاللَّهِ؟ ! قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

[2930]

حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ انْطَلَقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وَجَدَهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ الْحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ظَهْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ صَيَّادٍ-:((أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ ))، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الْأُمِّيِّينَ، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ- لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَرَفَضَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:((آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ))، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((مَاذَا تَرَى؟ ))، قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((خُلِّطَ عَلَيْكَ الْأَمْرُ))، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا))، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ))، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ذَرْنِي- يَا رَسُولَ اللَّهِ- أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ

لَكَ فِي قَتْلِهِ.

[خ: 3055]

[2931]

وَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيُّ إِلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّخْلَ طَفِقَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شيئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّادٍ، فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشٍ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا زَمْزَمَةٌ، فَرَأَتْ

ص: 318

أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لِابْنِ صَيَّادٍ: يَا صَافِ- وَهُوَ اسْمُ ابْنِ صَيَّادٍ- هَذَا مُحَمَّدٌ، فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ)).

[خ: 3057]

[169]

قَالَ سَالِمٌ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ:((إِنِّي لَأُنْذِرُكُمُوهُ، مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعَلَّمُوا أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى لَيْسَ بِأَعْوَرَ)).

[خ: 3337]

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ- يَوْمَ حَذَّرَ النَّاسَ الدَّجَّالَ-: ((إِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ، يَقْرَؤُهُ مَنْ كَرِهَ عَمَلَهُ- أَوْ: يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ- وَقَالَ: تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عز وجل حَتَّى يَمُوتَ)).

[2930]

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ- وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ- حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، حَتَّى وَجَدَ ابْنَ صَيَّادٍ غُلَامًا قَدْ نَاهَزَ الْحُلُمَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مُعَاوِيَةَ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ إِلَى مُنْتَهَى حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ يَعْقُوبَ قَالَ: قَالَ أُبَيٌّ- يَعْنِي: فِي قَوْلِهِ: ((لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ)) قَالَ-: لَوْ تَرَكَتْهُ أُمُّهُ بَيَّنَ أَمْرَهُ.

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِابْنِ صَيَّادٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ وَهُوَ غُلَامٌ، بِمَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ وَصَالِحٍ، غَيْرَ أَنَّ عَبْدَ بْنَ حُمَيْدٍ لَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ، فِي انْطِلَاقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ إِلَى النَّخْلِ.

ص: 319

قوله: ((عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ))، يعني: عند حصن بني مغالة.

وقوله: ((فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الْأُمِّيِّينَ))، يعني: أشهد أنك مرسل إلى العرب، لا إلى العجم.

وقوله: ((فَرَفَضَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)، يعني: رفسه برجله.

وقوله: ((فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا زَمْزَمَةٌ)): الزمزمة: صوت النار، يعني: هو جالس على قطيفة، وله صوت غير معروف.

وقوله: ((فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ))، أي: يختفي ليسمع من كلامه، حتى يستدل به على أمره، وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت ما بُيِّن له الدجال بشخصه وعينه، وإن كان قد بينت له الأوصاف.

وقوله: ((لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ))، يعني: تبين أمره مما نسمع من كلامه.

وقوله: ((تَعَلَّمُوا أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى لَيْسَ بِأَعْوَرَ)): تعلَّموا بمعنى: اعلموا، أي: اعلموا أن ربكم ليس بأعور.

وقد استدل العلماء بهذا الحديث على إثبات العينين لله عز وجل، وأن الله سبحانه وتعالى له الكمال في ذاته، وصفاته، وأفعاله، وأسمائه، وأن له عينين سليمتين، وأن الدجال أعور، والله ليس بأعور.

ومن هنا قالوا: إن المراد بقوله تعالى: {تجري بأعيننا} المراد به: عينَا الله عز وجل، كما دل عليه الحديث، كما أن لله تعالى يدين، بدليل قوله تعالى:{بل يداه مبسوطتان} ، وقوله:{لما خلقت بيدي} ، وأن المراد بقوله تعالى:{مما عملت أيدينا} يَدَا الله تعالى.

وهناك علامتان في الحديث تدلان على كذب ابن صياد في دعواه، وكذب الدجال في دعواه الربوبية:

الأولى: أن الدجال أعور، والله تعالى ليس بأعور.

الثانية: أن الدجال رؤي في الدنيا، والله تعالى لا يُرى في الدنيا، لكن

ص: 320

يُرى بعد الموت في الآخرة، كما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال:((فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَأَنَّكُمْ لَنْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا))

(1)

.

[2932]

حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَقِيَ ابْنُ عُمَرَ ابْنَ صَائِدٍ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ قَوْلًا أَغْضَبَهُ، فَانْتَفَخَ حَتَّى مَلَأَ السِّكَّةَ، فَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى حَفْصَةَ وَقَدْ بَلَغَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ! مَا أَرَدْتَ مِنْ ابْنِ صَائِدٍ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا)).

قوله: ((فَانْتَفَخَ حَتَّى مَلَأَ السِّكَّةَ)): السكة جمعها سكك وهي الطريق، وهذا يدل على أنه من الدجالين والمشعوذين؛ لأنه لما أغضبه ابن عمر رضي الله عنهما انتفخ حتى ملأ الطريق.

وقوله: ((إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا)): فيه: أن حفصة رضي الله عنها أيضًا- تظن أن ابن صائد هو الدجال الأكبر، كما كان عمر رضي الله عنه يحلف، وجابر وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم يحلفون على ذلك.

(1)

أخرجه أحمد (22764)، وأبو داود (4320).

ص: 321

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ- يَعْنِي: ابْنَ حَسَنِ بْنِ يَسَارٍ- حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ نَافِعٌ يَقُولُ: ابْنُ صَيَّادٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَقِيتُهُ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: فَلَقِيتُهُ، فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ: هَلْ تَحَدَّثُونَ أَنَّهُ هُوَ؟ قَالَ: لَا، وَاللَّهِ، قَالَ: قُلْتُ: كَذَبْتَنِي، وَاللَّهِ لَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُكُمْ: أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَكُمْ مَالًا وَوَلَدًا، فَكَذَلِكَ هُوَ زَعَمُوا الْيَوْمَ، قَالَ: فَتَحَدَّثْنَا، ثُمَّ فَارَقْتُهُ، قَالَ: فَلَقِيتُهُ لَقْيَةً أُخْرَى، وَقَدْ نَفَرَتْ عَيْنُهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: مَتَى فَعَلَتْ عَيْنُكَ مَا أَرَى؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، قَالَ: قُلْتُ: لَا تَدْرِي، وَهِيَ فِي رَأْسِكَ؟ ! قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ خَلَقَهَا فِي عَصَاكَ هَذِهِ، قَالَ: فَنَخَرَ كَأَشَدِّ نَخِيرِ حِمَارٍ، سَمِعْتُ قَالَ: فَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِي أَنِّي ضَرَبْتُهُ بِعَصًا كَانَتْ مَعِيَ حَتَّى تَكَسَّرَتْ، وَأَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ مَا شَعَرْتُ، قَالَ: وَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَحَدَّثَهَا، فَقَالَتْ: مَا تُرِيدُ إِلَيْهِ؟ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يَبْعَثُهُ عَلَى النَّاسِ غَضَبٌ يَغْضَبُهُ.

في هذا الحديث: أن ابن عمر رضي الله عنهما بينه وبين ابن صياد ملابسات وأشياء، حيث جاء إليه ((وَقَدْ نَفَرَتْ عَيْنُهُ))، يعني: برزت، فسأله: متى برزت؟ قال: ((مَتَى فَعَلَتْ عَيْنُكَ مَا أَرَى؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، قَالَ: قُلْتُ: لَا تَدْرِي، وَهِيَ فِي رَأْسِكَ؟ ! قال: إِنْ شَاءَ اللَّهُ خَلَقَهَا فِي عَصَاكَ هَذِهِ، قَالَ: فَنَخَرَ كَأَشَدِّ نَخِيرِ حِمَارٍ)): فضربه ابن عمر رضي الله عنهما بعصاه، وكان لا يشعر، وقال أصحابه: إنك ضربته حتى تكسرت، وأما ابن عمر رضي الله عنهما فلم يشعر، كأنه حصل له إغماء، أو غفلة، أو أن ابن صياد حصل منه تأثير عليه من شعوذته، فلما جاء ابن عمر رضي الله عنهما إلى حفصة رضي الله عنها نهته، وقالت له:((إِنَّ أَوَّلَ مَا يَبْعَثُهُ عَلَى النَّاسِ غَضَبٌ يَغْضَبُهُ)): فلا تُغضبه، واتركه حتى لا يخرج؛ لأن خروجه يضر بالناس.

ص: 322