الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ النَّخْلَةِ
[2811]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ- وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى- قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- يَعْنُونَ: ابْنَ جَعْفَرٍ- أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ )) فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: فَقَالَ: ((هِيَ النَّخْلَةُ))، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ قَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَ هِيَ النَّخْلَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا.
[خ: 61]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ الضُّبَعِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ-: ((أَخْبِرُونِي عَنْ شَجَرَةٍ مَثَلُهَا مَثَلُ الْمُؤْمِنِ))، فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَذْكُرُونَ شَجَرًا مِنْ شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَأُلْقِيَ فِي نَفْسِي- أَوْ: رُوعِيَ- أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَجَعَلْتُ أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهَا، فَإِذَا أَسْنَانُ الْقَوْمِ، فَأَهَابُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَلَمَّا سَكَتُوا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((هِيَ النَّخْلَةُ)).
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ، فَذَكَرَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمَا.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سَيْفٌ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجُمَّارٍ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِهِمْ.
قوله: ((فأتي بجُمَّار)): الجُمَّار: هو شحم النخلة.
وقوله: ((وَأُلْقِيَ فِي نَفْسِي- أَوْ: رُوعِيَ)): الرُّوع- بضم الراء-: يعني القلب، أما الرَّوع- بفتح الراء- فهو الخوف؛ لقوله تعالى:{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ} .
ولما أُلقي في قلب ابن عمر رضي الله عنهما وعرف أنها النخلة هاب وسكت؛ لأنه راعى أسنان القوم، أي: أصحاب السن الكبيرة، فأجاب النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأنها:((هِيَ النَّخْلَةُ)).
وفي هذا الحديث: مثلٌ آخرُ ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمن في كثرة خيره وبره؛ فقد شبهه بالنخلة في كثرة خيراتها، والنخلة كلها مفيدة، شحمها- وهو الجُمَّار-، وليفها، وكربها، وجذعها، حتى شوكُها، وخُوصها، وحتى تمرُها ونواته، فليس فيها شيء ضائع؛ فالجذع يجعل في السواري، والعسب يجعل في السقوف، والخوص يُنسج منه الفرش
…
وهكذا.
والنخلة خضراء طول الوقت- صيفًا وشتاءً وربيعًا وخريفًا- فهي لا تيبس، بخلاف معظم الأشجار؛ فإنها تيبس في بعض فصول السنة.
كذلك المؤمن فإنه نافع ومفيد، وناصح لعباد الله عز وجل في حياته وبعد مماته، كما في قصة صاحب ياسين عليه السلام؛ فإنه نصح لقومه حتى بعد قتله، كما قال تعالى:{قال يا ليت قومي يعلمون بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} .
وفيه: جواز إلقاء العالِم المسألةَ على أصحابه؛ ليختبر ما عندهم من علم.
وفيه: فرح الإنسان بنجابة ابنه؛ لقول عمر رضي الله عنه لابنه عبد الله-: ((لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَ هِيَ النَّخْلَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا)).
وفيه: أنه ينبغي للإنسان إذا كان بمجلس علم وسئل عن مسألة وكان عنده علم بها أن لا يحقر نفسه، ولو كان صغيرًا في السن؛ فقد يكون العلم مع الصغير، ويخفى على الكبير.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ شِبْهِ أَوْ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا؟ )) - قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَعَلَّ مُسْلِمًا قَالَ: وَتُؤْتِي أُكُلَهَا، وَكَذَا وَجَدْتُ عِنْدَ غَيْرِي أَيْضًا: وَلَا تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ- قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، أَوْ أَقُولَ شَيْئًا، فَقَالَ عُمَرُ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا.
قوله: ((لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا))، أي: لا يسقط، وهذا من خصائص شجر النخل، بخلاف معظم الأشجار؛ فإن أوراقَها تتحاتُّ وتتناثر.
قوله: ((قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَعَلَّ مُسْلِمًا)): إبراهيم هو إبراهيم بن سفيان راوي صحيح مسلم، ظن أن مسلمًا رواه بلفظ:((وَتُؤْتِي أُكُلَهَا)): بإسقاط (لا) النافية، وظن أن ما رواه هو هنا، ورواه غيره في رواية أخرى من صحيح مسلم:((وَلَا تُؤْتِي أُكُلَهَا)): بإثبات (لا) النافية، ظن أن ذلك خطأ، وأن (لا) زائدة، فظن أن الصواب قوله: تؤتي أكلها.
قلت: ليس هذا خطأً من الراوي كما تُوهم؛ لأن كلمة (لا) نافيةٌ لشيء سابق، أي: لا يصيبها كذا ولا كذا.