الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَقْوَامٌ أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ
[2840]
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ اللَّيْثِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ- يَعْنِي: ابْنَ سَعْدٍ- حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَقْوَامٌ أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ)).
قوله: ((مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ)): قيل: يعني: لرقتها وضعفها، كما في حديث:((أَهْلُ الْيَمَنِ أَرَقُّ قُلُوبًا، وَأَلْيَنُ أَفْئِدَةً))
(1)
.
وقيل: المعنى: أن هؤلاء قوم غلب عليهم الخوف؛ ولذلك شبه قلوبهم بأفئدة الطير في الخوف والهيبة؛ لأن الطير عندها خوف شديد.
[2841]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((خَلَقَ اللَّهُ عز وجل آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ- وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ- فَاسْتَمِعْ مَا يُجِيبُونَكَ، فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، قَالَ: فَذَهَبَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، قَالَ: فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ، قَالَ: فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدَهُ حَتَّى الْآنَ)).
[خ: 3326]
قوله: ((عَلَى صُورَتِهِ)): الضمير فيه يعود على لفظ الجلالة، ففيه دليل على
(1)
أخرجه أحمد (17406)، والطبراني في الكبير (823).
إثبات الصورة لله عز وجل، فالله تعالى له صورة، وهي صفة من صفاته كسائر الصفات، وكل موجود له صورة، وليس المراد: أن الضمير راجع إلى آدم عليه السلام، كما قاله بعضهم، ومنهم النووي رحمه الله
(1)
.
ولهذا لما سُئل الإمام أحمد رحمه الله، كما نقل ذلك عنه ابنه قال:((قال رجل لأبي: إن رجلًا قال: خلق الله آدم على صورته، أي: صورة الرجل، فقال: كذب، هو قول الجهمية))
(2)
.
فالقول بأن الضمير يعود على آدم عليه السلام قول باطل، وأبطل منه من يقول: إن الضمير يعود إلى المضروب، وأنه من التشبيه المقلوب، وذلك كما في حديث:((إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ؛ فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ))
(3)
، يعني: على صورة المضروب، ويكون من باب التشبيه المقلوب، كما ذكره الرازي في أساس التقديس
(4)
، وقد رد عليه أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في كتابه: بيان تلبيس الجهمية
(5)
.
ويؤيد هذا الروايةُ الأخرى: ((أن الله خلق آدم على صورة الرحمن))
(6)
، وقد نقل الحافظ ابن حجر تصحيح الإمام أحمد لهذا الحديث
(7)
.
وليس في إثبات الصورة لله عز وجل تشبيه له تعالى بخلقه؛ لأنها منفية بالنص والإجماع، قال الله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ، وقال سبحانه:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} ، وقال
(1)
شرح مسلم، للنووي (17/ 178).
(2)
فتح الباري، لابن حجر (5/ 183).
(3)
أخرجه مسلم (2612).
(4)
أساس التقديس، للرازي (ص 110).
(5)
بيان تلبيس الجهمية، لابن تيمية (6/ 358).
(6)
أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (517)، وعبد الله بن أحمد في السنة (498)، والطبراني في الكبير (13580)، والبيهقي في الأسماء والصفات (640).
(7)
فتح الباري، لابن حجر (5/ 183).
سبحانه: {ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} ، وقال سبحانه:{فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ، غايةُ ما في الحديث: أنه يقتضي المشابهة في مطلق الصورة، لا في الجنس والمقدار، وذلك كمَن رأى صورة القمر في الماء، ثم قال: هذه صورة القمر، فالمشابهة المطلقة بين القمرين حاصلة، لكن لا في الجنس، ولا في المقدار، ولله المثل الأعلى.
وفيه: مشروعية السلام من قبل الآتي؛ لأن آدم أتى إليهم وهم جلوس.
وفيه: أن الماشي يسلم على الجالس، وهذا هو الأفضل.