الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ
[2894]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ- يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ- عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو)).
[خ: 7119]
وَحَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ عَنْ سُهَيْلٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ، وَزَادَ، فَقَالَ أَبِي: إِنْ رَأَيْتَهُ فَلَا تَقْرَبَنَّهُ.
حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ السَّكُونِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا)).
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خالِدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا)).
قوله: ((يُوشِكُ))، يعني: يقرب، وقوله:((أَنْ يَحْسِرَ))، أي: ينكشف.
وفي هذه الأحاديث: عَلَمٌ من أعلام النبوة، وهو انحسار نهر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل عليه الناس، فيُقتل من كل مئة تسعة وتسعون، ويبقى واحد يسلم.
وفيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى مَن حضره أن يأخذ منه شيئًا، فقال:((فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا))؛ وذلك لِمَا فيه من المخاطرة بالنفس، والمشاركة في القتال.
وفيها: حب الناس للدنيا، وشدة تعلقهم بها، حيث يُقْدِمون على هذا الخطر العظيم من أجل الحصول على الدنيا، ويعلمون أنهم يُقتلون ((وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو)).
ويقال: إن مياه نهر الفرات قليلة الآن، فالله أعلم متى يحصل هذا.
[2895]
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ، وَأَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ- وَاللَّفْظُ لِأَبِي مَعْنٍ- قَالَا: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: كُنْتُ وَاقِفًا مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَقَالَ: لَا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا، قُلْتُ: أَجَلْ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النَّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ، فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ: لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ لَيُذْهَبَنَّ بِهِ كُلِّهِ، قَالَ: فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ)).
قَالَ أَبُو كَامِلٍ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ: وَقَفْتُ أَنَا وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فِي ظِلِّ أُجُمِ حَسَّانَ.
قوله: ((لَا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا)): قيل: المراد بهم: الرؤساء والكبراء، وقيل: المراد بهم: عامة الناس، وقيل: المراد بالأعناق على ظاهرها، وقيل: عبَّر بالأعناق عن أصحابها؛ لأن الأعناق هي التي بواسطتها يَرى الإنسان ويتشوف للشيء.
وفي هذا الحديث: أن الناس إذا سمعوا بجبل الذهب هذا جاؤوا إليه من خارج العراق، فيقول من حوله:((لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ لَيُذْهَبَنَّ بِهِ كُلِّهِ))، أي: لو تركناهم لانتهى الجبل.
وقوله: ((ظِلِّ أُجُمِ حَسَّانَ)): الأجم- بضم الهمزة- هو: الحصن.
[2896]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ- وَاللَّفْظُ لِعُبَيْدٍ- قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ- مَوْلَى خَالِدِ بْنِ خَالِدٍ- حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنَعَتْ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا، وَمَنَعَتْ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ))، شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ.
قوله: ((وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ))، يعني: مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر-: ((بَدَأَ الإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأ غَرِيبًا، فطوبى للغرباءَ))
(1)
، يعني: إذا حصلت هذه الأمور فهذا هو وقت غربة الإسلام.
وقوله: ((مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا)): القفيز: مكيال معروف عند أهل العراق، وهو يعادل ستة وثلاثين صاعًا.
وقوله: ((وَمَنَعَتْ الشَّأْمُ مُدْيَهَا)): الْمُدْيُ: مكيال معروف عند أهل الشام، يسع تسعة عشر صاعًا والجمع: أمداء، وهو غير الْمُدِّ.
وقوله: ((وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا)): الإردب: مكيال معروف عند أهل مصر، وهو يعادل أربعة وعشرين صاعًا.
واختلف العلماء في معنى المنع الوارد في هذا الحديث، على أربعة أقوال:
الأول: أن أهل تلك البلاد يُسلمون، فتسقط عنهم الجزية؛ لأنهم أسلموا، وهذا القول مرجوح.
الثاني: أن الروم، والنصارى يستولون على هذه البلاد في آخر الزمان،
(1)
أخرجه مسلم (145).
فيمنعون ما كانوا يدفعونه من الخراج، أو الجزية.
الثالث: أن أهل تلك البلاد يرتدون في آخر الزمان، فيمنعون ما يلزمهم من الزكاة وغيرها.
الرابع: أن أهل تلك البلاد يصير عندهم قوة ومنعة، فيمنعون ما كانوا يدفعونه من الجزية والخراج.
والحاصل: أن الحديث معناه: أنه إذا منعت هذه البلاد ما ضُرب عليهم من الخراج والجزية، فهذا يدل على ضعف المسلمين.
وقوله: ((شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ))، يعني: صدَّق بهذا الحديث، وشهد بصدقه.
وهذا فيه: عَلَمٌ من أعلام النبوة؛ لأن ما أخبر به صلى الله عليه وسلم حصل، والحمد لله، فقد فتحت هذه البلاد منذ أزمنة، ودخلت في الإسلام.