الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فثلاث لملكها بالشراء جميع ما كان يملكه، وقاله سحنون في امرأة اشترت عصمتها، إلا لعداء فواحدة، إلا أن يريد الثلاث.
قال الشارح: والاستثناء راجع لقوله: (لا عصمة لي عليك) فقط. انتهى.
قال القرطبي والأبياني: إلا أن يكون معها لفداء فواحدة، حتى يزيد الثلاث، ونحوه للبساطي، لكنه يستظهر رجوعه للشراء.
ويلزم ثلاث، إلا أن ينوي أقل مطلقًا، دخل أو لا، في قوله: خليت سبيلك، وهذا غير ما تقدم؛ إذ لم يتوارد على محل واحد كما نبهنا عليه فيما تقدم.
وتلزم واحدة في قوله: فارقتك، إلا أن ينوي أكثر، وظاهره: بنى أو لا.
اللخمي: لأن الطلاق والفراق واحد، ومن فارق فقد طلق، ومن طلق فقد فارق.
ولمالك وابن القاسم وغيرهما: واحدة في التي لم يبن بها، وإن قال: لم أرد طلاقًا فهي أشد، وهي البتة.
[الكنايات الخفية: ]
ولما تكلم على الكنايات الظاهرة، ألحق بها الخفية، فقال: ونوى فيه -أي: في الطلاق- هل أراده أو لا، إذا قال: أردته نوي في عدده واحدة، أو أكثر، فإن لم يرد شيئًا فهي البتات في قوله لها: اذهبي وانصرفي، أو لم أتزوجك، أو قال له رجل: ألك امرأة؟ قال: لا.
أو قال لها: أنت حرة، أو: معتقة، أو: الحقي بأهلك، أو: ليست لي بامرأة، إلا أن يعلق في هذا الأخير، بأن يقول: إن كلمت زيدًا مثلًا فليست لي بامرأة، فلا ينوي، ويقع واحدة، إلا أن ينوي أكثر.
وإن قال لها: لا نكاح بيني وبينك، أو: لا ملك لي عليك، أو: لا
سبيل لي عليك، فلا شيء عليه في المسائل الثلاث، إن كان عتابًا، وإن لم يكن عتابًا ولم ينو شيئًا فهو طلاق، كما في المدونة.
ومثله قوله لعبده في العتق، وإليه أشار بقوله: وإلا فبتات، ولم تقع هذه المسائل الثلاث عند البساطي.
وهل تحرم بوجهي من وجهك حرام، وهو قول ابن القاسم، أو لا شيء عليه، وهو قول ابن عبد الحكم ذهابًا في ذلك لما اعتاده بعض الناس في قوله: عيني في عينك حرام، ووجهي من وجهك حرام، يرون البغض والمباعدة؟ قولان.
وهل تحرم بقوله: وجهي على وجهك حرام، نحوه لابن راشد وابن عبد السلام وهو نص غير اللخمي، أو لا تحرم، وهو نص اللخمي؟ قولان.
وفي أكثر النسخ أو على وجهك، هل تحرم بقوله: وجهي على وجهك، بغير زيادة لفظة حرام.
أو هل تحرم بقوله: ما أعيش فيه حرام، وهو قول عبد الحق: أعرف فيها قولًا بلزوم الطلاق.
أو لا شيء عليه، وهو قول محمد: ليست من العيش، إلا أن ينوي بها، فيلزمه، قولان في كل فرع من الفروع الثلاثة، وحذفه من الأولين لدلالة هذا الثالث.
ثم شبه في هذا الشق الثاني، وهو لا شيء عليه، فقال: كقوله لها: يا حرام، وهو لابن عبد الحكم أبو عمران، ولا نص لغيره، ولم يعتبر المصنف تقييد ابن يونس لذلك بكونه ببلد لا يريدون به الطلاق، كأنت سحت.
أو: الحلال حرام، أو لم يقل: علي، لا شيء فيه عند ابن العربي، أو: حرام علي، ولم يقل: أنت.
أو قال: جميع ما أملك حرام، ولم يرد إدخالها، لا شيء عليه، وبه أفتى أبو بكر بن عبد الرحمن، قولان في كل فرع من الفروع الثلاثة التي قبل التشبيه لا الرابعة.
وإن قال لها: أنت سائبة مني، أو: عتيقة، أو: ليس بيني وبينك حلال ولا حرام، أي: ليس بيني وبينك شيء، وادعى أنه لم يرد الطلاق بلفظ منها حلف على نفيه، ولا شيء عليه، ونحوه في المدونة، وكتاب محمد.
فإن نكل عن الحلف وقع عليه، ونوي في عدده، وعوقب على ذلك عقوبة موجعة؛ لتلبيسه على نفسه وعلى المسلمين (1).
ولا ينوي في العدد أو واحدة أو اثنتين إن أنكر قصد الطلاق بعد
(1) قال في المنح: " (وإن قال) الزوج لزوجته: أنت (سائبة مني أو) قال: أنت (عتيقة) مني (أو) قال (ليس بيني وبينك حلال ولا حرام) وقال لم أرد بشيء منها طلاقًا (حلف) الزوج (على نفي) أرادت (هـ) بإحدى هذه الصيغ الثلاث ولا شيء عليه (فإن نكل) الزوج عن الحلف على نفيه (نوي) بضم فكسر مثقلًا، أي: قبلت نيته (في عدده) من واحدة أو اثنتين أو ثلاث.
طفى: هذا الكلام نقله عنها وهي إنما ذكرته عن ابن شهاب فليس هو لمالك رضي اللَّه تعالى عنهما، فلذا خالف أصل مذهبه كما قال البساطي لتنويته بعد إنكاره أصل الطلاق ونكوله، ولذا لم يذكره ابن الحاجب ولا ابن شاس ولا ابن عرفة، وإنما ذكر هذه الألفاظ الثلاثة في الكناية مع ألفاظ أخر عن الأخوين أنه لا شيء عليه فيها بنى أو لم يبن، إلا أن ينوي طلاقًا فهو ما نوى.
وقال أصبغ: إن لم ينو شيئًا ونوى الطلاق فهي الثلاث حتى ينوي أقل ولم يذكر يمينًا ولا نكولًا، وذكر بعد هذا بيسير عن محمد في ليس بيني وبينك حلال ولا حرام، فيحلف ما أراد به طلاقًا ويدين.
ولم يعرج على مسألة المدونة بحال مع اعتنائه بالنقل عنها، وما ذاك إلا لكونه ليس قول مالك، ونصها: قال ابن شهاب: وإن قال لها: أنت سائبة أو مني عتيقة أو ليس بيني وبينك حلال ولا حرام، فيحلف ما أراد به طلاقًا ويدين، فإن نكل وزعم أنه أراد به طلاقًا كان ما أراد من الطلاق، ويحلف على ذلك وينكل من قال هذا عقوبة موجعة لأنه لبس على نفسه وعلى أحكام المسلمين".
قوله لها: أنت بائن أو برية أو خلية أو بتة، جوابًا لقولها: أود لو فرج اللَّه لي من صحبتك؛ لقرينة دلالة الحال على إرادة ما بيده من العصمة (1).
(1) قال في المنح: " (ولا ينوى) بضم المثناة وفتح النون والواو مشددة، أي: لا تقبل نيته (في العدد) للطلاق (إن أنكر) الزوج (قصد)، أي: نية (الطلاق) فتلزم الثلاث (بعد قوله)، أي: الزوج لزوجته (أنت بائنة أو) قرله: أنت (برية أو) أنت (خلية أو) أنت (بتة) حال كون القول المذكور (جوابًا لقولها)، أي: الزوجة له (أود) بفتح الهمز والواو وشد الدال، أي: أتمنى (لو) مصدرية (فرج) بفتحات مشدد الراء آخره جيم، أي: رفع الكرب (اللَّه لي)، أي: عني (من صحبتك) بضم الصاد المهملة وسكون الحاء كذلك، أي: عشرتك وزوجيتك لدلالة البساطي على قصده الطلاق وكذبه في إنكاره، فإن لم يكن جوابًا لقولها أود إلخ، وأنكر قصد الطلاق به فإن تقدم كلام دال على عدم قصده فلا شيء عليه، وإلا لزمه الثلاث وإن أقر بقصد الطلاق بما كان جوابًا لذلك أو ما لم يكن فتلزمه الثلاث في المدخول مطلقًا، ولا تقبل منه نية أقل منها.
وكذا في غير المدخول بها في بته وينوي في غيرها، ففي المفهوم تفصيل.
هذا وقال طفى: ليس معنى المسألة ما يتبادر من عبارة المصنف أنه بعد إنكار قصد الطلاق قال: أردت واحدة أو اثنتين كما قرره بهذا غير واحد، بل معناها قولها في كتاب التخيير والتمليك، وإن قالت: أود لو فرج اللَّه لي من صحبتك فقال لها أنت بائن أو خلية أو برية أو باتة، أو قال أنا منك بريء أو خلي أو بائن أو بات، ثم قال لم أرد به الطلاق فلا يصدق لأنه جواب سؤالها. اهـ.
فالمصنف أراد تأدية هذا المعنى فقصرت به العبارة، فمعنى قولها لا يصدق، أي: في عدم إرادة الطلاق بدليل آخر كلامها، وبفرض المسألة والمصنف فهم لا ينوي في العدد وفيه نظر لأنه إحالة للمسألة، فلو حذف لفظ العدد لطابق نصها والمدونة مقصد كلامها أنه لا يصدق في نية عدم الطلاق.
وأما ما يلزمه منه فأجره على ما سبق من كلامها وكلام المصنف ففي باتة الثلاث بنى أم لا، وفي بائن الثلاث إن بنى، وكذا إن لم يبن لعدم نية الأقل لأن الفرض أنه منكر وكذا خلية وبرية.
فالحاصل أنه يلزمه الثلاث في الجميع عملًا بما تقدم، ومفهوم إن أنكر الطلاق هو ما تقدم فافهم، وبه يتبين لك أن ما أطال به الشراح هنا خبط ومثل من عرف المضارب لا يطيل الهز، واللَّه الموفق، وتبعه البناني، وسلمه.
أقول: كلام طفي هذا {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} . وبتحصيله لزوم الثلاث في الجميع تبين أنه لا ينوي في العدد كما قال المصنف، وأنه لم يحل المسألة إذ عدم تنويته في العدد يستلزم عدم تنويته في عدم قصد الطلاق، فكلامه مفيد ما أفاده كلامها وزيادة ختم اللَّه لنا بخاتمة السعادة".