الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويعد نادمًا، وصحح عبد الوهاب الطلاق في مسألة الحجر، وشهره المازري.
تتمة:
عورضت هذه المسألة بلزوم طلاق الهزل، كـ: أنت طالق إن لم يكن هذا الحجر حجرًا، وأجاب الغبريني بأنه فرق بين اللفظ الدال بذاته على الهزل وبين لفظ صريح يدعي فيه الهزل.
أو علقه على ما لم تعلم مشيئة المعلق بمشيئته، كـ: طالق إن شاء زيد، فمات ولم تعلم مشيئته، فلا حنث عليه، سواء وصل لذلك، أو لا، قضى شيء ولم يعلم ما قضي به، أو لم يقض.
أو علقه بمستقبل لا يشبه البلوغ إليه، ابن رشد: اتفاقًا، كمائتي يمينة مثلًا.
أو: طلقتك وأنما صبي أو مجنون أو في منامي أو قبل أن أؤكد فلا شيء عليه.
أو علقه على أمر تحصل به الفرقة بينهما، كـ: طالق إذا مت أو متي، أو إن مت أو متي فأنت طالق، إلا أن يريد نفيه، أي: نفي الموت، بأن يعلم ببساط يعلم به أنه حلف أن لا يموت عنادًا، فيحنث مكانه؛ بناء على اختصاص استعمال (إن) في النفي كقوله تعالى:{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} .
أو علقه على ولادتها جارية، أو غلامًا، كقوله: إن ولدت جارية فأنت طالق، فإنه لا ينجر عليه الطلاق، بل ينتظر وقوع ما علق عليه، أو عدم وقوعه.
تنكيت:
نظر الشارح في كلام المؤلف بشيئين:
أحدهما: أن ظاهره عدم الوقوع، ولو وقع ما علق عليه، وليس
كذلك، وجوابه: أنه لما تكلم على ما ينجز، سواء وقع فيه أو لم يقع، ولا ينجز، وهو هنا يقع غير منجز، بلا نزاع.
ثانيهما: أن المؤلف قدم أنه ينجز في قوله: (إن كان في بطنك غلام فأنت طالق، أو إن لم يكن فأنت طالق)، وهنا لم ينجز.
وجوابه: أن قوله: إن وضعت جارية بمنزلة إن دخلت الدار فأنت طالق، فلا تطلق إلا بدخولها، كما لا تطلق إلا إن وضعت جارية، واللَّه أعلم.
أو علقه على حملها، وليست ظاهرة الحمل، كقوله: إن حملت فأنت طالق، لم يحنث لتعليقه على مستقبل، له سبب وهو الوطء، إلا أن يطأها مرة بعد يمينه، بل وإن قبل يمينه، ولم يحصل استبراء؛ لحصول الشك في العظمة؛ لأنها قد تحمل.
وقال ابن الماجشون: له وطئها في كل طهر مرة، ما لم يظهر حملها، كقوله: لأمته أنت حرة إن حملت.
وفرق ابن يونس المشهور بمنع النكاح لأجل، وجواز العتق له، وأشعر قوله:(إذا حملت) بأنه لا يحنث، إلا بحمل مستأنف، لا بحملها الظاهر، وهو كذلك في نقل ابن يونس وابن أبي زيد واللخمي عن سحنون (1).
(1) قال في المنح: " (أو) قال لزوجته المحقق براءتها من الحمل (إن ولدت جارية)، أي: بنتًا فأنت طالق فلا شيء عليه إن كانت في طهر لم يمسها فيه أو مسها فيه ولم ينزل أو عزل على كلام اللخمي، فوافق ما تقدم من قوله وحملت على البراءة في طهر لم يمس فيه.
طفي: هذا أصله لعياض فإنه قال في التنبيهات في قول المدونة: إن لم يكن في بطنك غلام فأنت طالق فإنها تطلق ساعتئذ ما نصه، وهذا بخلاف إن ولدت جارية أو إذا ولدت جارية فأنت طالق فلا شيء عليه حتى تلد لأنه تعليق بشرط، وكذا بينه في كتاب ابن حبيب. اهـ.
أبو الحسن فظهر من كلام عياض أنه حمل قول ابن حبيب على التفسير، وكذا ظهر =
ثم شبه لإفادة الحكم قوله كـ: إن حملت ووضعت فأنت طالق، فإنه لا شيء عليه.
= من كلام ابن يونس، وظهر من كلام اللخمي أنه خلاف اهـ.
وكذا ظهر من كلام ابن رشد فإنه قال في سماع عيسى: من قال لامرأته: إن ولدت غلامًا فلك مائة دينار وإن ولدت جارية فأنت طالق فالطلاق وقع عليه ما نصه، يريد أن الحكم يوجب أن يعجل عليه، وهذا قول مالك "رضي الله عنه" في المدونة. اهـ.
ولذا حمل الشيخ عبد الرحمن الأجهوري كلام المصنف على أنه لا ينجز عليه إلا أن يطأها مرة كما بعده، والغرض أنها غير حامل وتبعه "س" وتعقب الحط كلام المصنف بأنه جرى على غير عادته من الاقتصار على المشهور.
وذكر هنا طريقين؛ أولاهما: التي قدمها في قوله كإن كان في بطنك غلام، أو لم يكن، وإن كنت حاملًا أو لم تكوني وهذه طريقة اللخمي أنه ينجز في قولي مالك في صيغة البر والحنث، ونص تبصرته اختلف فيمن قال: إن ولدت جارية فأنت طالق أو إن لم تلدي غلامًا فأنت طالق نحو الاختلاف المتقدم في إن كنت حاملًا أو إن لم تكوني حاملًا ففي مالك أنها طالق مكانها في الوجهين. اهـ.
والطريقة الثانية؛ هي التي ذكرها الآن وهي طريقة عياض، ثم ذكر ما تقدم عنه. اهـ.
قال في قول المؤلف المتقدم أو إن كنت حاملًا أو لم تكوني هذا من أمثلة ما لم يعلم حالًا، وكذا قوله إن كان في بطنك غلام أو إن ولدت جارية إلى غير ذلك من الفروع فكلها من باب واحد.
وقوله أو إن ولدت جارية مع الفروع التي ذكرها في التوضيح وابن عبد السلام مبنية على خلاف ما شهره هناك. اهـ.
وما قاله غير ظاهر إذ لا تخالف في كلام المصنف لأن قصاراه أنه جرى على طريقة عياض، إذ لم يخالف عياض إلا في إن ولدت جارية أو إذا ولدت جارية حسبما تقدم من نصه.
وأما ما تقدم من قوله إن كان في بطنك غلام أو لم يكن أو إن كنت حاملًا أو لم تكوني فلم يخالف فيه عياض، بل وافق اللخمي على ذلك، وكيف يخالفه فيه والمدونة قالت: في إن لم يكن في بطنك غلام ما تقدم عنها وأقره عياض، وإنما قال وهذا بخلاف إلخ. وقال: وإن قال لها: إن كنت حاملًا أو لم يكن بك حمل أو إذا وضعت فأنت طالق، طلقت مكانها، ولا يستأنى بها لينظر أبها حمل أم لا، فلو مات أحدهما قبل ذلك فلا يتوارثان، فهذا صريح لا يحتاج للتأويل واللَّه الموفق، فخلافهما إنما هو في إن ولدت جارية ومحله إذا قاله لمحققة الحمل أو لمشكوك في حملها فإن كانت محققة البراءة فقد اتفقا على عدم التنجيز، لكن عند اللخمي ينتظر إلى الوطء وعند عياض إلى الولادة".
إلا أن يطأها مرة، وإن قبل يمينه فيحنث حينئذ، ولا ينتظر حملها ولا وضعها.
أو علقه على فعل محتمل غير غالب وجوده، يمكن علمه، لم يلزم إلا به، وهو معنى قوله: وانتظر إن أثبت، كيوم قدوم زيد، وتبين الوقوع أوله إن قدم في نصفه، أو ثلثه مثلًا.
أو علقه على مشيئة زيد، كـ: أنت طالق إلا أن يشاء زيد، لم ينجز ويوقف على مشيئته على المشهور، فإن شاء وقع، وإلا فلا.
وهذا مثل قوله: أنت طالق إن شاء زيد اتفاقًا، وإنما اختلف في المثال الأول، واتفق في الثاني؛ لأن الأول على مقابل المشهور، واقتضى وقوع الطلاق إلا إن شاء دفعه بعد وقوعه، وهو بعد وقوعه لا يرتفع، وفي الثاني وقوعه مشروط بمشيئته، فلا يقع إلا بعد وجودها.
بخلاف قوله: أنت طالق إلا أن يبدو لي عدم طلاقك، فينجز عليه.
ثم شبه في الأمرين قوله: كالنذر والعتق، فإنه يوقف فيهم على مشيئته، بخلاف قوله: إلا أن يبدو لي، فيلزمه فيهما.
ثم ذكر قسيم قوله: (إن أثبت) بقوله: وإن نفى بأن أتى بصيغة الحنث، ولم يؤجل أجلًا معينًا، بل أطلق، كـ: إن لم يقدم زيد، فإن نفي طالق منع منها، فلا يطأها؛ لأن يمينه على حنث حتى يقدم، فإن أجل بأجل معين كـ: إن لم يقدم بعد شهر لم يمنع، لأنه من ضرب أجلًا فهو على بر إليه.
ثم استثنى من قوله منع منها مما يمينه فيه على حنثه، فقال: إلا إن لم أحبلها فهي طالق، وإن لم أطأها فهي طالق؛ لأن بره في إحبالها في الأول فيطأها أبدًا حتى تحبل، وفي وطئها في الثاني، قاله في المقدمات.
وهل يكون موليًا وهو لمالك، أو لا إيلاء عليه، وهو لابن القاسم، وهو الصواب؟ قولان.
وإذا فرعنا على عدم الوطء هل يمنع من وطئها مطلقًا، وهو
المشهور، أو يمنع إلا في كـ: إن لم أحج في هذا العام فأنت طالق، وليس حلفه ذلك وقت سفر للحج؛ لأن الحج لما كان له زمن معين أشبه الحلف المؤجل بمعين، وهو لا يمنع فيه، وهو لغير ابن القاسم في غير المدونة أيضًا؟ تأويلان.
وفي كون قول الغير تقييدًا أو خلفًا حسب اختلاف شراحها في ذلك رأيان.
ولما ذكر أن يمينه إذا كانت على حنث يؤجل إليه، ويمنع من وطئها ولا ينجز، خشي النقض عليه بما هو على حنث وينجز فيه الطلاق، قال: إلا في قوله: إن لم أطلقك مطلقًا، أي: بغير ذكر أجل، فأنت طالق، نجز طلاقها؛ إذ لا براءة له إلا به، فلا فائدة في الإيقاف.
أو قال: إن لم أطلقك إلى أجل كبعد شهر مثلًا فأنت طالق، ينجز على المشهور.
وقيل: حتى ترفع للسلطان.
أو قال: إن لم أطلقك رأس الشهر البتة فأنت طالق رأس الشهر البتة، نجز؛ إذ لا بد من إحدى البتتين رأس الشهر على كل تقدير، إما بإيقاعه هو أو بمقتضى التعليق، فهو كمن قال: أنت طالق رأس الشهر البتة، أو الآن، أي: قال: إن لم أطلقك رأس الشهر البتة فأنت طالق الآن البتة، فالبتة واقعة رأس الشهر، فينجز.
وبحث ابن عبد السلام، فقال: له أن ينتظر رأس الشهر البتة، فإذا جاء فله أن يختار الحنث، وهو فأنت طالق الآن، وقد مضى زمنه، فلا شيء عليه.
واختار المصنف الوقوع، وإن مضى زمنه، فقال: ويقع ولو مضى زمنه، كطالق اليوم إن كلمت فلانًا غدًا، وهذه مشبهة بها ما قبلها.
وإن قال: إن لم أطلقك واحدة بعد شهر فأنت طالق الآن البتة، فإن عجلها -أي: الواحدة- قبل الشهر أجزأت، ولا يقع عليه شيء بعد الشهر؛