الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمر بالفراق بغير جبر.
ابن بشير وابن شاس: اتفاقًا.
في قوله لها: إن كنت تحبيني فأنت طالق، أو في قوله: إن كنت تبغضيني بضم المثناة الفوقية فأنت طالق.
وهل عدم الجبر مطلقًا، سواء أجابته بما يقتضي الحنث أو لا، وهو رواية الواضحة، أو لا يجبر، إلا أن تجيب بما يقتضي الحنث، فينجز، أي: فينجز جبرًا، وأما إن أجابته بما لا يقتضيه فلا جبر، وهو لعياض عن بعض الأشياخ؟ تأويلان.
والمدونة فيها ما يدل لهما، انظر لفظها في الكبير.
[الشك في الطلاق: ]
وينجز عليه الطلاق بالأيمان المشكوك فيها، ويحتمل عطفه على الفراق في قوله:(إن كنت تحبيني)، أي: أمر بالطلاق في الأيمان المشكوك فيها؛ ففي المدونة: لو حلف وشك فيما حلف به، هل طلاق أو عتق أو مشي أو صدقة فليطلق نساءه، ويعتق رقيقه، وليتصدق بثلث ماله، ويمشي لمكة، يؤمر بذلك كله من غير قضاء، وما ذكره فيها قال ابن راشد: هو المشهور.
ولا يؤمر بالفراق إن شك هل طلق أم لا من غير أن يستند لأصل.
وفهم منه عدم الجبر من باب أولى، وهو كذلك هنا اتفاقًا، إلا أن يستند وهو سالم الخاطر، أي: غير موشوش، كرؤية شخص داخلًا داره مثلًا شك في كونه زيدًا المحلوف عليه، أي: ألا يدخل، أو هو غيره وغاب عنه بحيث تعذر تحقيقه، فإنه يؤمر بالطلاق اتفاقًا.
وهل يجبر عليه، وهو المشهور عند أبي عمران وجماعة، واقتصر عليه ابن الحاجب، أو لا يجبر، وهو المشهور عند أبي محمد، والمعروف عند اللخمي، وبه قال ابن القاسم وابن الماجشون، واقتصر عليه في الجلاب، تأويلان، وهما قائمان من المدونة.
واحترز بسالم الخاطر عن الموسوس، فلا شيء عليه، كما في المدونة، وبرؤيته داخلًا عما شك هل دخل أم لا، لأنه من الشك الذي لا يؤمر فيه بطلاق، وكان ينبغي للمؤلف أن يقول بعد قوله:(تأويلان): وخلاف على عادته (1).
(1) قال في المنح: " (وهل يجبر) الزوج على الفراق إن أباه وينجز عليه الطلاق أو لا يجبر عليه، (تأويلان) واحترز بسالم الخاطر من الموسوس، أي: مستنكح الشك فلا يؤمر بالفراق اتفاقًا ابن عرفة.
اللخمي اختلف إذا شك هل طلق أم لا، فعلى وجوب وضوء من أيقن بالوضوء وشك في الحدث تحرم عليه هنا، وعلى استحباب وضوئه يستحب فراقه وفي تخريجه الوجوب نظر، لأن الوضوء أيسر من الطلاق ولأن أسباب نقض الوضوء متكررة غالبًا، بخلاف أسباب الطلاق.
ولما حكى ابن عبد السلام الفرق بمشقة الطلاق دون الوضوء قال ما أشار إليه في المدونة من الفراق وأحسن ذلك أنه جعل الشك في الحدث من الشك في الشرط، والشك فيه شك في مشروطه وذا مانع من الدخول في الصلاة، والشك في الطلاق شك في حصول المانع من استصحاب العصمة، والشك في المانع لا يوجب التوقف بوجه.
والنكتة أن المشكوك فيه مطروح، فالشك في الشرط يوجب طرحه وذا يمنع الإقدام على المشروط، والشك في المانع يوجب طرحه، وهذا موجب للتمادي.
قلت من تأمل وأنصف علم أن الشك لغو مطلقًا ويؤيده قوله النكتة إلخ، والمشكوك فيه في مسألة الوضوء إنما هو الحدث لا الوضوء فيجب طرحه. اهـ.
وتقدم توجيه اعتباره بالاحتياط لأعظم أركان الإسلام بعد الشهادة مع خفة الوضوء وتكرر أسباب نقضه، واللَّه أعلم.
طفى حاد عن تمثيل ابن الحاجب تبعًا لابن شاس للاستناد بقوله فإن استند كمن حلف ثم شك في الحنث وهو سالم الخاطر حنث على المشهور لقول ابن عبد السلام وفي مثاله نظر، وليس مراد العلماء بالمستند هذا المعنى لأنه لا يلزم من وجود اليمين حصول الشك لأن من حلف بالطلاق أن لا يدخل زيدًا داره ثم شك هل دخلها زيد أم لا فهذا من الشك الذي لا يؤمر به بطلاق وإن رأى إنسانًا دخل تلك الدار وشبهه بزيد ثم غاب ذلك الإنسان بحيث يتعذر عليه تحققه هل هو المحلوف عليه أم لا؟ ففيه الخلاف بين أبي عمران وأبي محمد، وفي تنظيره نظر والصواب ما قالاه، وهو الموافق لقولها تشبيهًا في الفراق من غير قضاء. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وكذا إن حلف بطلاق ولم يدر أحنث أم لا أمر بالفراق وإن كان ذا وسوسة فلا شيء عليه.
وقوله لا يلزم من وجود اليمين حصول الشك لا يرد عليهما إذ لم يقولا ذلك، وإنما قالا اليمين أصل لاستناد الشك وهو كذلك.
وقوله لأن من حلف بالطلاق إلخ لا يراد أيضًا لأن هذا الذي قال لا يؤمر فيه بالطلاق.
ابن رشد ولعلهما لا يقولان فيه بذلك أخذًا بعموم قولها ثم لم يدر أحنث أم لا.
وقولها المتقدم وكك يمين بالطلاق أو غيره إلخ، ولئن سلم ما قاله ابن رشد، وكلامهما في الحالف على فعل نفسه ولا يلزم من إلغاء الشك في اليمين على فعل الغير إلغاؤه فيه على فعل النفس، وقد فرق ابن رشد بينهما وإن كان ابن عرفة عارض بين كلاميه فتأمله منصفًا.
البناني فيه نظر والظاهر ما قاله ابن عبد السلام والمصنف، وليس في كلام المدونة ما يرد عليهما، بل الظاهر أنه يدل لهما لأن من يشك بلا سبب موسوس فلا واسطة بين من يشك لسبب وبين الموسوس ويبين ذلك تقسيم ابن رشد، قال: ينقسم الشك في الطلاق خمسة أقسام؛ منها ما يتفق على لغوه بلا أمر ولا جبر كحلفه على شخص لا يفعل كذا ثم يشك في فعله بلا سبب يوجب شكه فيه، ومنه ما يتفق على الأمر به بلا جبر كحلفه أن لا يفعل كذا ثم يشك هل حنث أم لا لسبب اقتضى شكه، ومنه ما يتفق على عدم الجبر به ويختلف في الأمر به كشكه هل طلق زوجته أم لا أو هل حنث في يمينه فيها فقال ابن القاسم: يؤمر ولا يجبر.
وقال أصبغ: لا يجبر ولا يؤمر.
ومنه ما اختلف في الجبر به وعدمه كطلاقه ثم شكه هل طلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا وكحلفه وحنثه وشكه هل حلف بطلاق أو مشي أو عتق، أو قوله زوجته طالق إن كانت فلانة حائضة فقالت لست بحائضة، أو إن كان فلان يبغضني فقال: أنا أحبك، أو إن لم يخبرني بالصدق فيخبره ويزعم أنه صدق ولا يدري حقيقة ذلك.
ومنه ما يتفق على الجبر به كقوله زوجته طالق إن كان أمس كذا لشيء يمكن أن يكون وأن لا يكون ولا طريق إلى استعلامه.
وكشكه في، أي: امرأة من امرأتين طلقها فيجبر على فراقهما جميعًا ولا يجوز له أن يقيم على واحدة منهما.
طفى قوله: ولا يؤمر إن شك هل طلق أم لا جاز على نقل اللخمي والأولى الجري على نقل ابن رشد لتقديمه عند الشيوخ على نقل اللخمي إذا تعارضا.
البناني وفيه نظر إذ كلام المصنف موافق لنقل ابن رشد، فإن ما ذكره ابن رشد في =