المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أمثلة للفصول والتقديم والتأخير: - خصائص النظم في «خصائص العربية» لابن جني

[حسن إسماعيل عبد الرازق]

فهرس الكتاب

- ‌التمهيد:

- ‌(1) أبو الفتح عثمان بن جنى

- ‌لقاؤه بالمتنبي:

- ‌قوله عن المتنبي: شاعرنا:

- ‌تقدير المتنبي لابن جنى:

- ‌نماذج من شعر:

- ‌تاريخ ولادته وتاريخ وفاته:

- ‌تلاميذه:

- ‌كتب ابن جنى:

- ‌(2) الخصائص

- ‌(3) مواطن الإفصاح عن خصائص النظمفي "الخصائص

- ‌1 - إقامة الدليل على صحة القضايا اللغوية:

- ‌2 - إقامة الدليل على صحة القضايا النحوية:

- ‌3 - الدليل على صحة القضايا النقدية:

- ‌4 - إقامة الدليل على صحة التعبير ببعض الجمل من الناحية العقلية:

- ‌5 - الإفصاح عن فلسفة العرب في التعبير:

- ‌6 - الإفصاح عن السرفي تنوع طرقهم في التعبير:

- ‌7 - بيان اختلاف النظم في الجمل، مع جريانها على حسب قوانين النحو:

- ‌8 - الاستشهاد بخصائص النظم على صحة القضايا اللغوية:

- ‌خصائص النظمفي كتاب "الخصائص

- ‌من فصاحة الكلام

- ‌1 - الخلو من ضعف التأليف:

- ‌2 - الخلو من التعقيد اللفظي

- ‌درجات القبح بين الفروق والفصول:

- ‌أمثلة للفصول والتقديم والتأخير:

- ‌إفادة البلاغيين من هذا الباب

- ‌الألفاظ والمعاني

- ‌قوة اللفظ لقوة المعنى

- ‌وقد ألم ابن الأثير بكل ما قاله ابن جنى، ولكنه نبه إلى ما يلي:

- ‌الإيجاز والإطناب

- ‌الإيجاز بالحذف

- ‌أنواع الحذف:

- ‌1 - حذف الجملة:

- ‌القسم الأول: حذف الجملة الإنشائية: وقد أتى منه ما يلي:

- ‌والقسم الثاني: هو: حذف الجملة الخبرية

- ‌2 - حذف المفرد:

- ‌الضرب الأول: حذف الاسم:

- ‌1 - حذف المبتدأ:

- ‌2 - حذف الخبر:

- ‌3 - حذف المضاف:

- ‌4 - حذف المضاف إليه:

- ‌5 - حذف الموصوف:

- ‌6 - حذف الصفة

- ‌7 - حذف المفعول:

- ‌8 - حذف الظرف:

- ‌9 - حذف المعطوف:

- ‌10 - حذف المعطوف عليه:

- ‌11 - حذف المستثنى:

- ‌12 - حذف خبر إن مع النكرة:

- ‌13 - حذف أحد مفعولي ظننت:

- ‌14 - حذف خبر "كان

- ‌15 - حذف المنادى:

- ‌16 - حذف التمييز:

- ‌الضرب الثاني: حذف الفعل:

- ‌الضرب الثالث:حذف الحرف:

- ‌إفادة البلاغيين من موضوع "الحذف

- ‌وأما إيجاز الحذف: فذكر أنه على وجوه، وذكر منها:

- ‌1 - أن يحذف المضاف ويقام المضاف إليه مقامه

- ‌2 - أن يوقع الفعل على شيئين وهو لأحدهما، ويضمر للآخر فعله

- ‌3 - أن يأتي الكلام على أن له جواباً فيحذف الجواب اختصاراً لعلم المخاطب

- ‌4 - حذف جواب القسم:

- ‌5 - حذف (لا) من الكلام

- ‌6 - ومن الحذف أن تضمر غير مذكور

- ‌7 - حذف (من)

- ‌8 - ومنه: قول الله تعالى: "فبأي آلاء ربكما تكذبان" وذكر قبل ذلك الإنسان ولم يذكر الجان ثم ذكره

- ‌ثم ذكر من الحذف الردئ:

- ‌ثم يقول: والصفة تأتي في الكلام على ضربين:

- ‌1 - إما للتأكيد والتخصيص

- ‌2 - وإما للمدح والذم، وكلاهما من مقامات الإسهاب والتطويل

- ‌الإطناب بالاعتراض

- ‌أنواع الاعتراض:

- ‌1 - الاعتراض بين الفعل وفاعله

- ‌2 - الاعتراض بين الفعل ومفعوله

- ‌3 - الاعتراض بين المفعول الأول والثاني

- ‌4 - الاعتراض بين المبتدأ والخبر:

- ‌5 - الاعتراض بين اسم إن وخبرها:

- ‌6 - الاعتراض بين القسم وجوابه:

- ‌7 - الاعتراض بين الصفة والموصوف:

- ‌إفادة البلاغيين من هذا الباب:

- ‌التشبيه

- ‌1 - السر في قوة التشبيه بأداته: (كأن):

- ‌إفادة عبد القاهر من تلك المسألة:

- ‌2 - التشبيه البليغ:

- ‌2 - التشبيه المقلوب:

- ‌3 - التجريد:

- ‌ومما يدلك على أن ابن الأثير قد نقل ما نسبه إلى أبي علي الفارسي من كتاب الخصائص ما يلي:

- ‌أولاً: أنه قد نقل قبل ذلك مما أسلفناه لك:

- ‌ثانياً: أنه لم يشر إلى ما قاله ابن جنى، ولم يجر له هنا ذكراً

- ‌ثالثاً: أن العبارات التي نسبها ابن الأثير لأبي علي الفارسي، إنما هي نفس عبارات ابن جنى

- ‌رد ابن الأثير على أبي علي الفارسي:

- ‌الرد على ابن الأثير:

- ‌المعاني المجازية للاستفهام

- ‌1 - التحقيق:

- ‌2 - التقرير:

- ‌3 - الإنكار:

- ‌4 - تجاهل العارف:

- ‌5 - التعجب:

- ‌نفي الشيء بإيجابه

- ‌موقف البلاغيين من هذا الباب:

- ‌الدلالة اللفظية والصناعية والمعنوية

- ‌الدلالات: هي اللفظية، والصناعية، والمعنوية

- ‌والألفاظ أدلة على إثبات معانيها:

- ‌الحقيقة والمجاز اللغويان

- ‌تعريفهما:

- ‌الفرق بين الحقيقة والمجاز:

- ‌وغير متعارف:

- ‌المجاز المرسل

- ‌إفادة البلاغيين من هذا الباب:

- ‌المجاز العقلي

- ‌إسناد الفعل إلى مصدره:

- ‌المجاز بالحذف والزيادة

- ‌نقد ابن الأثير لكلام ابن جنى:

- ‌الرد على ابن الأثير:

- ‌شيوع المجاز في اللغة العربية:

- ‌لزوم ما لا يلزم

- ‌القسم الأول: التطوع بما لا يلزم في الشعر:

- ‌1 - التزام الشاعر بالحرف الذي قبل الروى:

- ‌2 - التزام الشاعر حرفين قبل الروى:

- ‌3 - التزام الشاعر تشديد حرف الروى:

- ‌4 - التزام الشاعر تصغير القوافي:

- ‌5 - التزام الشاعر بلام التعريف في آخر مصراع كل بيت:

- ‌القسم الثاني: التطوع بما لا يلزم في غير الشعر:

- ‌1 - التطوع بما لا يلزم في إجابة السؤال:

- ‌2 - التطوع المشام للتوكيد:

- ‌3 - التطوع بالحال المؤكدة:

- ‌إفادة البلاغيين من هذا الباب:

- ‌مسائل متفرقة

- ‌1 - القصر في تقديم النكرة على الفعل

- ‌إفادة عبد القاهر من تلك المسألة:

- ‌2 - الكناية بلفظ (مثل)

- ‌إفادة البلاغيين من هذه المسألة:

- ‌3 - من صور الالتفات: الالتفات من الخطاب إلى الغيبة:

- ‌إفادة ابن الأثير من هذه المسألة:

- ‌الرد على ابن الأثير:

- ‌4 - التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي وعكسه:

- ‌5 - حذف المسند لوقوعه جواباً عند سؤال مقدر:

- ‌6 - أثر السجع في النفوس:

- ‌المصدر والمراجع

- ‌(المحتوى)

الفصل: ‌أمثلة للفصول والتقديم والتأخير:

فلما للصلاة دعا المنادى

نهضت، وكنت منها في غرور

والفصل هنا مبنى على أن (لما) اسم بمعنى "حين" مضاف إلى جملة: (دعا المنادى) والعامل فيه "نهضت".

‌أمثلة للفصول والتقديم والتأخير:

من ذلك قول الشاعر:

فقد - والشك بين لي، عناء -

بوشك فراقهم، صرد يصيح

أرداد: فقد بين لي صرد يصيح بوشك فراقهم، والشك عناء:

فقد فصل فيه بين (قد) والفعل: (بين)؛ وفصل بين المبتدأ الذي هو "الشك" وبين الخبر الذي هو (عناء) بقوله: (بين لي). وفصل بين الفعل الذي هو: (بين) وبين فاعله الذي هو: (صرد) بخبر المبتدا الذي هو (عناء)، وقدم قوله:(بوش فراقهم) وهو معمول (يصبح) ويصيح صفة لصرد، على صرد وتقدم الصفة أو ما يتعلق بها على موصوفها، قبيح.

وقد ذكر ابن جنى هذا البيت في مكان آخر من الخصائص، وأورد بعده بيتاً آخر هو غاية في التعقيد قائلاً: "وأغرب من ذلك وأفحش، وأذهب في القبح؛ قول الآخر:

لها مقلتا حوراء طل خميلة

من الوحش ما تنفك ترعى عرارها

أراد: لها مقلتا حوراء من الوحش ما تنفك ترعى خميلة طل عرارها،

ص: 42

فمثل هذا لا يجيزه للعرب أصلا؛ فضلاً عن أن تتخذه للمولدين رسماً" (1).

ومن ذلك قول الآخر:

فأصبحت بعد خط بهجتها

كأن قفراً رسومها قلماً

أراد: فأصبحت بعد بهجتها قفراً؛ كأن قلما خط رسومها؛ ففصل بين المضاف الذي هو: (بعد) والمضاف إليه الذي هو: (بهجتها) بالفعل الذي هو: (خط)؛ وفصل أيضاً بين كأن واسمها الذي هو: (قلما) بأجنبيين: أحدهما: قفراً، والآخر: رسومها؛ لأن رسومها مفعول خط الذي هو: خبر كأن؛ وهذا قبيح.

وأقبع من هذا: أنه قدم خبر كأن عليها؛ وهو قوله: خط؛ وهذا، ونحوه مما لا يجوز لأحد قياس عليه (2).

وأما بيت الكتاب (3):

وما مثله في الناس إلا مملكا

أبو أمه حي أبوه يقاربه

فحديثه معروف.

(1) الخصائص 1/ 330

(2)

الخصائص 2/ 392

(3)

لا يوجد هذا البيت في الكتاب، وهو منسوب إلى الفرزدق؛ وليس في ديوانه ونسبه المبرد في الكامل 1/ 127 (طبعة المرصفي) وابن رشيق في العمدة في "باب الوحشي المتكلف، والركيك المستضعف"، وأبو الفرج في الأغاني 19/ 15 (طبعة بولاق) مع مخالفة في الشطر الأول وكذلك صاحب معاهد التنصيص.

ص: 43

ومن ذلك قوله:

فليست خراسان التي كان خالد

بها أسد، إذ كان سيفاً أميرها

وقد ذكر ابن جنى أن حديث هذا البيت طريف، وهو: أنه - فيما ذكر - يمدح خالد بن الوليد ويهجو أسداً، وكان أسد وليها بعد خالد، قالوا: فكأنه قال: وليست خراسان بالبلدة التي كان خالد بها سيفاً، إذ كان أسد أميرها، ففي كان - على هذا - ضمير الشأن والحديث، والجملة بعدها، التي هي (أسد أميرها) خبر عنها، وفي هذا التنزيل أشياء: منها الفصل بين اسم كان الأولى وهو (خالد) خبر عنها، وفي هذا التنزيل أشياء: منها الفصل بين اسم كان الأولى وهو (خالد) وبين خبرها، الذي هو (سيفاً) بقوله:(بها أسد إذ كان)، وفيها: أنه قدم بعض ما "إذ" مضافة إليه، وهو (أسد) عليها، وفي تقديم المضاف إليه، أو شيء منه على المضاف من القبح والفساد مالا خفاء به ولا ارتياب. وفيه - أيضاً -: أن (أسد) أحد جزأي الجملة المفسرة للضمير على شريطة التفسير، يعني ما في كان منه، وهذا الضمير، لا يكون تفسير إلا من بعده، ولو تقدم تفسيره قبله لما احتاج إلى تفسير (1).

ومن الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالنداء قول الشاعر:

كأن برذون أبا عصام

زيد حمار دق باللجام

أي كأن برذوق زيد - با أبا عصا - حمار دق باللجام.

وأما الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف والجار والمجرور فإنه كثير، ولكنه قبيح، وهو من ضرورات الشعراء.

(1) الخصائص 2/ 397

ص: 44

ومن ذلك قول ذي الرمة:

كأن أصوات من إيغالهن بنا

أواخر الميس أصوات الفراريج (1)

وقول أبي حية النميري:

كما خط الكتاب بكف يوماً

يهودي، يقارب أو يزيل

أي: بكف يهوذى، وقد كانت الكتابة يتعاطاها اليهود، ويقارب أو يزيل، يعني: يدني بعض خطه من بعض، أو يميز بين الحروف، ويباعد بينها (2).

ومنه قول درني بنت عبعبة (3)

هما أخوا في الحرب من لا أخاله

إذا خاف يوماً نبوة فدعا هما.

أي: هما: أخوا من لا أخاله في الحرب، فعلق الظرف بما في (أخوا)، من معنى الفعل، لأن معناه هما ينصرانه، ويعاونانه.

ومنه قول تأبط شراً (4):

هما خطتا، إما إسار ومنه

وإما دم، والقتل بالحر أجدر

(1) الكتاب 1/ 92 والخزانة 2/ 119 وديوان الرمة 76.

(2)

شواهد العيني 3/ 470، اللسان (مادة عجم)

(3)

الكتاب 1/ 93، واللسان مادة (أبو) في الخامسة (شرح التبريزي) طبعة بن 483 أن هذا الشعر لعمرة الخثعمية.

(4)

الخزانة 3/ 356

ص: 45

ففصل بين (خطتا) و (إسار) بقوله (إما).

ومن ذلك قول الآخر:

فزججتها بمزجة

زج القلوص أبي مزادة

أي: زج أبي مزادة القلوص، ففصل بينهما بالمفعول به، "مع قدرته على أن يقول: زج القلوص أبو مزاده".

يقول ابن جنى، "وفي هذا البيت عندي دليل على قوة إضافة المصدر إلى الفاعل عندهم، وأنه في نفوسهم أقوى من إضافته إلى المفعول، ألا تراه ارتكب ههنا الضرورة، مع تمكنه من ترك ارتكابها، لا لشيء غير الرغبة في إضافة المصدر إلى الفاعل دون المفعول؟ (1)

وقد جاء الفصل بين الجازم والمجزوم، تشبيهاً بالجار والمجرور، في قول ذي الرمة:

فأضحت مغانيها قفاراً رسومها

كأن لم سوى أهل من الوحش تؤهل

وقد جاء هذا في ناصب الفعل - أيضاً -، كالذي رواه ابن جنى عن محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى، وهو قول الشاعر:

لما رأيت أبا يزيد مقاتلاً

أدع القتال، وأشهد الهيجاء

أي لن أدع القتال، ما رأيت أبا يزيد مقاتلاً، كما أراد في الأول: كأن لم سوى أهل من الوحش:

(1) الخصائص 2/ 406

ص: 46

يقول ابن جنى: وكأنه شبه (لن)(بأن)، فكما جاز الفصل بين أن واسمها بالظرف في نحو قولك: بلغني أن في الدار زيداً، كذلك شبه (لن) مع الضرورة بها، ففصل بينها وبين منصوبها، بالظرف الذي هو:(ما رأيت أبا يزيد)، أي: مدة رؤيتي" (1).

وقد كان أبو الفتح ابن جنى معاصراً، لأبي الطيب المتنبي ومصاحباً له محباً لشعره، وقد وجد في شعره شيئاً مما ذكره في هذا الباب، وهو قوله:

وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه

بأن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه

فقال أبو الفتح ابن جنى:

"وذاكرت المتنبي شاعرنا نحواً من هذا، وطالبته به في شيء من شعره فقال: لا أدري ما هو، إلا أن الشاعر قد قال:

لسنا كمن حلت إياد دارها

تكريت ترقب حبها أن يحصدا

فعجبت من ذكائه وحضوره، مع قوة المطالبة له حتى أورد ما هو في معنى الذي تعقبته عليه من شعره، وذكرنا ذلك لاتصاله بما نحن عليه، فإن الأمر يذكر للأمر" (2).

ومعنى هذا البيت: لسنا كمن حلت دارها، ثم أبدل (إياد) من (حلت دارها) فإن حملته على هذا كان لحنا، لفصلك بالبدل بين بعض الصلة وبعض، وهذا خطأ في الصناعة، وإذا كان كذلك والمعنى عليه: أضمرت ما يدل عليه (حلت) فنصبت به الدار، فصار تقديره: لسنا كمن حلت إياد

(1) الخصائص 2/ 411

(2)

الخصائص 2/ 402، 403

ص: 47