الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدلالة اللفظية والصناعية والمعنوية
كانت الدلالات عند الجاحظ شاملة للألفاظ، وغيرها، إذ كانت عنده خمسة أشياء لا تنقص ولا تزيد، أولها: اللفظ، ثم الإشارة، ثم العقد ثم الخط، ثم الحال (1).
ثم وجدناها عند أبي الحسين إسحاق بن إبراهيم بن سليمان بن وهب أربعة أشياء: بيان الأشياء بذواتها، وهو ما سماه لسان الحال، وبيان الاعتقاد، وهو ما يحصل في القلب عند إعمال الفكر وبيان العبارة، وهو النطق باللسان للأخبار عما في النفس، وبيان بالكتابة، ليبلغ من بعد (2) أو غاب، ثم وجدناها عند الرماني أربعة - أيضاً - هي الكلام، والحال والإشارة والعلامة (3).
ولكن حديث ابن جنى هنا - عن أنواع الدلالات - يختلف تماماً عما وجدناه عند الجاحظ، وابن وهب، والرماني، فقد قصر الحديث على دلالة اللفظ، ولعمري أنها لنظرة ثاقبة، فالدلالة اللفظية أنسب بالبلاغة من الدلالات غير اللفظية، لأنها محل بحث البلاغيين، وموضع اهتمامهم، "والذي ذهب إليه ابن جنى من قصر الدلالة على اللفظ، بأنواعه، أقرب إلى روح البلاغة، فليس من المنطق في شيء أن نعد كل ما يؤدي إلى الإفهام نوعاً من البلاغة، كالإشارة، والعلامة، بل ينبغي أن تكون البلاغة أبعد منالاً، وأرقى منزلة من مجرد الإفهام بمختلف الوسائل، وإلا اتصف الناس جميعاً بالبلاغة (4)!
(1) البيان والتبيين 1/ 33، 34.
(2)
البرهان في وجوه البيان 56.
(3)
النكت 98.
(4)
أثر النحاة في البحث البلاغي 279.