الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء، وهو ينادي:" يا أيها الناس لا تأكلوا من لحومها، فإنها أهل بها لغير الله "(1) .
فهؤلاء الصحابة قد فسروا ما قصد (2) بذبحه غير الله، داخلا فيما أهل به لغير الله؛ فعلمت (3) أن الآية لم يقتصر بها على اللفظ باسم غير الله، بل ما قصد به التقرب إلى غير الله فهو كذلك، وكذلك (4) تفاسير التابعين على أن ما ذبح على النصب هو ما ذبح لغير الله.
[عودة إلى تفصيل القول فيما ذبح على النصب]
وروينا في تفسير مجاهد المشهور عنه الصحيح من رواية ابن أبي نجيح في قوله تعالى: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: 3](5) قال: " كانت حجارة حول الكعبة يذبح لها أهل الجاهلية، ويبدلونها إذا شاءوا بحجارة أعجب إليهم منها "(6) .
وروى ابن أبي شيبة، حدثنا محمد بن فضيل، عن أشعث، عن الحسن، في قوله تعالى {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: 3] (7) قال: " هو بمنزلة (8) ما ذبح لغير الله ".
وفي تفسير قتادة المشهور عنه: " وأما ما ذبح على النصب: فالنصب حجارة كان أهل الجاهلية يعبدونها ويذبحون لها، فنهى الله عن ذلك "(9) .
(1) أورده ابن كثير في تفسيره عن ابن أبي حاتم بسنده " حدثنا أبي حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا ربعي بن عبد الله سمعت الجارود بن عبد الله. . "، فذكر القصة (2 / 8) .
(2)
في (أط) : ما قد قصد.
(3)
من هنا حتى قوله: بل ما قصد (سطر تقريبًا) : سقط من (أ) .
(4)
وكذلك: ساقطة من (أ) .
(5)
سورة المائدة: من الآية 3.
(6)
انظر: تفسير مجاهد (تحقيق عبد الرحمن السورتي)(ص185) ، وتفسير الطبري (6 / 48، 49) .
(7)
من هنا حتى قوله: فالنصب حجارة (سطر تقريبًا) : سقط من (د) .
(8)
في (ط) : هو ما ذبح لغير الله، أي: بسقوط (بمنزلة) .
(9)
أخرجه ابن جرير في تفسيره (6 / 48) .
وفي تفسير علي بن أبي طلحة (1) عن ابن عباس: " النصب أصنام كانوا يذبحون ويهلون عليها "(2) .
فإن قيل: فقد نقل إسماعيل بن سعيد (3) قال: سألت أحمد عما يقرب لآلهتهم يذبحه رجل مسلم. قال: " لا بأس به "(4) .
قيل: إنما قال أحمد ذلك؛ لأن المسلم إذا ذبحه سمى الله عليه، ولم يقصد ذبحه لغير الله، ولا يسمي غيره، بل يقصد ضد (5) ما قصده صاحب الشاة، فتصير نية صاحب الشاة لا أثر لها، والذابح هو المؤثر في الذبح، بدليل أن المسلم لو وكل كتابيا في ذبيحة، فسمى عليها غير الله (6) لم تبح.
ولهذا لما كان الذبح عبادة في نفسه كره علي رضي الله عنه (7) وغير واحد من أهل العلم -منهم أحمد في إحدى الروايتين عنه- أن يوكل المسلم في ذبح
(1) هو: علي بن أبي طلحة سالم بن المخارق الهاشمي، أصله من الجزيرة وانتقل إلى حمص، روى عن ابن عباس، ولم يسمع منه، صدوق، قال عنه النسائي: ليس به بأس، وضعفه بعضهم، أخرج له مسلم حديثًا واحدا، وكذلك أبو داود والنسائي وابن ماجه. توفي سنة (143هـ) . انظر: تهذيب التهذيب (7 / 339 ـ 341) ، (ت567) ، وتقريب التهذيب (2 / 39) ، (ت362) .
(2)
أخرجه ابن جرير في تفسيره (6 / 49) .
(3)
هو: إسماعيل بن سعيد الشالنجي، أبو إسحاق، من أكثر من روى عن أحمد من أصحابه، وكان كبير القدر عندهم، إمام فاضل، صنف كتبًا في الفقه وغيره. توفي سنة (246هـ) . انظر: طبقات الحنابلة (1 / 104، 105) ، (ت113) ، واللباب في تهذيب الأنساب (2 / 176، 177) .
(4)
ذكر ذلك في المغني والشرح الكبير أيضًا (11 / 36) .
(5)
في المطبوعة: (منه غير)، بدل:(ضد) .
(6)
انظر: المغني والشرح الكبير (11 / 36) .
(7)
في (أط) : عليه السلام. ولعله إدراج من النساخ.
نسيكته كتابيا؛ لأن نفس الذبح عبادة بدنية، مثل الصلاة، ولهذا تختص بمكان وزمان ونحو ذلك، بخلاف تفرقة اللحم، فإنه عبادة مالية، ولهذا اختلف العلماء في وجوب تخصيص أهل الحرم بلحوم الهدايا المذبوحة في الحرم، وإن كان الصحيح تخصيصهم بها، وهذا بخلاف الصدقة، فإنها عبادة مالية محضة، فلهذا قد لا يؤثر فيها نية الوكيل، على أن هذه المسألة منصوصة عن أحمد محتملة.
فهذا تمام الكلام في ذبائحهم لأعيادهم.