الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا قيل: هي محرمة، (1) فهل تصح مع التحريم أم لا؟ المشهور عندنا أنها محرمة لا تصح (2) ومن تأمل النصوص المتقدمة تبين له أنها محرمة بلا شك، وأن صلاته لا تصح (3) .
[الدعاء عند القبور]
وليس الغرض هنا تقرير المسائل المشهورة فإنها معروفة، إنما الغرض التنبيه على ما يخفى من غيرها. فمما (4) يدخل في هذا: قصد القبور للدعاء عندها أو بها. فإن الدعاء عند القبور وغيرها من الأماكن ينقسم إلى نوعين:
أحدهما: أن يحصل الدعاء في البقعة بحكم الاتفاق، لا لقصد الدعاء فيها، كمن يدعو الله في طريقه، ويتفق أن يمر بالقبور أو كمن يزورها فيسلم عليها، ويسأل الله العافية له وللموتى، كما جاءت به السنة، فهذا ونحوه لا بأس به.
الثاني: أن يتحرى الدعاء عندها بحيث يستشعر أن الدعاء هناك (5) أجوب منه في غيره فهذا النوع منهي عنه إما نهي تحريم أو تنزيه وهو إلى تحريم أقرب، والفرق بين البابين ظاهر فإن الرجل لو كان يدعو الله، واجتاز في ممره بصنم أو صليب أو كنيسة، أو كان يدعو في بقعة (6) وهناك (7) صليب هو عنه ذاهل، أو دخل كنيسة (8) ليبيت فيها مبيتا جائزا، ودعا الله في
(1) من هنا حتى قوله: ومن تأمل النصوص (سطر تقريبا) : ساقطة من (ط) .
(2)
راجع: مجموع الفتاوى (21 / 304، 321، 323،) ، (22 / 194 - 195) ، (27 / 140) .
(3)
في المطبوعة: وأن صلاته عندها لا تصح.
(4)
في: (ب) فمهما.
(5)
في: المطبوعة: عندها.
(6)
في (ب ج د) : في البقعة.
(7)
في المطبوعة: وكان هناك بقعة فيها صليب.
(8)
في (ط) والمطبوعة: إلى كنيسة.
الليل، أو بات في بيت بعض أصدقائه ودعا الله، لم يكن بهذا بأس.
ولو تحرى الدعاء عند صنم أو صليب، أو كنيسة (1) يرجو الإجابة بالدعاء في تلك البقعة، لكان هذا من العظائم. بل لو قصد بيتا أو حانوتا في السوق، أو بعض عواميد الطرقات يدعو عندها، يرجو الإجابة بالدعاء عندها لكان هذا من المنكرات المحرمة؛ إذ ليس للدعاء عندها فضل. فقصد القبور للدعاء عندها من هذا الباب بل هو (2) أشد من بعضه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذها مساجد، واتخاذها عيدا، وعن الصلاة عندها، بخلاف كثير من هذه المواضع. وما يرويه بعض الناس من أنه قال:" إذا تحيرتم في الأمور فاستعينوا (3) بأهل القبور "، أو نحو هذا، فهو كلام موضوع مكذوب باتفاق العلماء (4) والذي يبين ذلك أمور:
أحدها: أنه قد تبين أن العلة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم لأجلها عن الصلاة عندها إنما هو لئلا تتخذ ذريعة إلى نوع من الشرك (5) بالعكوف عليها وتعلق القلوب بها رغبة ورهبة.
ومن المعلوم أن المضطر في الدعاء الذي قد نزلت به نازلة فيدعو لاستجلاب خير كالاستسقاء، أو لرفع شر كالاستنصار (6) حاله في افتتانه بالقبور - إذا رجا الإجابة عندها - أعظم من حال من يؤدي الفرض عندها في حال العافية، فإن أكثر المصلين - في حال العافية - لا تكاد قلوبهم تفتن بذلك
(1) في (ج د) : أو في كنيسة.
(2)
في (ب) : بل هذا.
(3)
في (أ) : فاستغيثوا.
(4)
انظر مجموع الفتاوى للمؤلف (1 / 356) ، و (11 / 293) .
(5)
في المطبوعة: بقصدها وبالعكوف عليها.
(6)
أي طلب النصر والغوث عند الملمات.
إلا قليلا، أما الداعون المضطرون ففتنتهم بذلك عظيمة جدا، فإذا كانت المفسدة والفتنة التي لأجلها نهي عن الصلاة (1) متحققة في حال (2) هؤلاء، كان نهيهم عن ذلك (3) أوكد وأوكد. وهذا واضح لمن فقه في دين الله، وتبين له (4) ما جاءت به الحنفية من الدين الخالص لله، وعلم كمال (5) سنة إمام المتقين في تجريد التوحيد، ونفي الشرك بكل طريق.
الثاني: أن قصد القبور للدعاء عندها، ورجاء الإجابة بالدعاء هنالك رجاء أكثر من رجائها بالدعاء في غير ذلك الموطن، أمر لم يشرعه الله ولا رسوله ولا فعله أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا أئمة المسلمين ولا ذكره أحد من العلماء ولا الصالحين المتقدمين، بل أكثر ما ينقل من ذلك عن بعض المتأخرين بعد المائة الثانية.
وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجدبوا مرات، ودهمتهم نوائب غير ذلك، فهلا جاءوا فاستسقوا واستغاثوا، عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟
بل خرج عمر بالعباس فاستسقى به (6) ولم يستسق عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
بل قد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها كشفت عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم لينزل المطر، فإنه رحمة تنزل على قبره ولم تستسق عنده ولا استغاثت هناك.
ولهذا لما بنيت حجرته (7) على عهد التابعين - بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم تركوا في أعلاها كوة إلى السماء وهي إلى الآن باقية فيها، موضوع عليها
(1) في المطبوعة: عن الصلاة عندها.
(2)
حال: ساقطة من (أط) .
(3)
عن ذلك: ساقطة من (أب ط) .
(4)
له: ساقطة من (أط) .
(5)
في (أ) : كما سنه.
(6)
أي بدعائه كما سيبين المؤلف.
(7)
من هنا حتى قوله: وكان السقف بارزا (سطران تقريبا) : سقط من (أ) .
مشمع (1) على أطرافه حجارة تمسكه، وكان السقف بارزا إلى السماء وبني كذلك لما احترق المسجد والمنبر سنة بضع وخمسين وستمائة (2) وظهرت النار بأرض الحجاز، التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى (3) وجرت بعدها فتنة الترك (4) ببغداد وغيرها (5) .
ثم عمر المسجد والسقف كما كان، وأحدث حول الحجرة الحائط الخشبي، ثم بعد ذلك بسنين متعددة بنيت القبة على السقف، وأنكره من كرهه (6) .
(1) في المطبوعة: شمع. والمشمع: ما عولج بالشمع من النسيج ونحوه.
انظر: المعجم الوسيط (1 / 496) ، مادة (شمع) .
(2)
ذكر ابن كثير التفاصيل الواقعة في البداية والنهاية (13 / 193) في حوادث سنة (654هـ) .
(3)
وذكر ابن كثير أيضا هذه الحادثة في البداية والنهاية (13 / 187 - 192) في حوادث سنة (654هـ) أيضا، وهاتان الحادثتان وقعتا في سنة واحدة، وقصة النار المذكورة من معجزات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقد ورد الخبر الصحيح بوقوعها في الحديث المتفق عليه أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:" لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى ". أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب خروج النار، حديث رقم (7118) من فتح الباري، (13 / 78) . ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز، حديث رقم (2902) ، (2 / 2228) .
(4)
كذا في جميع المخطوطات. وفي المطبوعة: (التتر)، والمعنى واحد لأن المؤلف قد أشار فيما قبل أن التتار هم: بادية الترك. وذكره غيره أيضا. انظر (1 / 418) .
(5)
انظر: التفاصيل عن هذه الفتنة التي جرت سنة (656هـ) ، والتي أنهت الخلافة العباسية واستباحت دماء المسلمين على يد هولاكو سلطان التتار وبتحريض من الرافضة الذين هم وراء أغلب الفتن في تاريخ الإسلام. في البداية والنهاية (3 / 200 - 204) .
(6)
في المطبوعة: وأنكرها من أنكرها، وفي (أ) : وأنكرهن أكثرها، وهو خلط من الناسخ.
على أنا قد روينا في مغازي محمد بن إسحاق من زيادات يونس بن بكير (1) عن أبي خلدة خالد بن دينار، حدثنا أبو العالية (2) قال:" لما فتحنا تستر (3) وجدنا في بيت مال (4) الهرمزان (5) سريرا عليه رجل ميت، عند رأسه مصحف له، فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر رضي الله عنه فدعا له كعبا (6) فنسخه بالعربية، فأنا أول رجل من العرب قرأه قراءة مثلما أقرأ القرآن هذا، فقلت لأبي العالية: ما كان فيه؟ ، قال: " سيرتكم وأموركم ولحون كلامكم، وما هو كائن بعد " قلت: فما صنعتم بالرجل؟ قال: " حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبرا متفرقة، فلما كان بالليل دفناه، وسوينا القبور كلها لنعميه على الناس لا ينبشونه " فقلت: ما يرجون (7) منه؟ قال: " كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا
(1) هو: يونس بن بكير بن واصل الشيباني، أبو بكر، الجمال الكوفي، وثقه ابن معين، ومرة قال: صدوقا، وقال النسائي: ليس بالقوي، وأكثرهم يوثقه، إلا أنه يخطئ، أخرج له مسلم وغيره، توفي سنة (199هـ) .
انظر: تهذيب التهذيب (11 / 434 - 436) ، (ت 844) ؛ وتقريب التهذيب (2 / 384) ، (ت 472) .
(2)
هو: رفيع بن دينار مرت ترجمته. انظر: فهرس الأعلام.
(3)
تستر هي: مدينة بإقليم خوزستان فتحها أبو موسى الأشعري أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. انظر: معجم البلدان لياقوت (2 / 29 - 31) .
(4)
في (أط) : مال بيت الهرمزان.
(5)
الهرمزان: من قواد الفرس الذين حاربوا جيوش الفتح في العراق، وهو ملك الأهواز، هزمه المسلمون حين فتحوا تستر، فأرسله أبو موسى إلى عمر بن الخطاب فأعلن إسلامه، وبقي في المدينة حتى قتله عبيد الله بن عمر متهما إياه بالتحريض على قتل عمر رضي الله عنهم.
انظر: البداية والنهاية لابن كثير (7 / 85 - 88) .
(6)
هو كعب الأحبار، مرت ترجمته. انظر: فهرس الأعلام.
(7)
في المطبوعة: ما كانوا يرجون منه.
بسريره (1) فيمطرون ". فقلت: من كنتم تظنون الرجل؟ قال: " رجل يقال له دانيال " (2) فقلت: منذ كم وجدتموه مات؟ قال: " منذ ثلاثمائة سنة ". قلت: ما كان تغير منه شيء؟ قال: " لا، إلا شعيرات من قفاه، إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض، ولا تأكلها السباع " (3) .
ففي هذه القصة (4) ما فعله المهاجرون والأنصار من تعمية (5) قبره، لئلا يفتتن به الناس، وهو إنكار منهم لذلك.
ويذكر (6) أن قبر أبي أيوب الأنصاري عند أهل القسطنطينية كذلك، ولا قدوة بهم (7) فقد كان من قبور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمصار عدد كثير، وعندهم التابعون، ومن بعدهم من الأئمة، وما استغاثوا عند قبر صاحب قط، ولا استسقوا عند قبره (8) ولا به، ولا استنصروا عنده ولا به. ومن المعلوم أن مثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، بل على نقل ما هو دونه. ومن تأمل كتب الآثار، وعرف حال السلف، تيقن قطعا أن القوم ما كانوا يستغيثون
(1) في (د) : أبرزوا سريره، وفي (ط) : برزوا لسريره.
(2)
دانيال: تذكر الروايات التي ذكرها ابن كثير وغيره أنه نبي من أنبياء بني إسرائيل، أو رجل صالح من صالحيهم، كان في الأرض المقدسة، وبعضها جاء في حديث مرسل. انظر: البداية والنهاية (2 / 40 - 42) .
(3)
ذكر هذه القصة ابن كثير في البداية والنهاية وقال: إسناده صحيح إلى أبي العالية، وذكر لها أيضا طرقا أخرى تؤكد أن القصة واقعة وصحيحة.
انظر البداية والنهاية (2 / 40 - 42) .
(4)
في (ط) : القضية.
(5)
في (ب) : تعميمهم. وفي (د) : تعميتهم.
(6)
في (أ) والمطبوعة: ويذكرون.
(7)
أي أن فعلهم ليس بحجة شرعا، كما أنهم ليسوا أئمة هدى يقتدى بهم، أي الذين فعلوا ذلك من أهل القسطنطينية.
(8)
في (أط) والمطبوعة: عنده.
عند القبور، ولا يتحرون الدعاء عندها أصلا، بل كانوا ينهون عن ذلك من كان يفعله من جهالهم. كما قد ذكرنا بعضه.
فلا يخلو: إما أن يكون الدعاء عندها أفضل منه في غير تلك البقعة، أو لا يكون.
فإن كان أفضل لم يجز أن يخفى علم هذا عن الصحابة والتابعين وتابعيهم؛ فتكون القرون الثلاثة الفاضلة جاهلة بهذا الفضل العظيم، ويعلمه من بعدهم. ولم يجز أن يعلموا ما فيه من الفضل العظيم (1) ويزهدوا فيه، مع حرصهم على كل خير، لا سيما الدعاء، فإن المضطر يتشبث بكل سبب، وإن كان فيه نوع كراهة، فكيف يكونون مضطرين في كثير من الدعاء، وهم يعلمون فضل الدعاء عند القبور، ثم لا يقصدونه (2) ؟ هذا محال طبعا وشرعا.
وإن لم يكن الدعاء عندها أفضل، كان قصد الدعاء عندها ضلالة ومعصية، كما لو تحرى الدعاء وقصده عند سائر البقاع التي لا فضيلة للدعاء عندها، من شطوط الأنهار، ومغارس الأشجار وحوانيت الأسواق، وجوانب الطرقات، وما لا يحصي عدده إلا الله.
وهذا الدليل قد دل عليه كتاب الله في غير موضع، مثل قوله تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21](3) فإذا لم يشرع الله استحباب الدعاء عند المقابر ولا وجوبه؛ فمن شرعه فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33](4)
(1) العظيم: ساقطة من (ط) والمطبوعة.
(2)
في (د) : ثم لا يقصدونها.
(3)
سورة الشورى: الآية 21.
(4)
سورة الأعراف: الآية 33.
وهذه العبادة عند المقابر نوع من أن يشرك بالله ما لم ينزل به سلطانًا، لأن الله لم ينزل حجة تتضمن استحباب قصد الدعاء عند القبور وفضله على غيره. ومن جعل ذلك من دين الله فقد قال على الله ما لا يعلم (1) .
وما أحسن قوله تعالى: {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} [الأعراف: 33] لئلا يحتج بالمقاييس والحكايات.
فإن هؤلاء المشركين الشرك الأكبر والأصغر يخوفون المخلصين بشفعائهم (3) فيقال لهم (4) نحن لا نخاف هؤلاء الشفعاء الذين لكم، فإنهم خلق من خلق الله، لا يضرون إلا بعد مشيئة الله، فمن مسه بضر فلا كاشف له إلا هو، ومن أصابه برحمة فلا راد لفضله وكيف نخاف هؤلاء المخلوقين الذين جعلتموهم شفعاء وأنتم لا تخافون الله، وقد أحدثتم (5) في دينه من الشرك ما لم
(1) في (ط) : ما لا يعلمه.
(2)
سورة الأنعام: الآيات 80 - 83.
(3)
في (ط) : بشفعاتهم، ولعله تحريف من الناسخ.
(4)
في (أ) : فقال لهم.
(5)
في المطبوعة: وأنتم قد أحدثتم.
ينزل به وحيا من السماء؟! فأي الفريقين أحق بالأمن؟ من كان لا يخاف إلا الله، ولم يبتدع في دينه شركاء، أم من ابتدع في دينه شركا بغير إذنه؟ بل من آمن ولم يخلط إيمانه بشرك فهؤلاء من (1) المهتدين.
وهذه الحجة المستقيمة التي يرفع الله بها وبأمثالها أهل العلم.
فإن قيل: فقد نقل عن بعضهم أنه قال: " قبر معروف (2) الترياق المجرب (3) وروي عن معروف أنه أوصى ابن أخيه أن يدعو عند قبره.
وذكر أبو علي الخرقي (4) في قصص مَنْ هجره أحمد، أن بعض هؤلاء المهجورين كان يجيء عند قبر أحمد، ويتوخى الدعاء عنده، وأظنه ذكر ذلك للمروذي (5) ونقل عن جماعات أنهم دعوا عند قبور جماعات من الأنبياء والصالحين، من أهل البيت وغيرهم، فاستجيب لهم الدعاء، وعلى هذا عمل كثير من الناس.
وقد ذكر العلماء (6) المصنفون في مناسك الحج إذا زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم
(1) في المطبوعة قال: فهؤلاء هم الذين لهم الأمن وهم مهتدون.
(2)
هو: معروف بن فيروز الكرخي، من العباد والزهاد والمشاهير، مشهور بإجابة الدعوة، وله في التصوف أحوال ومقالات تخالف ما عليه الصحابة والتابعون، توفي سنة (200هـ) . انظر: وفيات الأعيان (5 / 231 - 233) ، (ت 729) ، ومجموع الفتاوى للمؤلف (10 / 468) .
(3)
انظر: وفيات الأعيان (5 / 232) ؛ وفي طبقات الحنابلة (1 / 382) ، نسب هذه العبارة لإبراهيم الحربي، ومعنى الترياق المجرب: أنه مجرب في قبول الدعاء عند قبره، وانتفاع من يتبرك به، وهذا من ترهات الصوفية، وإن صح فهو ابتلاء وفتنة للمبتدعين.
(4)
هو: الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقي، أبو علي، صحب بعض أصحاب أحمد كحرب والمروذي. توفي سنة (299هـ) . انظر: طبقات الحنابلة (2 / 45، 46) .
(5)
في المطبوعة: ذكر ذلك المروزي.
(6)
في المطبوعة: وقد ذكر المتأخرون.