المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ابتياع الذمي أرض العشر من مسلم] - اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[فصل في مفهوم العيد والحذر من التشبه بالكفار في أعيادهم]

- ‌[فصل في أعياد الكفار]

- ‌[بعض ما يفعله الناس من المسلمين من البدع في ذلك]

- ‌[النهي عن فعل ما يعين الكفار في أعيادهم]

- ‌[بيع الدار ونحوها للذمي وإجارتها له]

- ‌[ابتياع الذمي أرض العشر من مسلم]

- ‌[استئجار الأرض الموقوفة على الكنيسة وشراء ما يباع للكنيسة]

- ‌[قبول الهدية من أهل الذمة يوم عيدهم]

- ‌[ذبيحتهم يوم عيدهم وأنواع ذبائح أهل الكتاب]

- ‌[ما ذبح على النصب]

- ‌[ذبائح الجن المزعزمة]

- ‌[عودة إلى تفصيل القول فيما ذبح على النصب]

- ‌[فصل في صوم أيام عيد الكفار]

- ‌[فصل في صوم النيروز والمهرجان ونحوهما من أعياد المشركين]

- ‌[فصل في سائر الأعياد والمواسم المبتدعة]

- ‌[ما أحدث من المواسم والأعياد فهو منكر لوجهين]

- ‌[الأول دخول سائر الأعياد والمواسم المبتدعة في مسمى البدع المحدثات]

- ‌[الثاني اشتمالها الفساد في الدين]

- ‌[فصل في الأعياد الزمانية المبتدعة]

- ‌[أنواع الأعياد الزمانية المبتدعة]

- ‌[فصل في الأعياد المكانية المبتدعة]

- ‌[فصل في أنواع الأعياد المكانية]

- ‌[النوع الأول مكان لا خصوص له في الشريعة]

- ‌[بعض الأمكنة والقبور التي ابتدعها الناس]

- ‌[فصل في النوع الثاني من الأمكنة]

- ‌[النوع الثاني ما له خصيصة لا تقتضي اتخاذه عيدا]

- ‌[إطلاق العيد على المكان الذي يقصد الاجتماع فيه]

- ‌[ما يتصل بالقبور من زيارتها والصلاة عندها واتخاذها مساجد والبناء عليها]

- ‌[أنواع من المحرمات]

- ‌[الدعاء عند القبور]

- ‌[رد القول بأن الأمة أجمعت على استحسان الدعاء عند القبور]

- ‌[أثر العبادة والدعاء عند القبور ليس دليلا على استحسانها]

- ‌[أنواع الشرك]

- ‌[الدعاء بعد تحية النبي صلى الله عليه وسلم عند القبر]

- ‌[تفنيد ما ورد في استحباب الدعاء عند القبر]

- ‌[بعض بدع القبور]

- ‌[فصل في عدم جواز سائر العبادات عند القبور]

- ‌[فصل في العكوف عند القبور ومجاورتها وسدانتها]

- ‌[فصل في مقامات الأنبياء وحكم قصدها]

- ‌[أقوال العلماء وبيان القول الصحيح وأدلته]

- ‌[الأمكنة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقصد الصلاة أو الدعاء عندها]

- ‌[الاستسقاء بأهل الخير الأحياء إنما يكون بدعائهم]

- ‌[التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة]

- ‌[التوسل بالأنبياء والصالحين يكون بطاعتهم واتباعهم أو بدعائهم وشفاعتهم]

- ‌[المساجد التي تشد إليها الرحال]

- ‌[فصل في المسجد الأقصى]

- ‌[فصل في عدم اختصاص بقعة بقصد العبادة إلا المساجد]

- ‌[أقوال الناس في الشفاعة والقول الحق في ذلك]

- ‌[أصل التوحيد الذي بعثت به الرسل وأنزلت به الكتب]

- ‌[أصل دين الأنبياء واحد وإنما تنوعت الشرائع]

- ‌[غلط طوائف في مسمى التوحيد وبيان الحق في ذلك]

- ‌[الخاتمة]

الفصل: ‌[ابتياع الذمي أرض العشر من مسلم]

فأما القسم الثاني: فلا ريب أنه لا يجوز (1) على أصلنا أن يؤاجر أو يبايع (2) إذا غلب على الظن أن يفعل ذلك كالمسلم وأولى.

وأما القسم الأول: فعلى ما قاله ابن أبي موسى: " يكره ولا يحرم "؛ لأنا قد أقررناه (3) على ذلك، وإعانته على سكنى هذه (4) الدار كإعانته على سكنى دار الإسلام، فلو كان هذا من الإعانة المحرمة لما جاز إقرارهم بالجزية، وإنما كره ذلك لأنه إعانة من غير مصلحة، لإمكان بيعها من مسلم، بخلاف الإقرار (5) بالجزية، فإنه جاز (6) لأجل المصلحة ".

وعلى ما قاله القاضي لا يجوز؛ لأنه إعانة على ما يستعين به على المعصية، من غير مصلحة تقابل (7) هذه المفسدة فلم يجز، بخلاف إسكانهم دار الإسلام، فإن فيه من المصالح ما هو مذكور في فوائد إقرارهم بالجزية.

[ابتياع الذمي أرض العشر من مسلم]

ومما يشبه ذلك: أنه قد اختلف قول أحمد إذا ابتاع الذمي أرض عشر من مسلم، على روايتين، منع من (8) ذلك في إحداهما، قال:" لأنه لا زكاة على الذمي، وفيه إبطال العشر (9) وهذا ضرر على المسلمين " قال: " وكذلك لا يمكنون (10)

(1) في (د) : يجوز.

(2)

في المطبوعة زاد: الذمي عليه.

(3)

في المطبوعة: قررناه.

(4)

هذه: ساقطة من المطبوعة.

(5)

في (أ) : إقرارهم.

(6)

في (أ) جائز.

(7)

في (ط) : مقابل.

(8)

من: سقطت من (أ) .

(9)

في (أ) : للعشر.

(10)

في (أط) : لا يمكنوا.

ص: 31

من استئجار أرض العشر لهذه العلة (1) .

وقال في الرواية الأخرى: " لا بأس أن يشتري الذمي أرض العشر من مسلم ". واختلف قوله إذا جاز ذلك فيما على الذمي فيما تخرج هذه الأرض على روايتين:

قال في إحداهما: " لا عشر عليه، ولا شيء سوى الجزية ".

وقال في الرواية الأخرى: " عليه فيما يخرج من هذه الأرض (2) الخمس ضعف ما كان على المسلم " ومن أصحابنا من حكى رواية أنهم ينهون عن شرائها، فإن اشتروها أضعف (3) عليهم العشر (4) .

وفي كلام أحمد ما يدل على هذا (5) فإذا كان قد اختلف قوله في جواز تمليكهم عامر (6) الأرض العشرية؛ لما فيه من رفع العشر، فالمفسدة الدينية الحاصلة بكفرهم وفسقهم -في دار كانت للمسلمين (7) يعبد الله فيها ويطاع- أعظم من منع العشر. ولهذا تردد:" هل يرفع الضرر بمنع التملك بالكلية؟ " إذ مع تجويز البيع: إما أن يعطل حق المسلمين، أو تؤخذ الزكاة من الكفار، وكلاهما غير ممكن، فكان منع التملك أسهل، كما منعناه من تملك العبد المسلم والمصحف، لما فيه من تمكين عدو الله من أولياء الله (8) وكلام الله.

وكذلك نمنعهم -على ظاهر المذهب- من شراء السبي الذي جرى عليه

(1) انظر: المغني والشرح الكبير (2 / 592) في المغني.

(2)

في (أط) : فيما تخرج هذه الأرض.

(3)

في المطبوعة: ضعف.

(4)

المغني والشرح الكبير (2 / 593) في المغني.

(5)

في (أ) وفي المطبوعة: هذه.

(6)

في المطبوعة: تمليكهم رقبة الأرض. فقال: رقبة. بدل: عامر.

(7)

في (ب) : كانت دارًا للمسلمين.

(8)

في (ط) : من أولياء وكلام الله.

ص: 32

سهام المسلمين (1) كما شرط عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أو يرفع الضرر بإبقاء حق الأرض عليه، كما يؤخذ ممن اتجر منهم في أرض المسلمين (2) ضعف ما يؤخذ من المسلمين من الزكاة. ويتخرج: أنه لا يؤخذ منه إلا عشر واحد كالمسألة الآتية، وهذا في العشرية التي ليست خراجية.

فأما الخراجية فقالوا: ليس لذمي (3) أن يبتاع أرضا فتحها المسلمون عنوة، وإذا جوزنا بيع أرض العنوة كان حكم الذمي في ابتياعها كحكمه في ابتياع أرض العشر المحض، إذ جميع الأرض عشرية عندنا وعند الجمهور، بمعنى (4) أن العشر يجب فيما أخرجت.

وكذلك أرض الموات من أرض الإسلام التي ليست خراجية، هل للذمي أن يتملكها بالإحياء (5) ؟ قال طائفة من العلماء: ليس (6) له ذلك، وهو قول الشافعي (7) وابن حامد (8) وهذا قياس إحدى الروايتين عن أحمد في

(1) في (ب) : المؤمنين.

(2)

في (ط) : أرض الإسلام.

(3)

في (أ) : للذمي.

(4)

في (أ) : وبمعنى.

(5)

في (ب) : بإحياء.

(6)

في (ج د) : (له ذلك) بدون (ليس) . ويفيد جواز التملك بالإحياء، لا نفيه. والصحيح أن المراد العكس كما هو مثبت؛ لأن المؤلف أورد الرأي القائل بالجواز بعد أسطر قليلة. وربما تكون (ليس) سقطت سهوًا من الناسخين.

(7)

انظر: الأم للشافعي (4 / 14، 15) .

(8)

في (ب) : وأبي حامد. وفي المطبوعة: وأبي حامد الغزالي، وإضافة الغزالي ربما تكون أحدثت في المطبوعة. أما بقية المخطوطات (أج د ط) فهي كما أثبته، وهو الأرجح؛ لأن ابن حامد من كبار علماء الحنابلة وله مسائل وآراء مشهورة وكثيرة، وله مصنفات كثيرة أيضًا فيناسب ذكر رأيه بإزاء الأئمة الكبار كأحمد والشافعي. وابن حامد هو: الحسن بن حامد بن علي بن مروان، أبو عبد الله، البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه، له مؤلفات كثيرة، منها: شرح الخرقي، والجامع في المذهب، وشرح أصول الدين، وغيرها، توفي سنة (403هـ) . انظر: طبقات الحنابلة (2 / 170 ـ 177) .

ص: 33

منعه ابتياعها (1) فإنها إذا لم يجوِّز تملكها بالابتياع فبالإحياء أولى، لكن قد يفرق بينهما بأن (2) المبتاعة أرض عامرة، ففيه ضرر محقق بخلاف إحياء الميتة فإنه لا يقطع حقا، والمنصوص عن أحمد - وعليه الجمهور من أصحابه (3) - أنه يملكها بالإحياء، وهو قول أبي حنيفة، واختلف فيه عن مالك (4) .

متسوى3 أخذ العشر على أرض أهل الذمة

ثم هل عليه (5) العشر؟ فيه روايتان:

قال ابن أبي موسى: " ومن أحيا من أهل الذمة أرضا مواتا فهي له، ولا زكاة عليه فيها، ولا عشر فيما أخرجت " وقد روي عنه رواية أخرى: " أنه لا خراج على أهل الذمة في أرضهم، ويؤخذ منهم العشر مما يخرج، يضاعف عليهم " والأول عنه أظهر.

فهذا الذي حكاه ابن أبي موسى، من تضعيف العشر فيما يملكه بالإحياء، هو قياس تضعيفه فيما ملكه بالابتياع. لكن نقل حرب عنه في رجل من أهل الذمة أحيا مواتا. قال:" هو عشر "(6) ففهم القاضي وغيره من الأصحاب أن الواجب هو العشر المأخوذ من المسلم من غير تضعيف (7) فحكوا في وجوب العشر فيها روايتين، وابن أبي موسى نقل الروايتين في وجوب عشر مضعف (8) .

(1) انظر: المغني والشرح الكبير (6 / 150) .

(2)

في (أ) : فإن.

(3)

في (أ) : جمهور أصحابه.

(4)

انظر: المغني والشرح الكبير (6 / 150 ـ 151) .

(5)

في المطبوعة زاد: فيها.

(6)

في المطبوعة: هو عشري، وهو أتم للمعنى.

(7)

ما بين الرقمين سقط من (ب) .

(8)

ما بين الرقمين سقط من (ب) .

ص: 34

وعلى طريقة القاضي يخرج في مسألة الابتياع كذلك. وهذا الذي نقله ابن أبي موسى أصح؛ فإن (1) الكرماني (2) ومحمد بن أبي (3) حرب (4) وإبراهيم بن هانئ (5) ويعقوب بن بختان (6) نقلوا: أن أحمد سئل- وقال حرب: سألت أحمد (7) قلت-: " إن أحيا رجل من أهل الذمة مواتا ماذا عليه؟ " قال: " أما أنا فأقول: ليس عليه شيء " قال: " وأهل المدينة يقولون في هذا قولا حسنا، يقولون: لا يترك الذمي أن يشتري أرض العشر ". قال: " وأهل البصرة يقولون قولا عجبا! يقولون: يضاعف عليه العشر "(8) قال: وسألت أحمد مرة أخرى، فقلت: إن أحيا رجل من أهل الذمة مواتا؟ قال: " هو عشر ". وقال مرة أخرى: " ليس عليه شيء ".

وروى حرب عن عبيد الله بن الحسن العنبري (9) أنه قيل له: أخذكم

(1) في (أ) : قال.

(2)

هو: حرب بن إسماعيل. مرت ترجمته. انظر فهرس الأعلام.

(3)

في المطبوعة: محمد بن حرب. ولعل: أبي، سقطت سهوًا.

(4)

هو: محمد بن نقيب بن أبي حرب الجرجرائي، كان أحمد بن حنبل يكاتبه، ويسأل عن أخباره، فنقل عن الإمام، وروى عنه مسائل جيدة. انظر: طبقات الحنابلة (1 / 331) ، (ت 472) .

(5)

هو: إبراهيم بن هانئ النيسابوري، أبو إسحاق، من العباد الثقات، نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، وكان ورعًا صالحًا، توفي سنة (265هـ) . انظر: طبقات الحنابلة (1 / 97 ـ 98) ، ت (105) ، وشذرات الذهب (2 / 149) .

(6)

هو: يعقوب بن إسحاق بن بختان، أبو يوسف، سمع من الإمام أحمد، وكان جاره وصديقه، وروى عنه مسائل، وكان أحد الصالحين الثقات. انظر: طبقات الحنابلة (1 / 415) ، (ت 541) .

(7)

في (أ) : بن حنبل.

(8)

المغني والشرح الكبير (2 / 593) في المغني.

(9)

هو: عبيد الله بن الحسن بن الحصين بن أبي الحر، العنبري، قاضي البصرة، من الفقهاء الثقات، من الطبقة السابعة، أخرج له مسلم في موضع واحد، توفي سنة (168هـ) . انظر: تقريب التهذيب (1 / 531) ، (ت 1434) .

ص: 35

الخمس من أرض أهل (1) الذمة، التي في أرض العرب، أبأثر عندكم، أم بغير أثر؟ قال:" ليس عندنا فيه أثر، ولكن قسناه بما (2) أمر به عمر رضي الله عنه أن يؤخذ من أموالهم إذا اتجروا بها، ومروا بها على عشار ".

فهذا أحمد رضي الله عنه سئل عن إحياء الذمي (3) الأرض، فأجاب: بأنه ليس عليه شيء، وذكر اختلاف الفقهاء في مسألة اشترائه الأرض: هل يمنع، أو يضعف عليه العشر؟ وهذا يبين لك أن المسألتين عنده واحدة، وهو تملك الذمي الأرض العشرية، سواء كان بابتياع أو إحياء أو غير ذلك.

وكذلك ذكر العنبري قاضي أهل البصرة: أنهم يأخذون الخمس (4) من جميع أرض أهل (5) الذمة العشرية، وذلك يعم ما ملك (6) انتقالا، أو ابتداء (7) .

وهذا يفيدك أن أحمد إذا منع الذمي أن يبتاع الأرض العشرية، فكذلك يمنعه من إحيائها، وأنه إذا أخذ منه فيما ابتاعه الخمس، فكذلك فيما أحياه، وأن من نقل عنه عشرا مفردا في الأرض المحياة دون المبتاعة (8) فليس بمستقيم، وإنما سببه قوله (9) في الرواية الأخرى التي نقلها الكرماني: هي أرض

(1) أهل: سقطت من (أب) والمطبوعة.

(2)

في المطبوعة: على ما أمر به.

(3)

في (ج د) : عن إحياء الأرض. أي أن: (الذمي) ساقطة.

(4)

الخمس: سقطت من المطبوعة.

(5)

في (أ) : أرض الذمة.

(6)

في (ج د) : ملكه.

(7)

في (أج د) : وابتداء.

(8)

في (ب) : المبايعة.

(9)

في (أ) : اشتبه.

ص: 36

عشر (1) . ولكن هذا كلام مجمل قد فسره (2) أبو عبد الله في موضع آخر، وبين مأخذه. ونقل الفقه: إن لم يعرف الناقل مأخذ الفقيه، وإلا فقد يقع فيه الغلط كثيرا.

وقد أفصح أرباب هذا القول بأن مأخذهم قياس الحراثة على التجارة، فإن الذمي إذا (3) اتجر في غير أرضه (4) فإنه يؤخذ منه ضعف ما يؤخذ من المسلمين، وهو نصف العشر، فكذلك إذا استحدث أرضا غير أرضه (5) ؛ لأنه في كلا الموضعين قد أخذ يكتسب في غير مكانه الأصلي، وحق الحرث والتجارة قرينان، كما في قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267] (6) .

وكذلك قال أحمد في رواية الميموني: يؤخذ من أموال أهل الذمة، إذا اتجروا فيها قومت، ثم أخذ منهم زكاتها مرتين، تضعف عليهم؛ لقول (7) عمر رضي الله عنه:" أضعفها عليهم ". فمن الناس من شبه (8) الزرع (9) على ذلك.

(1) في المطبوعة: عشرية.

(2)

في المطبوعة: فصّله.

(3)

إذا: سقطت من (أ) .

(4)

(4، 5) ما بين الرقمين سقط من (ج د) .

(5)

(4، 5) ما بين الرقمين سقط من (ج د) .

(6)

سورة البقرة: من الآية 267. وفي المطبوعة: ساق صدر الآية: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ". وفي (أب) : " كلوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض "، وهو خطأ في سياق الآية، حيث جاءت (كلوا)، بدل:(أنفقوا) .

(7)

في (ب) : كقول عمر.

(8)

في المطبوعة: قاس.

(9)

في (أ) : على ما قال الميموني.

ص: 37

قال الميموني: " والذي لا شك (1) فيه من قول أبي عبد الله -غير مرة-: أن أرض أهل الذمة التي في الصلح ليس عليها خراج، إنما ينظر إلى ما أخرجت، يؤخذ منهم العشر مرتين ".

قال الميموني: " قلت لأبي عبد الله: فالذي يشتري أرض العشر ما عليه؟ " قال لي: " الناس كلهم يختلفون في هذا: منهم من لا يرى عليه شيئا، ويشبهه بماله ليس عليه فيه زكاة إذا كان مقيما ما كان بين أظهرنا، وبماشيته " فيقول (2)" هذه أموال، وليس عليه فيها صدقة ". ومنهم من يقول: " هذه حقوق لقوم، ولا يكون شراؤه الأرض يذهب بحقوق هؤلاء منهم "، والحسن يقول:" إذا اشتراها ضوعف عليه ". قلت: " كيف يضعف عليه؟ " قال: " لأن عليه العشر، فيؤخذ منه الخمس " قلت: " يذهب إلى أن يضعف عليه الخمس فيؤخذ منه الخمس (3) فالتفت إلي، فقال: " نعم يضعف عليهم ".

قال: وذاكرنا أبا عبد الله: أن مالكا كان يرى أن لا يؤخذ منهم شيء، وكان يحول بينهم وبين الشراء لشيء منها، وهذه الرواية اختيار الخلال، وهي مسألة كبيرة، ليس هذا موضع استقصائها.

والفقهاء أيضا مختلفون في هذه المسألة، كما ذكره أبو عبد الله.

فمن نقل عنه تضعيف العشر: عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وغيره من أهل البصرة، وبعضهم يرويه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو قول أبي يوسف (4) .

(1) في (أ) وفي المطبوعة: لا أشك.

(2)

في (ب) : منقول.

(3)

فيؤخذ عليه الخمس: سقطت من (ج د) .

(4)

انظر: المغني والشرح الكبير (6 / 593)، وانظر: كتاب الخراج لأبي يوسف (ص132) موسوعة الخراج، ط دار المعرفة بلبنان.

ص: 38

ومنهم من قال: " بل يؤخذ العشر على ما كان عليه، كالقول الذي ذكره بعض أصحابنا ". ويروى هذا عن (1) الثوري، ومحمد بن الحسن.

وحكي عن الثوري: لا شيء عليه كالرواية الأخرى عن أحمد. ويروى هذا عن مالك أيضا، وعن مالك: أنه يؤمر ببيعها. وحكي ذلك عن الحسن بن صالح (2) وشريك (3) وهو قول الشافعي. وقال أبو ثور (4) يجبر على بيعها.

وقياس قول من يضعف العشر: أن المستأمن لو زرع في دار الإسلام لكان الواجب عليه خُمْسَيْن (5) ضعفا ما يؤخذ من الذمي، كما أنه إذا اتجر في دار الإسلام (6) يؤخذ منه العشر، ضعفا ما يؤخذ من الذمي. فقد ظهر

(1) عن: ساقطة من (أ) .

(2)

هو: الحسن بن صالح بن صالح بن حيان بن شفي الهمداني الثوري، ولد سنة (100هـ) ، وكان حسن الفقه والعبادة، ورعًا، ثقة في الحديث، إلا أن فيه تشيعًا، وأخذ عليه بعضهم قوله بالخروج والسيف، توفي سنة (169هـ) . انظر: تهذيب التهذيب (2 / 285 ـ 289) ، (ت 516) .

(3)

هو: شريك بن عبد الله بن أبي شريك، النخعي الكوفي القاضي، ولد سنة (90هـ) . قال ابن حجر في التقريب: " صدوق يخطئ كثيرًا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلا فاضلا عابدًا، شديدًا على أهل البدع، وقد أخرج له مسلم والأربعة، وتوفي سنة (178هـ) . انظر: تقريب التهذيب (1 / 351) ، (ت 64) ، والبداية والنهاية لابن كثير (10 / 171) .

(4)

هو: إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي، كان من أصحاب محمد بن الحسن، فلما قدم الشافعي العراق أخذ عنه، وتتلمذ عليه حتى صار من الفقهاء المشاهير، ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود وابن ماجه. وتوفي سنة (240هـ) . انظر: طبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي (ص92) ؛ وتقريب التهذيب (1 / 35) ، (ت 197) .

(5)

في (ط ب) : خمسان.

(6)

في (أط) : بلاد الإسلام. وفي (د) : بلاد المسلمين.

ص: 39

أنا (1) -على إحدى الروايتين، وقول طوائف من أهل العلم -نمنعهم من (2) أن يستولوا على عقار في دار الإسلام للمسلمين فيه حق من المساكن والمزارع، كما نمنعهم أن يحدثوا في دار الإسلام (3) بناء لعباداتهم من كنيسة أو بيعة أو صومعة؛ لأن عقد الذمة اقتضى إقرارهم على ما كانوا عليه (4) من غير تعد منهم إلى الاستيلاء فيما ثبت للمسلمين فيه حق من عقار أو رقيق.

وهذا لأن مقصود الدعوة: أن تكون كلمة الله هي العليا، وإنما أقروا بالجزية للضرورة العارضة، والحكم المقيد بالضرورة مقدر بقدرها، ولهذا لم يثبت عن (5) واحد من السلف حق شفعة على مسلم، وأخذ بذلك أحمد رحمه الله وغيره؛ لأن الشقص الذي يملكه مسلم، إذا أوجبنا فيه شفعة لذمي، كنا قد أوجبنا على المسلم أن ينقل الملك في عقاره إلى ذمي بطريق القهر للمسلم، وهذا خلاف الأصول (6) .

ولهذا نص أحمد على أن البائع للشقص إذا كان مسلما وشريكه ذمي، لم يجب (7) له شفعة؛ لأن الشفعة في الأصل إنما هي من حقوق أحد الشريكين على الآخر، بمنزلة الحقوق التي تجب على المسلم للمسلم: كإجابة الدعوة، وعيادة المريض، وكمنعه (8) أن يبيع على بيعه أو يخطب على خطبته، وهذا كله عند أحمد مخصوص بالمسلمين، وفي البيع والخطبة خلاف بين الفقهاء.

(1) أنا: سقطت من المطبوعة.

(2)

من: سقطت من (ط) .

(3)

في (أ) : في الإسلام.

(4)

عليه: ساقطة من (أ) .

(5)

في (أج د) وفي المطبوعة: (غير) بدل (عن) .

(6)

في (أ) : الأصل.

(7)

من هنا حتى قوله: (على المسلم للمسلم) سقط من (د) .

(8)

في المطبوعة زاد: وكفه.

ص: 40