الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في عدم اختصاص بقعة بقصد العبادة إلا المساجد]
فصل وأصل دين المسلمين: أنه لا تختص بقعة بقصد (1) العبادة فيها إلا المساجد خاصة، وما عليه المشركون وأهل الكتاب، من تعظيم بقاع للعبادة غير المساجد -كما كانوا في الجاهلية يعظمون حراء، ونحوه من البقاع- فهو مما جاء الإسلام بمحوه وإزالته ونسخه.
ثم المساجد جميعها تشترك في العبادات، فكل ما يفعل في مسجد يفعل في سائر المساجد، إلا ما خص به المسجد الحرام، من الطواف ونحوه، فإن خصائص المسجد الحرام لا يشاركه فيها شيء من المساجد، كما أنه لا يصلى إلى غيره.
وأما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى، فكل ما يشرع فيهما من العبادات، يشرع في سائر المساجد: كالصلاة والدعاء والذكر والقراءة والاعتكاف، ولا يشرع فيهما جنس (2) لا يشرع في غيرهما:(3) لا تقبيل شيء، ولا استلامه، ولا الطواف به (4) ونحو ذلك. لكنهما أفضل من غيرهما، فالصلاة فيهما تضاعف على الصلاة في غيرهما.
(1) في (أب) : تقصد.
(2)
في المطبوعة: ما لا.
(3)
في (أ) : ولا.
(4)
به: سقطت من (ب ج د) .
أما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت في الصحيح: أن الصلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وروي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في غيره من المساجد، إلا المسجد الحرام؛ فإني آخر الأنبياء، وإن مسجدي هذا آخر المساجد» (1) .
وفي صحيح مسلم، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«صلاة في مسجدي هذا أفضل (2) من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» (3) .
وفي مسلم أيضا، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال «إن امرأة اشتكت شكوى (4) فقالت: إن شفاني الله لأخرجن، فلأصلين في بيت المقدس، فبرأت، ثم تجهزت تريد الخروج، فجاءت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتها ذلك (5) فقالت اجلسي، فكلي ما صنعت، وصلي في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة» (6) .
وفي المسند، عن ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما قال: قال
(1) هذا لفظ مسلم في صحيحه، كتاب الحج باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، تابع الحديث رقم (1394) ، (2 / 1012) ، وأخرجه البخاري في كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب (1) ، الحديث رقم (1190) ، (3 / 63) من فتح الباري.
(2)
في المطبوعة: خير. وكلاهما وارد في مسلم: (أفضل) و (خير) .
(3)
صحيح مسلم، كتاب الحج، باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، الحديث رقم (1395) ، (2 / 1013) .
(4)
في (ب) : بشكوى. وفي مسلم كما هو مثبت.
(5)
في المطبوعة: بذلك. وفي مسلم كما هو مثبت.
(6)
صحيح مسلم، كتاب الحج، باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، الحديث رقم (1396) ، (2 / 1014) .
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل (1) من صلاة في مسجدي بمائة صلاة» (2) . قال أبو عبد الله (3) المقدسي: إسناده على رسم الصحيح.
ولهذا جاءت الشريعة بالاعتكاف الشرعي في المساجد، بدل ما كان يفعل قبل الإسلام من المجاورة بغار حراء، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى قبضه الله.
والاعتكاف من العبادات المشروعة (4) بالمساجد باتفاق الأئمة، كما (5) قال تعالى {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] (6) أي: في حال عكوفكم في المساجد (7) لا تباشروهن، وإن كانت المباشرة خارج (8) المسجد. ولهذا قال الفقهاء: إن ركن الاعتكاف: لزوم المسجد لعبادة الله. ومحظوره الذي يبطله: مباشرة النساء.
فأما العكوف والمجاورة عند شجرة أو حجر، تمثال أو غير تمثال، أو العكوف والمجاورة عند قبر نبي، أو غير نبي، أو مقام نبي، أو غير نبي، فليس هذا من دين المسلمين، بل هو من جنس دين المشركين، الذين أخبر الله عنهم بما ذكره في كتابه، حيث قال:
(1) قوله: وصلاة في المسجد الحرام أفضل: سقطت من (د) .
(2)
مسند أحمد (4 / 5) .
(3)
مرت ترجمته. انظر: فهرس الأعلام.
(4)
في (أط) : المشروطة.
(5)
كما: سقطت من (ب ج د) .
(6)
سورة البقرة: من الآية 187.
(7)
في (ب) : ولا.
(8)
في (أب ط) : خارجه.
فهذا عكوف المشركين، وذاك (4) عكوف المسلمين، فعكوف المؤمنين في المساجد لعبادة الله وحده لا شريك له، وعكوف المشركين على ما يرجونه،
(1) سورة الأنبياء: من الآيات 51-58.
(2)
في المطبوعة: سرد الآيات إلى قوله: "إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" سورة الشعراء: الآية 89.
سورة الشعراء: الآيات 69-82.
(3)
سورة الأعراف: الآيات 138-140، وفي المطبوعة: وقف على قوله تعالى: "وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".
(4)
في (أ) : وذلك.