المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[بعض بدع القبور] - اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[فصل في مفهوم العيد والحذر من التشبه بالكفار في أعيادهم]

- ‌[فصل في أعياد الكفار]

- ‌[بعض ما يفعله الناس من المسلمين من البدع في ذلك]

- ‌[النهي عن فعل ما يعين الكفار في أعيادهم]

- ‌[بيع الدار ونحوها للذمي وإجارتها له]

- ‌[ابتياع الذمي أرض العشر من مسلم]

- ‌[استئجار الأرض الموقوفة على الكنيسة وشراء ما يباع للكنيسة]

- ‌[قبول الهدية من أهل الذمة يوم عيدهم]

- ‌[ذبيحتهم يوم عيدهم وأنواع ذبائح أهل الكتاب]

- ‌[ما ذبح على النصب]

- ‌[ذبائح الجن المزعزمة]

- ‌[عودة إلى تفصيل القول فيما ذبح على النصب]

- ‌[فصل في صوم أيام عيد الكفار]

- ‌[فصل في صوم النيروز والمهرجان ونحوهما من أعياد المشركين]

- ‌[فصل في سائر الأعياد والمواسم المبتدعة]

- ‌[ما أحدث من المواسم والأعياد فهو منكر لوجهين]

- ‌[الأول دخول سائر الأعياد والمواسم المبتدعة في مسمى البدع المحدثات]

- ‌[الثاني اشتمالها الفساد في الدين]

- ‌[فصل في الأعياد الزمانية المبتدعة]

- ‌[أنواع الأعياد الزمانية المبتدعة]

- ‌[فصل في الأعياد المكانية المبتدعة]

- ‌[فصل في أنواع الأعياد المكانية]

- ‌[النوع الأول مكان لا خصوص له في الشريعة]

- ‌[بعض الأمكنة والقبور التي ابتدعها الناس]

- ‌[فصل في النوع الثاني من الأمكنة]

- ‌[النوع الثاني ما له خصيصة لا تقتضي اتخاذه عيدا]

- ‌[إطلاق العيد على المكان الذي يقصد الاجتماع فيه]

- ‌[ما يتصل بالقبور من زيارتها والصلاة عندها واتخاذها مساجد والبناء عليها]

- ‌[أنواع من المحرمات]

- ‌[الدعاء عند القبور]

- ‌[رد القول بأن الأمة أجمعت على استحسان الدعاء عند القبور]

- ‌[أثر العبادة والدعاء عند القبور ليس دليلا على استحسانها]

- ‌[أنواع الشرك]

- ‌[الدعاء بعد تحية النبي صلى الله عليه وسلم عند القبر]

- ‌[تفنيد ما ورد في استحباب الدعاء عند القبر]

- ‌[بعض بدع القبور]

- ‌[فصل في عدم جواز سائر العبادات عند القبور]

- ‌[فصل في العكوف عند القبور ومجاورتها وسدانتها]

- ‌[فصل في مقامات الأنبياء وحكم قصدها]

- ‌[أقوال العلماء وبيان القول الصحيح وأدلته]

- ‌[الأمكنة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقصد الصلاة أو الدعاء عندها]

- ‌[الاستسقاء بأهل الخير الأحياء إنما يكون بدعائهم]

- ‌[التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة]

- ‌[التوسل بالأنبياء والصالحين يكون بطاعتهم واتباعهم أو بدعائهم وشفاعتهم]

- ‌[المساجد التي تشد إليها الرحال]

- ‌[فصل في المسجد الأقصى]

- ‌[فصل في عدم اختصاص بقعة بقصد العبادة إلا المساجد]

- ‌[أقوال الناس في الشفاعة والقول الحق في ذلك]

- ‌[أصل التوحيد الذي بعثت به الرسل وأنزلت به الكتب]

- ‌[أصل دين الأنبياء واحد وإنما تنوعت الشرائع]

- ‌[غلط طوائف في مسمى التوحيد وبيان الحق في ذلك]

- ‌[الخاتمة]

الفصل: ‌[بعض بدع القبور]

وكل هذا لا يقتضي استحباب الصلاة، أو قصد الدعاء أو النسك عندها، لما في قصد العبادات عندها من المفاسد التي علمها الشارع (1) كما تقدم. فذكرت هذه الأمور لأنها مما يتوهم معارضته لما قدمناه، وليس كذلك.

الوجه الرابع (2) أن اعتقاد استجابة الدعاء عندها وفضله، قد أوجب أن تنتاب لذلك وتقصد، وربما اجتمع عندها (3) اجتماعات كثيرة، في مواسم معينة، وهذا بعينه هو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:«لا تتخذوا قبري عيدا» وبقوله: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وبقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تتخذوا القبور مساجد، فإن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك» (4) .

[بعض بدع القبور]

حتى إن بعض القبور يجتمع عندها (5) في يوم من السنة ويسافر إليها (6) إما في المحرم، أو رجب، أو شعبان، أو ذي الحجة، أو غيرها. وبعضها يجتمع عنده في يوم عاشوراء! ، وبعضها في يوم عرفة، وبعضها

(1) في (ج د) : التي أعلم بها الشارع. وفي المطبوعة: التي حذر منها الشارع.

(2)

أي: من وجوه نفي استحباب قصد الدعاء عند القبر، المذكور أولها ص (248) .

(3)

في المطبوعة: وربما اجتمع القبوريون عندها. أي بزيادة كلمة (القبوريون) . وهي عبارة لم يكن المؤلف يطلقها كما أسلفت، وكان الأولى أن توضع بالهامش إذا قصد بها إيضاح المعنى.

(4)

فإني أنهاكم عن ذلك: ساقطة من (أط) والمطبوعة. وفي (ب) : زاد في الهامش: " ألا فلا تتخذوا القبور مساجد "، وإشارة التهميش قبل قوله:" فإني أنهاكم "، والحديث مر (ص 184) من هذا الجزء.

(5)

في المطبوعة: يجتمع عندها القبوريون.

(6)

في المطبوعة: ويسافرون إليها لإقامة العيد.

ص: 256

في (1) النصف من شعبان، وبعضها في وقت آخر، بحيث يكون لها يوم من السنة تقصد فيه، ويجتمع عندها فيه كما تقصد عرفة ومزدلفة ومنى، في أيام معلومة (2) من السنة، أو كما يقصد مصلى المصر يوم العيدين، بل ربما كان الاهتمام بهذه الاجتماعات في الدين والدنيا أهم (3) وأشد.

ومنها: ما يسافر إليه من الأمصار، في وقت معين أو في وقت غير معين (4) لقصد الدعاء عنده، والعبادة هناك، كما يقصد بيت الله لذلك، وهذا السفر لا أعلم بين المسلمين خلافا في النهي (5) عنه، إلا أن يكون خلافا حادثا.

وإنما ذكرت الوجهين المتقدمين في السفر المجرد لزيارة القبور. فأما إذا كان السفر للعبادة عندها بالدعاء أو الصلاة (6) أو نحو ذلك: فهذا لا ريب فيه.

حتى إن بعضهم يسميه الحج ويقول: نريد الحج إلى قبر فلان وفلان (7) .

ومنها ما يقصد الاجتماع عنده في يوم معين من الأسبوع.

وفي الجملة: هذا الذي يفعل عند هذه القبور هو بعينه الذي نهى عنه

(1) في (ب ج د) : وبعضها في يوم النصف من شعبان.

(2)

في (ط) : معلومات.

(3)

أهم: ساقطة من (أط) .

(4)

في (أب ط) : أو في غير وقت معين.

(5)

في المطبوعة: في تحريمه والنهي عنه.

(6)

في المطبوعة زاد: أو إقامة العيد.

(7)

وفلان: ساقطة من (ج د) .

ص: 257

رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا تتخذوا قبري عيدًا» فإن اعتياد قصد المكان المعين، وفي وقت معين، عائد بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع، هو بعينه معنى العيد. ثم ينهى عن دِقِّ ذلك وجله، وهذا هو الذي تقدم عن الإمام أحمد إنكاره، لما قال:" قد أفرط الناس في هذا جدا وأكثروا " وذكر ما يفعل عند قبر الحسين.

وقد ذكرت (1) فيما تقدم: أنه يكره اعتياد عبادة في وقت إذا لم تجئ بها السنة. فكيف اعتياد مكان معين في وقت معين؟ .

ويدخل في هذا: ما يفعل بمصر، عند قبر نفيسة (2) وغيرها. وما يفعل بالعراق عند القبر الذي يقال إنه قبر علي رضي الله عنه، وقبر الحسين، وحذيفة بن اليمان، وسلمان الفارسي. وقبر موسى بن جعفر (3) ومحمد بن علي الجواد (4) ببغداد.

(1) في (أط) : فسرت.

(2)

هي: نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم، ولدت سنة (145 هـ) ، وكانت من النساء التقيات الصالحات العالمات بالتفسير والحديث، وتوفيت بمصر سنة (208 هـ) ، ونصب لها الشيعة مزارا ومشهدا في مصر لا يزال الآن يطوف المبتدعون والجهلة من حوله ويتمسحون به، وتقام عنده الكثير من البدع والشركيات. فنسأل الله العافية.

انظر " وفيات الأعيان (5 / 423، 424) ؛ والأعلام للزركلي (8 / 44) .

(3)

هو: موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي، المعروف بالكاظم، عابد صدوق، مات سنة (183 هـ) .

انظر: تقريب التهذيب (2 / 282) ، (ت 1444) .

(4)

هو: محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق الهاشمي، المعروف بالجواد، تزعم الروافض أنه أحد الأئمة الاثني عشر، ولد سنة (195 هـ) ، وتوفي سنة (220هـ) .

انظر: وفيات الأعيان (4 / 175) ، (ت 561) .

ص: 258

وعند قبر أحمد بن حنبل، ومعروف الكرخي. وغيرهما وما يفعل عند قبر أبي يزيد البسطامي (1) . وكان يفعل نحو ذلك بحران، عند قبر يسمى قبر الأنصاري (2) إلى قبور كثيرة، في أكثر بلاد الإسلام لا يمكن حصرها. كما أنهم بنوا على كثير منها مساجد وبعضها مغصوب، كما بنوا على قبر أبي حنيفة والشافعي وغيرهم.

وهؤلاء الفضلاء من الأئمة، إنما ينبغي محبتهم واتباعهم، وإحياء ما أحيوه من الدين، والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة والرضوان، ونحو ذلك.

فأما اتخاذ قبورهم أعيادا، فهو مما حرمه الله ورسوله واعتياد قصد هذه القبور في وقت معين، أو الاجتماع العام عندها في وقت معين، هو اتخاذها عيدا، كما تقدم. ولا أعلم بين المسلمين (3) أهل العلم في ذلك خلافا. ولا يغتر بكثرة العادات الفاسدة، فإن هذا من التشبه بأهل الكتابين، الذين أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه كائن في هذه الأمة.

وأصل ذلك: إنما هو اعتقاد فضل الدعاء (4) عندها، وإلا فلو لم (5) يقم

(1) هو: طيفور بن عيسى بن آدم بن عيسى بن علي البسطامي، أبو يزيد، من العباد والزاهدين ومن الغالبين في التصوف، حتى أثر عنه أنه تمادى فيما يسمى بالفناء الذي تزعمه الصوفية، وأثرت عنه كلمات إن صحت فهو ضال مبتدع، توفي سنة (261هـ) . انظر: وفيات الأعيان (2 / 351) ، (ت 312) ؛ ومجموع الفتاوى (2 / 313، 461) ، (13 / 257) .

(2)

لم أستطع التعرف عليه.

(3)

المسلمين: سقطت من (د) .

(4)

الدعاء: ساقطة من (د) .

(5)

لم: ساقطة من (ط) .

ص: 259

هذا الاعتقاد بالقلوب انمحى (1) ذلك كله، فإذا كان قصدها للدعاء (2) يجر هذه المفاسد كان حراما، كالصلاة عندها وأولى، وكان ذلك فتنة للخلق، وفتحا لباب الشرك، وإغلاقا لباب الإيمان.

(1) في (ب) : محي.

(2)

في (ج د) : زاد: عندها.

ص: 260