الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في أعياد الكفار]
[بعض ما يفعله الناس من المسلمين من البدع في ذلك]
فصل أعياد الكفار كثيرة مختلفة، وليس على المسلم أن يبحث عنها، ولا يعرفها، بل يكفيه أن يعرف في أي فعل من الأفعال أو يوم أو مكان، أن سبب هذا الفعل أو تعظيم هذا المكان والزمان من جهتهم، ولو لم يعرف أن سببه من جهتهم، فيكفيه أن يعلم أنه لا أصل له في دين الإسلام، فإنه إذا لم يكن له أصل فإما أن يكون قد أحدثه بعض الناس من تلقاء نفسه، أو يكون مأخوذا عنهم، فأقل أحواله: أن يكون من البدع، ونحن ننبه على ما رأينا كثيرا من الناس قد وقعوا فيه:
فمن ذلك الخميس الحقير، الذي في آخر صومهم، فإنه يوم عيد المائدة فيما يزعمون ويسمونه عيد العشاء (1) وهو الأسبوع الذي يكون فيه من الأحد إلى الأحد؛ هو عيدهم الأكبر، فجميع ما يحدثه الإنسان فيه من (2) المنكرات.
فمنه: خروج النساء، وتبخير القبور، ووضع الثياب على السطح، وكتابة الورق وإلصاقها بالأبواب، واتخاذه (3) موسما لبيع البخور وشرائه، وكذلك شراء البخور في ذلك الوقت إذ اتخذ وقتا للبيع، ورقي البخور (4) مطلقا في
(1) في (أ) : العشائين، وفي (ط) : العشا.
(2)
في (ب ج د) : وهو المنكرات.
(3)
في المطبوعة: واتخاذ هذه الأيام موسمًا.
(4)
رقي البخور: أي: البخور الذي قرئت عليه الرقى.
ذلك الوقت أو في غيره، أو قصد شراء البخور المرقي (1) فإن رقي البخور واتخاذه (2) قربانا هو دين النصارى والصابئين، وإنما البخور طيب يتطيب بدخانه كما يتطيب بسائر الطيب من المسك وغيره مما له أجزاء بخارية وإن لطفت، أو له رائحة محضة، (3) ويستحب التبخر حيث يستحب التطيب.
وكذلك اختصاصه بطبخ رز بلبن، أو بسيسة، (4) أو عدس، أو صبغ، أو بيض، أو مقر (5) . . ونحو ذلك؛ فأما القمار بالبيض، أو بيع البيض لمن يقامر به، أو شراؤه من المقامرين (6) فحكمه ظاهر.
ومن ذلك: ما يفعله الأكارون، من نكت (7) البقر بالنقط (8) الحمر أو نكت الشجر أيضا، أو جمع أنواع من النبات (9) والتبرك بها، والاغتسال بمائها، ومن ذلك: ما قد يفعله النساء من أخذ ورق الزيتون، (10) والاغتسال بمائه، أو قصد الاغتسال بشيء من ذلك، فإن أصل ذلك ماء المعمودية.
(1) في (ج د) : للموتى. بدل المرقي، والرقى: هي ما يقرأ من قرآن وأدعية وتعاويذ ونحوها.
(2)
في (أط) : واتخاذ البخور قربانًا.
(3)
في المطبوعة: وإنما يستحب.
(4)
في المطبوعة: أو بسمن. وقال في القاموس المحيط: واتخاذ البسيسة بأن يلت السويق أو الدقيق أو الأقط المطحون بالسمن أو الزيت. انظر: فصل الباء، باب السين (2 / 207) .
(5)
أو مقر: ساقطة من المطبوعة. والمقر هو: الصبر أو شبيه به، ويطلق على اللبن أيضًا، المصدر السابق (2 / 241) .
(6)
في (ب ج د) : من المتقامرين.
(7)
في المطبوعة: نقط، وهي تفسير للنكت.
(8)
في (ج د) : بالفقس.
(9)
في المطبوعة: أنواع الثياب.
(10)
في (أج د) : أو الاغتسال.
ومن ذلك: ترك الوظائف الراتبة من الصنائع، والتجارات، أو حلق العلم، أو غير ذلك، واتخاذه يوم راحة وفرح، واللعب فيه بالخيل أو غيرها على وجه يخالف ما قبله وما بعده من الأيام.
والضابط: أنه لا يحدث فيه أمر أصلا، بل يجعل يوما كسائر الأيام، فإنا قد قدمنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهاهم عن اليومين اللذين كانا لهم يلعبون فيهما في الجاهلية (1) وأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبح بالمكان إذا كان المشركون يعيدون (2) فيه.
ومن ذلك: ما يفعله كثير من الناس في أثناء الشتاء في أثناء كانون الأول لأربع وعشرين خلت منه، ويزعمون أنه ميلاد عيسى عليه السلام، فجميع ما يحدث فيه هو من المنكرات، مثل: إيقاد النيران، وإحداث طعام، واصطناع شمع وغير ذلك. فإن اتخاذ هذا الميلاد عيدا هو دين النصارى، ليس لذلك أصل في دين الإسلام، ولم يكن لهذا الميلاد ذكر أصلا على عهد السلف الماضين، بل أصله مأخوذ عن النصارى، وانضم إليه سبب طبيعي (3) وهو كونه في الشتاء المناسب لإيقاد النيران، ولأنواع مخصوصة من الأطعمة.
ثم إن النصارى تزعم أنه بعد الميلاد بأيام -أظنها أحد عشر يوما- عمد (4) يحيى لعيسى عليهما السلام في ماء (5) المعمودية فهم يتعمدون (6) في هذا الوقت، ويسمونه عيد الغطاس، وقد صار كثير من جهال النساء يدخلن
(1) في الجاهلية: ساقطة من (أ) .
(2)
في (أ) : يتعبدون، وفي (ط) : يعبدون.
(3)
في (أ) : طبعي.
(4)
في (ج د) : عهد، وما أثبته أرجح، ويفسره ما بعده، وفي المطبوعة: عمد يحيى عيسى، وهو خلاف المخطوطات.
(5)
في (ب) : بناء، أو: نبأ.
(6)
في (ج د) : يتعهدون.