الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[26- أبو الحسن الدارقطني]
أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود الدارقطني البغدادي الحافظ المقدم والناقد المعظم.
شهرته تغني عن الإطالة، وتدل على محله من الجلالة.
سمع: أبا القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، وأبا محمد يحيى بن محمد بن صاعد الهاشمي، وأبا بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، وأبا بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني، وأبا عبد الله محمد بن القاسم بن زكريا البخاري، وأبا عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد القزاز، وأبا عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد المحاملي، [و] القاضي أبا العباس أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير الذهلي، وابنه أبا طاهر محمد بن أحمد قاضي مصر، وأبا جعفر محمد [بن] هارون الحضرمي، وأبا حفص عمر بن محمد بن شعيب الصابوني، وأبا العباس أحمد بن محمد بن يوسف ابن مسعدة الفزاري، وأبا الحسن أحمد بن إبراهيم بن حبيب الزراد، وأبا بكر أحمد بن محمد بن موسى بن أبي حامد، وأبا القاسم عبد الوهاب بن عيسى ابن أبي حية، وأبا علي محمد بن سليمان المالكي، وأبا جعفر محمد بن
يحيى بن [هارون] ، وأبا هاشم عبد الغافر بن سلام الحمصي، والقاضي أبا يعقوب إسحاق بن محمد [بن] أحمد بن يزيد الحلبي وأبا بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول، وأبا بكر أحمد بن إسحاق بن إبراهيم الملحمي، وأبا الحسن علي بن عبد الله بن مبشرٍ الواسطي، وآخرين لا يحصون كثرة.
وروى عنه أبو ذر عبد بن أحمد بن محمد الهروي الحافظ، وأبو طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري الزاهد، وأبو طاهر محمد بن الحسين بن محمد بن سعدون الموصلي، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن جعفر بن العدل المعروف بابن زوج الحرة، والشريفان أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون، وأبو الحسين محمد بن علي المهتدي بالله الهاشميان، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر بن البقال، والحاكم أبو عبد الله، وأبو سعد الإسماعيلي ابن الإمام أبي بكر، وكان قد رحل
بأولاده إليه، وأبو مسعود الدمشقي صاحب ((التعليق)) ، وأبو عبد الرحمن السلمي الصوفي وآخرون.
مولده سنة خمس وثمانين وثلاث مائة، وقيل: يوم الأربعاء الثاني من ذي القعدة.
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني الحافظ يعرف بسلفة قراءةً عليه، أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي الحافظ، ويعرف بأبي بقراءتي عليه بالكوفة، حدثنا عبد الله بن الحسين بن عثمان الهمداني ببغداذ، حدثنا علي بن عمر الحافظ الدارقطني، حدثنا أبو العباس الفضل بن أحمد بن منصور الزبيدي المقرئ، حدثنا عبد الأعلى بن حماد، حدثنا
وهيبٌ، عن أيوب عن أبي قلابة، عن أنس ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي أم سليمٍ فيقيل عندها، وكان كثير العرق، فكانت تأخذه فتجعله في القوارير، وكانت تقول: هو أطيب رائحة من المسك، وكان يصلي على الخمرة)) .
قال الشيخ أيده الله: انفرد به مسلمٌ، فرواه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عفان، عن وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، عن أم سليم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيها فيقيل عندها فتبسط له نطعاً، وكان كثير العرق، فكانت تجمع عرقه فتجعله في الطيب والقوارير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((ما هذا)) ؟ قالت: عرقك أدوف به طيبي.
قال أبو مسعود الدمشقي في ((الأطراف)) : ((ورواه غير عفان، عن وهيب، فلم يقل: عن أم سليم، وكذلك أوردناه أيضاً من حديث عبد الأعلى بن حماد، عن وهيب، فيكون على هذا من مسند أنس، وعلى ما أخرجه مسلمٌ من مسند أم سليم)) وقد أوردناه في ترجمة ابن صاعد حديثاً من رواية الدارقطي عنه من طريقين، ثم وقع لنا من حديث الدراقطني عن غيره وهو:
ما أخبرناه أبو محمد عبد الله بن أبي الفضل الأموي، وأبو الحسن علي ابن الفرج المهراني بقراءتي عليهما، قالا: أخبرنا أبو علي كتايب بن علي الفارقي، أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسين الموصلي، أخبرنا أبو الحسن علي ابن عمر بن أحمد بن مهدي الحافظ الدارقطني قراءةً عليه، وأنا أسمع، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا صالح بن مالك الخوارزمي، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، أخبرني عمرو بن أبي
عمرو، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم الحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال)) .
قال محمد بن الحسين الموصلي: قال لنا أبو الحسن الدارقطني: هذا حديثٌ صحيحٌ، وعبد العزيز هو ابن عبد الله بن أبي سلمة، وعمه الماجشون بن أبي سلمة، واسم الماجشون يعقوب، وهو والد يوسف، وعبد العزيز ابني يعقوب، واسم أبي سلمة ميمون، مولى المنكدر، وعبد الله بن أبي سلمة والد عبد العزيز، روى عن ابن عمر وعن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، وعن عامر بن سعد، وعن نافع مولى أبي قتادة، وغيرهم.
حدث عنه من الرفعاء: يحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن عجلان، وعمر بن حسين، وغيرهم.
ولابنه عبد العزيز ابنان حدثا جميعاً، أحدهما عبد الملك بن عبد العزيز وهو الفقيه المفتي من رفقاء أصحاب مالك بن أنس، وهو أستاذ
أحمد بن المعدل، والآخر يوسف بن عبد العزيز، يروي عن أبيه، لا أعلم حدث عنه غير الزبير بن بكار.
وأما عبد العزيز بن يعقوب فيروي عن محمد بن المنكدر، حدث عنه: أحمد [بن] محمد بن حنبل، ومحمود بن خراش، وسريج بن يونس، والزعفراني، وعبد العزيز هذا يكنى أبا الأصبغ، وأخوه يوسف بن يعقوب، يروي عن محمد بن المنكدر وصالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف، ومحمد بن مسلم الزهري، وأبيه يعقوب بن أبي سلمة، وأما أبوهما يعقوب بن أبي سلمة فلقبه الماجشون يقال: إنما لقب ذلك لحمرة وجهه.
يروي عن: ابن عمر، وعن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وغيرهما.
سمعت أبا طاهر السلفي الحافظ يقول: سمعت أبا الفضل محمد بن طاهر ابن علي المقدسي الحافظ، سمعت أبا الحسين يحيى بن الحسين العلوي بالري، يقول: سمعت أبا عبد الله الصوري الحافظ، يقول: سمعت عبد الغني ابن سعيد الحافظ المصري يقول: ((أحسن الناس كلاماً على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة: علي بن المديني في زمانه، وموسى بن هارون في زمانه، وعلي بن عمر في زمانه)) .
وأخبرنا أبو طاهر السلفي، قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي، قال: بلغني عن شيخنا عبد الغني الحافظ، فذكر مثل ذلك.
قال أبو الفضل المقدسي: وكان رحمه الله في زمانه بمنزلة يحيى بن معين في زمانه، أخذ عنه حفاظ عصره معرفة الحديث، وسألوه عن الرجال، ودونوا ذلك عنه، فممن دون كلامه في الرجال وسأله عنهم من الحفاظ: الحاكم أبو عبد الله النيسابوري، وأبو بكر البرقاني، وأبو عبد الرحمن السلمي، وحمزة بن يوسف الجرجاني، وأبو نعيم الأصبهاني هؤلاء من الغرباء، وأما أهل بلده فلا نعلم أحداً أخذ هذا العلم إلا عنه، وكان عبد الغني بن سعيد يقول في تصانيفه: قال في ذلك شيخنا علي بن عمر، وسمعت علي بن عمر يقول ذلك.
سمعت أبا طاهر السلفي يقول: سمعت محمد بن طاهر المقدسي يقول: سمعت أبا الحسين يحيى بن الحسين العلوي بالري، يقول: سمعت القاضي
أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري الفقيه، يقول:((رأيت الحاكم أبا عبد الله النيسابوري بين يدي أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني يسأله عن أشياء، فلما خرجنا من عنده قال: ما رأيت مثله)) .
قال محمد بن طاهر: وقال الحاكم أبو عبد الله فيما أخبرنا به عنه أبو بكر أحمد بن علي الأديب بحق إجازته منه: أبو الحسن علي بن عمر الحافظ الدارقطني رضي الله عنه صار واحد عصره في الحفظ والفهم والورع، وإماماً في القراء والنحويين، أول ما دخلت بغداد كان يحضر المجالس وسنه دون الثلاثين، وكان أحد الحفاظ، ثم صحبني في رحلتي الثانية، وقد زاد على ما كنت شاهدته، فحج شيخنا أبو عبد الله بن أبي ذهل سنة ثلاث وخمسين، وانصرف، وكان يصف حفظه وتفرده بالتقدم، حتى استكثرته في وصفه إلى أن حججت سنة تسع وستين، فانصرفت إلى بغداذ، فأقمت بها
زيادة على أربعة أشهر، وكثر اجتماعنا بالليالي، فصادفته فوق ما كان وصف الشيخ أبو عبد الله، وسألته عن العلل والشيوخ، ودونت عنه أجوبته عن ((سؤالاتي)) ، وقد سمعها مني أصحابي، سمع أبا القاسم ابن بنت منيع وأقرانه بالعراقين، ثم دخل الشام ومصر على كبر السن وحج واستفاد وأفاد، وله مصنفاتٌ كثيرةٌ مفيدةٌ يطول ذكرها.
قال الحاكم: ورد علينا كتاب شيخنا أبي عبد الرحمن السلمي سلمه [الله] من مدينة السلام، يذكر بخط يده وفاة الشيخ الحافظ أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني رضي الله عنه يوم الخميس لثمان خلون من ذي القعدة سنة خمس وثمانين وثلاث مائة، ورد علي الكتاب غداة يوم الاثنين السابع عشر من المحرم [من] سنة ست وثمانين، وقد قعدت للإملاء فكثر الدعاء والبكاء، ثم أمليت عنه حديثاً، وذكرت بعده تاريخ وفاته من خط أبي عبد الرحمن، ثم شهدت بالله أنه لم يخلف رب العالمين على أديم الأرض مثله في معرفة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله أجمعين، وكذلك
في حديث أصحابه المنتجبين والأئمة من التابعين وأتباع التابعين رضي الله عنهم أجمعين.
سمعت أبا طاهر السلفي يقول: سمعت أبا الفضل المقدسي يقول: سمعت يحيى بن الحسين العلوي بالري، يقول:(سمعت أبا الحسن العتيقي) يقول: بلغني عن رجاء بن عيسى المصري ((أنه سأل الدارقطني يوماً، رأى الشيخ مثل نفسه؟ فامتنع من جوابه وقال: قال الله عز وجل: {فلا تزكوا أنفسكم} ، فألح عليه، فقال: إن كان في فن واحد فقد رأيت من هو أفضل مني، وإن كان من اجتمع فيه ما اجتمع في فلا)) .
أخبرنا بها عالياً أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو الحسين الصيرفي، قال: أخبرنا العتيقي فذكرها.
سمعت أبا طاهر السلفي يقول: سمعت أبا علي أحمد بن محمد بن أحمد البرادني الحافظ البغداذي بها يقول: سمعت القاضي أبا الحسين محمد بن
علي المهتدي بالله يقول: ((لما شهد الحسن الدارقطني عابه الناس وأصحاب الحديث وقالوا: نحن نقبل قولك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدك، رضيت لنفسك بالشهادة؟! فترك الشهادة، وكان قد شهد عند ابن معروف)) .
أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو الحسين الصيرفي، أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال: توفي أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ يوم الأربعاء الثاني من ذي القعدة سنة خمس وثمانين وثلاث مائة، مولده سنة خمس وثلاث مائة، وما رأينا مثله)) .