الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[34- أبو نعيم الأصبهاني]
أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران، الأصبهاني الحافظ، سبط محمد بن يوسف البناء الزاهد، شهرته تغني عن التعريف به.
سمع أبا بكر أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي، وأبا علي محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف، وأبا بكر أحمد بن جعفر بن حمدان، وأبا أحمد [محمد] بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري الحافظ، وأبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة، وأبا بكر عبد الله بن يحيى بن معاوية الطلحي، وأبا حفص الفاروق بن عبد الكبير الخطابي، وأبا القاسم سليمان بن أحمد ابن أيوب الطبراني، وأبا بحر محمد بن الحسن بن كوثر البربهاري،
وأبا القاسم عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحيم بن زكريا البغداذي، ومحمد بن علي بن حبيش العوفي الناقد صاحب الجنيد، وقهد بن إبراهيم بن قهد المعدل، وأبا محمد عبد الله بن جعفر بن فارس، وأبا عمرو محمد بن أحمد بن حمدان، وأبا حامد أحمد بن محمد بن جبلة وعلي بن أحمد بن أبي غسان، وأبا بكر محمد بن عمر بن سلم الجعابي والقاضي أبا أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم العسال، وحبيب بن الحسن القزاز، وأبا أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، وأبا محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الوراق المعروف بأبي الشيخ الحافظ، وآخرين يطول ذكرهم.
مولده سنة ست وثلاثين وثلاث مائة، وتوفي سنة ثلاثين وأربع مائة، بعد أن بلغ أربعاً وتسعين سنة.
وقد جمع شيخنا السلفي أخباره، وذكر من روى له عنه، وهم نحو من
ثمانين رجلاً، أقدمهم الرئيس أبو عبد الله الثقفي، وآخرهم أبو علي الحداد وطبقته، وكانت له منه إجازة بجميع روايته.
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن بن مهرة المقرئ الحداد بأصبهان، حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا الحارث بن محمد، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي،
حدثنا حميدٌ، عن أنس قال: كانت ناقةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى العضباء، وكانت لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشق ذلك على المسلمين، فقالوا: سبقت العضباء يا رسول الله! فلما رأى ما في وجوههم قال: ((إن حقاً على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه)) .
قال أبو نعيم: هذا حديثٌ ثابتٌ صحيحٌ متفقٌ عليه، رواه عبد الله بن المبارك، وبشر بن المفضل، والمعتمر، وأبو خالد الأحمر وزهير، والفزاري في آخرين، عن (حميد) .
قال الشيخ أمده الله بمعونته: لم يعن أبو نعيم بقوله المشار إليه ((متفق عليه)) اتفاق البخاري ومسلم رحمة الله عليهما على إخراجه في كتابيهما، وإنما أراد به سلامة رجاله من الخلل وعدم الطعن فيه بعلةٍ من العلل فيما يظهر لي والله
أعلم، وإلا فهو مما انفرد به البخاري عن مسلم، رواه عن عبد الله بن محمد، عن معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، عن حميد، فكأن شيخنا سمع من أصحاب البخاري، ورواه أيضاً عن مالك بن إسماعيل، عن زهير بن معاوية، وعن محمد غير منسوب، عن مروان بن معاوية الفزاري، وأبي خالد الأحمر ثلاثتهم عن حميد.
أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي الحافظ، قال: كتب في كتابه إلي أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، قال: أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران سبط محمد ابن يوسف البناء الصوفي، الشيخ الإمام أبو نعيم الحافظ، واحد عصره في فضله وجمعه ومعرفته صنف التصانيف المشهورة، مثل:((حلية الأولياء وطبقة الأصفياء)) وغير ذلك من الكتب الكثيرة في أنواع علوم الحديث والحقائق، وشاع ذكره في الآفاق واستفاد الناس من تصانيفه لحسنها، وبلغني أنه ولد في رجب سنة ست وثلاثين وثلاث مائة، وأنه توفي يوم الاثنين الحادي
والعشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربع مائة، ودفن من يومه بعد صلاة الظهر، وبلغ أربعاً وتسعين سنة.
قال أبو القاسم الحافظ: وسمعت من يحكي عن أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، قال: لم ألق من شيوخي أحفظ من أبي نعيم الحافظ، وأبي حازم العبدوي الأعرج.
سمعت أبا طاهر السلفي يقول: كان أبو نعيم من الفصحاء، فقيل له: من أين لك هذا الفصاحة؟ فقال: تعلمتها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقوال أصحابه رضي الله عنهم.
قال السلفي في كتابه المترجم بـ ((حلية الأولياء وطبقة الأصفياء)) : لم يصنف مثله، سمعناه على أبي المظفر القاساني عنه سوى يسيراً فاتني من أثنائه، ولي منه إجازةٌ، وكذلك ما ألفه في ((تاريخ أصبهان)) كتابٌ في معناه مفيدٌ، وسوى ذلك.
ومن تصفح تصانيفه رأى ما يعجبه في كل فن.
ومما لأبي نعيم فيه فخرٌ ورفيع ذكر وقدر ما أورده الإمام أبو الحسن الدارقطني الحافظ، وناهيك به عالماً حبراً، وعلماً صدراً في انتقائه على أبي علي كوشيار بن لياليزور بن الحسين الجيلي، ورواه عنه أبو الفرج
الطناجيري، وهو من أقران أبي نعيم، وإن كان أبو نعيم أعلى إسناداً منه.
وأما الدارقطني فشيخه ويروي عنه في تواليفه كثيراً، وقد توفي قبل أبي نعيم بخمسة وأربعين عاماً، إذ قد توفي أبو نعيم سنة ثلاثين وأربع مائة والدارقطني سنة خمس وثمانين وثلاث مائة.
وهو ما حدثناه أبو طاهر السلفي من لفظه، قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين بن السراج اللغوي ببغداذ قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت البغداذي أخبرنا أبو الفرج الحسين بن علي الطناجيري، قال: أخبرنا أبو علي كوشيار [بن لياليزور] بن الحسين بن عيسى بن مهدي الجيلي بانتقاء أبي الحسن الدارقطني الحافظ، حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق الأصبهاني بجرجان، حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني، حدثنا عبيد الله بن محمد العمري، حدثنا إسماعيل بن أبي
أويس، عن رجل -قال أبو نعيم: وقد خفي علي اسمه- عن موسى بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من سب الأنبياء قتل، ومن سب أصحابي جلد)) .
قال أبو بكر الخطيب: ((أظن أبا نعيم حدث كوشيار بهذا الحديث من حفظه على هذا الوجه، فهو محفوظ عن ابن أبي أويس عن موسى بن جعفر نفسه ليس بينهما أحد، وسمعناه على الصواب من أبي نعيم ومن غيره)) .
قال السلفي: وأنبأنا جماعة من شيوخنا قالوا: أنبأنا أبو نعيم بالحديث.
وقد روى أبو نعيم عن كوشيار كما روى هو عنه، وروى عن أبي نعيم أيضاً: أبو سعيد أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن حفص بن الخليل الأنصاري الماليني الحافظ، وقد توفي قبله بثمانية عشر عاماً بمصر سنة اثنتي عشرة وأربع مائة في شوال، وكان من الثقات، وأحد شيوخه بمصر الحسن بن
رشيق العسكري، وبجرجان: أبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الإسماعيلي، وببغداذ ابن ماسي، وابن مالك القطيعي، وآخرون، وبأصبهان أبو الشيخ، وبنيسابور ابن نجيد.
وله أمالٍ مفيدة، وأنفق في طلب العلم جملة كبيرة.
قال: وقد سمعت أبا الحسين بن الطيوري ببغداذ يقول: سمعت عبد العزيز بن علي الأزجي الحافظ، يقول: أخذت من أبي سعد الماليني أجرة النسخ والمقابلة في دفعة واحدة خمسين ديناراً.
وآخر من حدث عنه ابن طلحة النعالي ببغداذ بـ ((جزء)) سمعه أبي علية، واستجاز له منه رحمه الله، أو ممن كان يفتخر في [بلده] بكتابة أبي نعيم عنه حديثاً واحداً القاضي أبو بكر محمد بن شباشي الرازي، فإنه حدث
بحديث، ثم قال: كتب عني الشيخ الإمام أبو نعيم الحافظ هذا الحديث، وقد كان أبو عبد الله القضاعي قاضي مصر، وتوفي سنة أربع وخمسين وأربع مائة بعد أبي نعيم بأربع وعشرين سنة، يروي عن أبي رجاء هبة الله بن محمد ابن علي الشيرازي الحافظ عنه، ويقول فيما يرويه عن أبي رجاء: حدثني هبة الله بن أبي غسان الفارسي.
قال السلفي: ومن شيوخ أبي نعيم الأصبهانيين العوالي عبد الله بن جعفر ابن فارس وأحمد بن جعفر بن معبد، وعبد الله بن الحسين بن بندار، وأبو عبد الله الكسائي، ومحمد بن معمر بن ناصح، ونظراؤهم، ومن الحفاظ الذين رآهم بأصبهان وقد كتب عنهم من أهلها والقادمين إليها: أبو إسحاق بن حمزة، وأبو أحمد العسال، وأبو القاسم الطبراني، وأبو بكر الجعابي البغداذي، وأبو محمد بن حيان أبو الشيخ، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو عبد الله بن منده، ومن جملة الحفاظ الذين رآهم وروى
عنهم من غير أهل أصبهان والقادمين إليها: أبو الحسين بن المظفر، وأبو الحسن الدارقطني البغداذيان، وأبو محمد ابن السقا الواسطي، وأبو بكر المفيد الجرجرائي، والحاكمان أبو أحمد الكرابيسي، وأبو عبد الله ابن البيع النيسابوريان، وآخرون من شيوخه المسندين ببغداذ: أبو بكر بن الهيثم الأنباري، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن مخلد الجوهري المعروف بابن المحرم، وأحمد بن مسلم الختلي، وأبو بكر أحمد بن السندي الحداد، وأبو بكر [بن] خلاد النصيبي، وعبد الرحمن بن العباس المخلص، وأبو علي بن الصواف، وأبو بحر بن كوثر وحبيب القزاز، وابن حبيش، وأبو محمد بن كيسان النحوي،
ونظراؤهم، وبالبصرة أبو محمد الجابري، وأحمد بن القاسم ابن الريان المصري، وفاروق الخطابي، وقهد بن إبراهيم بن قهد المعدل، ويوسف بن يعقوب النجيرمي وأقرانهم، وبالكوفة ابن أبي العزائم الراوي عن ابن أبي غرزة، وزيد بن أبي بلال المقرئ، وأبو بكر الطلحي، وإبراهيم بن أحمد بن أبي حصين الوادعي، وبمكة أبو بكر الآجري، ومحمد ابن بدر الأمير، وأحمد بن إبراهيم الكندي، ومحمد بن إسحاق القاضي بالأهواز، وسهل بن عبد الله التستري الصغير بتستر، وبنيسابور أبو عمرو ابن حمدان الحيري، وأبو إسحاق المزكي، وبجرجان: أبو أحمد الغطريفي، وآخرون من كثرتهم لا يعدون، اختصرنا على هؤلاء المشاهير
الذين ذكرناهم ومن غيرهم أفردناهم لعلو إسنادهم، وما نقل من رشادهم في الرواية وسدادهم.
وممن أجاز لي من شيوخ الشام والعراق وخراسان وغيرها خيثمة بن سليمان القرشي، كاتبه من طرابلس، وأبو الحسن أحمد بن زكريا المقدسي، وأبو إسحاق الخلنجي جميعاً من المقدس، وأحمد بن عبد الرحيم القيسراني من الرملة، وأبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن راشد من دمشق، وكذلك أحمد بن سليمان الرحبي من الرحبة، وأبو العباس الأصم من نيسابور، وكذلك أبو علي الحافظ، ومن شيوخ بغداذ أحمد بن كامل، وعبد الباقي بن قانع ودعلج، وأبو عمر
اللغوي غلام ثعلب، وأبو بكر النقاش المقرئ، وابن درستويه الفارسي، وأبو سهل بن زياد القطان النحويان، وأبو بكر الشافعي، وجعفر الخلدي، ومن شيوخ البصرة: محمد بن بكر بن داسة ومن غيره ابن شوذب الواسطي، وأبو بكر ابن محمويه العسكري، وأبو بكر ابن السني الدينوري وزمرة، فهم كثرة.
قال السلفي: وممن أجاز لي وله من أبي نعيم إجازةً أبو العباس أحمد بن محمد بن بشرويه الحافظ بأصبهان، وأبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد الكرجي ببغداد وغيرهما، قال السلفي وأبو نعيم يروي عن محمد بن خشنام بن سعيد الراوي عن سلمة بن شبيب، وأبي الحسن
اللنباني الكبير الراوي عن ابن أبي الدنيا، وأحمد بن محمد بن مسقلة الراوي عن أبي عثمان الخياط، ويروي عنه ابنه أبو نعيم، وأبو سعيد النقاش، وأبو بكر محمد بن أبي علي الهمداني وغيرهم من شيوخ أصبهان ورواتها.
وقد روى عن أبي نعيم: أبو بكر الخطيب ببغداذ والشام، وأبو عبد الله محمد بن الحسن البكري بأمل طبرستان، وبنجير بن عبد الغفار المعروف بالبصري بهمذان، وأبو يوسف عبد السلام بن محمد القاضي بقزوين، وسرخاب الرازي وأبو بكر محمد بن شباشي القاضي، جميعاً بالري، وأبو عهد
الموصلي بنيسابور وأبو الحسن الواحدي بها بالإجازة، وأبو علي الوخشي ببلخ، وأبو النجيب الأرموي بتنيس وديار مصر، وأبو رجاء الشيرازي بمصر، وأبو بكر السمنطاري بصقلية، وأبو عمرو ابن الضابط السفاقسي بالأندلس، وآخرون.
وروى عنه من أقرانه أبو سعد الماليني، ونوح بن نصر الفرغاني وغيرهما، وقد روى أبو عبد الرحمن السلمي، وهو من شيوخه في كتاب ((طبقات الصوفية)) عن عبد الواحد بن أحمد الهاشمي عنه، وأبو عبد الرحمن، فقد توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مائة.
قال السلفي: سمعت أبا بكر أحمد بن محمد بن مردويه الحافظ يقول: كان أبو نعيم في عصره مرحولاً إليه ولم يكن في أفق من الآفاق أسند منه ولا أحفظ، وكان حفاظ الدنيا من طلبة الحديث قد اجتمعوا عنده، وكان في كل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريد إلى قرب الظهر، فإذا قام يذهب إلى داره ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزءٌ لطيفٌ، وكان لا يضجر، ولم يكن له غداءٌ سوى التصنيف، أو الرواية والقراءة عليه سوى يوم الإملاء.
قال السلفي: وسمعت أبا الحسن محمد بن مرزوق بن عبد الرزاق الزعفراني ببغداذ يقول: سمعت أبا بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ يقول: كان أبو نعيم الحافظ يعقد مجلس الإملاء في كل يوم خميس وحضرته مدة مقامي بأصبهان.
قال السلفي: وسمعت أبا العلاء محمد بن عبد الجبار بن محمد الفرساني يقول: حضرت في صغري مع أبي مجلس أبي بكر بن أبي علي
الحافظ المعدل، فلما فرغ من إملائه قال واحدٌ من القوم: من أراد أن يحضر إملاء أبي نعيم فليقم، وكان أبو نعيم في ذلك الوقت مهجوراً بسبب المذهب، وكان بين الحنابلة والأشعرية تعصبٌ زائدٌ يؤدي إلى فتنة، وقال: وقيل: وصراع طويل، فقام إليه أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام وكاد يقتل.
وأخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي الحافظ في كتابه قال: ذكر الشيخ أبو عبد الله محمد الأصبهاني، عمن أدرك من شيوخ أصبهان: أن السلطان محمود بن سبكتكين لما استولى على أصبهان ولى عليها والياً من قبله ورحل عنها، فوثب أهل أصبهان به، فقتلوه، فرجع محمود إليها، وأمنهم حتى اطمأنوا، ثم قصدهم يوم الجمعة في الجامع، فقتل منهم مقتلةً عظيمة، وكانوا قبل ذلك قد منعوا أبا نعيم الحافظ من الجلوس في الجامع، فسلم مما جرى عليهم، وكان يعد ذلك من كرامة أبي نعيم رحمه الله.
وقد روى الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي المعروف بابن أبي حائط نزيل دمشق، عن الفقيه أبي الحسن علي بن عبيد الله بن حبيش الصوري بها، عن أبي بكر عتيق بن علي بن داود السمنطاري الصقلي الرجل الصالح الزاهد السائح مصنف كتاب ((دليل القاصدين)) وغيره، حديثاً حدثه به عند دخوله إلى صور، وقد وقع لنا حديث السمنطاري هذا من طرق عدة عالية إليه، وإن كان إسناده في نفسه نازلاً منها، ما أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن محمد بن عبد العزيز البرقي، أخبرنا أبو حفص عمر بن يوسف بن محمد القيسي المعروف بابن الحذاء، أخبرنا أبو بكر عتيق بن علي بن داود السمنطاري، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ بأصبهان، حدثنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي، حدثنا محمد بن غالب بن حرب التمتام، حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((الذي تفوته صلاة العصر كأنما أوتر أهله وماله)) .
أنبأنا به غير واحد من شيوخنا، عن أبي علي الحداد وغيره، عن أبي نعيم، وكانت لأبي حفص بن الحذاء إجازة من أبي بكر السمنطاري، وشيخنا عبد الوهاب وغيره، ممن جاز لنا إجازة من أبي الحذاء، وكان ابن الحذاء أيضاً من الصلحاء.
قال الشيخ أيده الله: قال لي الفقيه عد الوهاب: إنه كان ينفق على أبي الحسن اللخمي صاحب ((التبصرة)) معونةً له على العلم، وإن قائلاً قال لأبي الحسن: إن أبا حفص ممن يلتحق بالسلف الصالح. فقال: ما أنصفته، بل هو من السلف الصالح.