الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاقتداء بهم في التوقف مخل بمقصود التكليف فلذلك امتنع بخلاف الاقتداء بهم في القول الآخر.
وثالثها: وإليه الإشارة بقوله إجماع على التخيير أن في ضمن اختلاف أهل العصر الأول الاتفاق على جواز الأخذ بايهما أريد فلو انعقد الإجماع الثاني لتدافع الاجماعان وأجاب بأن إجماعهم على التخيير بين القولين مشروط بأن لا يحدث إجماع فلما زال الشرط بحصول الإجماع زال المشروط وهو التخيير.
الحالة الثانية: وليست في الكتاب أن يختلف أهل العصر ثم يقع الرجوع منهم بأعيانهم فقيل ليس بحجة وقيل حجة يحرم مخالفته وهو مختار الإمام ولقوله: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} وعليك باعتبار الأجوبة المتقدمة وأجوبتها هنا.
المسألة الخامسة: إذا اختلفوا فماتت إحدى الطائفتين يصير قول الباقين حجة
…
وقال الخامسة: إن اختلفت الأمة على قولين فماتت إحدى الطائفتين يصير قول الباقين حجة لأنهم محل الأمة.
إذا اختلفت الأمة على قولين ثم ماتت إحدى الطائفتين أو كفرت قال الإمام وأتباعه يصير القول الآخر مجمعا عليه لأنه عند الموت أو الكفر بتبين باندراج قول تلك الطائفة الأخرى تحت أدلة الإجماع لصيرورتهم حينئذ كل الأمة وإنما قلت عند الموت ولم أقل بالموت لسؤال يرد فيقال يلزم أن يكون قول الباقين حجة لأجل موت أولئك وليس موتهم مناسبا لكون قول الباقين حجة وجوابه أن قولهم صار حجة عند الموت لأنه إذ ذاك قول كل المؤمنين لا بالموت.
وقال الآمدي: إنه لا يكون إجماعا ذكره في آخر المسألة الثانية والعشرين.
الإجماع السكوتي والمذاهب فيه
…
قال السادسة: إذا قال البعض وسكت الباقون فليس بإجماع ولا حجة وقال أبو علي إجماع بعدهم وقال إنه هو حجة لنا ربما سكت لتوقف او خوف أو تصويب كل مجتهد قيل يتمسك بالقول المنتشر ما لم يعرف له مخالفا وجوابه المنع وأنه إثبات الشيء بنفسه.
إذا قال بعض المجتهدين قولا في المسائل التكليفية الاجتهادية وعرفه الباقون وسكتوا عن الإنكار فإن ظهرت عليهم أمارات الرضا بما ذهبوا إليه فهو إجماع بلا خلاف.
قال القاضي عبد الوهاب من المالكية والقاضي الروياني من أصحابنا وقضية ذلك أنه إن ظهرت عليهم أمارات السخط لا يكون إجماعا بلا نزاع وكلام الإمام كالصريح في أن الخلاف جار وإن ظهرت أمارات السخط فإنه قال السكوت يحتمل وجوها سوى الرضا وعد منها أن يكون في باطنه مانع من إظهار القول قال وقد يظهر عليه قرائن السخط وإلا شبه أن هذا ليس من محل الخلاف وإن لم يظهر عليهم شيء سوى السكوت ففيه مذاهب.
أحدها: أنه ليس باجماع ولا حجة وبه قال الغزالي والامام وأتباعه ونقله هو والآمدي عن الشافعي لكن قال الرافعي المشهور عند الأصحاب أن الإجماع السكوتي حجة لأنهم لو لم يساعدوه لاعترضوا عليه وهل هو إجماع أو لا فيه وجهان وقال الشيخ أبو إسحاق في اللمع أنه إجماع على المذهب.
والثاني: أنه إجماع بعد انقراض العصر وبه قال أبو علي الجبائي والإمام أحمد وهو أحد الوجهين عندما نقله الرافعي.
الثالث: أنه حجة وليس إجماعا وذهب إليه أبو هاشم بن أبي علي وهو المشهور عند أصحابنا كما نقله الرافعي وهل المراد بذلك أنه دليل آخر من أدلة الشرع غير الإجماع أو أنه ليس إجماع قطعي بل ظني النظر مضطرب في ذلك ويؤيد الأول قول الماوردي والقول والثاني أنه لا يكون إجماعا قال الشافعي من نسب إلى ساكت قولا فقد كذب عليه فاقتضى أن الساكت لا ينسب إليه قول لا ظنا ولا قطعا ويعضد الثاني قول أبي عمرو بن الحاجب في المختصر الكبير هو حجة وليس بإجماع قطعي.
والرابع: ذهب إليه أبو علي بن أبي هريرة إن كان هذا القول من حاكم لم يكن إجماعا ولا حجة وإلا فإجماع لأن الاعتراض على الحاكم ليس من الأدب فلعل السكوت صلى الله عليه وسلم لذلك وأيضا فالحكم في المختلف فيه لا ينكر ويصير مجمعا عليه بخلاف الفتيا.
والخامس: عكس ذلك لأن الحكم إنما يصدر بعد بحث واتقان بعد الكلام مع العلماء وتصويبهم لذلك فإذا سكتوا عن الحكم جعل ذلك إجماعا وأما الفتيا
فلا يحتاط فيها كالحكم وذهب إلى هذا أبو إسحاق المروزي ثم استدل صاحب الكتاب على ما ذهب إليه هو وإمامه من أنه ليس بإجماع ولا حجة بأن السكوت يحتمل وجودها سوى الرضا وهي كثيرة.
أحدها: أنه كان في مهلة النظر.
الثاني: أن يكون في باطنه مانع من إظهار القول وهو الخوف.
والثالث: أن يعتقد أن كل مجتهد مصيب فلا يرى الإنكار فرضا وقد ذكر هذه الأوجه في الكتاب.
والرابع: ربما رآه قولا شائعا لمن أداه إليه اجتهاده وإن لم يكن موافقا عليه
الخامس: ربما أراد الإنكار ولكنه ينتهز فرصة التمكن منه ولا يرى المبادرة اليه مصلحة.
والسادس: أنه لو أنكر لم يلتفت إليه.
والسابع: ربما سكت لظنه أن غيره قام مقامه في ذلك وإن كان قد غلط فيه.
والثامن: ربما رأى ذلك الخطأ من الصغائر فلم ينكر وإن احتمل السكوت هذه الجهات كما احتمل الرضا علمنا أنه لا يدل على الرضا لا قطعا ولا ظنا هذا وهذا معنى قول الشافعي لا ينسب إلى ساكت قول ولقائل أن يقول ما انها لا تدل على الرضا قطعا فمسلم وأما ظاهر فممنوع أن هذه الاحتمالات مرجوحة بالنسبة إلى احتمال الرضا وذلك ما هو ظاهر الفساد كالثامن فإن الصغيرة يجب إنكارها كما يجب انكار الكبيرة قال القرافي وقد اختلف الناس في المندوبات والمكروهات هل يدخلها الأمر والإنكار أم لا وأما الواجبات والمحرمات صغائر كانت أم كبائر فيدخلها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إجماعا واحتج أبو هاشم بما ذكره في الكتاب من أن الناس في كل عصر يحتجون بالقول المنتشر في الصحابة إذا لم يعرف له مخالف وجوابه أن ذلك ممنوع ولو سلم فالاستدلال به إنما يتم أن لو كان الإجماع السكوتي حجة إذ هو عينه فلو شئتم الإجماع به لأثبتم الشيء بنفسه.
وفي عبارة المصنف كما قال الجاربردي تساهل لأنه إثبات للشيء بفرد من أفراده لا بنفسه ولم يذكر المصنف حجة أبي علي والرد عليها لأنه إذا بطل كونه حجة بطل كونه إجماعا وهذا من حسن الاختصار رحمه الله.
قال: فرع قول البعض فيما تعم به البلوني كقول البعض وسكوت الباقين.
هذه المسألة فيما إذا قال بعض أهل العصر قولا ولم يعلم له مخالف ولا أنه بلغ جميع أهل العصر وليست مختصة بعصر الصحابة على خلاف ما صوره الإمام وتلك المسألة فيما إذا نقل أنه بلغ جميعهم وسكتوا عليه.
وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب.
أحدها: أنه ليس بإجماع ولا حجة لأن الإجماع السكوتي إنما كان حجة إجماعا لأن بعضهم قال الحكم وسكت الباقون مع العلم به فلو كان ذلك الحكم خطأ لحرم عليهم السكوت عن الإبتكار فالسكوت دليل الرضا وهذا لا يمكن حمل السكوت على الرضا لاحتمال أن يكون ذلك لعدم العلم به.
وثانيها: أنه كالسكوتي حتى يجري فيه الخلاف المتقدم لأنه الظاهر مع الاشتهار وصوله إليهم.
وثالثها: وهو الحق عند الإمام وأتباعه وبه جزم منهم المصنف أن هذا القول إن كان فيما يعم البلوى كنقض الوضوء بمس الذكر كان كالسكوت إذ لا بد لمن انتشر فيهم من قول لكنه لم يظهر وإلا لم يكن إجماعا ولا حجة لاحتمال ذهول البعض عنه.
واعلم أن الآمدي صور المسألة بما إذا ذهب واحد من أهل العصر إلى حكم ولم ينتشر بين أهل العصر لكنه لم يعرف له مخالف وتبعه ابن الحاجب في شرطه عدم الانتشار وظاهر كلام الإمام وصرح به صفي الدين الهندي وتصوبه المسألة بما إذا انتشر.
واعلم أنه لا مخالفة بين الكلامين فإن الانتشار في كلام الآمدي محمول على الشهرة وإن لم يعلم أنه بلغ الجميع والانتشار المنفي في كلام الآمدي هو الانتشار بحيث يبلغ الجميع وسكتوا عنه.