الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيئا بخلاف الخطاب بالمشترك ونحوه فإنه يفهم غرضا إجماليا يستعد المكلف من اجله لما يراد منه فان قيل مثلا اعتدى بثلاثة أقراء أفاد ان المراد إما الإظهار أو الحيض وان العدة وجبت بأحدها.
وأما الخطاب بما لا يفهم فلا يفيد لا غرضا جماليا ولا تفصيليا وقد أجاب القاضي في مختصر التقريب ان النبي صلى الله عليه وسلم مبعوث الى العرب والعجم وكان ما يندر منه من الألفاظ العربية إلزاما للفريقين وفاقا وإذا شاع مخاطبة العجم بلغة العرب لم يبعد عكسه قلت وهذا حسن والتحقيق أن خطاب الغير اضراب.
الأول: أن يخاطب بما يفهمه هو لغيره وهو جائز اجماعا.
والثاني: عكسه وفيه الخلاف المتقدم في مسألة ان الله لا يخاطبنا بالمهمل.
والثالث: ان يفهمه المخاطب بفتح الطاء دون غيره فيجوز اتفاقا سواء تعلق بخاصة نفسه أم بغيره ويصير فيما إذا تعلق بغيره كالترجمان والمبلغ.
والرابع: ان يفهمه غيره ولا يفهمه هو وهذا هو الذي تكلم فيه القاضي ويظهر انه جائز اتفاقا لاطلاع المخاطب على مدلول الخطاب من غيره.
والخامس: ان يخاطب جميعا بلغة يفهمها بعضهم دون بعض وهذا أيضا لا نزاع في جوازه كيف والقرآن للعرب والعجم.
قال
تنبيه يجوز تأخير التبليغ الى وقت الحاجة
وقوله تعالى: {بَلِّغْ} لا يوجب الفور.
الذين منعوا تأخير البيان عن وقت الخطاب اختلفوا في جواز تأخير تبليغ ما أوحي به الى النبي صلى الله عليه وسلم من الأحكام والجمهور على جوازه لأن امتناعه لا جائز ان يكون لذاته إذ لا يلزم من فرض وقوعه محال ولا لأمر خارج إذ الأصل عدمه كيف ويحتمل ان يكون في التأخير مصلحة لا نعلمها نحن واحتج الممانع بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} 1 والجواب ان الامر لا يقتضي الفور كما سبق قال الإمام والآمدي ولو سلمناه لكن المراد هو القرآن إذ
1 سورة المائدة آية 67.
هو الذي يطلق عليه القول بأنه منزل قلت وفي الفرق بين تبليغ القرآن وغيره نظر وقد يقال قال المصنف في أول الفصل وفيه مسائل ولم يورد سوى اثنتين وهذا التنبيه هو الثالثة وليس بشرط ان تصدر المسألة بلفظ الثالثة أو انه ذكر في الثانية مسألتين تأخير البيان عن وقت الحاجة وعن وقت الخطاب والاشتغال بمثل هذا مما يضيع الوقت ولا تحصل فائدة.
قال الفصل الثالث في المبين له إنما يجب البيان لمن أريد فهمه للعمل كالصلاة أو الفتوى كأحكام الحيض.
يجب البيان لمن أريد فهمه لأن تكليفه بالفهم بدون البيان تكليف بالمحال ولا يجب بيانه لغيره إذا لا تعلق له به ثم إرادة الفهم قد تكون للعمل بما يضمه المجمل كآية الصلاة وقد تكون للإفتاء كآية الحيض فإن تفهيم المجتهدين ذلك إنما هو لإفتاء النساء به هذا ما ذكره المصنف تبعا للإمام والإمام تبعا فيه لأبي الحسين وفيه نظر من وجهين.
أحدهما: اطلاق قوله يجب البيان لمن أريد فهمه يشعر بأنه يجب على الله تعالى وهذا إنما يقوله المعتزلة فهي عبارة ردية والأولى التعبير بأن البيان لمن أريد فهمه لا بد من وقوعه.
والثاني: ان فيه إشعارا بأنه لا يجب على النساء تحصيل العلم بما كلفن به وليس كذلك بل النساء والرجال سواء في ذلك.