الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطريقة ممنوع فقد أتفقت النحاة على ان ذلك لا يصح واما جعل الإمام هنا اقل رجال ثلاثة ففيه نظر لان جمع كثرة والأقل في مدلوله إنما هو أحد عشر باتفاق النحاة وهو المشترك بين جموع الكثرة كلها الا ان ما ذكره ماش على ما قاله الفقهاء فإنهم قالوا له عندي دراهم قبل تفسيره ثلاثة مع أن دراهم جمع كثرة.
الطريقة ممنوع فقد أتفقت النحاة على ان ذلك لا يصح واما جعل الإمام هنا اقل رجال ثلاثة ففيه نظر لان جمع كثرة والأقل في مدلوله إنما هو أحد عشر باتفاق النحاة وهو المشترك بين جموع الكثرة كلها الا ان ما ذكره ماش على ما قاله الفقهاء فإنهم قالوا له عندي دراهم قبل تفسيره ثلاثة مع أن دراهم جمع كثرة.
المسألة الرابعة: نفي المساواة بين الشئين هل هو عام
.
…
قال الرابعة قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} 1 يحتمل نفي الاستواء من كل وجه ومن بعضه فلا ينبغي الاستواء من كل وجه لان الأعم لا يستلزم نفي الأخص بخلاف لا آكل فانه عام فيحتمل التخصيص كما لو قيل لآكل أكلا وفرق أبو حنيفة بان أكلا يدل على الوحدة وهو ضعيف.
هذه المسالة مشتملة على بحثين:
الأول: ان نفي المساواة بين الشيئين هل يقتضى العموم اعني نفي الاستواء من كل وجه أم لا وذهبت الشافعية رضي الله عنهم وجماعة آخرون إلى الأول وتمسك بها أصحابنا على ان المسلم لا يقتل بالكافر لان القصاص مبني على المساواة.
وذهب الحنفية إلى الثاني واختاره المصنف تبعا للإمام والخلاف في المسالة دائر على حرف واحد وهو ان لفظ ساوى واستوى وما مثل زيدا عمرا أو زيد مثل عمرو والمماثلات كلها والاستواءات هل مدلولها في اللغة المشاركة في جميع الوجوه حتى يكون مدلولها كلا شاملا ومجموعا محيطا أو مدلولها المساواة في شيء ما حتى يصدق بأي وصف كان واحتج المصنف بأن نفي الاستواء اعم من نفي الاستواء من كل الوجوه أو من بعضها والدال على القدر المشترك بين القسمين لا إشعار له فيه بهما وهذا معنى قولهم الأعم لا يستلزم نفي الأخص فحينئذ نفي الاستواء لمطلق لا يحتمل نفي الإستواء من كل وجه.
1 سورة الحشر آية 20.
فإن قلت هذا ضعيف لأن الأعم إنما لا يدل على الأخص في ظرف الاثبات أما في ظرف النفي فيدل لأن نفي العام يدل عل نفي الخاص وهذا نفي للحقيقة التي هي أعم فينبغي جزئياتها الا ترى إلى تكذيبك من قال لم أر حيوانا وكان قد رأى إنسانا وهذا يصلح ابتداء دليل لنا فإن لا استوى نكرة دخل عليها حرف النفي فيكون العموم لموافقتكم إيانا على ان النكرة في سياق النفي للعموم.
قلت: هذا بحث صحيح حقا من جهة قولنا ان الاستواء اعم وكل فرد من أفراده أخص ونحن إنما قلنا ذلك جريا على متن الكتاب والذي عندنا ان الاستواء شيء واحد مدلوله واحد وهو الاستواء من جميع الوجوه وما يحصل بين زيد وعمرو من المساواة في بعض الوجوه فليست المساواة المطلقة بل مساواة خاصة فإذا نفيت تلك المساواة التي موضوعها جميع الوجوه لم يلزم ان لا يثبت مساواة أخرى مقيدة ببعض الوجوه وانما يلزم ذلك ان لو كان ثم أعم وأخص.
فإن قلت: هل هذا في حال النفي على الوجه الذي قررتم سلب للعموم فان مدلول المساواة على ما ذكرتم جميع الوجوه فلا يلزم من انتفائها أن لا يثبت من بعض الوجوه:
قلت: لو كان مدلوله متعددا لكان كذلك ولكنا نجعله شيئا واحدا وهو المساواة المتعلقة بجميع الوجوه فإذا نفيته انتفت تلك المساواة إذ هي التي كانت مشتبهة ولا يلزم أن لا يثبت مساواة أخرى مقيدة لم يتعرض لها إثباتك ولا نفيك.
البحث الثاني: واليه أشار بقوله بخلاف لا آكل تقريره أنه إذا حلف لا يأكل وتلفظ بشيء معين مثل والله لا آكل التمر أو لم يتلفظ لكن أتى بمصدر ونوى شيئا معينا فلا خلاف بين الإمامين الشافعي وأبى حنيفة انه لا يحنث بغيره وأما إذا لم يتلفف بالمأكول ولا أتى بالمصدر ولكن خصصه بالنية كما إذا قال والله لا أكلت في النفي ونوى شيئا معينا ففي تخصيص الحنث بالمنوي مذهبان مأخذهما ان قولك لا آكل هل هو سلب الكلي وهو
القدر المشترك في الأكل أو ان حرف النفي الداخل على النكرة عم لذاته وقد تقدم هذا فان قلنا:
بالأول: كما هو قول الحنفية فلا يقبل التخصيص لأنه نفي الحقيقة وهو شيء واحد ليس بعام والتخصيص فرع العموم وان قلنا: بالثاني: عم لكونه نكرة في سياق النفي وإذا ثبت كونه عاما قبل التخصيص كسائر العمومات والمصنف في هذا البحث اختار مذهب الشافعي رضي الله عنه واستدل بالقياس على ما لو قال لا آكل أكلا فان أبا حنيفة سلم قبوله للتخصيص بالنية قال المصنف فكذلك لا آكل فان المصدر موجود فيه لكونه مشتقا منه وقد فرق من اختيار مذهب أبي حنيفة بأن آكل يتضمن الصدر والمصدر إنما يدل على الماهية من حيث هي والماهية من حيث هي لا نعدد فيها فليست بعامة فلا يقبل التخصيص فيحنث بالجميع قال واما آكل فليس بمصدر لأنه يدل على المرة الواحدة وحينئذ يصح تفسير ذلك الواحد بالنية فلهذا لا يحنث بغيره قال صاحب الكتاب وهو ضعيف لان هذا مصدر مؤكد بلا نزاع والمصدر المؤكد يطلق على الواحد والجميع ولا يفيد فائدة سوى تقوية المؤكد فلا فرق حينئذ بين الأول والثاني.
واعلم ان الأمام مال في هذه المسالة على أصحابنا وقال نظر أبى حنيفة فيها دقيق لان النية لصحت أما في الملفوظ أو غيره والأول باطل لان الملفوظ هو الأكل وهو ماهية واحدة لا يقبل التعدد فلا تقبل التخصيص فان أخذت مع قيود زائدة عليها تعددت وحينئذ تصير محتملة للتخصيص لكن تلك زوائد غير ملفوظة بها فالمجموع الحاصل من الماهية ومنها غير ملفوظ فيكون القابل لنية التخصيص غير ملفوظ وهذا هو وان جاز عقلا الا ان نبطله بالدليل الشرعي فنقول إضافة ماهية الأكل إلى الخير تارة والى اللحم أخرى إضافات تعرض لها بحسب اختلاف المفعول به وإضافتها إلى هذا اليوم وذاك وهذا الموضوع وذاك إضافات عارضة بحسب اختلاف المفعول فيه ثم اجمعنا على انه لو نوى التخصيص بالمكان والزمان لم يصح فكذا التخصيص بالمفعول به والجامع رعاية لاحتياط في تعظيم اليمين هذا
كلامه والنظر الدقيق إنما هو نظر أصحابنا وما ذكره الإمام مدخول لا يتبين به دقة نظر الخصم وقوله الأكل ماهية واحدة لا يقبل التعدد قلنا صحيح ولكن مع قرينه دخول حرف النفي لا نسلم انه لا دلالة له على التعدد ولو سلمنا ان الملفوظ لا يقبل التخصيص فغير الملفوظ يقبله والجواب عما ذكره من القياس.
أما أولا: فبالمنع فانا لا نعرف خلافا في المذهب انه يجوز تخصيص النية بالمكان والزمان كما يجوز بالمأكول المعين.
واما الثانية: فقياس المفعول به على المفعول فيه واضح التعسف لأن المفعول به من مقدمات الفعل في الوجود لأن أكلا بلا مأكول محال وكذا في الذهن فهم ماهية الأكل دون المأكول مستحيل فالتزام الأكل للمأكول واضح واما الزمان والمكان فليسا من لوازم ماهية الفعل ولا من مقدماته بل هما من لوازم الفاعل المحدث ولهذا ينفك فعلى الله تعالى عن الزمان والمكان ولا ينفك أكل عن مأكول فالزمان اتفاقي ليس يلازم والحاصل ان دلالة الفعل على المفعول به أقوى من دلالته على المفعول فيه.
ثم إن الإمام قال: ان أكلا غير مصدر في الحقيقة وهذا مخالف لإجماع أهل اللسان على انه مصدر وان إعرابه النصب على المصدر ولكن عذر الإمام انه يدعي انه يشعر بالوحدة فليس المراد به الحقيقة من حيث هي والمصدر للحقيقة من حيث هي ونحن لا نسلم له الاشعار بالوحدة.
خاتمة: صورة هذه المسألة ان يكون الفعل متعديا غير متقيد بشيء مثلناه وهو الذي ذكره إمام الحرمين والغزالي والآمدي وغيرهم وعلى هذا لا تتناول هذه المسألة الأفعال القاصرة والقاضي عبد الوهاب في كتاب الإفادة قال الفعل في سياق النفي هل يقتضي العموم كالنكرة في سياق النفي لأن نفي الفعل لمصدره فإذا قلنا لا يقوم كأنا قلنا لا قيام وعلى هذا التفسير تعم المسألة القاصرة والمتعدي.