الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: الواضح بغيره وهو ما يتوقف فهم المعنى منه على انضمام غيره إليه وذلك الغير أي الدليل الذي حصل به البيان يسمى مبينا بكسر الياء وله أقسام تأتي ان شاء الله تعالى على الأثر بأمثلتها.
تنبيهات: أحدها: اطلاق المبين بفتح الباء على الواضح بنفسه صحيح لأن المتكلم أوضحه حيث لم يأت بحمل نبه عليه الجار بردى.
الثاني: جعل العبري والجار بردى والاسفرايني وغيرهم من الشارحين قوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} مثالا للواضح بغيره وهو وهم لأنه قسم ذلك الغير في المسألة الآتية الى القول والفعل وظاهر كلامه حصره فيهما فلو كان هذا من أقسامه لم ينحصر في ذينك القسمين إذا المبين فيه ليس الى العقل وهو غير القول والفعل والذي حملهم على ذلك أنهم لما رأوه قد مر قوله وبغيره فوهموا أنه من باب اللف والنشر كذلك.
المسألة الأولى: المبين يكون قولا وفعلا
…
قال: وفيه مسائل الأولى انه يكون قولا من الله والرسول وفعلا منه كقوله تعالى: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ} وقوله عليه السلام: "فيما سقت السماء العشر" وصلاته وحجه فإنه دل فإن اجتمعا وتوافقا فالسابق وان اختلفا فالقول لأنه يدل بنفسه.
المبين بكسر الياء قد يكون بالقول وذلك بالإتفاق وقد يكون بالفعل وخالف في ذلك: شرذمة قليلون والقول إما ان يكون من الله تعالى كقوله: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} فإنه مبين لقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} وهذا المثال جار على المشهور من ان البقرة المأمور بذبحها كانت معينة في نفس الأمر وقد حكى ابن عباس خلاف ذلك وانه قال لو ذبحوا أي بقرة كانت لأجزأهم ذلك ولكنهم شددوا فسألوا فشدد الله عليهم.
وأما ان يكون من الرسول صلى الله عليه وسلم كقوله: "فيما سقت السماء وكان عشريا العشر وما سقى بالنضج نصف العشر" رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنه ولمسلم عن جابر نحوه وهو مبين لقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} واستفدنا من هذا المثال ان السنة تبين مجمل الكتاب وهو الصحيح والفعل لا يكون إلا من الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك كصلاته فإنها مبينة لقوله تعالى: {أَقِيمُوا
الصَّلاةَ} بواسطة قوله عليه السلام: "صلوا كما رأيتموني اصلي " وكحجه فإنه مبين لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} بواسطة قوله عليه السلام "خذوا عني مناسككم" قوله فإنه أدل أي علة جواز البيان بالفعل أنه أدل من القول على المقصود لأن فيه مشاهدة ومن الأمثال ليس الخبر كالمعاينة وهو مروي رواه احمد ابن محمد الملجمي وهو ضعيف عن علي بن الجعد عن شعبه عن قتادة عن انس ان النبي صلى الله عليه وسلم قاله ورواه احمد بن حنبل من حديث ابن عباس بإسناد صحيح والطبراني من حديث ابن عباس بإسناد صحيح والطبراني من حديث انس والخطيب في التاريخ من وجه آخره موضوع.
تنبيه: الترك منه عليه السلام كالفعل وذلك كتركه التشهد الأول بعد فعله إياه يبين انه غير واجب وإنما لم يذكر المصنف الترك لدخوله في قسم الفعل على الرأي المرتضى قوله فإن ثبت انه يجوز البيان بكل واحد من القول والفعل فورد بعد المجمل قول وفعل وكل منهما صالح لبيانه فبماذا يكون البيان الحق التفصيل وهو انهما ان اتفقا في غرض البيان وعلم ان احدهما سابق فهو المبين قولا كان أم فعلا ويكون الثاني تأكيدا له وان لم يعلم فلا يقضي على واحد منهما بأنه المبين بعينه بل يقتضي بحصول البيان بواحد لم يطلع عليه وهو الأول في نفس الأمر والتأكيد بالثاني وهذا القسم أهمله في الكتاب لوضوحه وحكم القسمين في الحقيقة واحد بالنسبة الى نفس الأمر وإن اختلفا كما روي انه صلى الله عليه وسلم أمر بعد نزول آية الحج في القرآن بطواف واحد وروي انه طاف قارنا طوافين فالمختار عند الجمهور منهم الإمام وأتباعه وابن الحاجب ان المبين هو القول سواء كان متقدما على الفعل أو متأخرا أو يحمل الفعل على الندب أو على الواجب المختص به صلى الله عليه وسلم وذلك لأن القول يدل على البيان بنفسه بخلاف الفعل فإنه لا يدل الا بواسطة انضمام القول إليه والدال بنفسه أدل وقال أبو الحسين المتقدم هو البيان.
فائدة: قد ذكر المصنف هنا ان الفعل أدل من القول وان القول يدل بنفسه يعني فيكون أدل وظاهر هذا التنافي بين الكلمتين والتحقيق ان الفعل أدل على الكيفية والقول أدل على الحكم ففعل الصلاة أدل من وصفها بالقول